مصطفى ممتاز يُبعث من جديد
تمهيد
حضرة الأستاذ زكي أفندي طليمات
سررت جدًّا عندما علمت من البعثة بحضوركم، وقد علمت عنوان الفندق وللأسف لم أجدكم. وحبذا لو تفضلتم بالمقابلة غدًا صباحًا الساعة ١١ تقريبًا بدار البعثة بشارع المدارس نمرة ٢٤ لأتحدث إليكم عن المسرح هنا.
وتفضلوا بقبول التحية والشكر.
أما الأمر الآخر، فيتمثل في توقيع الحكيم — أسفل الخطاب السابق — بعبارة: «كاتب رواية «العريس» و«خاتم سليمان».» أي إن الحكيم نسب مسرحية «خاتم سليمان» إليه وحده، على الرغم من أنها اقتباس مشترك بينه وبين مصطفى ممتاز! وربما لم يتعمَّد الحكيم ذلك؛ فكتب عبارته غُفلًا من ذكر مصطفى ممتاز؛ على اعتبار أن القصاصة كُتبت في عجالة.
هذه القصة التي رواها الحكيم عن بداية معرفته بمصطفى ممتاز؛ تمثِّل أهم المعلومات التي يمكن لأي باحث الحصول عليها في الكتابات الحديثة والمعاصرة عن الكاتب المسرحي مصطفى ممتاز! وبسبب شهرة الحكيم ومكانته يعتقد القارئ أن مصطفى هذا ما هو إلا شريك ثانوي في بداية نشاط الحكيم المسرحي. وبمعنى آخر أن الحكيم هو الأساس وممتاز هو الفرع؛ خصوصًا في اقتباس مسرحية «خاتم سليمان»، رغم أن العكس هو الصحيح! فالحكيم في حديثه السابق يؤكد أن بداية لقائه بممتاز كانت أثناء مشاهدته لإحدى مسرحيات فرقة عكاشة المكتوبة من قبل ممتاز. ورغم أن الحكيم لم يذكر تاريخ هذا اللقاء، إلا أن المنطق التاريخي يقول إن هذا اللقاء كان في أكتوبر عام ١٩٢٢م، عندما مثلت فرقة عكاشة مسرحية «الخطيئة» لمصطفى ممتاز، لأن بعدها مباشرة بدأ ممتاز مع الحكيم اقتباس مسرحية «خاتم سليمان» — كما سيتضح لنا لاحقًا — وهذا يؤكد أن معرفة الحكيم بممتاز بدأت قبل أن يخط الحكيم سطرًا واحدًا في كتاباته المسرحية، سواء النقدية أو الإبداعية.
وهذه المعرفة تمَّت في هذا التاريخ بين المؤثر مصطفى ممتاز — الأستاذ الكبير في الكتابة المسرحية — والحكيم المتأثر بأسلوب هذا الأستاذ وتعاليمه؛ الذي ذكره الحكيم في مذكراته بصورة هامشية؛ لا تليق بنشاط ممتاز المسرحي، ولا بتاريخه. وهذا الموقف كرره الحكيم مرة أخرى؛ عندما تحدث عن لقاء آخر جمعه بمصطفى ممتاز؛ فسجَّله الحكيم في كتاباته من غير أن يذكر اسم ممتاز!
وإذا كان من حق توفيق الحكيم — في هذا القول — أن يقصي من حياته جانبًا حقيقيًّا؛ لا يريد تذكره؛ متنكرًا لجانب من إبداعه المسرحي … فليس من حقه نكران من أخذ بيده في بداياته المسرحية، جاحدًا فضله متنكرًا لاسمه، الذي لم يذكره مشيرًا إليه بعبارة «روائي اشترك معي»، والحق أن الحكيم هو المُشارك له! والغريب أن الحكيم تنكَّر حتى لاسم المسرحية فلم يذكرها، واكتفى بوصفها «قطعة موسيقية»؛ رغم أنها مسرحية كاملة عُرضت على مسرح حديقة الأزبكية فترة طويلة تحت اسم «خاتم سليمان»!
الإجابة على هذا السؤال تقول: من الممكن أن يكون الحكيم تأثر بمصطفى ممتاز، إذا أثبتنا أن مسرحية «خاتم سليمان» هي أول مسرحية يشارك في كتابتها توفيق الحكيم قبل أن يقتبس مسرحيته «العريس». فإن صدق هذا الإثبات، فيكون الحكيم تأثر بمصطفى ممتاز بكل معنى الكلمة. وإليك أيها القارئ الإثبات:
وربما سيندهش القارئ — من توثيقنا السابق لهذه العروض — لأننا أضفنا دليلًا جديدًا يؤكد أن فرقة عكاشة عرضت مسرحية «العريس» للحكيم قبل عرضها لمسرحية «خاتم سليمان» بيومين فقط! وهذا يعني أن الحكيم اقتبس «العريس» قبل اقتباسه — بالاشتراك مع ممتاز — لمسرحية «خاتم سليمان»؛ أو على أقلِّ تقدير كان الاقتباس لكلتيهما في وقت متقارب في الفترة ما بين نهاية الموسم السابق في مايو، وبداية الإعداد للموسم التالي الذي بدأ في نوفمبر. أي إن اقتباس مسرحيتي «العريس» و«خاتم سليمان» كان في الفترة ما بين شهري مايو ونوفمبر ١٩٢٤م. وهنا يأتي دور الوثائق حسمًا للأمر!
والملاحظ أن كامل الخلعي — ملحن مسرحية «خاتم سليمان» — يعترف في الوثيقة الأولى — المؤرخة في أول مارس ١٩٢٣م — أنه لحَّن جزءًا من مسرحية «خاتم سليمان»، وبسبب الاختلافات المالية، أعاد نص المسرحية مرة أخرى إلى الفرقة! وهذا يعني أن نص المسرحية كان لديه بصورة كاملة قبل مارس ١٩٢٣م؛ بينما اقتبس الحكيم مسرحيته «العريس» عام ١٩٢٤م! أي إن مسرحية «خاتم سليمان» هي أول مسرحية شارك الحكيم في كتابتها مع ممتاز. وبناءً على ذلك، نستطيع القول بكل اطمئنان إن الكاتب المسرحي مصطفى ممتاز كان الموجِّه الأول لتوفيق الحكيم في كتاباته المسرحية الأولى، قبل سفر الحكيم إلى فرنسا. وبمعنى آخر: إن توفيق الحكيم تأثَّر بأسلوب مصطفى ممتاز وتوجيهاته المسرحية، قبل أن يخط الحكيم سطرًا واحدًا في إبداعه المسرحي.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: لماذا أخذ الحكيم هذا الموقف من موجِّهه الأول في الكتابة المسرحية؟ خصوصًا أن الحكيم كان في أَوْجِ شهرته بوصفه كاتبًا مسرحيًّا مرموقًا عندما كتب ما كتبه عن مصطفى ممتاز؟! الإجابة على هذا السؤال ليست سهلة؛ ولكن من وجهة نظري إن الحكيم أراد أن ينسب علمه وإبداعه المسرحي إلى الفترة الفرنسية التي قضاها في باريس، ولم يُرِد فضلًا عليه سوى تجربته الفرنسية ليس إلا! ومن ناحية أخرى ربما أراد إقصاء فترة عمله الأولى المتعلقة بمصطفى ممتاز؛ حتى لا يضطر إلى الإشادة به باعتباره مؤثرًا فيه، أو الحديث عنه بوصفه موجهًا له!
ومنذ ذلك التاريخ؛ وأنا في بحث دائم عن الرجل وأعماله المسرحية المجهولة. وكم كانت سعادتي عندما علمت أن المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، يحتفظ بثلاث مسرحيات مخطوطة لمصطفى ممتاز — المنشورة في هذا الكتاب، وهي: «عبد الرحمن وعمر»، و«المنافقون»، و«المرحوم» — فتقدمت باقتراح إلى الدكتور سامح مهران — رئيس المركز — من أجل نشرها في كتاب؛ يضم تاريخ حياته، وتفاصيل نشاطه المسرحي. وبالفعل وافق الدكتور سامح مهران على الاقتراح، وبدأت العمل فيه. وأثناء العمل خطرت لي فكرة مفادها: البحث عن أسرة مصطفى ممتاز! وبعد عناء شديد — ومواقف حرجة وأخرى سارة — استطعت الوصول إلى ابنته ابتسام؛ التي سعدت كل السعادة بأن أحدًا سيهتم بوالدها ويكتب عنه! ومساهمة منها في هذا المشروع أعطتني ثلاثة نصوص مسرحية مخطوطة أخرى، هي: «أنجومار»، و«جلنار بين ثلاثة رجال»، و«أصدقاء أم أعداء» — إضافةً إلى صورة والدها.
