لأول مرة معًا
في مُنتصَف يوم الأحد، وصلت مجموعة «اليمن» المكوَّنة من «قيس» و«رشيد» و«ريما» و«مصباح» وقد نقلتْهم سفينة صيد من الشاطئ إلى القارب، وبعد وصولهم بأقل من ساعة كان «أحمد» قد أحاطهم علمًا بجميع التطورات التي مرَّت بالشياطين الخمسة منذ وصولهم الجزيرة، والخطة التي ينوي اتباعها.
وقال «قيس» معلقًا: إنَّ الخطة معقولة جدًّا، لولا أن هناك احتمالين لفشلها … الأول: أن تقوم القوة الغامضة بواسطة رجالها بشنِّ هجومٍ وقائيٍّ على القارب «صقر البحر»، وربما يحدث هذا الليلة، وأتمنى أن يكون الهجوم بالأسلحة التقليدية، وليس بواسطة الطاقة الغامضة الموجودة في الغواصة.
قال «أحمد»: هذا مُمكن جدًّا، وما هو الاحتمال الثاني؟
«قيس»: أن يُخلفُوا موعدهم، أو يُعدِّلوه … إن بينهم كما تقولون اتصالات لا سلكية مستمرَّة، ومن المُمكن طبعًا أن يُعدلوا الموعد بالتقديم أو التأخير.
أحمد: وهذا احتمال آخر ممكن … فما هي خطتك لتوقِّي الاحتمالين؟
قال «قيس»: أولًا تشديد الحراسة حول «صقر البحر» هذه الليلة والليلة المقبلة، ونحن الآن تسعة، وفي الإمكان عمل ثلاث ورديات حراسة. كل وردية مكوَّنة من ثلاثة أفراد.
أحمد: أوافقك!
قيس: وعندما تصل مجموعة «الصومال» غدًا، أقترح قيام دوريات على القوارب قرب الساحل، ربما حدث تعديل في المواعيد.
أحمد: أوافقك مرة أخرى، وستقوم أنت بتنفيذ خطتَي المراقبة … في القارب وعند الشاطئ.
وانفضَّ الاجتماع، ومضت الحالة هادئة حتى أقبل الليل، وهبط الظلام كثيفًا على المنطقة مع رياح قوية أخذَت تهبُّ بلا انقطاع من قلب المحيط، وأدارت «زبيدة» الماكينات وجلست بجوارها. فدخل «أحمد» وجلس معها، ولم يَمضِ على دخوله دقائق حتى أخذت الماكينات تسرع بشكل جنوني وأحسُّوا بالقارب يَقتلع مرساته ويَنطلق، وأسرعت «زبيدة» لتجذب أسلاك الكهرباء، ولكن «أحمد» منعها قائلًا: انتظري قليلًا، أريد أن أقيس مدى السرعة وشدة الجذب؛ إنَّ ذلك جزء هام من تقريرنا إلى رقم «صفر» إذا استطعنا العودة إلى المقر السري، فسأَصعدُ إلى السطح وبعد عشر دقائق بالضبط قومي بعملك.
أسرع «أحمد» إلى سطح القارب، بعد أن أحضر جهازًا صغيرًا يقيس السرعة والاتجاه. أحاط به الشياطين السبعة، وقد علت الدهشة وجوههم وهو يقف ثابتًا يرقب الشاطئ الأسود البعيد، ومرت الدقائق بطيئة، وقالت «ريما»: ماذا تنتظر «زبيدة»؟
قال «أحمد»: لقد طلبتُ منها الانتظار خمس دقائق لأحسب السرعة والاتجاه وقوة الجذب …
وبعد لحظات سكت صوت الماكينات، وهدأت السرعة تدريجيًّا حتى توقَّف القارب تمامًا، وصعدت «زبيدة» إلى السطح فقال «بو عمير»: إنهم لم يكفُّوا عن المحاولة بعد.
أحمد: نعم … ولكنهم الآن متأكدون أننا اكتشفنا وسيلة لمنع وقوع الكارثة، وليس من المُستبعَد الليلة أن يقوموا بهجوم علينا بالأسلحة التقليدية، بنادق، ومسدَّسات، وغيرها.
قال «مصباح»: أليس من المُمكن أن تكون الغواصة مزوَّدة بطوربيدات يُمكن أن تَضرب من تحت الماء، أو بمدافع يُمكن أن تضرب من فوق الماء؟
أحمد: هذا مُمكِن جدًّا، والحقيقة أننا في موقف خطير، وأرجو أن نلبس جميعًا ملابس الغوص، وأن نُجهز قوارب النجاة المطاطية كلها، بعضها نركبه، وبعضها نحمل عليه أسلحتنا، وسنقضي الليل في القوارب، وننام في الصباح.
