الفصل الأول
(المنظر: غرفة الاستقبال في منزل خميس أفندي تشمل ما يناسب من الأثاث … عند رفع الستار يكون سيد الخادم واقفًا وبيده مهفة من الريش.)
سيد
:
حاضر حاضر! … أما والله بقى بيت أنتيكة! الدنيا اتغيرت! فين أيام زمان؟! فين
أيام المرحوم؟! كنت على كيفي، لكن دلوقت! آه! أنا عارف ستي اتجوزت تاني ليه
بقى؟! وقسمة إيه دي اللي وقَّعتنا في سي خميس أفندي ده؟! خد يا خيِّ!
خميس
:
سيد! سيد! سيد!
سيد
:
آدي سي خميس أفندي! آدي سيدي! أهو تملي من ده.
خميس
:
سيد! سيد!
سيد
:
حاضر! يا ترى فيه إيه؟
خميس
:
إنت إزاي ما عملتش زي ما قلت لك؟
سيد
:
عشان الصورة يا سيدي؟
خميس
:
أيوه عشان الصورة يا سيدي!
سيد
:
أنا يا سيدي. يعني كنت افتكرت …
خميس
:
أنت مش لازم تفتكر أبدًا! أنا الوحيد في البيت ده المكلف أنه يفتكر. يلَّا
امشي اعمل زي ما قلت لك!
سيد
:
لكن يا سيدي …
خميس
:
مافيش كلام!
سيد
:
بس يا سيدي …
خميس
:
أنا بقول لك خد صورة رجب أفندي من أودة النوم وعلقها هنا … فاهم ولَّا
لأ؟
سيد
:
ما هي الصورة يا سيدي …
خميس
:
هو كلامي مش مفهوم؟
سيد
:
لأ مش مفهوم.
خميس
:
بتقول إيه؟
سيد
:
مافيش.
خميس
:
يلَّا امشي!
سنية
:
سيد!
سيد
:
حاضر يا ستي.
خميس
:
سيد! أنت حاتنزل الصورة ولَّا لأ؟
سيد
:
مش قادر أشوف طلباتك دلوقت؛ عشان ستي بتندهلي.
سنية
:
سيد! أنت مش جاي ولَّا إيه؟
سيد
:
حاضر يا ستي.
خميس
:
وقح! قليل الأدب! أنا لازم أكلِّم مراتي عشان الخدام ده. آهي جت.
سنية
:
ساعة ما أنده لك لازم تيجي دُغري.
سيد
:
يا ستي وصِّي سيدي عليَّ؛ تملِّي مزعلني.
سنية
:
خبر إيه يا خميس؟
خميس
:
مافيش حاجة. بس سيد حاطط نِقره من نقري زي العادة.
سيد
:
المرحوم عمره ما كلمني زي سيدي ده ما بيكلمني.
خميس
:
الله يلعن المرحوم!
سيد
:
المرحوم كان بيعتبرني زيه تمام. لكن حضرتك أهنتني. معلوم … أهنتني
خالص.
سنية
:
اجري يا سيد هات بالطو سيدك وطربوشه.
سيد
:
حاضر يا ستي … كنا مبسوطين كلنا أيام المرحوم. أنا عارف ستي اتجوزت تاني ليه
بس!
خميس
:
الراجل ده كَينُّه تمام!
سنية
:
ده خدام طيب وأمين، ولا فيش منه الزمان ده.
خميس
:
اللي ما بيعمل حاجة من صباحية ربنا لآخر النهار.
سنية
:
يا سلام يا عزيزي! خدامين اليوم ما بقوش زي خدامين زمان.
خميس
:
صحيح صحيح؛ أجرة زيادة وشغل مافيش.
سنية
:
لكن سيد خدام أمين. بس مش عارفة تملِّي زعلان منه ليه؟!
خميس
:
عشان … آه، والله جاتني فكرة.
سنية
:
فكرة إيه؟
خميس
:
عشان صورة جوزك الأولاني.
سنية
:
الله يرحمه!
خميس
:
ما عنديش مانع إن ربنا يرحمه، لكن كون صورته تفضل معلقة في أودة النوم، أظن
مش كويس. وعشان كده قلت لسيد ينزِّلها.
سنية
:
مش كويس ليه؟
خميس
:
عشان أودة النوم مهياش المحل المناسب لصورة المرحوم.
سنية
:
ليه؟
خميس
:
أيوه بقى قلتيلي ليه. أيوه؛ أولًا: المحل مش مناسب.
سنية
:
أبدًا.
خميس
:
وثانيًا: الضوء مش معكوس عليها تمام.
سنية
:
بالعكس دي في وش الشباك دُغري.
خميس
:
وثالثًا: أقول لك بكل صراحة، أنا ماحبش أشوفها هناك! ماحبش أبدًا.
سنية
:
والله انك عبيط.
خميس
:
لأ، ده شيء يزعل صحيح؛ لأني عمري ما ضايقت المرحوم في عيشته، ولا عمري شفته
ولا أحب أشوفه.
سنية
:
يا خي ربنا يديلك طولة العمر ولا تشوفوش بدري.
خميس
:
الله يحفظك.
سيد
:
البالطو آهه يا ستي والطربوش.
سنية
:
طيب خليهم عندك … قول لسيد كلمتين بقى يراضو خاطره!
خميس
:
يراضو خاطره؟!
سنية
:
أكون ممنونة قوي.
خميس
:
مافيش مانع … سيد!
سيد
:
أفندم.
خميس
:
أنت دلوقت بقى لك في خدمة ستك اتناشر سنة، ومن النهارده مش حانعاملك بصفة
خدام، وحانعتبرك كأنك واحد من العيلة.
سيد
:
يا سلام يا سيدي!
خميس
:
ومن هنا ورايح ما بقناش نديلك ماهية.