لم يبقَ لإتمام المشروع إلا المعلومات المتعلقة بحياة مصطفى ممتاز، وعمله في الوظائف الحكومية، وكذلك المعلومات المتعلقة بنشاطه المسرحي، وتواريخ عروض مسرحياته، وما كُتب عنها وقت تمثيلها. وكنت أتمنى أن تقوم ابنته بسد الثغرة الأولى المتعلقة بحياة والدها وعمله الحكومي؛ ولكن مرور أكثر من ثمانية عقود وقف حائلًا أمام هذا التمني! وقبل الوصول إلى مرحلة اليأس؛ ظهرت بارقة أمل جديد من خلال البحث عن الملف الوظيفي لمصطفى ممتاز ضمن مقتنيات دار المحفوظات العمومية بالقلعة. وبالفعل نجحت في الوصول إلى هذا الملف، الذي يحمل رقم ١١٣٣٦. أما الخطوة الأخيرة في سبيل إتمام المشروع فكانت صعبة للغاية؛ لأنها تتعلق بالمعلومات الخاصة بنشاط مصطفى ممتاز المسرحي، وما صاحب هذا النشاط من إعلانات ومقالات نقدية. ولا سبيل إلى ذلك إلا بالبحث الميداني في الصحف المصرية القديمة المصاحبة لنشاط ممتاز المسرحي. وبالصبر والتروِّي استطعت الحصول على ضالتي من هذه المقالات؛ لتكتمل المادة العلمية لمشروع الكتاب، ويخرج مصطفى ممتاز الرجل المجهول إلى الوجود المعلوم، ويتبوأ مكانته الطبيعية وسط كُتَّاب المسرح في فترة من الفترات المجهولة في تاريخ المسرح المصري.
مصطفى ممتاز موظفًا حكوميًّا
وفي هذه الفترة ترقَّى والده في وظائف الحكومة؛ حتى تقلد وظيفة رئيس قلم اللوائح؛ فترتب على ذلك نقله من القاهرة إلى الإسكندرية؛ فانتقلت الأسرة للعيش والعمل في هذا الثغر الجديد. والتحق الابن مصطفى بالمدرسة العباسية الثانوية، وظهرت ميوله في إتقان اللغات الأجنبية. وقبل عام واحد من حصوله على شهادة الثانوية، تعرض إلى مشكلة تأدية الخدمة العسكرية. وبعد معاناة كبيرة استطاع الأب أن يدفع البدل النقدي للخدمة العسكرية؛ حتى يحافظ على تفوق ابنه في الدراسة.
وأخيرًا حصل مصطفى على شهادة البكالوريا (الثانوية) في عام ١٩١٢م، وأراد — كما أراد والده — أن يستكمل دراسته العُليا بمدرسة المعلمين الخديوية. وعندما بدأ في إجراءات الالتحاق رُفض طلبه؛ لأنه غير لائق طبيًّا؛ حيث كان يعاني من ضعف في بصره بسبب كثرة القراءة ونهمه الشديد للعلم. وتحطمت آمال الطالب المجتهد، وآمال والده في استكمال دراسته العليا؛ فرضى مصطفى بقدره، وارتضى أن يبدأ حياته العملية بوظيفة صغيرة بشهادة الثانوية.
طلب استخدام
الوظيفة المراد الالتحاق بها: كاتب بمصلحة خفر السواحل
سعادتلو أفندم … جناب مدير مصلحة خفر السواحل
يتشرف مصطفى محمود فهمي بأن يعرض لسعادتكم بأنه مصري الجنسية، وقد حصل أخيرًا على شهادة الدراسة الثانوية من الحكومة المصرية. وله إلمام باللغتين العربية والإنجليزية باعتبارهما لغتين أصليتين ويعرف اللغة الفرنسية بصفتها لغة أجنبية إضافية. وحيث إنه يوجد بمصلحة جنابكم وظائف خالية فإنه يلتمس تعيينه تحت التجربة بعد تأدية الامتحان الذي سيعقد في ١ / ٢ / ١٩١٣م، ويتشرف بتقديم الاحترام أفندم.
سعادتلو أفندم مدير قسم الإدارة بنظارة الداخلية
وزارة الزراعة
مكتب الوزير
حضرة صاحب المعالي وزير الداخلية
لمناسبة انتهاء اللجنة المشكَّلة بقرار من وزير الداخلية في ١٦ / ٥ / ١٩٣٨ لإصلاح القرية ووضع مشروع قانون للعُمد، من عملها يسرني بصفتي رئيسًا لهذه اللجنة أن أبلغ معاليكم ثنائي على حضرة سكرتيرها مصطفى ممتاز أفندي رئيس قلم شياخات الوجه البحري، لما بذله حضرته من الجهود المشكورة في القيام بواجبه على أحسن وجه. كما أرجو معه أن تتفضلوا معاليكم بالنظر في مكافأته على ذلك تقديرًا للجهد والنشاط وحُسن أداء الواجب، لا سيما وقد قام حضرته بهذا العمل علاوة على أعماله العادية.
وتفضلوا معاليكم بقبول فائق الاحترام.
مذكرة عن حالة مصطفى ممتاز أفندي وكيل إدارة الشياخات بالداخلية
وقد تم هذا الندب أوائل سنة ١٩٣٠م جاءت وزارة الوفد ونظرت في المظالم وكان حضرة أحمد فهمي إبراهيم بك ينظر في شكايات الموظفين، فشكا مصطفى ممتاز لحضرته وطالب بترقيته إلى الخامسة التي يشغلها فعلًا، ولكن لسوء الحظ ظن حضرته خطأً أو وشايةً أن الشاكي ينتمي إلى الفريق الآخر فترك أمره معلقًا. سنة ١٩٣٠، ١٩٣١م وُلي الحكم دولة صدقي باشا وأجرى الانتخابات وكان في وكالة الداخلية سعادة القيسي باشا، وفي قسم الإدارة حجازي باشا. وقد اختار الاثنان بعض موظفي الوزارة للإشراف على عملية الانتخابات في القاهرة، وكان مصطفى ممتاز أحد هؤلاء، ولكنه أخبر سعادة القيسي باشا بحقيقة ما يجهله في اللجان؛ فكان جزاؤه أن انتزعت منه الدرجة الخامسة التي كان يشغلها ومُنحت إلى حضرة الأستاذ محمود جودت مع أن الشاكي أقدم منه بسنين. وفضلًا عن ذلك فقد رُقي جميع الذين أشرفوا على عملية الانتخابات المذكورة ما عدا الشاكي وحده. سنة ١٩٣٦م تخطاه في الترقية حضرة الأستاذ عباس علام. سنة ١٩٣٨م رُقي الشاكي إلى الدرجة الخامسة في شهر سبتمبر بعد أن مضى عليه في الدرجة السادسة ثلاثة عشر عامًا، ولو كان قد رُقي في سنة ١٩٣٠م أو سنة ١٩٣١م كما كان يجب عدلًا لجاز أن يكون الآن في الدرجة الثالثة سنة ١٩٤٢م. خلت الآن وظيفة مدير إدارة من الشياخات وهي من الدرجة الثالثة ونظرًا لما يتمتع به الشاكي من فضل الله من الرضا العام والتقدير فإنه لا يرجو أكثر من ترقيته إلى الدرجة الرابعة وإعفائه من الشهور الأربعة الباقية على جواز الترقية وتعيينه مديرًا للإدارة المذكورة، ويكون في هذا تعويض له عما فاته بدون ذنب جناه.
والله ولي التوفيق.
