متفرقات
(١) الطمع
«عظم المطامع خلةُ عظيمِ السجية، مَن ملكته كان أهلًا لأن يأتي بالعظائم، خيرها وشرها، تبعًا للمبادئ التي انطوى عليها صاحبها. إنني لم أشعر بقدرتي على أن أكون عاملًا من أفعل عوامل السياسة إلا بعد أن عبرت قنطرة لودي واجتزت تلك المفازة الرهيبة؛ يومئذ طارت شرارة مطامعي العظيمة والتهب بها صدري.»
(٢) سلطة الظروف
«إذا نحن انتظرنا الظروف حتى تأتي بخير الأوقات لم يمكنا أن نشرع في عمل من الأعمال. لا نهاية بلا مبدأ. ولست أعرف أن مشروعًا بدئ فيه فكانت كل الظروف تمالئه؛ لأن للمصادفة أثرًا كبيرًا في أعمال الإنسان، واتباعه القواعد لا يضمن النجاح، ولكن النجاح يرسم لصاحبه سنة ومنهجًا.»
(٣) الشجاعة
«لم أرَ من الشجاعة الأدبية ذلك الصنف الذي أسميه شجاعة الساعة الثانية بعد نصف الليل؛ أي إنني لم أرَ رجلًا عنده من الشجاعة الحاضرة ما لا بد منها لدفع الغوائل إذا هي أتت غير منذرة ولا منتظرة، شجاعة تحفظ لصاحبها حصافة الرأي ورشد الحكم، بالرغم من كل نازلة مدلهمة وكارثة مداهمة.»
«إن في الصبر على ضياع الملك وإهانة الرصفاء للشجاعة كلها.»
«قد تحمي الشجاعة منزل العرش، ولكنها لا تمحو العار.»
(٤) الجبناء
(٥) الإخلاص
«لا يمكن مكافأة الإخلاص بالمال.»
«لا ينبغي للرجل أن يخلف وعده. إني لأكره الخائنين.»
(٦) الروايات التمثيلية
«المأساة تشعل الروح، وترفع الوجدان، بل هي تخلق من الناس أبطالًا؛ لذلك أرى أن فرنسا مدينة لكورني بجزء من أعمالها العظيمة، ولو أنه عاش في أيامي لجعلته أميرًا.»
(٧) الحظ
«الحظ كالمرأة؛ كلما زادتني خدمة زدتها مطالب.»
(٨) المودة
«ما المودة إلا اسم، إني لا أحب أحدًا من الناس، حتى إخوتي، ولكن ربما أحببت يوسف قليلًا، على أني إن أكن أحبه فعن عادة نشأت عليها، ولأنه أكبر مني سنًّا. ودوروك! نعم، أحب دوروك أيضًا، ولكن لِمَ هذا الحب؟ إن خلته يعجبني فهو رصين، وقور وثَبْت، ولا أظن أنه ذرف يومًا قطرة من الدمع. أما أنا فالكل سواء في نظري، أعتقد من صميم قلبي أنه لا صديق لي، ولكني ما دمت حيًّا وجدت من أدعياء مودتي خلقًا كثيرًا.
أحرِ بنا يا يوريان أن نترك مسائل العواطف والشعور للنساء؛ فهي من وظيفتهن، أما الرجال فجدير بهم أن يكونوا ثابتي القلب، ثابتي العزيمة، وإلا فلا شأن لهم في الحروب ولا الحكومات.»
(٩) الذكاء
«إنما يعمل الذكاء بالوحي، فما يكون خيرًا في حين من الأحيان قد يكون شرًّا في حين آخر، ولكن يجدر أن ينظر الإنسان إلى المبدأ، فإنه كالمحور من القوس، له منه نسبة محفوظة.»
«ما أرهب الساعة التي نحرم فيها ممن نحب! إنها لتجعلنا في عزلة عن العالم، وإنها لتنزل بالجسمان شدائد الموت ونوازله، وتستلب من الروح طبائعها، حتى لا تدوم علاقتها بالعالم المنظور، إلا كما يكون الحلم، يقلب المناظر، ويلوي المخابر. تبدو الخلائق في العيون أشد أثرة وأبرد قلبًا مما هم، حتى لو خيِّر الإنسان بين الحياة والموت لاستحبَّ الموت، ولكنه إذا ألمَّت به هذه الفكرة، ودنت منه أولاده فعانقهم وضمهم إلى صدره، هطلت دموعه وتحركت في نفسه عواطف الحنو عليهم، فحييت في نفسه طبائعه، وآثر الحياة على الموت؛ لأنه يومئذ يحيا لأولاده.
