في سطور
الردُّ الطويل الذي جاءني من إدارة المعاشات حول موضوع الشاويش الذي تُوفي وترك أولاده السبعة وزوجته وأمه وأخته يُكافِحون من أجل الحصول على المعاش، ردٌّ مُؤثِّر حقًّا رُوِّعتُ لما جاء فيه. ليست المشكلة أن إدارة المعاشات خَرجَت بريئةً من التقصير، ولكن المشكلة التي أنستني مآسي الروتين وتأخُّر الصرف وكل تلك الشكليَّات أن معاش هذا الشاويش، المعاش الذي يحيا عليه سبعة أبناء وزوجة وأم وأخت هو مبلغ ثلاثةِ جنيهات و٦٦٠ مليمًا لا غير؛ يعني بواقع اثنَي عشر قرشًا في اليوم، وهم عشرةُ أفواهٍ لو تناول كلٌّ منهم رغيفًا في الوجبة لكان عليهم أن يشتروا ثلاثين رغيفًا ثمنها ١٥ قرشًا. من أين الطعام إذن والكساء والسكن ومصاريف المدارس؟ إننا فَقراءُ إلى درجةٍ مخيفة، ذلك هو ما خَرجتُ به؛ فلا شك أن هناك أُسرًا تحيا بغير معاش، أسر الفلاحين والعمال الزراعيِّين، وتَحسُد أُسرةً كهذه على ثروة الجنيهات الثلاثة والستمائة وستين مليمًا. وبعد هذا يتظلم البعض من القوانينِ الاشتراكية تلك التي تجعل الحد الأعلى للدخل عشرة آلاف جنيه؟! ماذا لو كان على أصحاب دخلٍ كهذا أن يَحيَوا بمعاش الشاويش؟ ألَا يحمدون الله على أنهم في بلادٍ تسمح لهم بأن يحيا الفرد الواحد، بمبلغٍ يزيد على ثلاثة آلاف وخمسمائة ضعف من مَعاش أُسرةٍ بأكملها مكونة من عشرة أشخاص؟ ألَا يحمدون الله؟!
أَطرَف ما سَمِعتُه هذا الأُسبوع أن هناك شحاذًا «ماشي» مع راقصةٍ بأحد الملاهي الليلية، وأنه يُنفِق عليها ما لا يقل عن الخمسين جنيهًا شهريًّا. إِذا أَردتم معرفتَه فهو الشحَّاذ الشابُّ الذي يرتدي نضارةً سوداء ويَقِف مثنيًا على نفسه في منطقة سينما ريفولي، والغريب أنه لا يُخفي حقيقته عن صديقته، وإذا سألته عن عَملِه قال أنا سائل.