في لغتهم
(١) ألفاظهم الغريبة
لغة أهل سيناء العربية، يتكلمونها بلهجة حسنة، تقرب من لهجة بادية الشام، ويلفظون الثاء ثاءً والذال ذالًا والجيم جيمًا والضاد ضادًا كلفظ قُرَيش، ولكنهم يلفظون القاف معطشة كالجيم المصرية.
ثم إنَّ بدو التيه أفصح لسانًا، وأعرق في البداوة من بدو الطور والعريش، وكلهم يستحبُّون لفظ التصغير، ويكثرون في كلامهم من استعماله، ومن استعمال جمع المؤنث السالم ونون النسوة ونون التوكيد الخفيفة والثقيلة كما سترى.
- ارجب: انتظر.
- أترج في الوادي: سار فيه نزلًا.
- أسند أو سنَّد في الوادي: سار فيه مصعدًا.
- أضوى: حضر قبيل الغروب.
- أرْع: انظر، تطلع.
- البلاد: الأرض.
- البطران: الغني.
- حبَّ على يده: قبَّلها، والحبَّة القبلة.
- حرْد: بجانب.
- الحمادة، ج: الحماد: الأرض المرتفعة.
- خرَّف: تحدَّث.
- الخرَّاف: الحديث.
- الدَّبَش: الضأن والمعزى، والطرش الإبل.
- الدلَّة: كوز ماء.
- الدوَّار، ج: دواوير: مخيم البدو.
- رجم: حجر أو حجارة موضوعة في طريق المارة للدلالة على واقعة مهمة.
- رش: اصبر، اسكت.
- ريض: استرح، انتظر.
- رمادة عليهم: تبًّا لهم.
- زمالة، ج: الزمل أو الزوامل: بعير أو جمل.
- الزَّلمة: الرجل.
- زين: طيب.
- سخيف: دقيق.
- سِلْو العرب: عاداتهم وتقاليدهم.
- الشفقان: العاشق.
- شين: بطال، ردي.
- صدَّر: عكس ورد.
- الضنى، ج: الضنيات: الولد «الصغير».
- الضعوف: الأولاد الصغار.
- الطَّرش: الإبل، والدَّبش الغنم والمعزى.
- الطنيب: الجار.
- طوَّحه في البلاد: رماه في الأرض.
- الغريب: السائمة من الإبل والغنم إذا باتت في غير مراحها.
- عقَّد: ذهب، انصرف.
- فكِّر: انظر.
- قيَّل: استراح نصف النهار في القايلة، وفي اللغة سقى في القايلة.
- قوطر: ذهب: قوطب طب مصر، سافر نزل مصر.
- كود: ربما: «كود يجينا ضيف» أي ربما يأتينا ضيف. «وكود يواتي» أي
ربما يناسب.
وتأتي بمعنى عسى: «كود وادي العريش يسيل» أي عسى يسيل، وتأتي بمعنى إمَّا، أو: هات لي ركوبة كود فرس كود جمل.
- كيف: مثل: يخجل كيف الشاة أي مثل الشاة.
- لقَّى: ذهب، انصرف.
- لِلَّا: لا لا.
- المَقْوي: من بات بلا عشاء.
- المريوق: من لم يذق طعام الصبح.
- مرَّح: بيَّت ليلًا.
- ناجم: ناجح.
- نهاز القربة: ملؤها تحت جمامها.
- ﻫَ الحين: هذا الحين.
- الهَرْج: الكلام. هرَّج: تكلم.
- يَمَّ: تمام.
(٢) أمثالهم
-
احفظ قديمك ولو كان الجديد أغناك.
-
بين الغطاس والميلاد لا تسافر يا هذا، وإن سافرت خذ تحتك سجادة.
-
اللي ما بيعرف الصقر يشويه.
-
الأولاد إمَّا تجارة أو عوض أو خسارة.
-
الحي يشوف الحي.