أجل يا سيدتي، انظري اليوم إليهم وقد فتحوا عليك باب الأحزان. فأنت تبكين وهم يبكون، وستذكرين لهم والدهم وتبثين لهم شجوك، لِفَقْد من فقدتِ، ومن خسرته الجمهورية، ثم ستنظرين إليهم ترجين الحياة من أجلهم. ويا أيتها السيدة، إذا علقت من أجلهم نفسك بالحياة طوعًا لعواطف الأم وحنوها على الولد، فاذكري أن لك من الناس من تعتمدين على صداقته ورعايته؛ مودة صديق ورعايته لزوجة صديق كان عزيزًا لديه. واعلمي يا سيدتي أن في الناس من هو جدير أن يكون أمل المحزونين؛ لأنه يدرك مقدار الشدة التي تلم بهم.»
(١٠) التاريخ
«لا يصح أن يكون التاريخ إيهامًا وتغريرًا، بل يجدر أن يكون نورًا لقارئه وهدى، ولا يصح أن يكون جهده وصف الحوادث وذكر القصص وصفًا يراد به مجرد التأثير ﭬﻴﻨﺎ. إن تاسيتوس لم يدرس أسرار الأمور درسًا يؤهله لمعرفة حقائقها، ولم يتمعن في مجاري الآراء ويبحث عن العلاقات التي تربطها بعضها ببعض، حتى إذا ألقيت إلى الناس استقر رأيهم على ما هو حقيقي، وكان حكمهم يومئذ خاليًا من نزعات التحيز. يجب أن يكون التاريخ بحيث إذا وَصف رجالَ عهدٍ من العهود أو أمة من الأمم، وصفهم على ما هم عليه في تلك العهود وبين الوسط الذي عاشوا فيه؛ لذلك يجدر بالمؤرخ أن يعنى بالمسائل الخارجية، والظروف العارضة التي تكون قد أثَّرت فيهم وفي أعمالهم، ويبحث عن مقدار هذا التأثير ومقدار ما فعل.
لم يكن البراطرة الرومانيون من الفساد على ما وصفهم تاسيتوس؛ لذلك أراني مضطرًّا إلى تفضيل مونتسكيو عليه لعدله في حكمه، وقربه من الحق في انتقاده.»
«ليقرأ ولدي التاريخ، ويمعن النظر فيه؛ فإن في ذلك الفلسفة الحقيقية. ليقرأ عن حروب عظماء القادة، ويفكر فيها؛ فإن في ذلك السبيل الوحيدة التي تمكن الإنسان من درس علوم القتال. ولكن لا عبرة بكل ما تقول له ولا قيمة لكل ما يدرسه، ما لم يكن في قلبه ذلك النور المقدس، نور حب الحق والخير، الذي يهديه إلى جلائل الأعمال، يقوم بها. على أني أرجو أن يكون أهلًا لما قدر له.»
(١١) إنسانية نابليون
«ليكن كل اهتمامك وعنايتك بالمريض والجريح، واجعل متاعك وفراشك لهم، وخصص العربات لمنفعتهم، وإذا لم تكفهم هذه العربات، فانزل لهم عن سروج مطاياك … اجمع القوَّاد والضباط حولك وأيقظهم إلى ضرورة البر في هذه الظروف، لقد كان الرومان يمنحون كل من احتفظ بحياة إخوانهم تاجًا وطنيًّا؛ دليلًا على اعترافهم له بالفضل.»
(١٢) الجنون
«الجنون تجريد للإنسان من الطبيعة البشرية، أما أنا فلست أخشى الجنون؛ لأن لي رأسًا من الحديد. أما اليأس فأمر آخر، لي فيه رأي ثابت. قد يجيء يوم تسمع فيه يا كولاتكوت أنني يئست من الحياة، ولكن لن تراني يومًا من الأيام فاقدًا صوابي.»
(١٣) المصيبة
«إن سبب المصايب التي تنزل بالإنسان، وأصل الكوارث التي تحيق به إنما مرجعه سوء التصور، واختلال نظام الفكر؛ فهو يدفعنا من بحر إلى بحر، ومن خيال إلى خيال، حتى إذا هدأ الفكر، ومرت ساعة الفرصة، دقت ساعة الإنسان، فغادر الحياة، وقد سئم الحياة.»
«إن الزمن الذي قضيته في مصر كان أبهى أوقات حياتي وأجملها، ذلك بأني قضيته سبحًا في عالم الخيال.»
«إن الرجل الذي يحتمل مصايب الحياة، ونوازل الأيام، أشجع من ذلك الذي يقدم على قتل نفسه فيموت. لا يقضي على حياته إلا مقامر أفلس، أو مشرف أعدم، وهو في ذلك إنما يدل على فقد الشجاعة.»
«قتل النفس من أعمال الجبن.»
«في كل ساعة من الوقت سبيل إلى مصيبة تحيق بالمستقبل.»
«تأتي المصايب بالخير كما تأتي بالشر؛ فهي تعلمنا الحقيقة؛ ينزل الرأي الثابت منزل المغلوط فيه، وتقلب النتائج، فإذا هي مقدمات لخيالات وأوهام، وأضغاث أحلام.»
