كلمة
لم أكن في نيَّتي أن أفعل هذا، ولكن الأصدقاء والقُراء تكاتفوا عليَّ، وأرغموني إرغامًا أن أُصدر هذه اليوميات في كتابٍ قائلِين — على سبيل الحُجة: إن كل مجد الجبرتي أنه كتب يومياته عن أواخرِ حكم المماليك والحملة الفرنسية وما تلاها، وما كان يُؤرِّخ لها أو يَطمَع أن يذكره التاريخ. كُلُّ ما في الأمر أنه كان صادقًا مع انفعاله بالموقف اليومي وبالتالي المصيري لما يحدث في مصر. وقد كنتَ أنت — يقصدون أنا — كذلك ملتصقًا بيومِ شعبِك أقصى الالتصاق منذ كَتبتَ، رانيًا إلى ثورةٍ وأنواعٍ كريمة من الحياة وَضَعتَ ثلاثةَ أرباعِ طاقتك الكتابية في يوميَّاتها خلال الستينيات.
فكيف تترك هذا، «لِدَشت»، الصحف ومُجلَّداتها؟! إنه ماضٍ حدث في الستينيات ولكنه واقع يحدث حتى اليوم. فلماذا لا تجعل منها كِتابَ يوميَّات؟
وها أنا ذا بناءً على رغبتهم أفعل.
وهذه المرة مؤمنٌ تمامًا بما أفعل.
فليَقرأْها القارئ.
ولْيَتركْ نفسه على سَجيَّتها وهو يقرؤها ويستقبلها؛ فأنا لم أُفنِّدها حسَب المواضيعِ وإنما حسب الوحي وتاريخِ نشرها، كما تركتُ نفسي أنا على سجيَّتها وأنا أَكتبها وأُرسلها.
وليس لي أيُّ مطمعٍ في ذكرٍ تاريخيٍّ أو أدبي.
حتى لو كانت قد استَغرقَت ثلاثةَ أرباع طاقتي أو عمري.