بداية ونهاية مرة أخرى!
للمرة الثانية أذهب لِأُشاهد بداية ونهاية. كنت أريد أن أستعيد ذلك الإحساس الطاغي الذي أَحسَسته وأنا أشهد وأسمع مَوَّال الإخوة الكبير الحافل بالشجن. إن بداية ونهاية قصة الإخوة؛ الإخوة في مجتمعنا. كاتبها نجيب محفوظ كان أخًا كبيرًا وهو يكتبها ومخرجها صلاح أبو سيف أحسَّها بإحساس الأخ، وكذلك عاشها عمر الشريف وفريد شوقي وسناء جميل وكمال حسين. ولأول مرةٍ في فيلم أُحِسُّ أن المُخرج والمُمثِّلِين قد ذابوا تمامًا في عملٍ أدبي، وللمرة الأُولى أُحِس أن العمل الأدبي ممكن أن يُكتَب مرةً أخرى بالإخراج والتمثيل، وبإتقانٍ يصل إلى درجة أني في ساعة ونصف الساعة استطعت أن أعيش المشاعر التي قرأتُها في ثلاث ليال. وسأظل كلما أَحسَستُ أني أفتقد رائحة بلادنا وعائلاتنا وحقيقتنا أَذهَب لِأُشاهِد أو أقرأ بداية ونهاية، وربما لِنفس العيب الذي أخذه البعض عليها، لِلَذعة المأساة فيها. ما أَحوجَنا إلى جرعاتٍ مُتكرِّرةٍ لاذعة تُفيقنا وتجعلنا نبدأ نتلمَّس حياتنا ونبحث فيها عن الجمال والقُبح والأحلام.
إن بداية ونهاية والناس اللي تحت نُقطُ تحوُّل في السينما، قد ينصرف عنها بعض الجمهور وبعض النقاد، ولكن هذا هو الشأن دائمًا في نقاط التحوُّل، إنها ضريبة الطفرة؛ إذ ما أَسهلَ وأَبسطَ وأنجحَ أن نَنحدِر وما أصعبَ أن نَصعَد.