«اليوم وقد خلص رأسي من عبء التاج، أستطيع أن أفكر كما يفكر الفلاسفة وأهل الحكمة؛ أفكر في الأيام التي كانت أغلاطي فيها بإرادة الله. إني لأدرك ما للمصادفات والحظوظ من الأثر فيما يقدر للإنسان، وفي تلك الحوادث التي يتوقف عليها مستقبل الأمم والممالك.»
«لا تخلو المصايب من دلائل المجد والبطولة. لقد كان دأبي ينقصه سوء الحظ.»
(١٤) الثبات
«لا تبلغ الغايات إلا بالعزم وحصافة الرأي.»
(١٥) التحامل والكبرياء
«لا يصغي صاحب التحامل والكبرياء إلى صوت العقل ولا إلى الطبيعة ولا إلى الدين، فلا يذعن استبداد الأشراف إلا للقوة والبطش.»
(١٦) سلطة المطابع
«إن الذي تحبِّره اليد من المسطورات لا يؤثر في عقول الجمهور كما يؤثر المطبوع؛ كأنما الطباعة خاتم السلطة.»
(١٧) السمعة
«ما السمعة العظيمة إلا غوغاء عظيمة؛ كلما زادت زاد انتشارها. تفنى الأمم والآثار والمناشئ والقوانين ولا تفنى الغوغاء، بل تظل تتجاوب أجزاؤها، وتتنادى أصداؤها بين الأخلاف والأعقاب. إن قوتي مستمدة من مجدي، ومجدي مستمد من النصر الذي حزته.»
(١٨) ضد الرق
«لا شك أن بين توبي والملك رتشارد بونًا كبيرًا في المقام، ولكن الجريمة في فظاعتها واحدة؛ فإن لهذا المسكين زوجة وبنين وأهلًا وأقربين حُرم منهم وحُرموا منه، وسعادة قد قطعت عنه، وحرية قد سلبت منه. إني لأرى إحضاره إلى هذه الجزيرة، يرسف في قيود عبوديته، عملًا من أعمال القسوة الفظيعة.»
(١٩) تعريف العرش
«ما العرش؟ أربع قطع من الخشب مغطاة بالمخمل.»
(٢٠) السياحة
«للمرء من السياحة مكسب عظيم.»
(٢١) آخر جمله
•••
انتهى تعريب المنتخب من كلمات نابليون، ولست أظنني قاسيت في تعريب شيء ما قاسيت في تعريب هذه الكلمات؛ فقد اضطررت أن أتقيد باللفظ كما جاء، وأرتبط بالسياق كما اتسق؛ احتفاظًا بخفايا المعاني التي تضويها الألفاظ على صورتها التي جاءت فيها. وقد خاطرت بما يخاطر به المعرِّب إنصافًا لنابليون، وإرضاء لنفسي، فأما إذا وجد القارئ فيها نزولًا عن بليغ العبارة التي اعتادها في كثير من المعرَّبات، فحسبي في ذلك أنني أعرِّب كلمات وحكمًا يلتزم فيها المعرِّب ما لا يلتزم في سواها من نقل المعاني كما هي، ولن يدرك صعوبة هذا المنحى إلا من عانى التعريب زمانًا طويلًا من لغة إلى لغة تخالفها شمالًا ويمينًا.
•••
-
«حياة نابليون بونابارت» و«رسائل بونابارت»، كلاهما تأليف جوسيف أبوت.
-
«ذكرى نابليون بونابارت» تأليف يوريان.
-
«تذكارات»، تأليف كولانكورت دوف فيسنزا.
-
«رسائل نابليون لجوزفين»، جمع هول.
-
«نابليون الحقيقي»، تأليف جوسلين.
-
«تذكارات سنت هيلانة»، تأليف كونت دولاكاس.
-
«محادثات نابليون مع الجنرال بارون جورجورد في سنت هيلانة»، تأليف إليصابات ورملي لانيمار.
-
«يوميات سنت هيلانة — من سنة ١٨١٦ إلى ١٨١٧»، تأليف ليدي مالكولم.
-
«نابليون في منزله»، تأليف فريديريك ماسون.
-
«حياة نابليون الخاصة»، تأليف أرثر ليفي.
-
«تاريخ أسر نابليون»، تأليف الكونت مونتلون.
-
«تذكارات»، تأليف شانسلور باسكيه.
-
«نابليون — آخر منظر»، تأليف برايمروز.
-
«نابليون الأول»، تأليف روز.
-
«حياة نابليون بونابارت»، تأليف سلون.
-
«حياة نابليون بونابارت»، تأليف إيداتاربل.
-
«أم نابليون»، تأليف تشودي كلار.
-
«١٨١٢، أو نابليون في الروسيا»، تأليف فاسيلي فيريستشاجين.
-
«نابليون»، تأليف توماس واطسون.
-
«نابليون الصغير»، تأليف الفيلد مارشال الفيكونت ولسلي.