خطر السينما على التمثيل
والتشديد على السينما في مصر واجب بنوعٍ خاص لسببٍ قد يظهر غريبًا بعض الشيء، ولكنه واضح إذا فكرت فيه تفكيرًا يسيرًا، فليس السينما خطرًا على الذوق والخلق والكتاب فحسب، ولكنه خطر على فن ناشئ في مصر ونحن حراص على أن نقويه وننميه؛ لأن تقويته وتنميته إحياء للأدب من ناحيةٍ وترقية صحيحة للذوق من ناحيةٍ أخرى؛ وهو فن التمثيل.
فهذا الفن الطارئ على لغتنا العربية من أقوم الفنون الأدبية وأرقاها وأبلغها أثرًا في إمتاع النفوس وتصفية الأذواق، وهو لا يتجه إلى النظارة وحدهم وإنما يتجه إليهم وإلى القراء أيضًا، وهو لا يكتفي بجمال المنظر وسحره وإنما يضيف إليه الجمال الأدبي في اللفظ والأسلوب والحوار، فله على السينما فضل الفن الرفيع وله على السينما فضل البقاء والصلاح؛ لأنه يراجع ويراجع في أناة ومهل وعلى انفراد، وكل هذا خليق أن يدفعنا إلى إيثاره على السينما؛ لأنه عنصر من عناصر التربية الأدبية والفنية معًا، وقد بذلنا في العناية به جهودًا موفقة، ولم تبخل عليه الدولة بالمال، بل هي تشجعه أكثر جدًّا مما تشجع غيره من فنون الأدب، فلا أقل من أن تحميه بعض الحماية لا أقول بمحاربة السينما، فلا سبيل إلى ذلك ولا خير فيه، ولكن أقول بمراقبته والتحرج في هذه المراقبة.
فأما العناية بالتمثيل نفسه فلست أقول فيها شيئًا؛ لأن لها لجنة تنهض بها على وجهٍ لا بأس به.