الملك «نب تاوى رع» منتو حتب الرابع
وهؤلاء الذين كافحوا للاستيلاء على العرش مدَّة خمسة الأعوام التي تلت موت «سعنخ كارع» لم يتركوا لنا أي أثر يثبت وجودهم أو شخصيتهم إلى أن نجد ملكًا يظهر لمدَّة قصيرة باسم «منتو حتب»، وقد بقي المكان الذي يجب أن يحتله هذا الفرعون في قائمة ملوك هذه الأسرة غامضًا إلى أن كشف الأستاذ «ونلك» النقاب عن أثر معاصر من عهد هذا الفرعون، الذي كان يسمى «نب تاوى رع» وهذا غير نقوشه التي عثر عليها في وادي الحمامات وغيرها من الأماكن الأثرية، التي سنتكلم عنها فيما بعد.
«حور نب تاوى بن رع» منتو حتب محبوب حتحور سيدة دندرة معطي الحياة أبد الآبدين.
ولا نزاع في أن الاحتمال ضئيل جدًّا في أن يكون مثل هذا الأثر القليل القيمة قد عاش بعد حكم «سعنخ كارع» الذي مكث على العرش اثني عشر عامًا، إلى أن أتى به إلى العاصمة الجديدة (اللشت) ويتضاءل الاحتمال أكثر إذا حكمنا بأن هذا الإناء قد عاش مدة الإحدى والخمسين سنة التي حكمها «نب حبت رع». وعلى ذلك نرجح أن تاريخ هذا الإناء يرجع إلى تاريخ بعد حكم هذين الملكين في الأسرة الحادية عشرة، وبذلك يكون الملك «نب حبت رع» هو صاحب الإناء ومن بين مخلفاته، هذا فضلًا عن أن الرابطة بين تتابع الاسمين بوجودهما على إناء واحد توحي بأن «نب تاوى رع» كان السلف المباشر للفرعون أمنمحات الأول مؤسس الأسرة الثانية عشرة، غير أن هذا الفرعون قد حُذف من ورقة تورين لأسباب سنذكرها بعد.
وعلى أية حال فإننا نبحث في عصر مظلم، ولذلك ليس هناك ما يدهشنا إذا كنا لا نعلم عن أصل «نب تاوى رع» أكثر من ذلك بالنسبة لما نعرفه عن غيره ممن ذُكر اسمه على جزء من قائمة الملوك التي وجدت منذ بضعة أعوام مضت في الكرنك، فقد بقي على الجزء المحفوظ من هذه القائمة ثلاثة أسماء وهم: «نب حبت رع» و«سعنخ كارع»، وقد كتب كل منهما في خرطوش، أما الاسم الثالث الذي ذُكر بعدها مباشرة فيدعى الأب المقدس «سنوسرت» ولكنه لم يوضع في طغراء. والظاهر أنه كان ابن الأخير غير أنه قد مات قبل أن يتوَّج كما ذكرنا من قبل.
ونجد إذن كما فهمنا من النقوش التي على قطعة الإناء أن الأسرة الثانية عشرة قد سبقها ملك مشكوك في شرعيته لتولي عرش البلاد، وقد تولى عرش البلاد فعلًا، غير أن اسمه لم يظهر في قوائم الملوك التي ألفت بعد عهده، ومن المحتمَل أنه كان هناك مدَّعون للعرش غيره لم تصل إلينا أسماؤهم، والمختصر الذي جاء في ورقة تورين عن سني حكم ملوك الأسرة الحادية عشرة عند نهايتها هو كما يأتي: مجموع الملوك ستة حكموا ١٣٦ سنة، مضافًا إلى ذلك سبع سنوات فيكون المجموع ١٤٣ سنة، من ذلك المائة والست والثلاثون سنة التي حكمها ستة الملوك الذين ذكرناهم فيما سبق، وهم الملوك المعترف بهم شرعًا، أما سبعة الأعوام المضافة فكانت عهد فوضى، وهي عبارة عن الفترة التي تطاحَن فيها سنوسرت الوالد المقدس ونب تاوى رع وغيرهما على تولي العرش الذي فاز به الأخير مدة وجيزة، ثم انتزعه منه «أمنمحات الأول» مؤسس الأسرة الثانية عشرة كما سنرى. وخلاصة القول أن «نب تاوى رع» الذي وجد اسمه على قطعة الآنية هو الذي نجح أخيرًا في تولي الملك، والواقع أن الآراء كانت في غالب الأحيان تميل إلى جعل الوزير أمنمحات هو الملك الذي خلف «نب تاوى رع» على عرش البلاد، وتدل الشواهد الآن على أن هذه النظرية يمكن قبولها، وبخاصة بعد العثور على قطعة الإناء التي عليها النقوش السالفة الذكر.