مذكرة عن حالة الأستاذ مصطفى ممتاز
مدير إدارة المحفوظات في ١٤ / ٤ / ١٩٥٢
قضى في خدمة الحكومة نيفًا وتسعة وثلاثين سنة. مضى عليه في الدرجة الثالثة ما يقرب من الست سنوات. رُقي قبله من هم أقل منه خدمة وأقل منه مدة في الدرجة. لم يبقَ على إحالته إلى المعاش غير خمسة أشهر. والمرجو التفضل بالنظر في ترقيته إلى الدرجة الثانية، تحسينًا لمعاشه وتقديرًا لخدمته الطويلة. وملف خدمته يحوي الثناء ولا يشمل أي جزاء.
وأخيرًا جاء التقدير، ومكافأة مصطفى ممتاز بمكافأة نهائية بعد خمسة أشهر من خلال أمر عمومي من قِبل وكيل إدارة المستخدمين، والذي نصَّ على: «يُرفع اسم حضرة الأستاذ مصطفى ممتاز من إدارة المحفوظات والتوريدات والطباعة من عداد موظفي الوزارة بالإحالة إلى المعاش، اعتبارًا من ١٤ / ٩ / ١٩٥٢ لبلوغه السن القانونية.»
مصطفى ممتاز كاتبًا مسرحيًّا
بدأ مصطفى ممتاز تعريب المسرحيات عام ١٩١٧م؛ عندما عرَّب مسرحية «المرأة الفاتنة». وهذه المسرحية — على وجه الخصوص — يكتنفها الغموض! فنصها المخطوط لم نحصل عليه، ولولا أن مُعرِّبها ذكرها على غلاف إحدى مخطوطات مسرحياته — وهي مخطوطة مسرحية «المنافقين»، المنشور غلافها [انظر شكل: غلاف مخطوطة مسرحية «المنافقين»] — ما علمنا من أمرها شيئًا! كما أننا حصلنا على معلومة غامضة، عبارة عن إعلان نشرته جريدة «الأفكار» يوم ٨ / ٤ / ١٩١٧م، تحت عنوان «الحياة الناهضة للتمثيل العربي: الليالي الحسان بدار الأوبرا السلطانية»، جاء فيه أن فرقة أولاد عكاشة ستمثل بدار الأوبرا خمس مسرحيات؛ منها مسرحية «المرأة الفاتنة». وجاء في الإعلان عن هذه المسرحية أنها «رواية حديثة تجمع بين جلال الجمال، وجلال العقل، وجلال الشرف في امرأة واحدة. وبها من عذوبة الروح ورشاقة الأسلوب ما ليس له نظير. تُمثَّل في مساء السبت ٢١ أبريل.» وللأسف لم نجد أية إشارة — بعد ذلك — تفيد أن فرقة عكاشة — أو أية فرقة أخرى — مثَّلت هذه المسرحية.
ومسرحية «أنجومار»؛ تدور أحداثها في بلاد اليونان؛ حيث نجد الشيخ «ميرون» — صانع الأسلحة والدروع — يعيش في فقر شديد، ولكنه سعيد بحياته مع ابنته «بارتينيا» وزوجته. وفي يوم ما يقع ميرون في أَسر جماعة من قُطاع الطُّرق المتوحشين بقيادة «أنجومار»، يعيشون في الغابات. ومن ثم يطلبون من أهله فدية مقابل حريته. فتقوم ابنته بارتينيا بمحاولات عدة لجمع قيمة الفدية من أصدقائه دون جدوى، حيث إن الأصدقاء تخلوا عن صديقهم. فحاولت الأمر نفسه مع الحاكم، ولكنه تخلى عنها؛ لأن قانون البلاد لا ينقذ من لم يحترمه، حيث إن ميرون تمَّ أسره خارج حدود المدينة. فلم تجد بارتينيا مناصًا من أنها تفتدي أباها بنفسها، فذهبت إلى أنجومار زعيم المتوحشين، وأبدلت أسرها بحرية أبيها، فوافق أنجومار. وبمرور الوقت يقع أنجومار في حب بارتينيا؛ فيطلق سراحها ويرافقها حتى منزلها، وعندما أراد العودة، طلبت منه بارتينيا بأن يمكث معها في مدينتها، ويكون ضيفًا على والدها، وأن يتعلم صنعته، وأن يكون عاملًا مفيدًا ليصبح يونانيًّا، ويتخلص من وحشيته. وأمام حبه لبارتينيا يوافق على ذلك. ومع مرور الأيام، تحدث عدة حوادث يُظهر فيها أنجومار شهامة ومروءة، فيزداد تعلق بارتينيا به. وفي يوم ما تتعرض المدينة إلى هجوم من المتوحشين، فيصدهم أنجومار بالحكمة واللين، فيعفو عنه حاكم المدينة، ويطلب من المتوحشين بناء مدينة لهم؛ يكون أنجومار حاكمًا لها، وزوجًا لبارتينيا.
ومسرحية «عبد الرحمن وعمر»؛ تدور أحداثها حول «عبد الرحمن» الذي أحب «جميلة» لمدة ثلاث سنوات، وتعهد لها بالزواج في خطاباته. وبعد فترة نجده يخطب فتاة أخرى اسمها «خيرية»؛ طمعًا في أموال أبيها «عمر بك». ولكنه يخشى من جميلة وتعهُّده لها بالزواج، فيحاول سرقة خطاباته من منزلها بمساعدة ابن عمه «عثمان»؛ ولكنه يفشل في ذلك. وبعد عدة حوادث كوميدية، تعلم جميلة بما يدبره حبيبها عبد الرحمن، فتذهب إليه في بيت صهره يوم الزواج، وتدعي أنها شقيقة العريس. وتحدث عدة مواقف كوميدية بُنيت على سوء الفهم، حيث قام عبد الرحمن بالادعاء على جميلة — باعتبارها شقيقته — بأنها مجنونة، فيقوم كل من في المنزل بمعاملتها معاملة خاصة. ويزداد الموقف تعقيدًا، عندما يحضر المأذون لِيُتِمَّ عقد القران، فتقوم جميلة بالادعاء على عبد الرحمن بأنه قتل امرأة اسمها جميلة وهي شاهدة على ذلك، فتحضر الشرطة وتقبض على العريس، الذي يتوسل إلى ابن عمه عثمان كي يعترف بأن جميلة هي شقيقته المزعومة، فيرفض عثمان لأنه أحب خيرية، ومن مصلحته عدم إتمام زواج عبد الرحمن بخيرية. وتتعقد الأمور أكثر فأكثر، حتى تنتهي بأن يعترف عبد الرحمن بأنه أحبَّ جميلة، وأراد تركها طمعًا في الزواج من خيرية الثرية، ولكنه عاد إلى صوابه، فيعقد قرانه عليها أمام الجميع، كما يعقد عثمان قرانه على خيرية، وتنتهي المسرحية بهذه النهاية السعيدة.