-
بارك الله في المرأة المطيعة والفرس السريعة والدار الوسيعة.
-
خيرًا تعمل شرًّا تلقى.
-
خذ بنت السبع ولو بارت، ودر مع الدرب ولو دارت، وفوت بنت الأنذال ولو زينها غاطي جبينها.
-
بشر القاتل بالقتل، والزاني بالفقر.
-
البياع طماع، والشاري حرامي.
-
البيع عازة مش عادة.
-
دار خير من دار، وجار خير من جار.
-
الدم ما بيسوِّس.
-
الكل ريقه في فمه حلو.
-
الدقن اللي يقطعها الحق تطلع خَصاب.
-
الكفل يموِّت الطلابة.
-
ذقن الشاكي مبلولة «يقوله من يحب يأخذ حقه بيده».
-
الكفال جبال لا تنشال ولا تنهال.
-
اللص زاده في الكيس، ومراحه عند إبليس.
-
الرأس ما بيسع طربوشين.
-
الليل رزقه ضيق.
-
الرأس ما بيشيل مريرتين.
-
المركب اللي ما فيها شيء لله تغرق.
-
راعي النية الطيبة يرزق.
-
المقاعد ملازم.
-
الرفيق لزم ما منه منهزم، والطلاق عدم، والجيرة كرم.
-
مشيك في المعزَّة أربعين يوم، ولا في المذلة ألف عام.
-
رغَّاية الإبل ودعاية النسا أبرك الأيام يوم يزيحها.
-
ما بيجي أبو خناق إلَّا أبو فرَّاج يباريه.
-
من أخذ أمي صار عمي.
-
الشمس لا يغطيها الرغيف.
-
من رمي سلاحه حرم قتله.
-
طير المربي غال.
-
مطرح ما تأمن خف.
-
الطويلة بتمشي هز، والقصيرة حب الرز.
-
المغرم من النار.
-
عوضك من الجمل قيده.
-
ما على الأجواد عقب الإجهاد لايم.
-
العيشة شعير والميَّة من البير.
-
المال اللي يُجمع بالحلال يأخذ إبليس نصفه، والمال اللي يُجمع بالحرام إبليس يأخذ صاحبه.
-
عمار البر من شامه لدامه.
-
قال وايش يغبي يا رسول الله قال اللي ما صار الكبر عبر.
-
النار جبار.
-
النار سوت غدانا ودفت عضانا (أعضاءنا).
-
كذب مرصوص ولا صدق مبعزق.
-
الولد خال ومن أخذ من قوم على ناره قعود.
•••
(٣) الشعر والغناء والرقص وآلات الطرب
(٣-١) آلات الطرب
- الربابة: وهي تشبه الربابة المستعملة في السودان.
- والشبَّابة: المعروفة في مصر بالصفارة وفي الشام بالمنجيرة.
- والمقرون: المعروف في مصر بالزمارة وفي الشام بالزمور.
واختص الله العرب بأربع: «العمائم تيجانها، والجنن حيطانها، والسيوف سيجانها، والشعر ديوانها. وسُمِّي الشعر ديوان العرب؛ لأنهم كانوا يرجعون إليه عند اختلافهم في الأنساب والحروب وإجراء الأرزاق من بيت المال، كما يرجع أهل الديوان إلى ديوانهم عند اشتباه شيءٍ عليهم، أو لأنه مستودع علومهم وحافظ آدابهم ومعدن أخبارهم.»
وعرب سيناء على فقرهم وقلتهم، لم يخرجوا عن حد هذا القول، فإنه قلما يحدث حادث مهم، أو يقع قتال في صحرائهم إلَّا نظم فيه شعراؤهم وحفظوه جيلًا بعد جيل على نحو ما كان يفعل أجدادهم، وقد أخذت كثيرًا من أخبار حروبهم الحديثة عن أشعارهم كما سيجيء.
