تدل الأحوال على أن «أمنمحات الرابع» قد تُوفي دون أن يترك له خلفًا من الذكور،
والظاهر أن الأميرة «سبك نفرو» أخته كانت الوارثة الوحيدة للملك فتوَّجها أشراف البلاد
ملكة عليهم، وقد ذكر لنا «مانيتون» أنها أخت «أمنمحات الرابع» وعلى ذلك تكون بنت
«أمنمحات الثالث».
ومع «سبك نفرو» حسن الإله «سبك» وهو الإله الذي يمثل في صورة تمساح والإله الحارس
«للفيوم».
آثارها الباقية
والآثار التي خلفتها هذه الملكة قليلة جدًّا، وأهمها أسطوانة موجودة الآن بالمتحف
البريطاني (Hall, “Catalogue of scarabs” 2630; Petrie, “History”,
Vol. I, P. 208, Fig. 119) وهي مصنوعة من الإردواز الأبيض
المطلي باللون الأزرق وحجمها أكبر من المعتاد، وتنحصر أهميتها في أنها القطعة
الوحيدة التي عثرنا عليها حتى الآن، المنقوش عليها كل ألقاب التتويج لهذه الملكة،
فاسمها الحوري هو «مريت رع»؛ أي محبوبة إله الشمس «رع» (٢) واسم نبتي (أي الصل
والعقاب) هو «أخت خرب نب تاوى» ومعناه حسن القيادة رب الأرضين (٣) واسم «حورنب»؛ أي
حور الذهبي هو «زدخع» ومعناه ثابت في ظهوره (٤) والاسم نسوت بيتي = «ملك الوجهين
القبلي والبحري» هو «سبك شدتي نفرو عنخ تي» = المطالبة بجمال «سبك» العائشة. وقد
ذكر اسمها «مانيتون» محرَّفًا بلفظة «سكميو
فريس» Skemeophris؛ ولذلك يعتقد أنها استعملت اسمها الأصلي «سبك نفرو رع» وهو
تحريف الاسم اليوناني.
وقد عثر على تمثال «بو الهول» في «الخطاعنة» بالقرب من «تانيس» (صان) في الدلتا
وقد وجد عليه خرطوش نُقش بين مخلابيه، ويحتمل أن يكون خرطوشها
(Naville, “Goshen and the shrine of saft el Henna”, 19
c.)، وذلك لاختلافه بعض الشيء عن اسمها الأصلي.
وكذلك وجدت بعض عقود بناء من الجرانيت في معبد «إهناسية المدينة» نُقش عليها
اسمها، وهذه النقوش قد حفظت لنا لاستعمال الأحجار التي وجدت عليها في أبنية من
العهد الروماني ثانية (A. S. Vol. XVII, P. 34) ولم
نعثر إلا على جعران واحد عليه اسم هذه الملكة (Petrie, Collection,
University College)، غير أن اسمها قد وجد منقوشًا على بعض قطع
الأحجار التي عثر عليها في «اللبرنت» (بهوارة)، والمفروض في هذه الحالة أنها قد
أقامت هناك هيكلًا أو أصلحت محرابًا أو معبدًا كان مصيره كمصير المباني التي أقيمت
هناك (L. D. Vol. II, Pl. 130; Petrie, “Hawara”, Pl. XXVI. 12;
Petrie, “Kahun” Papyri, XI. I.).
والغريب أن اسمها قد وجد في هذا المعبد مع اسم والدها «أمنمحات الثالث»، ولم يعثر
على اسم «أمنمحات الرابع» غير أن هذا يمكن أن يعزى لقلة ما بقي من المعبد، وأن بقاء
اسم هذه الملكة كان محض صدفة!
وتخبرنا ورقة «تورين» أن «سبك نفرو» قد حكمت البلاد مدة ثلاث سنوات وأربعة أشهر
وأربعة وعشرين يومًا، ولما لم يكن لها خلف من الذكور فإن حكمها يعد خاتمة هذه
الأسرة (Gauthier, “Livres des Rois”, Vol. l, P.
341).
وقد ظن البعض أن الملكة «سبك نفرو» قد اشتركت في حكم البلاد مع أخيها «أمنمحات
الرابع»؛ وقد أضحد هذا الرأي الأستاذ «اجرتون». (J. N. E. S. (1942)
PP. 307–314).
