الدين
«الدين مُلك الروح، هو أمل الحياة وبر السلامة ومنجى الإنسان من الشرور. انظر إلى المسيحية، فكم خدمت الإنسانية، وعندي أنها مطوية على قوى عظيمة كفيلة أن تخدم بها العالم أكثر لو أن حماتها يفقهون مهمتهم.»
«المسيحية دين الشعب المتمدين؛ لأنها روحية جدًّا؛ فالثواب الذي وعد به عيسى المسيح من دان بها هو رؤية الله وجهًا لوجه … والغرض الذي ترمي إليه المسيحية بتعاليمها إنما هو غلبة النفس وقهر الهوى.»
«إن مبدأ الغفران، غفران الذنوب، مبدأ جميل يجعل المسيحية دينًا يجتذب إليه القلوب، دينًا لا يفنى. إنه لا يستطيع أحد والمسيحية أمامه أن يقول: «إني لا أومن، ولن أومن».»
«يجهد الفلاسفة أنفسهم من غير جدوى في البحث عن مبدأٍ خيرٍ من ذلك الذي وفق بين الإنسان ونفسه، وضمن للناس السلام والنظام، وهم مجموع، ووثق لهم بالسعادة وبلوغ المنى وهم أفراد.»
«المقدور مسطور، ولكل امرئ ساعة، لا يستقدم عنها ولا يستأخر.»
«لا بد للإنسان من طاعة القدر.»
«ألا إنما ساعتنا الأخيرة مسطورة في السماء.»
(١) الاحتفالات الدينية
«إن أشد ما يبغض إليَّ إعادة الدين الكاثوليكي في البلاد تلك الاحتفالات الكثيرة التي كانوا يقيمونها. إن يوم المولد الذي يقام من أجل أحد القديسين إنما هو يوم تراخٍ عن العمل وتهاون، ولست أحب مثل هذا اليوم لأمة يجب عليها أن تجدَّ وتسعى لتحصيل العيش. إني أوافق على منح أربعة أيام في السنة جميعها تقام فيها مثل هذه الاحتفالات، فإذا لم يوافق ذلك هوى حضرات الذين أتونا من رومة فليتفضلوا بالرحيل من فرنسا.»
«لا أعتقد بأشكال الدين، بل بوجود الله فقط.»
«إذا ركب الإنسان مركب الحياة سأل نفسه أسئلة ثلاثة؛ أولها: من أين أتيت؟ وثانيها: مَن أنا؟ وثالثها: إلى أين أذهب؟
أسئلة في غاية الخفاء تدعوه إلى الدين فيسرع إلى اعتناقه، ذلك بأن طبيعتنا تستحثنا إلى ذلك.»
«إنا نعتقد في وجود الله؛ لأن كل شيء حولنا إنما يدل عليه. وقد آمن به كبار العقول من الرجال؛ (بوسويه) و(نيوتون) و(ليبنتز) وغيرهم.»
«لا بد لنا من الإيمان، بل لا شك في أننا نؤمن كثيرًا بأمور من غير تحكيم العقل فيها، فإذا بدأنا نحكم العقل في أمر من أمور العقيدة تزعزعت هذه العقيدة، ولكننا نهتف في قلوبنا يومئذ بأننا ربما آمنا مرة أخرى في المستقبل مستسلمين، وندعو الله أن يلهمنا هذا الإيمان؛ لأننا نرى في ذلك سعادة لنا وعزاء إذا نزلت المصيبة أو عركتنا التجاريب، بل نراها سلوة لنا وردعًا للنفوس إذا مالت مع الهوى.»
«لا يشك الرجل ذو الفضيلة في وجود الله؛ فإنه إذا لم يستطع فؤاده أن يتفهم ذاك، دعته الغريزة إلى الإيمان؛ ذلك بأن كل مشاعر الروح إنما تتوجَّه إلى الدين.»
«لا يستطيع كل امرئ أن ينكر الله.»
«إن ديني سهل جدًّا؛ أنظر إلى هذا العالم الواسع المختلط البهي، فأقول لنفسي: يستحيل أن يكون هذا الكون نتيجة المصادفة، بل هو عملُ كائن خفي قادر على كل شيء، كبير عن الكون بقدر كبر هذا الكون عن أدق آلة من صنع الإنسان. هذه حجتي، وهي حجة الفلاسفة جميعًا، لا يستطيع أحد دحضها، ولكنها في عين الإنسان صغيرة الجرم لا تكفيه؛ لأنه إنما يريد أن يكشف من أسرار وجوده ومستقبله ما لا يكشفه له هذا الوجود. بيد أن الدين كفيل أن يقفه على ما يشعر الإنسان أنه في حاجة إلى معرفته.»
«إياك أن تلقي على هوى النفوس زيتًا يزيد اشتعالها، بل ماء يطفئ نارها. وليكن سعيك إلى تبغيض الناس في القساوسة الكاذبين الذين شوهوا الدين وجعلوه آلة لمطامع الملوك وأولي البأس من العالمين. إن مبدأ الإنجيل نشرُ المساواة؛ لذلك فهو عون الحكومة الجمهورية التي تؤسسونها في بلادكم.»