سيد
:
إيه؟
سنية
:
إنت بتقول له إيه؟
خميس
:
يلَّا بقى شوف الصورة.
سيد
:
حاضر يا سيدي. قال وكنت حاقول له زودني!
سنية
:
ما كانش لازم انك تكركب مصارينه بالشكل ده!
خميس
:
ليه؟ مش راضيت خاطره؟
سنية
:
لأ، انت طلعته لفوق قوي ورجعت خسفت به الأرض ثاني.
خميس
:
ما افتكرش.
سنية
:
لأ لأ، أنا لازم أشوفه. إنما قول لي، أنت حاتعمل إيه في الصورة؟
خميس
:
تعرفي لو كنت أقول لك عن ضميري بصحيح لكنت أمسك الصورة دي وأروح … لكن عشان
خاطرك أنا حاعلقها هنا في أودة الاستقبال، في الحتة دي، أحسن حتة علشانها.
مبسوطة بقى؟
سنية
:
متشكرة.
خميس
:
إنما … أنا قلت لسيد إذا حد سأله صورة مين دي يقول له دي صورة واحد من قرايب
سيدي.
سنية
:
يا سلام؟ وعشان إيه؟
خميس
:
عشان مافيش حد من أصحابي يقول عليَّ إني احتفظت بصورة سلفي ويقعدوا يضحكوا
عليَّ. ويمكن حد منهم يسألني في شيء من تاريخ حياته، فأضطر إني أخش في تفاصيل
تفوَّر دمي.
سنية
:
إياك أنت غاير من المرحوم؟
خميس
:
غاير؟ أبدًا!
سنية
:
طيب زعلان اللي اجوزته قبلك؟
خميس
:
بالعكس، ده أنا مبسوط جدًّا؛ عشان شايفك مخلصة خالص لتذكار المرحوم.
سنية
:
وإن شاء الله أكون مخلصة أكثر لتذكارك.
خميس
:
متشكر يا عزيزتي، متشكر.
سنية
:
ده شيء واجب.
خميس
:
إنما يا ترى أنا أحسن ولَّا المرحوم؟
سنية
:
المرحوم عمره ما فارقنيش.
خميس
:
أبدًا؟ هو أنت نسيتي انك قلت لي إنه كان بيسافر السودان عشان تجارته؟
سنية
:
لأ مانستش لكن دايمًا كان بيخدني معاه … والله كان بيسبني في السنة أربع
تشهر!
خميس
:
شيء جميل.
سنية
:
يلَّا بقى البس البالطو أحسن اتأخرنا.
خميس
:
هو احنا خارجين ولَّا إيه؟
سنية
:
طبعًا، أنت مش عارف؟
خميس
:
ولا على بالي خروج. وعلى فين كده بإذن الله؟
سنية
:
هو مش النهارده جمعة رجب وطالعين على المرحوم؟!
خميس
:
رجعنا للمرحوم!
سنية
:
فات عليه سنتين دلوقت.
خميس
:
طيب بس بس، ماتتشنهفيش كده؛ لأن الأسف والزعل اللي في الدنيا كلها مش
حايرجعوه لك ثاني.
سنية
:
صحيح، لكني أنا تملي كده أقل حاجة تعكرني.
خميس
:
إنما طبعًا ما تنتظريش مني إني أعيط عليه. مش كده؟ أنا مش متأسف أبدًا على
موت المرحوم.
سنية
:
بقى ما يصعبش عليك المرحوم؟
خميس
:
لأ؛ لأن المرحوم إذا كان لسه عايش ما كنتش بقيت جوزك. ولا كنتش بقيت أسعد
الأزواج اللي خلقهم ربنا.
سنية
:
أنت ظريف خالص.
خميس
:
الله يحفظك، تحبي أعمل إيه؟ أأمري بس!
سنية
:
تعالى معايا القرافة!
خميس
:
بكل سرور أوصلك لحد ترامواي الإمام وارجع تاني.
سنية
:
لأ، تروح معايا الحوش وتوصي الطُّربي وتقعد مع الفقها.
خميس
:
والله لو تكسبي فيَّا ثواب تعتقيني من المأمورية دي؛ لأنها حاتعكر مزاجي تمام
وتعكنني من جمعة رجب لحد الجمعة اليتيمة.
سنية
:
يعني تكسفني؟
خميس
:
لأ العفو … لكن … يعني … يلَّا بنا وفي السكة يحلها ألف حلال.
سنية
:
بس اقلع الكرافت ده!
خميس
:
وأروح سادة؟
سنية
:
لأ يا سلام! خد البس ده.
خميس
:
عاوزاني أروح كمان حزايني! ده شيء كتير.
سنية
:
الواجب يتعمل. يلَّا بنا!
خميس
:
ما شاء الله! أظن لو حد خد خبر بالعمايل دي اللي باعملها عشان جوزك الأولاني
ما كانش يقول عليَّ إلا مغفل تمام.
سنية
:
ومافيش لازمة إن حد ياخد خبر، يلَّا أمَّال!
سيد
:
آه يا سيدي يا حبيبي يا مأسوف عليك! طردوك من أودة النوم! النهارده يرموك في
أودة الضيوف، وبكرة يرموك في الكرار، وبعد بُكْرة على سوق الكانتو. وآدي
أخرتها! مين قال لك تترسم وتموت قبل امراتك يا سيدي … مين؟ أهلًا وسهلًا
اتفضلوا.
عزت
:
سي خميس أخويا هنا؟
سيد
:
لأ يا سيدي.
لبيبة
:
أمَّال راح فين؟
سيد
:
خرج مع ستي دلوقت، وقال لي إنه رايح عند الماوردي يقطع هدوم الشتا.
عزت
:
طيب لما ييجي ابقى قول له إني فت عليه. اجري هات لي كباية مَيَّه، بس اغسلها
كويس!