غير أن الأستاذ «نيو بري» يعتقد أن الملكة «سبك نفرو» قد اشتركت مع والدها
«أمنمحات الثالث» في حكم البلاد؛ مبرهنًا ذلك بما جاء في نقش عُثر عليه في «هوارة»
(Petrie, “Kahun”, Pl. II, 1)، ويقول إن في هذا
النص يلاحظ أن طغراء الملكة قد سبق بالعبارة: «سات رع»؛ أي بنت الشمس، ويحيطها من
كلا الجانبين لقب «أمنمحات الثالث»، ويستمر الأستاذ «نيو بري» فيقول: «أما فيما
يختص باسم «سبك نفرو رع» وهو الذي حرَّفه «مانيتون» إلى «سكميو فريس» واستعمله
الأستاذان «برستد» و«مير» وغيرهما من المؤرِّخين، فيجب أن يلفت نظرنا أنه ليس بين
ما وجد من الآثار في عهدها ما يثبت وجود كلمة «رع» في نهاية الاسم، وأن الاسم قد
كُتب «سبك نفرو» أو «سبك شدتي نفرو». هذا ويلاحظ أن كتابة الاسم كما جاءت على تمثال
«بو الهول» الذي عثر عليه «نافيل» في «تل البركة»
(Goshen Pl. IX,
cf, P. 21) لا يمكن أن يُتخذ دليلًا على قراءة الاسم؛ لأن
قارئه قد اعترف أن قراءته ليست محققة. هذا وقد عثر على قطع من الحجر في «هوارة» نقش
عليها طغراء الملكة هكذا: «سبك نفرو سات رع»
(L. D. II,
140) ويلاحظ أن عبارة «سات رع» (بنت الشمس) هنا قد وجدت داخل
الطغراء، وهذا ما حدا إلى الظن بوجود خطأ إملائي في كتابة طغراء الملكة في قائمتي
الكرنك «وتورين»، هذا والواقع أن لقب الملكة كان «سبك كارع» كما يبرهن على ذلك نقش
عثر عليه في «كوم العقارب»
(A. S. Vol. XVII, P.
34) حيث نجد كلمة رع قد هُشم بعضها، ولكن يمكن تحقيق وجودها من
أسطوانة معاصرة قد رأيتها ونقلت ما عليها منذ بضع سنين مضت في حانوت تاجر في
القاهرة. وكذلك نلاحظ أن قائمة ملوك سقارة قد وضعت لقب الملكة هذا في مكانه الصحيح
في نهاية أسماء ملوك الأسرة الثانية عشرة، وهي القائمة التي نقلها نحات الرعامسة
بصورة معكوسة، أما قائمة «العرابة» فقد حذفت اسم «سبك نفرو» جملة، ويقول لنا
الأستاذ «نيو بري» في نهاية مقاله هذا ما يأتي:
إن حكم «أمنمحات» كان حكمًا طويلًا، وأكبر تاريخ له على الآثار عثر عليه
حتى الآن هو السنة السادسة والأربعون، ومن المحتمل أنه في مدة هذا الحكم
المديد قد كان له شريكان في الملك، أحدهما قد توفي أو خُلع من المُلك قبل
أن يتولى الآخر؛ ولذلك أعتقد على ضوء ما ذكرنا آنفًا احتمال عدم انفراد
«أمنمحات الرابع» بالحكم وحده قط، بل كان مشتركًا مع والده «أمنمحات
الثالث» (J. E. A., Vol. XXIX, PP. 74,
75).
والواقع أن ما قاله الأستاذ «نيو بري» قد يكون له نصيب كبير من الصحة؛ إذ وجدنا
في بعض الأحيان محوًّا في بعض الآثار التي عليها اسم كل من هذين الفرعونين، وبذلك
تكون «سبك نفرو» قد اشتركت مع والدها في الحكم بعد خلع أخيها «أمنمحات الرابع»
وبقيت تحكم بعد وفاة والدها، ومع كل هذا فإن الموضوع لا يزال معلقًا ولا يمكن الجزم
فيه بصورة قاطعة.