كيف سافرت ولماذا أكتب؟
رحبت بالسفر إلى باكستان عندما سنحت لي الفرصة؛ وذلك لأنني كنت قد سافرت إلى أوروبا وإلى أمريكا عدة مرات ولكنني لم أكن قد سافرت إلى الشرق، ولم أكن قد رأيت من آسيا إلا أجزاء قليلة قريبة.
ولم يكن هذا السبب وحده هو الذي حفزني إلى السفر، بل إن اسم «باكستان» نفسه كان من دوافع الإغراء على السفر، فباكستان جزء من شبه القارة الهندية ذات الحضارة العريقة … وباكستان دولة ناشئة لم يمضِ على وجودها على خريطة العالم أكثر من ثمانية أعوام، ومع ذلك فقد نالت مكانة كبيرة في الميدان السياسي والاقتصادي.
ليس هذا وحسب بل إن باكستان هي أكبر دولة إسلامية في العالم، وهي تتطلع باستمرار إلى توطيد صلاتها بالدول الإسلامية الأخرى، وتمد يدها في كل مناسبة إلى هذه الدول لتخطب ودها …
لا شك أن السياحة في بلاد عريقة المدنية كالباكستان، وزيارة قطرٍ شرقيٍّ حبيب يضم أكبر الأمم الإسلامية في العالم، وتتبُّع نهضة دولة ناشئة لم تنقضِ سنوات قليلة على قيامها …
كل ذلك كان من الأسباب التي جعلتني سعيدًا عندما تمكنت من السفر إلى باكستان في رفقة وفد الصحافة المصري في شتاء عام ١٩٥٣ …
•••
وعدت من باكستان بعد أن تجولت مع الزملاء في طول البلاد وعرضها وزرت ولاياتها وبدأت أستعد لكي أكتب عن باكستان كتابًا أضمه إلى كتبي السابقة: «تعال معي إلى أوروبا» و«تعال معي إلى أمريكا» و«تعال معي إلى أمريكا اللاتينية» …
ولكنني قلت لنفسي: لقد اعتاد القراء أن يقرءوا لي كتابًا عن قارة كاملة لا عن دولة … وإذا كان إخراج كتاب «تعال معي إلى آسيا» أمرًا عسيرًا في الوقت الحاضر لظروف غير خافية، فلا أقل من أن يكون عنوان الكتاب «تعال معي إلى شبه القارة الهندية» لكي يضم وصف الدولتين: الهند وباكستان. وأخذت أفكر في القيام بجولة في الهند تشبه الجولة التي قمت بها في باكستان …
وأخذت الأيام تمر حتى انقضى أكثر من عام ولم أقم بعد بالزيارة المرتقبة للهند.
ولما كانت كتبى فى هذه السلسلة «تعال معي» لا تضم إلا ما يراه المؤلف بعينيه، وما يسمعه بأذنيه، وما يحسه بقلبه … لذلك وجدت لزاما عليَّ أن أبادر بإخراج هذا الكتاب للقراء حتى لا تتغير تلك الصورة الجميلة العزيزة التى رأيتها للدولة الناشئة الناهضة.