سيد
:
ما نعمل لكم قهوة؟
لبيبة
:
لأ.
سيد
:
ده احنا طاحنين بن جديد النهارده.
لبيبة
:
يا سيدي قلنا لأ! دِيهدَه.
سيد
:
طيب طيب! بلاش بلاش! وحضرتك ما تشربش قهوة يا سيدي؟
عزت
:
قلت لك لأ. مَيَّه مَيَّه!
سيد
:
طيب طيب، الحق عليَّ!
لبيبة
:
برده لسَّه عاوز تيجي معايا؟
عزت
:
من غير شك.
لبيبة
:
طول السكة؟
عزت
:
مطرح ما تروحي.
لبيبة
:
إنما لاحظ إن عملك ده مش لطيف.
عزت
:
ما افتكرش.
لبيبة
:
أنت تعرف المرحوم منين علشان تطلع عليه؟
عزت
:
وانت عشان إيه تطلعي عليه؟
لبيبة
:
ليه ما كانش جوزي؟ ما كانش مهنيني؟
عزت
:
صحيح كان جوزك لكن ما كانش مهنيك، كان بيسيبك في الخرطوم تمن تشهر ولا يقعدش
معاكِ إلَّا أربعة.
لبيبة
:
كان راجل تاجر وشغله بيجبره.
عزت
:
بقى شوفي، البلف ده مش عليَّ؛ لأني عارف كل حاجة من أيام ما كنتِ لسَّه على
ذمة المرحوم.
لبيبة
:
إيه اللي أنت عارفه؟
عزت
:
بقى ما كنتيش ناوية تتجوزي كمال ابن اختي إذا فاتك المرحوم؟
لبيبة
:
لكن لما مات المرحوم اتجوزتك أنت.
عزت
:
لأ ده بس عشان كمال اتنقل بحر الغزال، وحضرتك خفتِ من الناموس اللي بيقولوا
عليه هناك.
لبيبة
:
ونهايته عايز تقول إيه؟
عزت
:
عاوز أقول لك فتحي عينك؛ عشان أنا ما اسمحلكيش انك تستعبطيني زي ما كنت
بتستعبطي المرحوم.
لبيبة
:
وعشان كده عاوز تيجي معايا القرافة؟
عزت
:
رِجلي على رِجلك.
لبيبة
:
طيب مش ضروري القرافة، يلَّا بنا على سمعان!
عزت
:
بقى من القرافة لسمعان؟!
لبيبة
:
معلوم، اشمعنى أخوك خد مراته ورايح يكسيها؟
عزت
:
يا ستي أخويا مراته غنية ورايحة تكسي روحها، وقليل إن ما كسته راخر.
لبيبة
:
يا سلام! وعاوزني أدور أأفأف في البرد؟
سيد
:
اتفضل يا سيدي الميَّه.
لبيبة
:
إيه؟ فيه إيه يا زينب؟
زينب
:
حضرتك نسيتي الشنطة.
لبيبة
:
آه. هاتيها … يلَّا بقى!
عزت
:
على فين؟
لبيبة
:
على سمعان.
عزت
:
والأمر لله (يخرجان).
سيد
:
الَّا قولي لي يا زينب، سالم خرج من عندكم ليه؟
زينب
:
سيدي لقاه لتَّات وقليل الأدب وكل ما يبعته مشوار في السوق يروح يموت.
سيد
:
ودلوقت أنت بتشتغلي شغله وشغلك؟
زينب
:
حاعمل إيه؟
سيد
:
ده ظلم! حرام عليهم! قولي لهم يزودوكِ شوية ما تبقيش عبيطة!
زينب
:
آهي ستي باين رايحة عند سمعان. إياك أمَّال تفتكرني بجلابية كستور … الله؟ ده
مين ده؟
سيد
:
ده المرحوم!
زينب
:
المرحوم مين؟
سيد
:
جوز ستي الأولاني! بس اوعي تجيبي سيرة أحسن سيدي يعفرتني.
زينب
:
استنى استنى! الغرابة كل ما أبص لها ألقيها تشابه … أيوه تمام … صحيح يخلق من
الشبه أربعين!
سيد
:
تشابه مين؟
زينب
:
تشابه صورة عندنا، بس بروازها انكسر في العزال، وبعتناها نعمل لها برواز
جديد. لكن صورتنا صورة راجل هلهلي، باين على وشه إنه راجل مدردح وعفريت.
سيد
:
لأ يا اختي المرحوم ما كانش مدردح ولا عفريت، كان راجل طيب مصلِّي الخمس …
شوفي مين يا زينب!
زينب
:
ده عم الشيخ رفاعي الجابي بتاع صاحب العمارة، ومعاه راجل غريب.
سيد
:
راجل غريب! اتفضل يا عم الشيخ رفاعي … أهلًا أهلًا أهلًا. أهلًا يا حاج
بسيوني، يا ميت مرحبا، يا ريحة الحبايب … أنت فين من زمان يا سيدي! ياللي ما
بقاش من ريحة المرحوم إلَّا أنت وستي وأنا يا حاج بسيوني.
بسيوني
:
بس بس ما تعيطش يا سيد! شد حيلك.
سيد
:
على الله يا حاج بسيوني … ارتاح يا عم الشيخ رفاعي.
زينب
:
أنا مروحة يا سيد.
سيد
:
طيب … أنا واخد بالي يا عم الشيخ رفاعي انك بتبص للصورة دي قوي.
رفاعي
:
صورة مين دي يا سيد؟
سيد
:
آه يا عم الشيخ رفاعي … دي صورة … صورة واحد من قرايب سيدي خميس
أفندي.
بسيوني
:
دي صورة المرحوم رجب أفندي!
سيد
:
أيوه يا سيدي.