فنجده عليها يسمى «حور نب تاوى — رب الأرضين — وصاحب الإلهتين (نب تاوى، حور الذهبي نتر-نتري) الواحد المقدس — ملك الوجه القبلي والوجه البحري «نب تاوى رع» بن الشمس منتو حتب العائش مخلدًا.»
(١) بعوث هذا الملك إلى وادي الحمامات
ونقوش وادي الحمامات التي تُنسب إلى حكم هذا الملك تعد من أهم النقوش التي وصلت إلينا من العهود القديمة، وليس ذلك لأنها تُحدثنا عن جلب الأحجار من هذه الجهات وحسب، بل لأنها تُحدثنا عن المعجزات التي وقعت في سينا، بالإضافة إلى أن الحملة صارت بقيادة «أمنمحات» الوزير العظيم الذي آل إليه الملك بعد سيده وأسس دولة جديدة. وفي هذه النقوش يشرح لنا هذا القائد بنفسه كل الأعمال بالتفصيل، ومع أنه كان من المألوف عند كبار رجال الدولة في مصر ألا يتورعوا ولا يخجلوا من التحدث عن أعمالهم العظيمة وخدماتهم التي قاموا بها لفرعون البلاد، فإن «أمنمحات» قد غالى مغالاة كبيرة في هذه الناحية؛ حتى إن لوحته التي أقامها في وادي حمامات كانت تتحدث عن مناقبه ومفاخره أكثر من الفرعون نفسه.
أسطورة الغزالة أثناء الحملة
وتبتدئ قصة حملته إلى وادي حمامات، بعد ذكر تاريخها بحادث كان يعتبر بمثابة معجزة في أعين عمال الوزير الأول، وقد أوحى بها من السماء إليهم! هذه المعجزة التي حدثت لجلالته هي؛ أن وحوش الجبال نزلت له منها؛ إذ جاءت غزالة عظيمة ومعها وليدها وقد اقتربت بوجهها نحو القوم، على حين أن عينيها كانتا ملتفتتين إلى الخلف، ولكنها لم تدِر عينيها حتى وصلت إلى هذا الجبل الفاخر عند الكتلة (التي كانت تجهز لتكون غطاء تابوت الفرعون) وكانت لا تزال عالقة بموضعها في الصخر، وفي النية قطعها لتكون غطاء هذا التابوت، فوضعت الغزالة وليدها عليها، وكان جيش الملك ينظر إلى ذلك، وعندئذ قطعوا رقبتها أمام كتلة الحجر، وأحضروا نارًا ليقربوا قربانًا، وبعد ذلك انفصلت الكتلة بسلام (أي قُطعت بسهولة).
وكان جلالة هذا السيد العظيم رب الصحراء الذي منح ابنه «نب-تاوى-رع» (منتو حتب الرابع) عاش مخلدًا: هذا القربان ليكون قلبه فرحًا ويبقى على عرشه أبد الآبدين، ويحتفل له بملايين الأعياد «سد» ثم يأتي بعد ذلك ذكر ألقاب «أمنمحات» الأمير الوراثي والشريف وحاكم المدينة والوزير، ورئيس أشراف مصلحة العدل كلهم، والمشرف على كل ما تجود به السماء وتنبته الأرض وما يجلبه النيل، والمهيمن على كل شيء في البلاد كلها، الوزير «أمنمحات» ومن مختصر ألقاب هذا الوزير نعلم أنه لم تعوزه المشاغل ليصرف فيها وقته؛ إذ يظهر أنه كان المشرف على كل شيء في السماء وفي الأرض وفي الماء وتحت الأرضين، على أن ما ذكرناه هنا ليس إلا مقدمة لحوادث الحملة نفسها؛ وذلك أنه بعد حدوث هذه المعجزة باثني عشر يومًا أخذ «أمنمحات» ينقش على الصخر الغرض الرسمي الذي من أجله أُرسلت الحملة ومدى نجاحها.