ومسرحية «المنافقين» تدور أحداثها حول حسن بك — الموظف بالمعاش — الذي يعيش في قصره بالريف المصري. ويتصف هذا الرجل بالكرم والعطاء، وعشقه للأصدقاء. وتعيش معه في المنزل زوجته أمينة هانم، وابن عمه فريد، وهو شاب مريض، وكان يعالجه الدكتور زكي. وفي يوم ما قام حسن بك بدعوة بعض الأصدقاء القدامى؛ ليقضوا معه بضعة أيام في الريف. وبالفعل يحضر الأصدقاء؛ وهم: مرسي، وشعبان، ورمضان. ثم يحضر أيضًا أحد المتقاعدين في الجيش — برتبة صاغ — ويقتحم اجتماع الأصدقاء؛ لأنه صديق حسن بك. ولكن حسن لم يتذكره، وخجل أن يسأله عن اسمه، وهكذا انضم هذا الصاغ إلى صحبة الأصدقاء. ومن خلال وجود هذه المجموعة في منزل حسن بك؛ تحدث أحداث كثيرة تتسم بالنفاق والرياء من أجل الاستفادة القصوى من عطف حسن بك، وخيرات منزله. وفي أثناء ذلك يحضر الدكتور زكي كي يباشر علاج فريد؛ فيلاحظ عليه تغيرات كثيرة يعلم — بصفته طبيبه — أنها بسبب الحب. وعن طريق الملاحظة الدقيقة يعلم الدكتور أن فريد يحب أمينة هانم زوجة ابن عمه حسن بك. وأمام هذا الأمر يجتهد الدكتور في إنهاء هذا الحب الذي سيقضي على سعادة المنزل. وفي لحظة انفراد فريد بأمينة نجده يبثها أشواقه وحبه ممسكًا يدها، وهي في ذهول مما تسمع؛ حيث إنها تعامله معاملة الأخ. وهنا يدخل عليهما أصدقاء حسن بك فيرتبكان. وفي اليوم التالي نجد الأصدقاء يخبرون حسن بك بما شاهدوه، وبذلك أدخلوا الشكَّ في قلبه، ونصحوه بأن يفاجئ العشيقين متلبسين، وذلك بأن يخبرهما بسفره المفاجئ إلى العاصمة، وأنه سيأتي غدًا، وفي الليل يحضر ليضبط العاشقين. وبالفعل يقوم حسن بتنفيذ خطة أصدقائه. وبعد عدة مواقف مؤثرة ومتناقضة بين الشك واليقين، استطاع الدكتور زكي — الذي يعلم حقيقة الأمر — أن ينقذ أمينة هانم، وينقذ فريد أيضًا، وتنتهي المسرحية بسفر فريد ليتسلم عمله الجديد في أسيوط، وكذلك سافر جميع الأصدقاء الذين كانوا السبب في زلزلة سعادة منزل حسن بك، وبالأخص الصاغ الذي يكتشف أن حسن بك ليس صديقه القديم؛ فقد تشابهت عليه الأسماء!
ومسرحية «المرحوم» تدور أحداثها في إطار كوميدي اجتماعي؛ حول أرملة تتزوج بعد وفاة زوجها، ولكنها تظل على وفاءٍ لذكرى المرحوم زوجها الأول، وتحتفظ بصورته في غرفة نومها. أما زوجها فنجده يغضب من تصرف زوجته تجاه زوجها المتوفى، ودائمًا في مشاكل بسبب هذا التصرف من زوجته. وبعد عدة حوادث كوميدية، تكتشف الأرملة أن زوجها المتوفى كان متزوجًا عليها بامرأة أخرى في السودان؛ فتنقلب على ذكرى زوجها المتوفى، وترمي صورته، وتبدأ في مراقبة زوجها الحالي؛ لأنها فقدت الثقة في جميع الرجال. وبسبب هذه المراقبة تحدث مواقف كوميدية داخل الأسرة والعائلة، فنجد الزوجة تشك في زوجها وتفسر جميع تصرفاته بأنها خيانة لها. والزوج كذلك نجده يشك في تصرفاتها، لا سيما عندما يزوره رجال من أقاربه. وتزداد المواقف تعقيدًا عندما تظهر زوجة المرحوم السودانية، بعد أن تزوجت من شقيق بطل المسرحية، زوج الأرملة الحالي. وتتأزم الأمور وتكثر المشاكل بسبب الغَيرة، وأخيرًا تظهر الحقيقية جلية أمام الجميع، بأن الشك والغيرة من أسباب هدم البيوت الهانئة وتنتهي المسرحية بهذا الدرس الأخلاقي.
ومن حُسن الحظ أن مسرحية «إيفان» عُرضت وقت ظهور الصفحات الفنية ببعض الصحف، وظهور أقلام نقدية، أصبحت — فيما بعد — أعلامًا في النقد الفني. ولهذا وجدنا بعض المقالات النقدية التي تناولت مسرحية «إيفان»، مثل مقالة محمود كامل في جريدة «السياسة» بتاريخ ١٢ / ١١ / ١٩٢٤، وفيها يوضح الناقد أن المسرحية مترجمَة من الإنجليزية، ويَعيب على مترجمها عدم ذكره لمؤلِّفها الأصلي. ويقول عن المسرحية إنها «تعرض أمام النظارة صفحة فظيعة من استبداد الأشراف، واسترقاق الآدميين في العهد القيصري المشئوم. وهي من النوع الذي أود لو تيسر لمسارحنا شيء منه؛ حتى يشعر جمهورنا بذلك الاشمئزاز والنفور، أو تلك الثورة الحانقة الصاخبة التي تتملَّك المرء، وهو يشاهد أخاه الإنسان يُسام كالبهم والدواب. يُضرب بالسياط، وتُحتقر إرادته إلى الدرجة القصوى، بل لا يفكر في أن له إرادة!»
تعرَّض الناقد بعد ذلك إلى التمثيل؛ فأثنى على حسين رياض الذي فهم دوره جيدًا؛ فكان رزينًا، ومبدعًا في تألمه. كذلك كان بشارة واكيم؛ مع إلفات نظره إلى التفريق بين اللهجتين الروسية، والمصرية. كما نصح منسي فهمي بالابتعاد عن الغرور في تمثيله، ووبَّخ محمد توفي؛ لأنه مثَّل دوره الجدي بصورة هزلية، وشدَّ على ساعدي أحمد نجيب وإبراهيم الجزار مستبشرًا بمستقبل فني باهر لهما. كما أسدى نصيحة لدولت أبيض بعدم قبولها أي دور تشعر بالنفور منه، ووصف تمثيل إحسان أحمد بأنه تراوح بين الطبيعة والتكلف. وأخيرًا تعرض الناقد إلى المناظر (الديكور)؛ فوصفها بأنها «كانت جميلة خصوصًا منظر الفصل الثاني؛ إذ إنه كان يشعر بوجودنا في جوٍّ روسيٍّ بحت.»
ورغم عدم حصولنا على نَصِّ مسرحية «إيفان»؛ إلا أننا وجدنا ملخصًا عنه منشورًا في مجلة «رعمسيس» بتاريخ نوفمبر ١٩٢٤م، جاء فيه: «حدثت وقائع هذه الرواية في روسيا؛ إذ أرسل أحد الأمراء المستعبدين أبناء أحد عبيده إيفان إلى باريس فنبغ، وأصبح فنانًا، واتصل بالكونتس دي موليون، ودافع عنها … وحدث أن أصبح الكونت كاراكوف وريث الأمير الروسي — ولي نعمة إيفان — فاستدرج إيفان إلى روسيا بمساعدة والد إيفان «خور»، وهناك سَامَه وعشيرته سوء العذاب. وأراد الأمير كاراكوف أن يثأر لنفسه فدعا الكونتس «عشيقة إيفان» لزيارته، وأطلعها على حقيقة إيفان. وحاول خور والد إيفان نسف البرج الذي كان يقيم فيه الكونت وآله وإيفان والكونتس. غير أن روبير صديق إيفان — ضيف الكونت — قتله، وهو يعطي الإشارة بنفسه. وقبل أن يموت خور اعترف بأن إيفان هو وارث الإمارة الشرعي؛ لأنه ليس ابنه بل ابن الأمير السابق، فنادوا بحياة إيفان، وأعلنت الكونتس زواجها منه.»
