الرسم بالألوان
فنرى جميع المناظر اللهم إلا حجرة المزار العلوية التي نُقشت بصور منحوتة قد رسمت على طبقة من الملاط، وهذا هو نفس ما اتبع في تزيين جدران الحجر المنحوتة تحت الأرض في مقابر الدولة القديمة، وبخاصة في «سقارة» و«مير» و«الجيزة» أيضًا، غير أن مقابر الدولة الوسطى كانت في غالب الأحيان منحوتة في الصخور، وكانت أحجارها تتطلب كذلك من المثَّال جهدًا كبيرًا لإخراج نقوش جميلة.
ولذلك كانت طريقة وضع طبقة من الملاط ثم رسم المناظر عليها في الحقيقة أبسط وأقل تكاليف من النقوش المنحوتة، نعم كانت هذه الرسوم أقل تماسكًا، فضلًا عن أنه كان من نتائج استعمالها نبذ التظليل الجميل الذي كانت تمتاز به النقوش المصرية الغائرة والبارزة على السواء، وهي التي تحتل مركزًا وسطًا بين فن نحت التماثيل والرسم بالألوان.
وكانت من نتائج كثرة استعمال الرسم بالألوان أن أدَّى ذلك بطبيعة الحال إلى نهضته وازدهاره بدرجة عظيمة، وذلك أن التفاصيل في التلوين لم يكن يسبق لها مثيل، وحسبنا ما نشاهده في رسم الحيوانات، بل قد ظهر فيه كذلك تقدُّم بخطوات واسعة المدى في التخلص من القيود القديمة؛ ولذلك نرى في رسم حركات الحيوان حرية ملموسة، هذا إلى أن رسم الأشياء المنظورة كانت تمثل كما هي.