رفاعي
:
أمَّال بتكذب عليَّ يا ابني ليه؟
سيد
:
التنبيه اللي عليَّ كده يا عم الشيخ رفاعي.
بسيوني
:
تنبيه مين؟
سيد
:
تنبيه سيدي خميس أفندي.
بسيوني
:
وهو فين سي خميس أفندي؟
سيد
:
خرج من الصبح مع ستي لحد الماوردي.
بسيوني
:
يعني أقدر أستناه؟
سيد
:
زمانه جاي يا حاج بسيوني … بس عن إذنكم أما أعمل لكم فنجانين قهوة.
رفاعي
:
بس تكون مظبوطة يا سيد!
سيد
:
من عنيَّا.
بسيوني
:
أنا ملخوم قوي يا شيخ رفاعي.
رفاعي
:
ليه؟
بسيوني
:
عشان المرحوم.
رفاعي
:
إزاي بقى؟ ده باين عليه راجل طيب.
بسيوني
:
ما هو طيب طيب، ولا بقاش يجوز عليه إلَّا الرحمة. إنما الحكاية إنه كان شريكي
في التجارة وكل سره معايا.
رفاعي
:
لحد هنا طيب.
بسيوني
:
وكان كل سنة يسافر السودان ويقعد هناك زي أربع تشهر، يسوَّق فيهم صمغ وريش
نعام وسن فيل وحاجات كتير.
رفاعي
:
عال خالص.
بسيوني
:
قام يا سيدي في سنة من السنين راح متجوز من هناك بنت واحد قائم مقام في المعاش
ومستوطن في الخرطوم.
رفاعي
:
وما له؟ مش خدها عالكتاب والسنة؟
بسيوني
:
الداهية إنه اتجوز الجوازة دي من غير علم مراته اللي في مصر، اللي تبقى دلوقت
مجوِّزة سي خميس أفندي.
رفاعي
:
طيب وما قالش لمراته اللي في مصر ليه؟
بسيوني
:
بقى تبقى هيه أصل نعمته، وتجارته كلها من مالها ويروح يتجوز عليها؟!
رفاعي
:
آه! آهو هنا المشكل.
بسيوني
:
لأ والأدهى إنه كمان ما جبش سيرة لصاحبتنا بتاعة السودان إنه متجوز هنا في
مصر!
رفاعي
:
ده يظهر إن المرحوم كان حلنجي!
بسيوني
:
وابن حظ على كيفك! إنما بالحق كان راجل صاحب ذمة … عشان لما زرته آخر مرة وهو
عيان قال لي: يا حاج بسيوني ما حدش يعرف الموت من الحيا وإذا مت ما حدش يورثني
إلا مراتي بتاعة مصر؛ عشان المال كله مالها.
رفاعي
:
معلوم عنده حق.
بسيوني
:
كنت قلت له وبتاعة السودان؟ قال لي: بزياداها اللي كانت بتاخده مني.
رفاعي
:
هيه.
بسيوني
:
وبعد ما مات بقى وقعت أنا في المشكل بتاع التركة؛ لأني أولًا صفيت حساب
الشركة اللي بيني وبينه. والتاجر دايمًا عليه فلوس، وله بره فلوس. إنما اللي
يهمني دلوقت هو إن سر المرحوم ما ينكشفش.
رفاعي
:
طيب ومراته بتاعة السودان راحت فين دلوقت؟
بسيوني
:
فوق دماغنا.
رفاعي
:
ارمي! بقى هنا في الدور الفوقاني! أوعى تكون مراة سي عزت أفندي؟
بسيوني
:
هيَّ بعينها. وسي عزت اجَّوِّزها في السودان أيام ما كان خوجة في كلية
غردوق.
رفاعي
:
ده أخو سي خميس!
بسيوني
:
ما هي الحوسة هنا!
سيد
:
اتفضل يا حاج بسيوني … اتفضل يا عم الشيخ رفاعي!
رفاعي
:
سادة، مش كده؟
سيد
:
أيوه سادة.
رفاعي
:
وحاتعمل إزاي دلوقت يا حاج؟
بسيوني
:
حاقول الحكاية كلها لخميس أفندي. ودي أول مرة حاقابله فيها، عشان الست كانت
بتقول لي على طلباتها كلها عن يد سيد. مش كده يا سيد؟
سيد
:
واحنا بقى لنا مين غيرك بعد المرحوم يا حاج بسيوني؟
رفاعي
:
طيب بقى ساعة ما ييجي حاعرفك بيه.
بسيوني
:
أهو ده مقصودي.
سيد
:
حاضر!
رفاعي
:
أظن سي خميس.
خميس
:
أهلًا عم الشيخ رفاعي … إنت هنا من زمان ولَّا إيه؟ نهارك سعيد يا سيدنا.
بسيوني
:
نهارك سعيد مبارك.
خميس
:
اجري اعمل قهوة يا سيد.
رفاعي
:
تَوِّنا شاربين وحياتك … حضرته الحاج بسيوني الخطيب.
خميس
:
تشرفنا يا حاج بسيوني.
بسيوني
:
العفو يا افندم.
رفاعي
:
ويبقى شريك المرحوم رجب أفندي.
خميس
:
الله يلعن المرحوم … خير إن شاء الله؟
بسيوني
:
بس فيه قضية صغيرة!
خميس
:
قضية؟ قضية إيه؟ أنا … أنا … ماليش قضايا أبدًا … أنا مافيش حاجة في الدنيا
أخاف منها قد القضايا … صحيح كده يا عم الشيخ رفاعي. ما أحبش القضايا
أبدًا.
بسيوني
:
المسألة مش قضية زي حضرتك ما فهمت …
خميس
:
أمال بس تبقى قضية إزاي إذا ما كانتش زي ما فهمت؟
رفاعي
:
لأ، يعني الحاج بسيوني بِدُّه يكلم حضرتك شوية.