(٣-٢) الشعر والغناء والرقص
كل شعر في سيناء يغنى، والشعر والغناء عندهم أربعة أنواع: القصيد، والمواليا، وحداء الإبل، وغناء الرقص وهو ثلاثة أنواع: الدحية والسامر والمشرقية، والشعر في هذه الأنواع الثلاثة يرتجل كالقرادة والمعنى في لبنان، والزجل في مصر، ولغة الشعر عندهم على أنواعه اللغة العامية.
(٣-٣) القصيد
أمَّا القصيد فينشد على الربابة، ويشمل باب المدح، ومما سمعته قصيدًا قاله سلامة بن عودة في الميرالاي سعد بك رفعت قومندان سيناء المار ذكره، ومنه:
وسمعت قصيدًا قاله المحسحس بن صالح ابن أخي الشيخ موسى نصير في غرق الوابور يارودال سنة ١٨٩٠ في جهة راية جنوبي مدينة الطور، ومنه:
ونظم بعض البدو شعرًا في سلك التلغراف فقال:
(٣-٤) المواليا
أمَّا المواليا فهو الغناء على ظهور الإبل على مدى الصوت، ومن ذلك:
(٣-٥) حداء الإبل
وأمَّا حداء الإبل فهو الغناء للإبل وهي تشرب أو تسير، قيل لأنها تستعذب الشرب وتستحب السير على صوت الحداء، ومما حُكي في تأثير الحداء على الإبل أنَّ أميرًا مرَّ بشيخ عرب، فرأى عبدًا مقيَّدًا بالحديد، فقال الأمير: ما الذي جناه هذا العبد حتى استحق هذا الجزاء؟ فقال الشيخ: اتبعني، وأخذه إلى مُراح الإبل، فرأى الإبل متعبة منهوكة لا تستطيع حراكًا، فقال للعبد: غنِّ لها، فغنى، فنهضت لساعتها متحمسة، كأن لم يكن بها شيء، فقال الشيخ: هذا العبد أتى بالإبل من مكان بعيد وهي تحمل أثقالًا، وأخذ يغني لها حتى ضاعفت سيرها، فصارت إلى هذه الحال.
هذا، ولكل قبيلة ألحان ومقاطيع في الحداء، تختلف فيها عن الأخرى، وقد رأيت التياها على بئر نخل ينشدون الحداء لإبلهم وهم يمقونها، وكانوا ينشلون الماء اثنين اثنين بأدلٍ من جلد، ومما سمعته منهم:
ومن مقاطيع الحويطات التي سمعتهم يغنونها على بئر نخل:
يكررونها مرارًا.
ومن قبيل الحداء ما ينشدونه وهم يحصدون الزرع:
(٣-٦) الدحيَّة
أمَّا الدحية فهي أعظم تسلية للبدو في باديتهم، فإذا اجتمع البدو للدحية وقف المغنون صفًّا واحدًا، وبينهم شاعر أو أكثر يعرف «بالبدَّاع» يرتجل الشعر، وأمامهم غادة ترقص بالسيف تُدَعى «الحاشية»، فيبدأ المغنون بقولهم: «الدحية الدحية» يكررونها مرارًا، ويصفقون بأيديهم، ويهزون رءوسهم، ثم يبدأ البداع بالقول، فكلما بدع شطرًا من الشعر كرَّر الكل «الردَّة» وهي: «رايحين نقول الريدة»، يكررونها وهم يصفقون بأيديهم، ويهزون رءوسهم وأعطافهم يمينًا ويسارًا، ويتقدمون نحو الحاشية، والحاشية تتقهقر أمامهم وهي ترقص رقصه حتى يصلوا إلى منتهى ساحة اللعب، فيقعدون القرفصاء، فتقعد الحاشية مثلهم ويغنون برهة، ثم يتقهقر الرجال إلى الوراء رويدًا والحاشية تتبعهم مواجهةً لهم، حتى يعودوا إلى حيث وقفوا أولًا، فيعودون إلى الرقص كما بدءوا. والبداع يبدع القول وهم يكررون الردة، وقد يكون بينهم أكثر من بداع واحد، فيتناوبون القول إلى انتهاء اللعب.
