حظ الشرقية السيئ
الظاهر أن الحكم المحلي مسألة بَختٍ وحظٍّ ويانصيب. هناك محافظاتٌ بختها من السماء رَفلَت في المصانع والمشروعات والتحسينات على يد الحكم المحلي، وهناك محافظاتٌ أخرى مَرَّ بها هذا النوع من الحكم مرور الكرام زائدًا عن الحد. وأتعس هذه المحافظات — في رأيي — هي محافظتنا الطيبة الشرقية بكل مراكزها وزقازيقها؛ فهي لا تَزال كما كانت منذ عشراتِ السنين. الشوارعُ على نفس قذارتها ومطباتها، وكفر أبو الريش هو نفس كفر أبو الريش، بل حتى السوق لا يزال يُقام، ليس على جانبٍ ولكن في وسط الشارع الرئيسي للزقازيق بكل ما فيه من أسماكٍ وسردين وروائح، لا شجرة زُرعت، ولا حديقة أُقيمت، ولا ناديًا للشباب افتُتح ولا نقول «استادًا»، أو تصنيعًا للمنتجات المحلية أو علاجًا ووحداتٍ ريفية.
إنني لا أريد أن أطعن أحدًا بهذا القول، حتى ولا المحافظ. إنني فقط أنعَى حَظَّ شَرقيَّتنا الكريمة الطيبة وأتحسَّر على بختها المايل، وأتساءل، والتساؤل هنا مُوجَّهٌ إلى وزير الحكم المحلي: إلى متى تظل الشرقية في نظر الوِزارة كمًّا مهملًا كالابن اللقيط الضائع؟ وأتساءل، والتساؤل هنا موجه إلى السيد علي صبري «وهو ممن تفخر الشرقية بانتسابهم إليها»: إلى متى تظل أكبر مُحافظاتِنا تحيا في عهدِ ما قبل الثورة إن لم يكن في عَهدِ ما قبل التاريخ، في حين أن الله سبحانه قد فتَح على بقية المحافظات والمدن وأَسرَى في شرايينها إكسيرَ الدفعِ الثوري فانتَفضَت ولحِقَت بركب الإصلاح والتطوُّر.
إن مشكلة الشرقية ليست مشكلة رجال؛ فالرجال والحمد لله كثيرون والحماس مُتوفر. إنها مشكلة اعتمادات، مشكلة المحافظات التي تُدلِّلها وزارة الحكم المحلي وتُغدِق عليها في أَرْيَحية هارون الرشيد، وتلك التي تَبخل عليها وتشِح وتَحرِمها من لقمة العيش الحاف.
إنني أطالب بنشر الاعتمادات الخاصة بالمحافظات ونصيبِ كلٍّ منها في مشاريعِ الخطة الخمسية علنًا؛ لكي تُناقَش وتُعلن على رءوس الأشهاد، ولكي نعرف على وجه الدقة على أي أساسٍ تُوزَّع تلك الميزانيات، أهي بنسبة السكان، أم بمتوسط دخل الفرد، أم تُوزَّع بضرب الرمل والودع وتدليل هذا على حساب ذاك؟