بسيوني
:
في مسألة التركة اللي فاتها المرحوم.
خميس
:
الله يلعن المرحوم … آه! لا مؤاخذة. بقى المسألة دي ماليش فيها؛ لأنها تخص
الست بتاعتي. وأنا معنديش مانع أبدًا إن حضرتك تكلمها فيها.
بسيوني
:
لكن بس يعني …
خميس
:
أنا ما أحبش اتحشر في حاجات زي دي أبدًا.
بسيوني
:
إنما المسألة فيها نقطة دقيقة خالص ومهمة جدًّا وعشان كده أشوف …
خميس
:
يمكن حضرتك تشوف كده وأنا أشوف غير كده … وحضرتك طبعًا عندك أسباب، وأنا كمان
عندي أسباب أكتر. وربما أسبابي وجيهة جدًّا عن أسباب حضرتك. فاعمل معروف اعفيني
من سمع موضوع ما أحبوش أبدًا.
بسيوني
:
زي ما تحب … زمزمت يا رفاعي!
خميس
:
شوف مين يا سيد!
سيد
:
حاضر! مافيش حد يا سيدي.
خميس
:
شوف يمكن الباب التاني … والست مش هنا دلوقت، وإذا كان تقدر تفوت علينا كمان
شوية مافيش مانع.
بسيوني
:
أفوت كمان شوية.
خميس
:
وما تآخذنيش؛ لأني ماحبش أتداخل في مسألة شخصية زي دي. وخصوصًا إذا كان لها
علاقة بالمرحوم.
بسيوني
:
المسألة مسألة مبدأ.
خميس
:
عمرك طويل وأنا ثابت على مبدئي قوي قوي … مع السلامة. شرفت يا عم الشيخ
رفاعي.
رفاعي
:
السلام عليكم.
خميس
:
وعليكم السلام ورحمة الله … ده ما كانش مرحوم ده اللي كل ساعة قالب دماغي!
إخص على المراحيم اللي كده. إيه يا واد الغياب ده كله؟ مين اللي جه؟
سيد
:
ده واحد ظابط بيسأل على حضرتك.
خميس
:
ظابط مين يا واد؟ الله يجازيك يا حاج بسيوني؛ الغرابة ما قال عاوزني في قضية
عيني رفت على طول. وادي ظابط جاي في رجليه.
سيد
:
والله يا سيدي الحاج بسيوني راجل طيب خالص.
خميس
:
وانت مالك؟ بتشهد له ليه؟ لا هو راخر مرحوم ولَّا إيه؟
سيد
:
لأ يا سيدي ربنا يبارك لنا فيه.
خميس
:
يبارك ليه فيه لوحدك ماتختشيش! فين يا واد الظابط اللي بتقول عليه؟
سيد
:
يا سيدي يا دوب أنا فتحت له الباب ودخل الَّا وراح مسورق مني واترمى على
الكنبة اللي في الصالة.
خميس
:
وإزاي تسمح له يسورق عندنا؟
سيد
:
يا سيدي غصب عني. أروح ألحقه بفص ليمون؟
خميس
:
ليمون في عينك! هوَّ الليمون يفوَّق المسورقين؟ استنى لما نشوف له شوية نشادر
ولَّا كلونيا … شوف مِين قَبْلَه اللي جَه! هيَّ ما لها ضربت لخمة؟!
سيد
:
تلغراف يا سيدي.
خميس
:
من مين؟
سيد
:
وهوَّ أنا دخلت جوَّاه!
خميس
:
وهوَّ يعني لازم انَّك ترد عليَّ؟
سيد
:
أمَّال يا سيدي أسيبك تتكلم لوحدك؟
خميس
:
يا سيدي هوَّ أنت خدام في البيت ده ولَّا محامي؟! أما عجايب! سي كمال! أهلًا
وسهلًا. الحمد لله بالسلامة يا ابني … توَّ ما وصلني تلغرافك.
كمال
:
الله يسلمك يا خالي.
خميس
:
بقى يا واد أنت، ابن اختي يسورق ولا تدنيش خبر؟
كمال
:
دي عبارة بسيطة والحمد لله.
خميس
:
الحمد لله يا ابني.
سيد
:
أروح أشوف له فص ليمون يا سيدي؟
خميس
:
امشي يا راجل أنت من قدامي، أحسن الشيطان بيلعب في عينيَّ!
سيد
:
طيب يا سيدي وأنا حاعمل له إيه؟ اقرأ عليه سورة.
خميس
:
يا راجل أنت امشي من قدامي الساعة دي!
سيد
:
حاضر يا سيدي … يا سيدي وصَّي سيدي عليَّ.
كمال
:
ده خدامك ده باين إنه بَلْوَة.
خميس
:
بلوة وبس؟ ده فارسني.
كمال
:
اطرده.
خميس
:
كل ما آجي أطرده الست بتاعتي ما ترضاش، وتتشفع له.
كمال
:
إيه إيه؟ الست بتاعتك؟ هاها؟ هو أنت اتجوزت يا خالي؟
خميس
:
آه، وماله؟ هوَّ الجواز عجبة؟!
كمال
:
لأ. لكن المدهش إنك أنت تتجوز!
خميس
:
وليه ما اتجوزش ما دام لقيت اللي على كيفي؟
كمال
:
لكن أنت كنت مصمم انك ما تتجوزش أبدًا.
خميس
:
صحيح، عشان الغيرة اللي عندي وحشة قوي، وساعة بعيد عنك ما تنقلب عليَّ دمي
يفور واتعفرت، حتى أبقى خايف من روحي. إنما ازيك دلوقت؟
كمال
:
أحسن كتير الحمد لله.
خميس
:
وريني إيدك … لأ كويس.
