في معارفهم
إنَّ بدو سيناء أُمِّيون لا يقرءون ولا يكتبون، وليس فيهم طبيب واحد، بل الدجَّال فيهم قليل، وأمَّا المدارس المتقدم ذكرها في مدن الطور ونخل والعريش، فندر من يتعلم فيها من أهل البادية.
وهم يعبرون عن الأعداد بأصابع اليدين، فكل أصبع مرفوعة بواحد، والعشرة برفع أصابع اليدين كلها وضربها في الهواء مرة، والعشرون بضربها في الهواء مرتين وهكذا إلى التسعين، ويعبرون عن المائة بضم أطراف أصابع اليدين، وضرب أطراف أصابع اليد الواحدة بأطراف أصابع اليد الأخرى مرة واحدة، حاسبين كل أصبع عشرة، وعن المئتين بضربها مرتين وهكذا.
وأسماء الجهات الأربع عندهم: الشمال أو البحري، القبلي، الشرق، الغرب.
وأسماء الفصول: الشتاء، الربيع، الصيف أو القيظ، الخريف أو السجيج أو الخوبة. وأوقات النهار: الفجر، طلعة الشمس، الضحى، القايلة أو الظهر، العصر، الغروب.
وأيام الأسبوع معروفة عند الخاصة، وأمَّا العامة فأكثرهم لا يعرفونها ولا حاجة لهم بها، فإنهم إذا أعطوا ميعادًا جعلوا أول القمر أو الهلال مبدأ لميعادهم، وليس عندهم حساب غير القمر، ولكن لم أجد أحدًا منهم استطاع أن يعد الأشهر القمرية حسب اصطلاحنا، وقد عدَّها لي بعضهم هكذا:
عاشوراء أي محرم، صفر، ربيع أول، ربيع ثانٍ، جماد أول، جماد ثانٍ، الغرَّة أي رجب، القصيَّر أي شعبان، رمضان، الفطر الأول أي شوال، الفطر الثاني أو شهر الحج وهو القعدة، والضحية وهو شهر الحجة.
والأنجم المشهورة عندهم ما عدا الشمس والقمر: الثريا ونُجيدح وهو الدَّبران، والجوزاء أو الميزان، والبربارة وهي الشعرى، والسماكان والمرزم، وهما السماك الرامح والسماك الأعزل، وسهيل، والشعَّالة؛ أي نجمة الصبح أو الزهرة، والعقرب.
قالوا: تطلع الثريا أولًا أول الصيف قبل الفجر، وبعد ذلك بأربع عشرة ليلة تطلع ويطلع نجيدج وراءها، فخمس وعشرون ليلة أخرى تطلع الجوزاء، فأربع عشرة ليلة أخرى تطلع البربارة، فخمس وعشرون ليلة أخرى يطلع السماكان والمرزم: تطلع كلها من الشرق في صف واحد، الواحد وراء الآخر، وبعد طلوع البربارة بأربع عشرة ليلة؛ أي في أول الخريف يطلع سهيل من الجنوب، وتدوم هذه الأنجم في الفلك عشرة أشهر قمرية، وعشرين يومًا إلى أواخر الربيع، ثم تبدأ في الغياب الواحد بعد الآخر، فتغيب أربعين يومًا، ثم تعود إلى الظهور الثريا في المقدمة وهكذا.
أمَّا العقرب عندهم فسبعة أقسام تعرف بأسمائها، وهي من الغرب إلى الشرق: التربيعة، اليدان، خشم العقرب، القلب، ذيل العقرب، الشولة وهي آخر الذيل محنيًّا، سعد الذابح.
ففي أثناء سير القمر في فلكه لا بُدَّ له من نزول العقرب سبع ليال متوالية في كل شهر؛ أي ينزل ليلة بكل قسم من أقسام العقرب، ويدعى نزوله بالقران، ينزل أول ليلة التربيعة، وثاني ليلة اليدين، وثالث ليلة خشم العقرب، ورابع ليلة القلب، وخامس ليلة ذيل العقرب، وسادس ليلة الشولة، وسابع ليلة سعد الذابح، ثم لا يكون قران إلى الشهر التالي، فينزل التربيعة أول ليلة وهكذا.
قالوا: وفي أول الخريف عند مطلع سهيل ينزل القمر العقرب وهو ابن ليلة، فيسمى القران قُرَين ليلة، وفي الشهر التالي ينزلها وهو ابن ثلاث، فيدعى قرين ثلاث، وفي الشهر الثالث ينزلها وهو ابن خمس، فيدعى قرَين خمس، وفي الشهر الرابع وينزلها وهو ابن سبع، فيدعى قرين سبع وهو أول الشتاء، وفي الشهر الخامس ينزلها وهو ابن تسع، فيدعى قرين تسع، وفي الشهر السادس ينزلها وهو ابن اثنتي عشرة ليلة، فيدعى قرين ١٢، وفي الشهر السابع يعود إلى دوره الأول فينزل العقرب وهو ابن ليلة، فيدعى قرين ليلة، ويخرج منها وهو ابن ثمانٍ وهكذا.
وفي ليالي القران السبع من كل شهر لا يسافر البدو، ولا يغزون، ولا يباشرون عملًا جديدًا إلَّا مضطرين، فإنها في اعتقادهم ليالي شؤم، خصوصًا الليلة السادسة إذ يكون القمر في الشولة، ومن ذلك قول شاعرهم:
وأمَّا الليالي التي لا يكون بها قران فلا يتشاءمون منها، ومن ذلك قولهم:
ويعنون بالصيد التيتل والغزال، فإنه يعشر في أول الخريف بين قرين ليلة وقرين ثلاث، ويولد بعد ذلك بخمسة أشهر؛ أي بين قرين ١٢ وقرين ليلة، وذلك في الربيع، وهي حكمة طبيعية؛ لوجود الخضر والأعشاب للأمهات في ذلك الفصل.