سالومة إلى صديقةٍ لها
كان كالحور اللامع في الشمس، وكالبُحيرة بين التِّلال الوحيدة مُشرِقًا في الشمس، وكان كالثَّلج على رءوس الجِبال أبيض أبيض في الشمس. نعم، كان مثل هذه جميعها وقد أحببتُه، بيد أنني كنتُ أخاف أن أجلِسَ في حَضرته.
وكنتُ أودُّ أن أقول له: قد قتلتُ صديقك في ساعة هوًى في نفسي، فهل تغفِر لي خَطيئتي وأنت الرَّحوم الصَّفوح؟ أفلا تحلُّ قيود شبابي من عماوَةِ عملي لأمشي حُرَّةً طليقةً في نُورِك العظيم؟
إنني واثقةٌ بأنه كان يصفَح عن رَقْصتي للحصول على رأس صديقه البار، إنني واثِقة بأنه كان رأى فيَّ موضوعًا من مواضيع تعاليمه؛ لأنه لم يكن في العالَم من وادي مَجاعةٍ لم يَعبُرْه، ولا صحراء عطَشٍ لم يقطَعْها.
بلى، قد كان كالحُور الجميل، وكالبُحَيْرات بين التِّلال، وكالثَّلجِ على الجبال. وكنتُ أتُوق لتَبريد عطَش شَفَتَي في ثنايا ثَوبه.
بيد أنه كان بعيدًا عني، وأنا كنتُ خَجولة، وكانت أمي تَمنَعُني عن الذَّهاب إليه كلَّما دعاني حنيني إلى السَّير وراءه.
وكلَّما مرَّ بنا كان قلبي يذوب من جماله، ولكن أمي كانت تقطُب حاجِبيها احتقارًا، وتأمُرني بالتحوُّل عن النافذة إلى غُرفتي، وكانت تصرُخ بأعلى صوتها قائلةً: ومن يكون هذا سوى أَكول جَرادٍ آخر من الصحراء!
إن هو إلا مُستهزِئ خائن، ومُشاغِب يتعيَّش بإثارة نِيران العِصيان، لسلْبِ صَولَجانِنا وتاجِنا، وحمَل الثَّعالب وبناتِ آوَى من بلاده اللَّعينة لتعوِي في قُصورِنا وتجلِس على عرشِنا. اذهبي واحجُبي وَجهك من هذا النهار، وانتظري يومَ يَسقُط رأسُه، ولكن ليس على طبقِك.
كلُّ هذا قالته والِدَتي، ولكن قلبي لم يحفَظ كلامها، فقد أحببتُه سِرًّا وكان حُبُّه يُمنطِق نَومي باللَّهيب.
قد مضى اليوم، وقد ذهب بذَهابه شيء عظيم كان فيَّ، ومن يدري، فقد يكون شبابي قد ذَهَب منِّي لأنه لم يُطِق أن يُقيم هنا بعد أن رأى إلَهَ الشَّباب قتيلًا.