كمال
:
وعلى كده مبسوط في جوازتك يا خالي؟
خميس
:
قوي! دي ملكة من السما اللي أنا متجوزها. ودلوقت تيجي من بره وتشوفها.
كمال
:
والله كنت خايف لتخبيها عليَّ.
خميس
:
يا سلام يا كمال، ده أنت ابني. وإذا كنت تسمع نصيحة خالك خميس دوَّر لك على
واحدة عازبة.
كمال
:
عازبة! إخص!
خميس
:
إخص؟ والله ما تعرف حاجة! العازبة أحسن زوجة؛ لأن ماضيها أحسن ضمان لمستقبلها
وأنا أؤكد لك إني سعيد خالص.
كمال
:
بقى الست اللي خدتها عازبة؟
خميس
:
أيوه عازبة. إنما بالحق مهنياني وباسطاني ومدلعاني وتقدر تقول إنها مخسراني
بالحاجات دي. اسمع كلامي وشوف لك واحدة عازبة.
كمال
:
أنا أتجوز عازبة؟!
خميس
:
يا شيخ سيبك من البنات الصغيرين دول بتوع الأيام دي، دول مالهمش إلَّا في
الزينة والبهرجة والدلع، ولا فيش فيهم واحدة تعرف تدوَّر بيت.
كمال
:
عاوز الحق يا خالي، أنا قرفان؛ لأني لا عاوز بنت ولا عازبة لأن ستات اليوم
بقوا كوايين.
خميس
:
ليه؟ لا هو خلاص ما بقاش في الدنيا عازبة بنت حلال؟!
كمال
:
إنت بس ماسك لي العازبة ومستقلع، مع إنه في السودان اللي بالنسبة لمصر اسمه
حتة مقطوعة، كان فيه بنت واحدة في البيت اللي جنب بيتنا أنا وخالي عزت، لكن
عفريتة.
خميس
:
لازم ما كانتش عازبة! أنا أراهن!
كمال
:
الداهية إنها كانت متجوزة. ويظهر إنها كانت على وش عزوبية وجوزها راجل كبير،
وزي ما تقول بقى إنها مستلخماه.
خميس
:
يعني كانت ماشية مش كويس؟
كمال
:
لأ، مش بطَّالة لا سمح الله، إنما لِعَبِيَّة وتحب المشاغلة زي عنيها
وعافيتها.
خميس
:
ومين ده اللي كان متجوزها؟
كمال
:
راجل تاجر من مصر، اسمه … اسمه رجب أفندي إسماعيل.
خميس
:
اسمه رجب أفندي إيه؟
كمال
:
إسماعيل، تعرفه؟
خميس
:
مستحيل! لأ لأ، ما اعرفوش! وكان اسمها إيه الست دي؟ دمي بيغلي!
كمال
:
والله مش عارف عشان كانوا مسمينها «سمانة».
خميس
:
وأظن كنت واقع فيها؟
كمال
:
مش أنا لوحدي، آهو كان خالي عزت واثنين ثلاثة ظباط. إنما كانت بتلعب بعقلنا
كلنا.
خميس
:
إف! دي بقى كانت بتحب بالجملة! لازم أتأكد … وجوزها ده تملي قاعد في
السودان؟
كمال
:
لأ، كان بيقعد في السودان زي حسبة أربع تشهر، والباقي في مصر.
خميس
:
آه … لو شاف الصورة رُحت بلاش!
كمال
:
ما لك يا خالي؟ عيان؟
خميس
:
لأ يا ابني، بس الدم طلع على دماغي؛ عشان … عشان … ما فطرتش الصبح وتلاقيني
هفتان شوية.
كمال
:
إنتم بتتغدوا الساعة كام؟
خميس
:
الساعة اثنين.
كمال
:
طيب عن إذنك لما أوصل مشوار صغير وارجع تاني.
خميس
:
إنما ضروري ترجع؛ عشان تحكي لي شوية على السمانة.
كمال
:
يظهر إن الحكاية دي جت على مزاجك.
خميس
:
سمانة! اسم لطيف!
كمال
:
ديهده؟ أنت حاتتغزل فيها؟ … العلبة راحت فين؟
خميس
:
لقيتها؟
كمال
:
آه … الله؟ ده إيه ده؟ انتم دايمًا بتعلقوا الصور بالشكل ده؟
خميس
:
أيوه … لأ … ده بس النهارده كانوا بينضفوا.
كمال
:
وصورة إيه دي يا ترى؟
خميس
:
مافيش حاجة، دي ما فيهاش رسم.
كمال
:
إلَّا ما فيهاش رسم! أنا جاي حالًا. سلام عليكم.
خميس
:
وعليكم السلام! إيه ده اللي سمعته! بقى الواحد بيقول ياخد عازبة عشان تكون
مضمونة تكون دي النتيجة؟ مغفل صحيح! أمال كنت بتهبب إيه؟ المغفل اللي زيَّك ما
كانش يصح إنه يتجوز أبدًا. إيش خلاها كانت تروح ويَّاه السودان؟ أما مصيبة! بقى
كمال من ناحية وأخويا عزت الملعون من ناحية! لكن عزت اتجوز وباين عليه إنه عقل.
لكن مين عارف إذا ما كانش يرجع يحن لها تاني! حاجة تجنن! ومش عارف أحوش منين
ولَّا منين! وإنت يا أهبل يا عبيط تعيش وتموت ولا أنت حاسس. على كل حال اللي
فات مات، والمسئول عن الماضي حضرة المرحوم. إيش خلاها بتقول عليه كان راجل طيب.
سيد! سيد! شوف مين بيخبط.
سيد
:
جواب يا سيدي.
خميس
:
من مين؟ ما ترُد.