ورغم فقدان نص مخطوطة مسرحية «خاتم سليمان»؛ إلا أن المرحوم سمير عوض نشر مُلخَّصًا لأحداثها في كتابه «مسرح حديقة الأزبكية» ١٩٨٣م، فأبان أن أحداثها تدور في إحدى المدن العربية القديمة؛ حول الفارس الشجاع سليمان؛ الذي يتمتع بخفة روح عالية جعلته يعيش في لهو، ودعابة دائمة مع النساء والفتيات. وفي إحدى المرات يقع في حب الجارية بدور، وأثناء تقبيله لها يضبطه الأمير فيأمر بزواجهما، ويوافق سليمان على مضض؛ لأن الزواج سيحرمه من حياته اللاهية. وفي هذا الوقت يرسل الأمير ولي عهده إلى ميدان القتال بشرط أن يرافقه سليمان، ومؤدب ولي العهد أيضًا. وهنا تحدث مواقف كوميدية كثيرة؛ حيث إن المؤدب كان متزوجًا سرًّا من بَهانة، وهي امرأة لعوب تعشق الإيقاع بالرجال ومغازلتهم. وعندما يقوم سليمان بمغازلتها أمام زوجها المؤدب؛ نجد المؤدب يكظم غيظه، ولا يستطيع البوح بأنه زوجها. وعلى الجانب الآخر نجد بدور تصر على الذهاب مع سليمان إلى المعركة كي تتزوجه، ولكنه يهرب منها قائلًا: إذا استطعتِ أن تحصلي على الخاتم الموجود في أصبعي سأتزوجك. وأمام هذا التحدي نجد بدور تتنكر في زي فارس، وترافق سليمان باعتبارها الأخ الأكبر لبدور. وأمام الشبه الكبير بين بدور، وهذا الفارس نجد سليمان يحتار في الأمر. ولكن بدور، أو الفارس يستطيع أن يكسب صداقة سليمان، ويوهمه بأنه على استعداد لأن يمهد الطريق بينه وبين بهانة، فيوافق سليمان. وهنا تتفق بدور مع بهانة على لقاء خارج منزلها؛ لأن بهانة معجبة بهذا الفارس — أي بدور — وتتفق في الوقت نفسه مع سليمان بأن بهانة تنتظره في منزلها. وفي الموعد المحدد، وعندما تتأكد بدور من خروج بهانة من منزلها؛ تدخل هي، وتتنكر في زي بهانة فيحضر سليمان، ويقضي وقتًا طويلًا في ممارسة الغرام معها على أنها بهانة، التي طلبت منه خاتمه الثمين دليلًا على حبه لها. وهكذا استطاعت بدور أن تحصل على خاتم سليمان. وبعد مواقف مضحكة كثيرة — قامت على سوء الفهم — تظهر الحقيقة، ويعلم سليمان أنه قضى وقت غرامه مع بدور، وأن ابنها الذي وُلد هو ابنه. وتنتهي المسرحية بزواج سليمان من بدور.
وحول نقد هذه المسرحية، كتب الناقد جمال الدين حافظ عوض مقالة في جريدة «كوكب الشرق» بتاريخ ٢٥ / ١١ / ١٩٢٤، أوضح فيها وجهة نظره في: الممثلين، والإضاءة، والديكور. كما عبَّر عن رأيه في حُسن اقتباس المسرحية قائلًا: «… وأحب أيضًا أن أقول إن اقتباس الأستاذ مصطفى ممتاز كان حسنًا، فلم يملأها بالنكات السخيفة والألفاظ البذيئة … بل إنه حافظ على الوسط الذي مُثِّلت فيه الرواية، بحيث لم يكن هناك شيء يَمجُّه الذوق أو الأدب، وهذه ميزة كبيرة.» والملاحظ على هذا القول أن الناقد لم يذكر توفيق الحكيم شريك مصطفى ممتاز في الاقتباس، ووجَّه كلامه نحو مصطفى ممتاز فقط؛ وكأنه المقتبس الوحيد للمسرحية، أو على أقلِّ تقدير كان المقتبس الأساسي للمسرحية! وهذا الأمر يؤيد وجهة نظرنا — التي تحدثنا عنها سابقًا — بأن مصطفى ممتاز كان الأساس في اقتباس هذه المسرحية، أما الحكيم فكان الفرع.
ومن المسرحيات المجهولة لمصطفى ممتاز، مسرحية «جلنار بين ثلاثة رجال» — وهي العاشرة في ترتيب كتاباته المسرحية، والمنشورة في هذا الكتاب أيضًا — وقد أهدتنا صورة نصها المخطوط السيدة ابتسام قائلة: «إنها مسرحية مؤلَّفة، وقد نقلتها بخط يدي عام ١٩٤٣م من أصل المخطوطة الخاصة بوالدي المرحوم مصطفى بك ممتاز.» وهذه المسرحية لم ننجح في الحصول على أية معلومة عنها من حيث تاريخ تأليفها، أو تمثيلها. ورغم ذلك نزعم أنها أُلِّفت في فترة العشرينات من القرن العشرين، وأنها أُلِّفت من أجل تمثيلها من قِبل فرقة عكاشة، حيث إن موضوعها يتشابه إلى حد كبير مع عروض فرقة عكاشة المسرحية في تلك الفترة.
ومسرحية «جلنار بين ثلاثة رجال» تدور أحداثها حول الراقصة النَّوَرية «جلنار»، التي تتقابل مع الوزير «بهروز» فيتنبأ لها بمستقبل عظيم، حيث لاحظ منها السعي نحو التطلع إلى مصافِّ الشرفاء؛ لذلك استغل هذا الوزير جميع من حوله في سبيل الاستيلاء على حُكم البلاد. فنجده يفتعل مشاجرة بين حراس الأمير وبين صديقه الفارس المغوار «قطبزار» حول فتًى اسمه «بهادر» ظلمه الحراس. وعندما ينتصر الفارس يستصدر الوزير أمرًا من الأمير بإعدامه الساعة السابعة؛ لأنه قاوم حراس الأمير. وفي الوقت نفسه قام الوزير بتدبير خطة كي يقع الأمير في حب «جلنار»، ويَعِدُ الوزير الأمير بأنه سيجعلها محظيته. ومن ناحية أخرى بدأ الوزير بالتلميح إلى الأميرة بأن زوجها الأمير يخونها. وقبل موعد تنفيذ الإعدام على قطبزار، يحضر إليه الوزير ويقنعه بضرورة زواجه من امرأة تطلب اسمه، حيث إنها بلا اسم أو حسب أو نسب، وهذه خدمة بسيطة لهذه المرأة، طالما أنه سيموت بعد نصف ساعة، فيقبل قطبزار هذا الاتفاق طالما أنه في سبيل الخير. وبالفعل يتم الزواج، دون أن يرى قطبزار المرأة، التي كانت منقبة بنقاب كثيف. وعندما تحين لحظة الإعدام رميًا بالرصاص، يقوم الفتى «بهادر» برد الجميل لقطبزار فيبدل الرصاص الحقيقي برصاص آخر يحدث صوتًا، وعندما يسمع قطبزار صوت الرصاص يسقط سقطة تمثيلية، باعتباره ميتًا. ويبدأ الوزير في استكمال خطته؛ حيث يقنع جلنار بأن زوجها — الذي عَقد قرانها — هو أمير البلاد وقد اتخذ لها بيتًا في الغابات، وأقنع الأمير أن جلنار أصبحت محظيته وسيقابلها اليوم. وفي الوقت نفسه ذهب إلى الأميرة وأخبرها بأن الأمير زوجها في أحضان محظيته، وبذلك يتخلص من الجميع ليستولي على الحكم. ولكن يظهر قطبزار في الوقت المناسب ويكشف حقيقة الوزير أمام الجميع، ويوقع عليه العقاب قتلًا، ويعود الأمير إلى زوجته، ويعود قطبزار إلى جلنار، بعد أن منحه الأمير لقب حاكم العاصمة، وتنتهي المسرحية.
ومن الكتابات المسرحية المجهولة أيضًا لمصطفى ممتاز مسرحية «أصدقاء أم أعداء» — وهي الحادية عشرة في الترتيب — التي اقتبسها من الفرنسية هوراس ويجان، ومن ثَمَّ عرَّبها مصطفى ممتاز، وأهدتنا صورة من نصها المخطوط، ابنة مصطفى ممتاز السيدة ابتسام. وهذه المسرحية — بناء على مخطوطتها — نزعم أنها عُربت — أو بالأحرى تُرجمت — عام ١٩٢٠م؛ من أجل تمثيلها من قِبل فرقة أولاد عكاشة. وربما حدثت بعض الظروف منعت تمثيلها بصورتها المترجمة، فأعاد ممتاز كتابتها بأسلوب الاقتباس وأطلق عليها اسم «المنافقين»، وتمَّ عرضها عام ١٩٢٠م، من خلال فرقة أولاد عكاشة، وقد تحدثنا عنها سابقًا. وبسبب التشابه الكبير بين ترجمة مسرحية «أصدقاء أم أعداء» واقتباس مسرحية «المنافقين»، هذا التشابه الذي يصل إلى حد التطابق، قررنا عدم نشر مخطوطة مسرحية «أصدقاء أم أعداء» في هذا الكتاب، واكتفينا بنشر مسرحية «المنافقين»، باعتبارها المسرحية التي مُثلت على خشبة المسرح، خلافًا لمسرحية «أصدقاء أم أعداء» التي لم تُمثَّل.
