دكتور زيفاجو
وبمناسبة الأفلام رأيتُ أيضًا فيلم «دكتور زيفاجو». وصحيحٌ أن الغرب قد صنع هذه الرواية قُبَّةً مع أنها في الحقيقة لا تعدو أن تكون روايةً متوسطة الجودة قد تستمتع فيها بِلحظاتٍ من الشعر الحقيقي، ولكنك لا تملك إلا الاشمئزاز من بَطلِها الأنانيِّ المنكمش على ذاته الذي لا يهمه، وسط الثورة الهائلة التي تُغيِّر بلده، إلا اختفاءُ الفودكا وصعوبةُ الحصول عليها، ولكن الفيلم جاء حتى خاليًا من لحظات الشعر هذه. وقد كنتُ أتوقع أن تحشُد هوليود كل إمكانياتها لِتُخرج وعلى أَوسعِ مدى المشاهد التي تُصوِّر الثورة الروسية أَبشعَ تصوير، ولكنها — وهذا هو الغريب — لم تفعل وكأنما مراعاةً لشعور الاتحاد السوفييتي، وجاء الفيلم كله قصةَ إنسانٍ منكفئ على شعوره الذاتي في اللحظات التي يتخلى فيها حتى الأنانيون والذاتيون عن أنانيتهم وذاتيتهم. ولقد قام عمر الشريف بالدَّور. ومع أنه قد حاول قَدْر طاقتِه أن يُمثِّل دور «الشاعر» ولكن لا السيناريو ولا الإخراج ساعده، وكان أنجح ما في الفيلم هو التصوير.
ولكن مشكلة «دكتور زيفاجو»، في رأيي هو في هذا القرار الذي اتخذَته الرقابة بمنعه. أناسٌ كثيرون بعضهم مصريون كانوا دائمِي الإلحاح عليَّ بالسؤال: لماذا منعنا عرض دكتور زيفاجو؟ والحقيقة أني لا أعرف الأسباب التي حدَت بالأستاذ عبد الرحيم سرور لاتخاذ هذا القرار، ولكن الفيلم كما رأيته لا يستحق شرف المنع من العرض عندنا؛ فقد نَشرَت الصحف الأمريكية الخبر وكأنه حادثٌ كبير، وكأننا نخاف من عرض دكتور زيفاجو في حين أن الفيلم كما قلتُه ليس فيه شيءٌ يستحق أن يُسيء إلينا أو حتى إلى الاتحاد السوفييتي نفسه. إن خَير ردٍّ على كل الذين «هوَّلوا» من قرار منع العرض هو أن نَعرِض الفيلم، وإني لمتأكدٌ أنه لن يُعرَض أكثر من أسبوع.