سيد
:
أرد أقول إيه؟ مش حضرتك قايل لي إنه مش لازم أرد عليك؟
خميس
:
يعني إيه؟ يعني تسيبني أرن يا قليل الحيا؟
سيد
:
بقى إن اتكلمنا ماحناش عاجبين، وإن سكتنا ماحناش عاجبين! دي حاجة
تحيَّر!
خميس
:
طيب، بعدين أنا أعرف شغلي. هات الجواب وامشي من هنا! «سليمان وشركاه.
جواهرجية بمصر» … سيد! أما أبلفه! إنت زعلان مني يا سيد؟
سيد
:
حافرقع يا سيدي.
خميس
:
معلهش يا سيد. أنا حاكم بس خلقي ضيق شوية، وإنت لتات كتير!
سيد
:
يا سيدي أنا عمري ما حد قال عليَّ لتات.
خميس
:
إلَّا قول لي يا سيد!
سيد
:
نعم يا سيدي.
خميس
:
أيوه زوار، يعني ناس بييجوا مثلًا يسألوا على صحتها. يقولولها وحشتينا
إزيك.
سيد
:
أنا يا سيدي ما أعرفش. وإذا كنت أعرف كمان. ما يصحش إني أقول لحضرتك.
خميس
:
طوِّل بالك يا حظ! طيب يا سيد، كتر خيرك.
سيد
:
المرحوم عمره ما سألني سؤال زي ده أبدًا؛ عشان عيب.
خميس
:
طيب امشي اطلع بَرَّه!
سيد
:
معلوم عيب! بيحسبني بوليس سري!
خميس
:
الملعون ده يظهر إنه يعرف عن سِتُّه مجلدات بس مش عاوز يقر. إخص، ده أنا نسيت
الجواب … حضرة المحترم، الرجا من حضرتكم تسديد مبلغ متين جنيه ثمن عقد ألماظ
بِدلَّاية … أما بلاوي! الله ده الجواب مش ليَّ؟ المبلغ المذكور مقيد على حساب
المرحوم رجب أفندي إسماعيل — يلعن المرحوم — بدفاتر فرع محلنا بالخرطوم. وقد
علمنا أن حضرتكم تزوجتم الست حرمه — ما شاء الله! أنا لازم أوريها إني عبيط مش
عارف حاجة — سيد! سيد! شوف مين.
سنية
:
هيه؟ غبتش بقى؟
خميس
:
لأ، مش كتير.
سنية
:
ومبسوط بقى اللي ما أخدتكش معايا؟
خميس
:
ممنون! آه لو تعرفي اللي عرفته!
سنية
:
صحيح لك حق. الصورة هنا أحسن قوي … الله يرحمك … والله لولا إني ما أحبش
الوحدة ماكنتش اتجوزت تاني.
خميس
:
يعني متأسفة اللي اتجوزتيني؟
سنية
:
متأسفة إزاي؟ وأنا قلبي بيقول لي إنك زي المرحوم تمام.
خميس
:
ممنون خالص … صاحبتنا ناوية.
سنية
:
والطيبة باينة على وشك زي المرحوم.
خميس
:
يظهر إن التغفيل باين على وشي … متشكر، بالكيش وأنا راجع، بعد ما فتك؟
سنية
:
هيه؟
خميس
:
قابلت راجل معاه سمان … وكل سمانة وسمانة!
سنية
:
واشتريت لنا منه؟
خميس
:
لأ.
سنية
:
ليه؟
خميس
:
وإيه يعني لما الواحد ياكل له سمانة! ولَّا كام سمانة! ما بتتهزش أبدًا! إيه
يعني سمانة! سمانة!
سنية
:
الله! ما لك؟ سيد!
خميس
:
شيء يجنن! أنا حاطق.
سنية
:
خد يا سيد!
خميس
:
السكرتير الخصوصي، باين على شكله! سيد!
سنية
:
عاوزه ليه؟
خميس
:
وضبت لي أودة المكتب ولَّا لأ؟
سيد
:
يا سيدي أترجاك تعمل معروف، ما تكلفنيش بحاجة النهارده، بزيادة عليَّ أفتح
الباب وأشوف مين.
خميس
:
ليه يا سي سيد؟
سيد
:
النهارده يا سيدي جمعة رجب، وقلبي حزين.
خميس
:
وقح! قليل الأدب! امشي اطلع برَّه ما تختشيش! سمعتِ بيقول إيه؟
سنية
:
طيب بس روَّق بالك ما تزعلش.
خميس
:
أنا مش فاهم الخدَّام ده بيعمل إيه! قولي لي بس إيه اللي بيعمله في البيت
ده!
سنية
:
ده خدام طيب وأمين.
خميس
:
الكلام ده سمعته كتير وشبعت منه، والخدام ده لازم يطلع حالًا.
سنية
:
طوِّل بالك.
خميس
:
أبدًا! مش عاوز أشوف صدغه! وإذا أنصفت كمان، إديله الصورة دي تونسه!
سنية
:
إنت بتقول إيه؟
خميس
:
كلمة واحدة! أنا لازم أكون سيد بيتي! وصاحب الكلمة فيه! فاهمة ولَّا لأ؟
مين؟
سنية
:
المرحوم عمره ما زعَّق لي كده.
خميس
:
اتفضل يا حاج بسيوني … الحاج بسيوني عاوز يكلمك شوية في حكاية ماليش
فيها.
سنية
:
اتفضل يا حاج بسيوني.
بسيوني
:
نهارك سعيد يا ست هانم.
سنية
:
نهارك سعيد يا حاج.
خميس
:
ما تآخذنيش يا حاج بسيوني؛ لأن المسألة زي ما أنت عارف.
بسيوني
:
الحساب دلوقت خالص كله. وجبت لحضرتك الأوراق والمخالصات، وإذا حبيت أفوتهم
لحضرتك عشان تطلعي عليهم، وبعد يومين تلاتة أفوت تاني.