هذه تفاصيل كتابات مصطفى ممتاز المسرحية؛ التي استطعنا الحصول عليها؛ ناهيك عما عجزنا عن الوصول إليه، أو كتاباته الأخرى المجهولة والمفقودة؛ التي ربما يحصل عليها باحث آخر مستقبلًا. ومسرحيات مصطفى ممتاز التي كُتبت في الفترة من عام ١٩١٧م إلى عام ١٩٢٣م؛ تجعل منه كاتبًا مسرحيًّا مرموقًا، وفق معايير كُتَّاب المسرح في تلك الفترة. فمصطفى ممتاز باعتباره كاتبًا مسرحيًّا، كان يقف على قدم المساواة مع كُتَّاب المسرح المعاصرين له في هذه الفترة أمثال: إبراهيم المصري، وإسماعيل وهبي، وإلياس فياض، وأمين صدقي، وجورج طنوس، وحسن فايق، وخليل مطران، وعباس حافظ، وعباس علام، وعبد الحليم دلاور، وعبد العزيز حمدي، وعزيز عيد، وعمر عارف، وفرح أنطون، ومحمد تيمور، ومحمد عبد السلام الجندي، ومحمد عبد القدوس، ومحمد مسعود، ومحمود مراد، ويونس القاضي.
ومما يؤيد هذه المكانة أن أعظم الفرق المسرحية المصرية كانت تعرض مسرحياته؛ ففرقة أولاد عكاشة كان لها النصيب الأكبر في عرض مسرحيات مصطفى ممتاز، وكانت تعرضها وهي في أوج نشاطها الفني، بل كانت فرقة عكاشة في هذه الفترة من أكبر الفرق المصرية وأشهرها، وكانت الفرقة الكبرى الوحيدة في بعض الأحيان عندما كانت تعرض مسرحيات مصطفى ممتاز. فعلى سبيل المثال: عندما عرضت فرقة عكاشة مسرحيتيه «أنجومار»، و«الشريف الطريد» عامي ١٩١٧ و١٩٢٠م، كانت عكاشة الفرقة الأقوى، التي لم تجد منافسة تُذكر من قِبل الفرق الأخرى أمثال: فرقة علي الكسار، وفرقة أمين صدقي، وفرقة نجيب الريحاني، وفرقة منيرة المهدية، وفرقة جورج أبيض.
وعندما مثَّلت فرقة عبد الرحمن رشدي مسرحية ممتاز «عبد الرحمن وعمر»، كانت أقوى فرقة على الساحة عام ١٩٢٠م. كذلك الحال عندما مثَّلت فرقة رمسيس مسرحيته «المرحوم» — في أول موسم لها عام ١٩٢٣م — كانت فرقة رمسيس طوفانًا فنيًّا اجتاح الساحة المسرحية، ولم تقوَ أية فرقة مسرحية أخرى أن تقف في وجه هذا الطوفان فترة طويلة. وأخيرًا نجد فرقة جورج أبيض عندما مثَّلت مسرحيته «إيفان» عام ١٩٢٤م؛ كانت أهم فرقة مسرحية في هذا العام بالنسبة للفرق المسرحية الأخرى. وهذا الأمر إن دلَّ فإنما يدل على أن الفرق المسرحية كانت تسعى لعرض أفضل النصوص المسرحية لأفضل الكُتَّاب المسرحيين، الذي كان مصطفى ممتاز أحدهم. كذلك يجب الإشارة إلى أن معظم مسرحيات مصطفى ممتاز تمَّ عرضها على خشبة أشهر المسارح المصرية في ذلك الوقت، وهو مسرح دار الأوبرا؛ دلالةً على قيمة النص المسرحي، وأهمية الفرقة التي تعرضه.
مصطفى ممتاز شاعرًا
إذا كُنَّا في الصفحات السابقة تحدثنا عن كتابات مصطفى ممتاز المسرحية، وأحصينا عدد مسرحياته غير المنشورة حتى الآن، فهذا كان من منطلق ما كُتب عنه في السابق بأنه اشترك مع توفيق الحكيم في اقتباس مسرحية «خاتم سليمان»؛ أي إننا انطلقنا من معلومة معروفة عنه بوصفه كاتبًا مسرحيًّا رغم عدم وجود أي نص مسرحي منشور له من قبل! وربما يتعجب القارئ — في هذا الموضع — عندما نتحدث عن مصطفى ممتاز باعتباره شاعرًا؛ لأن هذه المعلومة غير معروفة عنه، ولم يتحدث بها أي إنسان من قبل. وربما يزداد القارئ تعجبًا عندما يعلم أن مصطفى ممتاز كان شاعرًا، قبل أن يكون كاتبًا مسرحيًّا! ومن المحتمل أن تَعجُّب القارئ سيصل إلى الذروة؛ عندما يعلم أن العمل الوحيد المنشور لمصطفى ممتاز كان ديوانه الشعري!
فأثناء البحث عن اسم مصطفى ممتاز في فهارس دار الكتب المصرية، فوجئت بوجود اسمه على بطاقة ديوان شعري بعنوان «ديوان ممتاز». وعندما طلبت الاطلاع على الديوان وجدت صعوبة بالغة في ذلك؛ بسبب وجود نسخة وحيدة منه فقط، وهي نسخة صغيرة الحجم، متهالكة الأوراق؛ بسبب مرور ما يقرب من تسعين عامًا على نشرها. ومع الإلحاح في الطلب، والإصرار وراء المعلومة؛ أُجيب إلى طلبي بصعوبة بالغة. وربما هذا الأمر لن يتكرر مرة أخرى، فحاولت جاهدًا أن أنقل من الديوان ما عنَّ لي نقله؛ ربما يأتي اليوم ويَبلى الديوان تمامًا، ولم يبقَ منه إلا ما استطعت نقله، ونشره في هذا الكتاب! و«ديوان ممتاز» جاء على غلافه الآتي:
وبعد، فهذا ثمرة ما خطَّته يميني في أوقات الفراغ. لم أخرجه فخرًا بوجود اسمي بين أرباب الأقلام، فما أنا من أبطال ذلك الميدان، ولست سوى غامس يراعه مع الغامسين، وكاتب مع الكاتبين. آنست من وقتي فراغًا، فلم أشأ أن أضيعه سدًى، فتناولت القلم وغمسته هنا وهناك؛ فكانت الثمرة هذا الديوان. وإني آمل غض الطرف عن الزلات، والتماس المعذرة لدى الهفوات فالعصمة لله وأنبيائه والله ربي وهو مولاي ونعم النصير.
•••
(وهنا يدخلن المسرح.)
ويبدو للقارئ من هذا التجوال في طائفة من قصائد ممتاز ومقطوعاته أنه نوَّع في موضوعاته تنويعًا واضحًا، فقد طرق جوانب الشعر التقليدية من غزل وفخر ومدح ورثاء وعتاب واستعطاف وإخوانيات ونحوها، وامتدَّ شعره ليتحدث عن جوانب وطنية وإنسانية جديدة، فقد كان ممتاز متيَّمًا بحب مصر، مخلصًا لبنيها، وخرج ليحدثنا عن عواطفه الإنسانية وتجاربه الذاتية المختلفة.
النتائج
- (١)
تفتَّحت موهبة توفيق الحكيم المسرحية في مصر عام ١٩٢٣م — لا في باريس كما يقول البعض — علي يد مصطفى ممتاز مُكتشف هذه الموهبة ومُحركها الأول.
- (٢)
كتبت مجلة «المسرح» عام ١٩٢٧م عدة مقالات عن أسلوب وطريقة كُتَّاب المسرح في هذه الفترة، ومن هؤلاء الكُتَّاب كان توفيق الحكيم ومصطفى ممتاز، فأبانت المجلة أن أسلوب الحكيم في الكتابة المسرحية يتشابه مع أسلوب مصطفى ممتاز؛ مما يدل على أن مصطفى ممتاز هو المؤثر، والحكيم هو المتأثر، وليس العكس كما ظن بعض الكُتَّاب والنُّقَّاد.