لقد أمر جلالته بأن تُنصب هذه اللوحة لوالده الإله «مين» رب الصحراء في هذا الجبل الفاخر الأزلي.
لقد أرسل جلالتي الأمير الوراثي، حاكم المدينة والوزير، ومدير الأشغال والمقرَّب عند الملك «أمنمحات» جيشًا يبلغ عدده ١٠٠٠٠ رجل من المقاطعات الجنوبية من مصر الوسطى … مقاطعة الغزال ليحضر لي من هذا الجبل من الحجر النقي الثمين الذي خلق صفاته الممتازة الإله «مين» لأصنع منها تابوتًا أبديًّا ولأصنع آثارًا في معابد مصر الوسطى، وذلك حسبما يرسل ملك الأرضين ليحضر لنفسه ما يتوق إليه قلبه من أرض والده «مين» الصحراوية، وقد جعل هذه الآثار لوالده «مين» رب الصحراء ورئيس البدو؛ حتى يتسنى للفرعون أن يقيم عدة مرات أعياد «سد» وهو حي كالإله «رع» الخالد.
والآن نعود إلى ما يقوله الوزير عن بعثته: «لقد بعثني سيدي ملك القطرين «نب تاوى رع» كما يبعث إنسانًا امتاز بالصفات المقدسة ليقيم آثاره في هذه الأرض، وقد اختارني على مرأى من مدينته، وفضلني على رجال بلاطه، والآن أمر جلالته أن يسير إلى هذه الصحراء المقدسة جيشًا بقيادتي مؤلفًا من خيرة رجال البلاد كلها من عمال مناجم، ورجال حرف، وحجارين ومفتنين ورسامين، وقاطعي أحجار وصياغ، ورجال مالية الفرعون، ومن كل مصلحة للبيت الأبيض (بيت المال) ومن كل مصالح القصر؛ كل هؤلاء كانوا في ركابي، ولقد جعلت من الصحراء نهرًا، ومن الوديان العالية مجاري ماء، وأحضرت لملكي تذكارًا أبديًّا خالدًا لم يؤتَ من الصحراء بمثله منذ عهد الإله (أي منذ أقدم العهود)، ولقد عادت جنودي دون أن تحيق بهم خسارة، فلم يمت واحد ولم يضل الطريق منهم فرد، ولم ينفق حمار، ولم يصَب عامل واحد ضعفًا، وقد حدث ذلك تمييزًا لجلالة سيدي، على يد الإله «مين»؛ لأنه يحب سيدي حبًّا جمًّا، ولأجل أن يُكتب البقاء لروحه على العرش العظيم في مملكة قطري «حور» (أي الوجه القبلي والبحري) …
وإنى خادمه المقرَّب الذي ينفذ جميع ما يمتدحه كل يوم.»
وبعد انقضاء ثمانية أيام على هذا النقش أمر بحفر نقش آخر يظهر فيه عطف الإله «مين» عليه والمعجزة التي عملها له.
وقد أخذ الواحد «الإله مين» يعمل في هذا الجبل لإتمام غطاء التابوت، وقد تكررت المعجزة؛ إذ تساقط المطر وظهرت أشكال الإله وتجلت شهرته للناس، فانقلبت الصحراء بحيرة وجرى الماء حتى وصل إلى حافة الحجر، وعُثر على بئر في وسط الوادي أبعادها ١٠ × ١٠ أذرع مملوءة بالماء العذب حتى الحافة لم يمسسه سوء، وحُفظ نقيًّا نظيفًا من عبث الغزلان، وبقي محجوبًا عن أعين البدو المتوحشين، وقد كان جنود الأزمان السالفة والملوك الغابرين يروحون ويغدون بجواره، ومع ذلك لم ترَه عين ولم يلمحه وجه إنسان، ولكنه كُشف لجلالته … ومن كان في مصر قد سمع به، وطأطأ القوم الذين كانوا في صعيد مصر وريفها رءوسهم وحمدوا طيبة جلالته أبد الآبدين.