سنية
:
لأ لأ، الأحسن إننا نشوف المسألة دي سوا ونتفض منها.
بسيوني
:
زي ما تشوفي حضرتك … مش حاعرف أفلت … آدي كشف الحساب وبيان المِلك.
سنية
:
اقرأهولي.
بسيوني
:
٥٧ فدان بعزبتهم وأدوات الزراعة كاملة بقليوب.
سنية
:
مسكين يا حبيبي!
بسيوني
:
دلوقت نشوف حاتقول إيه … إحم.
سنية
:
هيه؟
بسيوني
:
دخلنا في الجد … بيت بجنينة في الخرطوم.
سنية
:
إيه من فضلك؟
بسيوني
:
حاجة فارغة. بيت بجنينة في الخرطوم.
سنية
:
إيه؟ جوزي كان له بيت بجنينة في الخرطوم؟
بسيوني
:
هو حضرتك ما عندكيش خبر؟
سنية
:
أبدًا! وعمري ما سمعت سيرة حاجة زي دي!
بسيوني
:
لازم كان المرحوم ما بيستريحش في اللوكاندة.
سنية
:
كلام فارغ! وإزاي يخبِّي عليَّ حاجة زي دي؟
بسيوني
:
يمكن نسي.
سنية
:
ما حدش يفضل ناسي سنين! وجاب كام البيت ده؟
بسيوني
:
٩٧٥ جنيه.
سنية
:
كام كام؟
بسيوني
:
آه! ٩٧٥ جنيه. وده عمل تجاري بديع؛ لأنه كان اشتراه بحسبة ٧٠٠ جنيه.
سنية
:
ما شاء الله! وكان شاري بيت زي ده ليه يا ترى؟ والموبيليات جابت كام؟
بسيوني
:
إحم.
سنية
:
كام؟
بسيوني
:
٨٤٣ جنيه.
سنية
:
وطبعًا لما اشتراها كان تمنها أدْ كده نوبتين. وأظن ده راخر عمل تجاري بديع!
اقرأ لي كشف الموبيليا.
بسيوني
:
جينا للجد … سريرين معدن أبيض بعامود مربع.
سنية
:
سريرين! مش واحد! هيه؟
بسيوني
:
بيانو كبير.
سنية
:
طيب بس بس! قَفل! ده بالتأكيد ما كانش لوحده في البيت ده.
بسيوني
:
طبعًا كان له أصحاب بيزوروه.
سنية
:
أصحاب ستات أظن؟
بسيوني
:
مش قادر أقول لها إنه كان متجوز.
سنية
:
ما تُرد؟ أصحاب ستات ولَّا لأ؟
بسيوني
:
أنا … أنا … ما تآخذنيش … ما أعرفش.
سنية
:
المسألة ظاهرة خالص … يا خاين! يا خبَّاص! يا ندل! إيش خلَّاه كل ما أقول له
أروح معاك السودان يقول لي الجو وحش. والدنيا حر عليك والحميات كتير. وأنا من
عبطي أصدَّقه! آه حاتخنق من الغيظ!
بسيوني
:
أظن حضرتك تحبي إني أفوت في وقت تاني؟
سنية
:
لأ لأ، لازم أشطب على كل حاجة واتفض من السيرة النجسة دي.
بسيوني
:
دلوقت تسورق … الديون.
سنية
:
المنافق الغشاش!
بسيوني
:
فيه شوية ديون صغيرة. زي مثلًا …
سنية
:
زي إيه؟ قول!
بسيوني
:
آخر ضربة! ١٥٠ جنيه للخياطة و٧٦ جنيه أدوات زينة و…
سنية
:
بس بس! اتفضل اتفضل! مش عاوزة أشوف حاجة ولا عاوزة أسمع سيرة الملعون ده مرة
تانية.
بسيوني
:
مافيش مانع … مافيش مانع!
سنية
:
١٥٠ جنيه للخياطة! ده شيء يجنن!
يسوني
:
ما هي الحاجات غالية نار في الخرطوم!
سنية
:
طيب بس بس! بلاش ترقيع من فضلك. وإذا كان حد غيرك يا حاج بسيوني اللي قال لي
الحكاية المهببة دي ما كانش حصل له طيب.
بسيوني
:
العفو العفو!
سنية
:
والحمد لله إن الحكاية لها آخر. إنما أرجوك كل الرجا إن خميس أفندي ما ياخدش
خبر إن الملعون كان … كان …
بسيوني
:
ما يكونش عندك فكر أبدًا.
سنية
:
أحسن يعمل زيَّه.
بسيوني
:
نهارك سعيد.
سنية
:
نهارك سعيد مبارك.
سنية
:
كنت بتستغفلني يا ندل! يا خاين! يا سافل! منين أعرف إن خميس راخر مش زيُّه!
كل الرجالة زي بعض … سيد! حَقَّه بعد الفصل ده ما بقتش اعتقد في حد أبدًا! سيدك
فين يا سيد؟
سيد
:
خرج دلوقت يا ستي.
سنية
:
راح فين؟
سيد
:
ما قاليش يا ستي. بس ساب لي البالطو بتاعه وقال أدِّيه للمكوجي.
سنية
:
لازم أنضف البيت، ومش عاوزه هنا مراحيم … سيد!
سيد
:
أفندم.
سنية
:
لِم عزالك ويلَّا انكشح!
سيد
:
حضرتك بتطرديني يا ستي؟!
سنية
:
كلام كتير مش عاوزة … أنت تحب الصورة دي؟
سيد
:
قوي يا ستي.
سنية
:
الْفَعْهَا روخرة. يلَّا نزِّلها حالًا! يلَّا! يلَّا! خلِّي البيت ينضف!
شَهِّل!
(ستار)