- (٣)
ظن بعض الكُتَّاب والنقَّاد أن توفيق الحكيم اقتبس مسرحية «خاتم سليمان» عام ١٩٢٣م، وأشرك معه — في اقتباسها — مصطفى ممتاز؛ رغم أن العكس هو الصحيح، حيث اقتبس ممتاز هذه المسرحية وأشرك معه الحكيم في اقتباسها؛ أي إن مصطفى ممتاز هو الأصل، وتوفيق الحكيم هو الفرع.
- (٤)
مسرحية «خاتم سليمان» هي أول مسرحية مُمثَّلة يشترك توفيق الحكيم في اقتباسها، وليس — كما قال الحكيم، وبعض الكُتَّاب والنقَّاد أنها — مسرحية «العريس». وهذا يعني أن بداية الحكيم في الكتابة المسرحية كانت على يد مصطفى ممتاز باعتباره موجهًا للحكيم في هذا الفن. وبمعنى آخر: إن توفيق الحكيم تأثر بأسلوب مصطفى ممتاز وتوجيهاته المسرحية، قبل أن يخط الحكيم سطرًا واحدًا في إبداعه المسرحي المعروف.
- (٥)
الاسم الحقيقي لمصطفى ممتاز هو: مصطفى محمود فهمي محمود فهمي، المولود يوم ١٤ / ٩ / ١٨٩٢. وحصل على شهادة الابتدائية عام ١٩٠٧م، وعلى شهادة البكالوريا (الثانوية) عام ١٩١٢م. ولم يستكمل دراسته العُليا بمدرسة المعلمين الخديوية؛ بسبب ضعف في بصره، وحاول مرة أخرى الالتحاق بمدرسة الحقوق السلطانية؛ ولكن أعباء الوظيفة والأسرة منعته من تحقيق ذلك.
- (٦)
بدأ العمل الحكومي موظفًا صغيرًا بمصلحة خفر السواحل بالإسكندرية عام ١٩١٣، ثم رئيسًا للإدارة بمحافظة السويس عام ١٩٢٥م، ثم رئيسًا لقلم الجنايات الإفرنجي بحكمدارية بوليس مدينة مصر عام ١٩٢٩م، ثم رئيسًا لقلم تعيين العُمد والمشايخ عام ١٩٣٥م، ثم وكيلًا لإدارة الشياخات عام ١٩٤٢، ثم مديرًا لإدارة المحفوظات والتوريدات والطباعة عام ١٩٤٦، وأُحيل إلى المعاش عام ١٩٥٢م، وتوفى يوم ٨ / ٨ / ١٩٦٤.
- (٧)
استطعنا إحصاء إحدى عشرة مسرحية لمصطفى ممتاز — غير منشورة — تنوعت بين: التأليف، والتعريب، والترجمة، والاقتباس … كتبها ممتاز في الفترة بين ١٩١٧–١٩٢٣م، وهي: «المرأة الفاتنة»، و«أنجومار»، و«الشريف الطريد»، و«عبد الرحمن وعمر»، و«المنافقون»، و«الخطيئة»، و«المرحوم»، و«إيفان»، و«خاتم سليمان»، و«جلنار بين ثلاثة رجال»، و«أصدقاء أم أعداء».
- (٨)
استطعنا الحصول على ستة نصوص مخطوطة من مسرحيات مصطفى ممتاز، نشرنا في هذا الكتاب خمسة منها، هي: «أنجومار»، و«عبد الرحمن وعمر»، و«المنافقون»، و«المرحوم»، و«جلنار بين ثلاثة رجال». ولم ننشر مسرحية «أصدقاء أم أعداء»؛ لأنها نسخة مترجمة عن مسرحية «المنافقين» المقتبسة.
- (٩)
أول مسرحية عرَّبها مصطفى ممتاز عام ١٩١٧م، كانت مسرحية «المرأة الفاتنة»، وأعلنت فرقة أولاد عكاشة استعدادها لتمثيلها. ولم نستطع الحصول على نص مخطوطة هذه المسرحية، كما أننا لم نحصل على دليل يؤكد تمثيلها في هذه الفترة.
- (١٠)
المسرحية الثانية كانت «أنجومار» — المنشورة في هذا الكتاب — وأنهى ممتاز تعريبها يوم ٥ / ٢ / ١٩١٧م، ومثَّلتها فرقة أولاد عكاشة — لأول مرة — بدار الأوبرا السلطانية في نوفمبر ١٩١٧م. وقام بتمثيلها: محمد عبد القدوس، ومريم سماط، وفكتوريا موسى، ومحمد بهجت، ومحمد يوسف، وأحمد فهمي، وتوفيق ظاظا، ولطيفة حجازي، ولبيبة فارس، وحسن حبيب. وكانت منيرة المهدية تغني بين فصول تمثيلها في بعض الحفلات.
- (١١)
المسرحية الثالثة التي عرَّبها مصطفى ممتاز، كانت المسرحية الكوميدية «الشريف الطريد»، ومثَّلتها فرقة أولاد عكاشة — لأول مرة — بدار الأوبرا يوم ١ / ٤ / ١٩٢٠م، وقام بتمثيلها: عبد الله عكاشة، وزكي عكاشة، وعبد العزيز خليل، ومحمد يوسف، وأحمد فهمي، وفكتوريا موسى، وألمظ أستاتي، ووردة ميلان، والألحان من وضع الموسيقي محمود رحمي.
- (١٢)
المسرحية الرابعة هي «عبد الرحمن وعمر» — المنشورة في هذا الكتاب — ألَّفها مصطفى ممتاز عام ١٩٢٠م، ومثَّلتها فرقة عبد الرحمن رشدي — لأول مرة — يوم ١٣ / ٨ / ١٩٢٠ على مسرح برنتانيا.
- (١٣)
المسرحية الخامسة «المنافقون» — المنشورة في هذا الكتاب — اقتبسها ممتاز عام ١٩٢٠م، ومثَّلتها فرقة عكاشة — لأول مرة — يوم ١٢ / ٥ / ١٩٢١ بتياترو حديقة الأزبكية، وكانت من تمثيل: عبد العزيز خليل، وعبد الحميد عكاشة، وأحمد فهيم، وأحمد ثابت، وحسن حبيب، وبشارة واكيم، ومحمد يوسف، وأحمد فهمي الكبير، وفؤاد فهيم، وأحمد الصغير، وفكتوريا موسى، وفكتوريا سويد.
- (١٤)
المسرحية السادسة كانت «الخطيئة»، وألَّفها ممتاز بالاشتراك مع أحمد حلمي سلام عام ١٩٢٢م، ومثلتها فرقة أولاد عكاشة — لأول مرة — يوم ١٩ / ١٠ / ١٩٢٢ بمسرح حديقة الأزبكية، وكانت من تمثيل: فكتوريا موسى، وعبد العزيز خليل ومن إخراجه. أما الأوركسترا فكانت برئاسة الأستاذ عبد الحميد علي.
- (١٥)
المسرحية السابعة «المرحوم» — المنشورة في هذا الكتاب — ألَّفها ممتاز بالاشتراك مع الدكتور وصفي عمر عام ١٩٢٣م، وعرضتها فرقة يوسف وهبي — لأول مرة — بمسرح رمسيس يوم ٢٩ / ٣ / ١٩٢٣. وقام بتمثيلها: محمد بهجت، وإستيفان روستي، وحسن فايق، وحسين رياض، وسيرينا إبراهيم، وفاطمة رشدي.
- (١٦)
المسرحية الثامنة «إيفان»، عرَّبها ممتاز عام ١٩٢٤م، وعرضتها فرقة جورج أبيض — لأول مرة — بدار الأوبرا الملكية يوم ٣٠ / ١٠ / ١٩٢٤م، من تمثيل: دولت أبيض، وحسين رياض، ومنسي فهمي، وأحمد نجيب، وعبد الفتاح القصري، ويوسف حسني، وإحسان كامل، ومحمد توفيق، ومحمد محمد، وإبراهيم الجزار، وعبد المنعم، وجميلة سالم.
