في تجارتهم
(١) الإبل والخيل والغنم
يعتني أهل سيناء بتربية الإبل والخيل والغنم، ويستولدونها ويتجرون بمواليدها الذكور، أمَّا الخيل فلا يقتنيها إلَّا الرميلات والترابين في شرق بلاد العريش، وأمَّا الإبل والغنم فقنية أهل سيناء كلهم من بادية وحضر كما مرَّ، وأكثر إبل سيناء في بلاد التيه عند التياها واللحيوات.
وفي كل سنة يذهب تجار الحويطات من مصر إلى بلاد التيه، فيشترون ما يفيض عن حاجة البدو، أو يذهب البدو به إلى مصر ويبيعونه، وقد تقدم في فصل سابق ذكر الإبل والخيل والغنم التي تمر بسيناء من سوريا والحجاز عن طرق العريش ونخل والنبك، وأكثر التجار الذين يأتون بطريق نخل إلى السويس أو الإسماعيلية، هم عرب الوجه، وضبا، والمويلح، والعقبة، ومعان، والكرك، والذين يأتون بطريق العريش إلى القنطرة هم عرب عقيل، والذين يأتون بطريق النبك إلى السويس هم حويطات مصر.
(٢) الفيروز
ثم إنَّ أعظم تجارة للبدو بعد الأنعام «الفيروز»، ولكن هذه التجارة يتفرد بها الطورة وحدهم؛ لوجود معدن الفيروز في بلادهم، وكان يعدِّنه قديمًا «الحماضة» سادة البلاد الأصليون، ثم عدَّنه سائر الطورة، ويبلغ عدد المشتغلين به الآن نحو ٢٠٠ رجل، ودخلهم نحو ٢٠٠٠ جنيه في السنة كما مرَّ.
وأغنى أهل سيناء تجار الفيروز القرارشة، وكان أغناهم المرحوم الشيخ موسى أبو نصير، قُدِّرت ثروته ﺑ ٢٠٠٠ جنيه، و٣٠ ناقة حلوبة، و٢٠٠ رأس غنم، ويأتي بعده في الغنى ربيع بن جمعة وأخواه: بُنيَّة، وحمدان من القرارشة.
(٣) حجارة الرَّحى
هذا وكانت تجارة حجارة الرَّحى قبل استعمال مصر لوابورات الطحن البخارية تجارة متسعة في سيناء، وكان يشتغل بها على الأخص عرب مزينة في بلاد الطور، وعرب البدارة في جنوب بلاد التيه، أمَّا البدارة فيبيعونها في بلاد غزة إلى اليوم، وأمَّا مزينة فكانوا يبيعونها في مصر، يحمِّلونها على الإبل كل أربعة على جمل، ويبيعونها الحجر بريال، وكانوا يبيعون مئات من الأحمال في مديرية الشرقية ومصر القاهرة، وأمَّا الآن فلا يطلبها إلَّا تجار المغاربة، يشترونها من السويس بكميات قليلة، وبذلك انقطع عن عرب مزينة رزق واسع.
(٤) المَن
وأهل الطور يجمعون المن من شجر الطرفاء، ويجعلونه في أحقاق صغيرة من صفيح، ويبيعونه للسياح في السويس ومصر، وللحجاج المسكوب في دير سيناء.
(٥) العجوة
وفي أيام الصيف في موسم البلح يستخرجون النوى من البلح، ويجعلون في مكانها قلوب اللوز، ثم يجعلونها في أجربة صغيرة من جلد، يسع الجراب الواحد منها رطلًا أو نصف رطل، ويبيعونها في السويس أو مصر القاهرة وغيرها.
(٦) الغاب
ويجمعون الغاب أو القصب الذي ينبت لنفسه في أوديتهم، ويبيعونه في مدينة الطور المائة بخمسة غروش صاغ.
(٧) السمار
ويجمعون السمار الذي ينبت على العيون، ويبيعونه في المدن لنسج الحصر.
(٨) الحنظل
هذا وبعض بدو العريش يتجرون بالحنظل، يجمعونه من صحاريهم المرملة، ويبيعونه للصيادلة في المدن لإدخاله في المواد الطبية.
ومما تقدم ترى أنَّ أهم «موارد الرزق» لبدو سيناء هي من تأجير الإبل للسياح والحجاج ورجال الحكومة وغيرهم، ومن صيد الأسماك والطير والتيتل والغزال، ومن بيع الإبل والغنم والمعزى والصوف والسمن، ومن بيع الفيروز، وحجارة الرحى، والفحم، والسمار، والغاب، والمن، والعجوة، والقلو، والحنظل، ومما يفيض عنهم من الفاكهة، ومن الأنسجة الصوفية كالفراد والأخراج والمزاود والمخالي والمراير وغيرها.
هذا وأهم ما يتطلبه بدو سيناء من مواد التجارة: الحبوب، والأقمشة القطنية، والأسلحة يشترونها من مدنهم، أو من مدن مصر، أو سوريا القريبة منهم، كغزَّة والسويس والإسماعيلية والقنطرة وبورسعيد، وفي موسم الحصاد من مايو إلى يوليو يذهب بعض تجار العريش ببضائعهم وخيامهم، ويسكنون بين العرب، فيقايضون بضائعهم بالشعير والقمح والذرة والغنم والسمن، وآخر ما تصل إليه خيام العرايشية لجهة الجنوب جبل إخرم والمنبطح، وإلى جهة الشرق الجورة ورفح، وقد رأيت في أثناء سفري مع لجنة الحدود سنة ١٩٠٦ خيامًا للعرايشية في وادي الجايفي، ووادي الصبحة، وبيرين، والمربَّعة، ورفح، ورأيت في خيامهم من الملبس والمأكل ما يأتي:
دفافي (م: دفيَّة) وهي العباءة، ودبلان، وخام أبيض ومصبوغ، وخرز، وسبح، وأمشاط، ومرايات، ودخان، وغلايين، وقيود جمال من حديد، وصفن (ج: صفانة)، وبراقع بيض وحمر، ومراير، وعمائم، ووقايات لرءوس النساء، وغرابيل، وزمامير، وسكاكين، وأمشاط، وبيوت للطبنجات، وصابون، وزيت، وعسل، وتين، وعجوة، وسكر، وبن، وقمر الدين، وزبيب، وملبِّس، وغيرها.