مريم المَجدليَّة
مرَّة ثانية أقول إن يسوع بالموت غلَب الموت، ونهَض من القبْر روحًا وقوةً، وقد مشى في وحدتنا وزار بَساتين وجْدِنا ومَحبَّتنا.
فهو لا يضطجِع هنالك في تلك الصخرة المَنحوتة وراء الحجارة.
فنحن الذين نُحبُّه قد رأيناه بهذه العيون التي فتح بَصيرتها لترى، ولمَسناه بهذه الأيدي التي علَّمها كيف تنبسِط.
إنَّني أعرفكم أنتم الذين لا تؤمنون به، فقد كنتُ منكم وأنتُم كثيرون، ولكن عدَدَكم سيتناقَص.
فهل يجِب أن تكسِروا عُودَكم وقِيثارتكم لتُشاهِدوا الموسيقى فيهما؟
أو هل يجِب أن تقطَعوا الشجرة قبل أن تقدِروا على الإيمان بأثمارها؟
أنتم تبغَضون يسوع لأن رجلًا من بلاد الشمال قال إنه ابن الله، ولكنَّكم تبغَضون بعضَكم بعضًا لأن كلَّ واحدٍ منكم يحسَب نفسه أكبر من أن يكون أخًا للآخر.
أنتم تبغَضونه لأن فريقًا قالوا إنه وُلِدَ من عذراء، وليس من زَرْع رَجُل.
ولكنَّكم لا تعرِفون الأُمَّهات اللواتي يذْهَبْن إلى القبر في عُذرِيَّتهنَّ، ولا الرجال الذين يذهبون إلى قُبورهم مُختنِقِين بعطشِهم.
أنتم لا تعرفون أنَّ الأرض زُفَّت إلى الشمس، وأن الأرض هي التي تبعثُنا إلى الجَبل وإلى الصحراء.
إن هنالك خليجًا يتثاءَبُ بين الذين يُحبُّون يسوع والذين يبغَضونه، بين الذين يؤمنون وبين الذين لا يؤمنون.
فإذا بَنَتِ الأعوام جِسرًا فوق هذا الخليج، فحينئذٍ ستعرفون أن الذي عاش فينا لا يموت، وأنه كان ابنًا لله كما أنَّنا نحن أيضًا أبناء الله، وأنَّه قد وُلِد من عذراء، كما أننا نحن أيضًا قد وُلِدنا من الأرض التي لا زَوجَ لها.
غريب عجيب كيف أنَّ الأرض لا تُعطي غير المؤمنين الجُذور التي ترضَع من ثَديَيْها، والأجنِحة التي بها يَطيرون مُحلِّقين ليَشربوا ويمتلئوا من ندى فضائها.
بيد أنني أعرِف ما أعرف، وفي هذا كفاية لي.