- (١٧)
المسرحية التاسعة كانت «خاتم سليمان»، واقتبسها ممتاز بالاشتراك مع حسين توفيق الحكيم عام ١٩٢٣م، وعرضتها فرقة أولاد عكاشة — لأول مرة — يوم ١٦ / ١١ / ١٩٢٤ بمسرح حديقة الأزبكية، من تلحين كامل الخلعي، وتمثيل: زكي عكاشة، وعلية فوزي، وعبد الحميد عكاشة، ومحمد بهجت، وعبد الله عكاشة، وعبد المجيد شكري، ومحمود خطاب.
- (١٨)
المسرحية العاشرة «جلنار بين ثلاثة رجال» — المنشورة في هذا الكتاب — تُعتبر من المسرحيات المجهولة لمصطفى ممتاز؛ لأننا لم ننجح في الحصول على أية معلومة عنها من حيث تاريخ تأليفها، أو تمثيلها. ورغم ذلك نزعم أنها أُلِّفت في فترة العشرينات من القرن العشرين، وأنها أُلِّفت من أجل تمثيلها من قِبل فرقة عكاشة، حيث إن موضوعها يتشابه إلى حد كبير مع عروض فرقة عكاشة المسرحية في تلك الفترة.
- (١٩)
المسرحية الحادية عشرة — والأخيرة — «أصدقاء أم أعداء»، اقتبسها من الفرنسية هوراس ويجان، ومن ثم ترجمها مصطفى ممتاز عام ١٩٢٠م، ثم أعاد كتابتها بأسلوب الاقتباس وأطلق عليها اسم «المنافقين» — السابقة الذكر — وبسبب التشابه الكبير بين الترجمة والاقتباس؛ فضَّلنا عدم نشر مخطوطة مسرحية «أصدقاء أم أعداء» في هذا الكتاب، واكتفينا بنشر مسرحية «المنافقين»، باعتبارها المسرحية التي مُثِّلت على خشبة المسرح.
- (٢٠)
مسرحيات مصطفى ممتاز التي كُتبت في الفترة من عام ١٩١٧م إلى عام ١٩٢٣م؛ تجعل منه كاتبًا مسرحيًّا مرموقًا، وفق معايير كُتَّاب المسرح في تلك الفترة. فمصطفى ممتاز باعتباره كاتبًا مسرحيًّا، كان يقف على قدم المساواة مع كُتَّاب المسرح المعاصرين له في هذه الفترة أمثال: إبراهيم المصري، وإسماعيل وهبي، وإلياس فياض، وأمين صدقي، وجورج طنوس، وحسن فايق، وخليل مطران، وعباس حافظ، وعباس علام، وعبد الحليم دلاور، وعبد العزيز حمدي، وعزيز عيد، وعمر عارف، وفرح أنطون، ومحمد تيمور، ومحمد عبد السلام الجندي، ومحمد عبد القدوس، ومحمد مسعود، ومحمود مراد، ويونس القاضي.
- (٢١)
إن أعظم الفرق المسرحية المصرية كانت تعرض مسرحيات ممتاز؛ ففرقة أولاد عكاشة عندما عرضت مسرحيتيه «أنجومار، والشريف الطريد» كانت الفرقة الأقوى، التي لم تجد منافسة تُذكر من قِبل الفرق الأخرى. وعندما مثَّلت فرقة عبد الرحمن رشدي مسرحيته «عبد الرحمن وعمر»، كانت أقوى فرقة على الساحة. كذلك الحال عندما مثَّلت فرقة رمسيس مسرحيته «المرحوم» — في أول موسم لها — كانت الفرقة طوفانًا فنيًّا اجتاح الساحة المسرحية، ولم تقوَ أية فرقة مسرحية أخرى أن تقف في وجه هذا الطوفان فترة طويلة. وأخيرًا نجد فرقة جورج أبيض عندما مثَّلت مسرحيته «إيفان»؛ كانت أهم فرقة مسرحية في هذه الفترة بالنسبة للفِرق المسرحية الأخرى.
- (٢٢)
تأكيدًا لقيمة كتابات مصطفى ممتاز المسرحية، وتهافت الفرق المسرحية عليها، وإقبال الجمهور على مشاهدتها، أنه في شهر أبريل ١٩٢٣م فقط، عَرضت أكثر من فرقة مسرحية نصوصًا له. ففرقة رمسيس عرضت له مسرحية «المرحوم»، وعرض أعضاء النادي الأهلي الرياضي مسرحيته «عبد الرحمن وعمر»، وعرضت فرقة عكاشة مسرحيتيه «المنافقين»، و«الخطيئة». وهذا الأمر تكرر أكثر من مرة؛ دلالة على أن مصطفى ممتاز كان في هذه الفترة، كاتبًا مسرحيًّا مرموقًا، وظل هكذا حتى توقف عن الكتابة المسرحية.
- (٢٣)
العمل الوحيد المنشور لمصطفى ممتاز — من إبداعاته الأدبية — كان ديوانه الشعري «ديوان ممتاز»، المطبوع في الإسكندرية عام ١٩١٨م.
- (٢٤)
يُلاحظ من خلال قصائد الديوان، أن مصطفى ممتاز نوَّع في موضوعاته تنويعًا واضحًا، فقد طرق جوانب الشعر التقليدية من: غزل، وفخر، ومدح، ورثاء، وعتاب، واستعطاف، وإخوانيات، ونحوها. وامتدَّ شعره ليتحدث عن جوانب وطنية وإنسانية جديدة.
- (٢٥)
كان ممتاز يُضمِّن بعض مسرحياته قطعًا شعرية حوارية، مثل مسرحيات: «أنجومار»، و«المنافقين»، و«جلنار بين ثلاثة رجال». كما كان يسهم بأشعاره في مسرحيات الآخرين، حيث كتب أكثر من حوار شعري لمسرحية «عبد الرحمن الناصر» التي ألَّفها — ونشرها — عباس علام عام ١٩٢٠م.
سيد علي إسماعيل
كانت أول تمثيلية لي في الحجم الكامل هي تلك التي سميتها «الضيف الثقيل» … أظن أنها كتبت في أواخر سنة ١٩١٩. لست أذكر على وجه التحقيق … كل ما أذكر عنها — وقد فقدت منذ وقت طويل — هو أنها كانت من وحي الاحتلال البريطاني. وأنها كانت ترمز إلى إقامة ذلك الضيف الثقيل في بلادنا بدون دعوة منا.
حضرة صاحب السعادة مدير الفيوم أتشرف بأن أرجو سعادتكم التفضل بالترخيص لي بإجازة اعتيادية امتداد لمدة أربعة عشر يومًا اعتبارًا من يوم الجمعة ١١ فبراير الجاري لغاية يوم ٢٤ منه وذلك لتدبير أمور شقيقتي وأولادها القُصَّر بعد وفاة المرحوم زوجها ناظر محطة الزقازيق. وتفضلوا … مصطفى ممتاز. في ٨ / ٢ / ١٩٢٧م.
جامعة فؤاد الأول — الأورمان — إدارة السجلات والامتحانات (بشأن طلب سداد رسوم متأخرة في ١٥ / ٨ / ١٩٤٥م) حضرة صاحب السعادة وكيل وزارة الداخلية: أتشرف بإخبار سعادتكم أنه طبقًا للإقرار الرسمي المحفوظ لدينا، تعهد حضرة مصطفى أفندي ممتاز وكيل إدارة الشياخات بسداد الرسوم المتأخرة على أحمد ممتاز أفندي الطالب بكلية الحقوق وقدرها ١٠ جنيهات خصمًا من مرتبه في حالة عدم قيام الطالب بسداد هذه الرسوم. ولما كان الطالب لم يقم بالسداد لذلك تأمل الجامعة أن تقوم الوزارة بخصم هذا المبلغ من مرتبه على أقساط شهرية بواقع كل قسط ثلاثة جنيهات، ابتداءً من شهر أغسطس سنة ١٩٤٥م الذي يستحق الصرف أول سبتمبر ١٩٤٥م، وتوريد كل مبلغ بشيك على بنك مصر باسم جامعة فؤاد الأول وإفادتنا … وتفضلوا … (توقيع) السكرتير العام.