عودة الحملة إلى مصر
في اليوم الثامن والعشرين فُصل غطاء هذا التابوت من الحجر، وهو كتلة أبعادها ٤ × ٨ × ٢ أذرع، وذُبحت الماشية والماعز وأُحرق البخور، وسار في ركابه جيش مؤلف من ٣٠٠٠ جندي من المقاطعات الشمالية (الدلتا) ساروا معه في سلام إلى مصر.» وبذلك يتضح لنا أن جنود مصر كانوا رجال أعمال في زمنهم، ويمكن أن نشبههم بالجنود الإنجليزية الحاليين، فهم من الصنف الذي يُعتمد عليه في جرِّ الأثقال وحملها، ويلاحظ هنا أننا أسرفنا في وصف بعثة «أمنمحات» إسرافًا عظيمًا، وليس ذلك إكرامًا لجلب تابوت من وادي حمامات أبعاده ٤ × ٨ × ٢ من الأذرع؛ بل لأن هناك أمرًا آخر أعظم خطرًا؛ إذ الواقع أن هذه البعثة هي البرهان الوحيد الذي بين أيدينا عن نمو قوة عظيمة خلف قوة العرش، وهي التي يحتمل جدًّا أنها ستسيطر على العرش فيما بعد كما تدل كل الظواهر على ذلك، وإن كان البرهان القاطع لا يزال يعوزنا في هذا الموضوع.
بعثة القائد سعنخ
لقد كنت قائد جنود هذه الأرض قاطبة في الصحراء مجهزًا بقرب الماء والسلات، والخبز والجعة، وكل الخضر اليانعة من الجنوب، ولقد جعلت وديانها حقولًا خضراء وتلاعها برك ماء جارٍ، وعمرتها بالسكان كلها من الجنوب إلى «زاو» ومن الشمال إلى «منعات خوفو» (بني حسن)، وقد توغلت في سيري حتى البحر الأحمر، وأسرت شبانًا، واستوليت على ماشية، وجبت الصحراء رغم أني كنت في الحول الستين من عمري، ولي سبعون حفيدًا من أولاد زوجة واحدة، ولقد نهضت بإتمام كل شيء على الوجه الأكمل للفرعون «نب-تاوى-رع» منتو حتب عاش مخلدًا.
(٢) وادي الهودي واستغلاله
وتدل الكشوف الحديثة على أنه أول من استغل وادي الهودي، الذي كان يجلب منه حجر الجمشت المستعمل كثيرًا في الدولة الوسطى. وقبل أن نتكلم عن بعوثه إلى هذه الجهة سنورد كلمة عن وادي الهودي وعن حجر الجمشت نفسه.
واتضح من دراسة الجهة جيولوجيًّا أنه لا يوجد بها أي أثر للنحاس، بل على العكس فإن هذه النقوش كانت في منطقتين رئيسيتين كل منها بجوار محجر (منجم) كبير يحميه حصن، وهذا المنجم ما زالت فيه بقايا الأماتيست.
وبالرجوع إلى القاموس نرى أن من معاني «حسمن» معنى غامضًا، وهو أنه مذكور ضمن الأحجار نصف الكريمة، وبدراسة المصادر المختلفة، وخاصة ورقة بردية هاريس نرى في الأجزاء الخاصة بحصر هدايا الملك للمعابد أن هناك تماثيل صغيرة وعقودًا وجعارين من الحسمن مذكورة دائمًا بين مثيلاتها المصنوعة من العقيق والبللور الصخري وأشباهها، وبذلك نؤكد أن معنى كلمة «الأماتيست» (حجر الجمشت) بالهيروغليفية هو كلمة «حسمن».
والنقوش التي عثر عليها في هذه المنطقة يزيد عددها عن ١٣٠، بعضها هام ذو قيمة تاريخية ولغوية، والبعض الآخر لا يعدو رسمًا صغيرًا لرجل أو لحيوان، وبعضها منقوش على الصخر نفسه، والبعض الآخر على لوحات قائمة بذاتها يسهل نقلها؛ فنقلتها كلها إلى أسوان.