ثم قد يرقص لهم راقصتان أو ثلاث، يد الواحدة في يد الأخرى، فإذا رقص اثنتان حملت السيف الواقفة عن اليمين، وإذا رقص ثلاث حملته الواقفة في الوسط.
قالوا: حضر بداع ظريف دحية، فرقصت فيها حاشية رشيقة القد والحركة، فعلق بها قلبه، فأنشد:
فمدَّت يدها وسلمت عليه، فقال:
فتحمست ورقصت رقصًا بديعًا، فقال:
فركعت على ركبة ونصف فقال:
فركعت على الركبتين، فقال:
فناولته السيف التي كانت ترقص به، فقال:
فنزعت شنافها من أنفها وناولته إياه، فقال:
فنزعت خاتمها الفضة وناولته إياه، فأرجعه إليها ومعه قطعة من الفضة، وقال:
ومن مقاطع الدحية:
ومنها:
ومنها:
ومنها:
(٣-٧) السامر
أمَّا السامر فنوعان: «الخوجار» ويبدع فيه النساء، «والرزعة» ويبدع فيه الرجال، وفي الرزعة يقف الرجال فريقين في صف منحنٍ على شكل هلال مقطوع من الوسط، ويقف مع كل فريق بدَّاع وأمامه امرأة ترقص بالسيف تدعى حاشية أو بعير، فيبدأ بدَّاع الفرقة الأولى فيبدع بيتًا من الشعر، وكلما قال شطرًا كرره أصحابه من بعده، وكلا الفريقين يصفقون ويهزون رءوسهم، ويتقدمون نحو الحاشية كما يفعلون في الدحية، ثم يبدأ بدَّاع الفريق الآخر فيبدع بيتًا من الشعر، ويكرره أصحابه بعده، وهم يصفقون على نحو ما فعل الفريق الأول، وهكذا إلى منتهى اللعب.
وأمَّا «الخوجار»: فهو على نحو الرزعة، لكن النساء فيه يقفن بين صفي الرجال، وفيهن شاعرتان تغني كل منهما لفريق من فريقي الرجال، ولا يتحركن من أماكنهن إلى انتهاء اللعب، ومن مقاطيع السامر:
(٣-٨) المشرقية
وأمَّا المشرقية، فهي على نحو لعب الرزعة بكل تفاصيلها، إلَّا أنَّ الشعراء ينشدون فيها أبياتًا أطول من أبيات الرزعة، ويغنَّى بها بلحن يختلف قليلًا عن لحن السامر.
وغالب اللعب في بلاد التيه الدحية والمشرقية، وفي بلاد الطور السامر، وفي بلاد العريش الرزعة والدحية والمشرقية، وقد دخلت الدحية حديثًا إلى سيناء من الشرق، فلم يكن معروفًا فيها غير السامر والمشرقية. ومن مقاطيع المشرقية:
(٣-٩) اللذَّة
قالوا: وفي الرميلات من شرق بلاد العريش عادة تعرف «باللذة»، وهي أنهم بعد فراغهم من السامر يأخذ كل شاب شابة من الحضور فيوصلها إلى منزلها ثم يعود إلى منزله.
(٣-١٠) الخلاط
هذا، وفي بلاد التيه عادة تدعى «الخلاط» يجتمع فيها الشبان والشابات ليلًا في موعد معين قرب مخيمهم، وذلك بغير علم أهلهم، فيأخذون الطعام والشراب: الشبان يأتون بالخروف والدقيق والماء، والبنات يأتين بالسمن واللبن، فيذبحون ويأكلون ويتآنسون سوية، ثم ينصرفون إلى خيامهم بدون أنّ تمس أعراضهم، وإذا مسَّ شاب عرض شابة في الخلاط وظهر ذلك ألزموه بزواجها أو قتلوه.