«إن للآراء الدينية على النفوس سلطة أكثر مما يرى كثير من أولئك الفلاسفة صغار العقول، وهي قادرة على أن تؤدي للإنسانية خدمة لا تطاولها خدمة. إننا إذا سرنا مع البابا في وفاق استطعنا أن نبسط سلطتنا على ضمائر مائة مليون من الرجال.»
«بالأمس كنت أسير وحدي في الغابات غريقًا في وحدة الطبيعة وسكوتها، هنالك سمعت صوت ناقوس يدق، فتحركت في نفسي عواطف جمة، بلا اختيار مني؛ ذلك بأن للآثار الأولى وتداعي هذه الآثار في النفس، سلطةً قوية لا يمحوها الزمان، فقلت لنفسي: هذا شعوري، فليت شعري كيف يكون شعور سوقة الناس؟! ألا فليجبني الفلاسفة على ذلك إذا استطاعوا إليه سبيلًا. ألا إن الدين ضروري للناس.»
«الدين ضروري جدًّا في مدارس البنات؛ فإنه ضمانة الأمهات والأزواج، ألا إنه يجب علينا أن ننشئ مؤمنات لا مفكرات. إن ضعف ذهن المرأة وقلة الثبات في رأيها ووظيفتها في المجتمع وحاجتها إلى الخضوع الدائم والإحسان، أمورٌ لا تتم لها إلا بالدين.»
«إن الذي يدعوني إلى الظن أن لا إله في هذا العالم، يقضي بالعقاب والثواب، أني أرى خير الناس في شقاء وأوغادهم في سعادة وإقبال!»
«لله وحده الحكم فيما لا يستطيع الناس الحكم فيه.»
«إذا لم يستطع الإنسان أن يعاهد الله عاهد الشيطان.»
«إني أنا حكيم من الحكماء أعرف أنه لا يسمَّى الرجل عادلًا فاضلًا في أي مجتمع ما لم يعرف من أين أتى ولا إلى أين يذهب. مجرد العقل لا يهديك إلى الحق في ذلك، فإذا حاولتَ الوصول إليه، وليس في قلبك من الدين نور سرتَ في حلكة وظلام. والدين الكاثوليكي وحده كفيل أن يمد الباحث بما يرضيه عن أولاه وآخرته.»
«ما دينك هذا! وما تدعيه من حب الله والبشر؟ لا تذكر لي دينًا ينقلني من هذا العالم دون أن يقول لي من أين أتيت ولا إلى أين أذهب.»
«اعلم يا دوروك أن لنا عالمًا آخر سنجتمع فيه.»
«تخضع القوة للعقل في كل مكان. انظر إلى السنكيات، فإنها تخضع للقس إذ يتكلم باسم السماء، وللرجل الذي يبذُّ غيره علمًا وفضلًا.»
«كيف تقوم الفضيلة؟ ألا إنه لا سبيل إلى ذلك إلا بنشر الدين … ولا بقاء للمجتمع إلا بفقدان التساوي. وفقدان هذا التساوي لا يدوم إلا بالدين. إذا رأيت أحدًا من الناس يموت من الجوع، وأخاه بجانبه في فضل من العيش ونعيم، لم تستطع أن تحمل الأول على الرضا بهذه الفروق ما لم تقل له: «قضت مشيئة الله أن يكون في العالم غني وفقير»، ولكن ليس في الآخرة مثل ذلك، بل الناس يومئذ سواء.»
«كل ما له علاقة بالعبادة يجب أن يكون بلا أجرة؛ فإن دفع شيء لدى الأبواب، أو اكتراء كراسي في الكنائس أمر تشمئز منه النفوس. إنه لا يصح أن يحرم الفقير لفقره مما هو عزاء له وسلوة.»
«إني معتقد أن في فرنسا فريقًا كان يعتنق البروتستانتية إذا أنا ملت إلى هذا الدين، ولكني أعتقد أيضًا أن أغلب الفرنسيين كانوا يظلون كاثوليكيين، وكانوا يعارضون في انقسام إخوانهم عنهم أشد المعارضة، ولكني عمدت لإرضاء كل فرد فيها بإعادة الدين الذي كان دين الأغلبية، وبمنح الأقلية حرية التعبد.»
«جدير بولدي أن ينشأ رجلًا ذا آراء جديدة، وأن يكون فتى المبدأ الذي مهدت له سبيله في كل مكان. جدير به أن ينشئ ما من شأنه أن يقضي على قانون الإقطاعات القديم، ويرعى كرامة الإنسان، وينمي بذور السعادة التي بقيت في الأرض سنين طوالًا. جدير به أن ينشر في الأقطار غير المتمدينة، وفي البلدان المتبربرة، فضائل دين المسيحية والمدنية.»
«لا بقاء لمذهب التوفيق بين الدين والمنطق أمام الإيمان.»
«للمرء من ضميره حمى لحريته.»
«يزعم القساوسة أن هذه الدنيا مركبة ينتقلون بها إلى سواها.»
«لم يكن عقلاء اليونان يعتبرون دين الوثنية السائد في تلك البلاد دينًا حقًّا؛ فلم يعبأ بها سقراط ولا فيثاغورس ولا أفلاطون ولا بريقل ولا غيره، ولكن أرقى العقول آمنوا بالمسيحية إيمانًا قلبيًّا حيًّا؛ ذلك بما انطوى عليه الإنجيل من الأسرار والمبادئ العظيمة.»