مريم المَجدليَّة
كان فمِه كقلبِ الرُّمانة، وكانت ظِلال عينيه عميقة.
كان لطيفًا كالرجُل الذي يعرِف قوَّته.
قد رأيتُ في أحلامي ملوك الأرض واقِفين احترامًا في حضرته.
إنَّني أودُّ أن أتكلَّم عن وجهه، ولكن كيف أستطيع ذلك؟
فقد كان كالليلة التي لا ظُلمة فيها، وكالنهار الذي لا يعرِف ضجيج النهار. كان وجهًا كئيبًا، ولكنَّه كان مُمتلئًا فرحًا.
إنني أتذكَّر جيِّدًا كيف رفع يده مرةً نحو السماء، فبدَت أصابِعه المُتفرِّقة كأغصان الدَّرْدار.
وأذكره جيِّدًا وهو يَقيس الماء بِخُطواته. إنه لم يكن يمشي. فهو نفسه كان طريقًا فوق الطريق، كما أن السحابة التي فوق الأرض تنحدِر لتُنعِش الأرض.
بيْد أنني عندما وقفتُ أمامه وخاطبتُه كان رجلًا، وكان وَجهه يملأ عين الناظِر إليه بقوَّة. وقد قال لي: ماذا تُريدين يا ميريام؟
إنَّني لم أجاوِبْه، ولكنَّ أجنِحتي احتضنَتْ سِرِّي، فسَرَت الحرارة في جسدي.
وإذ لم أقدِر على احتِمال نُوره تركتُه وسِرتُ في طريقي، ولكن عاري فارَقَني. ولم يبقَ لي سوى الحياة فقط، والرَّغبة في أن أكون وحدي لتضرِب أصابِعُه على أوتار قلبي.