ويبدأ تاريخ استغلال هذه المناجم إلى عصر الملك «منتو حتب-نبتاوى-رع» ويستمر استغلالها إلى الأسرة الثالثة عشرة، وأكثر اللوحات وأهمها هي؛ إما من عصر «منتو حتب الرابع» أو عصر سنوسرت الأول.
ومما يجدر ذكره أنه ليس هناك أثر لاستغلال هذه المناجم بعد عصر الدولة الوسطى إلا في أيام الرومان فقط.
وهناك حقيقة هامة؛ وهي أن علماء الآثار كانوا دائمًا يتساءلون عن مصدر الأماتيست الجميل الزاهي اللون الذي كثر استعماله بوجه خاص في الدولة الوسطى، وذهبوا في ذلك مذاهب شتى، فبالعثور على هذه المنطقة تأكد لدينا مصدر هذا الحجر الكريم، ومما يستحق الذكر أيضًا أن الكثيرين ممن وردت أسماؤهم في لوحات وادي الهودي باعتبارهم رؤساء بعثات كانوا يقومون برحلات أيضًا إلى وادي الحمامات وإلى سينا.
بعوث الفرعون «منتحوتب الرابع» إلى وادي الهودي
السنة الأولى ملك الوجه القبلي والبحري «نب تاوى رع» (رب الأرضين رع مدير القافلة أنتف خادمه الحقيقي ومحبوب قلبه، والذي يفعل ما يمدحه مدير البيت «أنتف» بن بتاح شدو).
السنة الأولى من حكم ملك الوجه القبلي والبحري «نب تاوى رع» مثل رع الخالد.
إنه مدير البيت أنتف بن بتاح شدو، وهو الذي أرسله ليحضر هذا الجمشت في بعثة بوصفه مدير القافلة «أنتف» المدير الأعظم لبيت سيده … ورئيس … والذي يفعل ما يمدحه ومحبوب قلبه … المبرَّأ.
وقد جاء في اللوحة الثالثة نفس الاسم واللقب غير أن بها بعض كسور يتعذر معها حل نقوشها.
أما اللوحة الرابعة وقد أرِّخت بالسنة الثانية من حكم هذا الفرعون فقد جاء فيها ما معناه أن «أنتف هذا الذي كان حامل الخاتم ومدير البيت، ومدير التراجمة قد خرج ليحضر الجمشت من أرض «نخنت»، والظاهر أنه قهر العبيد السودانيين في «واوات» وقهر أولئك الذين في جنوبي النوبة وفي شماليها، وأنه عاد سالمًا ونفذ كل أوامر سيده.»
ومما سبق نرى أن هذا الفرعون لم يضيِّع شيئًا من أيام حكمه المعدودات، ولكن يظهر أن «أمنمحات» خادمه العزيز الذي يفعل كل ما يحبه سيده؛ لم يبقَ على إخلاصه له وولائه لعرشه، فيظهر أنه بعد عودته من بعثته في الصحراء كان قد اتخذ العدَّة لاعتلاء العرش الذي كان يجلس عليه سيده «نب تاوى رع» وأن يناضل من ينازعه هذا المطمح.
ولا بد أن «أمنمحات» قد ولد في مدينة «طيبة» رغم العلاقة البعيدة التي تربط جده بالأشمونين وهي عادة وطن «آمون» الأصلي. وقد مر علينا سميٌّ له قد مات في «طيبة» منذ تسعين سنة مضت، وعلى ذلك فإنه لا بد قد وُلد وسُمي كذلك بهذا الاسم في عهد «واح عنخ» أما عن الحوادث التي أدت إلى نهاية حكم «نب تاوى-رع» القصير واعتلاء «أمنمحات» العرش بعده فلا نعلم عنها شيئًا مطلقًا، وكل ما يمكن قوله على وجه التأكيد هو أن «أمنمحات» انتحل لنفسه اسم تتويج يذكرنا باسم تتويج الفرعون «سنعخ كارع»، آخر ملك شرعي للأسرة الحادية عشرة، وعلى ذلك أسس «أمنمحات» باسم «سحتب أب رع» (مُدخل السرور على قلب رع) الأسرة الثانية عشرة.