ولم يكد ينتهي من حديثه، حتى أسرع الجميع إلى ارتداء ملابس الغوص المطاطية، ثم أنزلوا القوارب، ونزلوا فيها، وحملوا أسلحتهم معهم، وابتعدوا عن «صقر البحر» بمسافة كافية، وتوقَّفوا.
مضت ساعات الليل بطيئة مملوءة بالترقب والانتظار، وكانت السيطرة على القوارب الصغيرة أمرًا شاقًّا خاصة مع الريح القوية التي ظلَّت تهبُّ دون توقُّف، ولكن براعة الشياطين تجلت في هذه الليلة المزعجة حتى إذا انبثقت تباشير الفجر، أسرعوا يُجدفون إلى «صقر البحر» وقد أنهكهم السهر والتعب، وسرعان ما ذهبوا جميعًا في سبات عميق.
لم يستيقظ الشياطين إلا قرب الظهر، وقد استيقظوا على ضجة صادرة من السطح، فقفزوا جميعًا إلى أسلحتهم وتسللوا إلى السطح، وقد أحسُّوا بخطأ النوم دون ترك حراسة، ولكن المفاجأة التي كانت في انتظارهم أنستهم الخطأ، كانت مفاجأةً مُفرحة؛ فقد وصلت مجموعة الصومال المكونة من «هدى» و«فهد» و«خالد» و«باسم» … وتبادل الشياطين التحيَّات الحارة، وعندما ابتعد قارب الصيد الذي حمل مجموعة «الصومال»، جلس الشياطين جميعًا معًا في الكابينة الرئيسية للقارب، وقال «أحمد»: لعلَّها المرة الأولى في مغامراتنا كلها التي نَجتمِع فيها معًا في مكان واحد خارج المقر السري، والواقع أننا محتاجون إلى كل قوتنا للقضاء على عدونا المجهول الذي يملك قوة خارقة.
ومضى «أحمد» يشرح لمجموعة «الصومال» المعلومات التي حصلوا عليها، والاستنتاجات التي توصلوا إليها، والخطط التي وضعوها، وقال «أحمد»: الليلة ستكون المعركة الفاصلة، إما أن تقضي علينا القوة الغامضة أو نقضي عليها، نحن ثلاثة عشر، ولا ندري كم هم! ومهما كان عددهم ففي إمكاننا التغلُّب عليهم إذا كانوا بعيدين عن القوة التي يملكونها، أو إذا كنا نعرف أين هم بالضبط.
وسكَت «أحمد» قليلًا، ثم قال: إنني أعتقد أننا مُراقَبُون بواسطة البُرج المعدني في أعلى الجبل، وأعتقد حسب استنتاج «رشيد» أن القوة الغامضة التي لم تَستطِع السيطرة على القارب سوف تُحاول نسفه بالطوربيد الليلة، ولهذا بمجرد أن يهبط الظلام سننزل إلى القوارب المطاط جميعًا، ومعنا الأسلحة. إن عندنا ستة قوارب، سيكون في كل قارب أربعة؛ أي: اثنا عشر في ثلاثة قوارب، وسيبقى «فهد» على سطح «صقر البحر» على أن يَقفز بمجرد إصابة القارب بطوربيد، ودائمًا ما يكون ضرب الطوربيد في الجانب، والمتوقَّع بالطبع أن يكون الجانب المُواجه للمحيط؛ لأن المياه قرب الشاطئ ضحلة ولا تكفي لتعويم الغواصة، وهكذا يجب على «فهد» أن يبقى عند المقدمة، وسيبقى عندنا ثلاثة قوارب سنُحمِّلُها بالذخيرة.
وصمت «أحمد» قليلًا ثم قال: إن أملنا كله معلَّق على وصول الرجال حسب اتفاقهم في الثانية بعد منتصف هذه الليلة، ستتبع مجموعة منَّا مُكوَّنة من خمسة رجال «عثمان»؛ لأنه سبق وركب الجبل، وسيتَّجهون جميعًا إلى الجبل، ومهمتهم القضاء على هؤلاء قبل أن يصلوا إلى البرج … ثم يحزمون البرج بحزام من المُفرقعات وينسفونه.
واستجمع «أحمد» أنفاسه ثم قال: والمجموعة الثانية سأكون معهم، ومهمتنا متابعة قوارب المطاط وهي عائدة إلى الغواصة، وعندما تصعد الغواصة لانتشالهم نكون قد حدَّدنا مكانها، ثم ننزل لوضع مجموعة من المواد الناسفة القوية على جدرانها وننسفها … وبعدُ، إما أن نجتمع في «صقر البحر» إذا كان لا يزال موجودًا، وإما عند الخليج الذي رسونا عنده لحظة حضورنا.
قال «فهد»: وأنا؟
رد «أحمد»: إذا لم يُنسَف «صقر البحر» ستبقى به، وإذا نُسف، فعليك بالسباحة إلى الخليج الذي سأشرح لك مكانه، والانتظار عند شاطئه.
بعد هذا التوضيح تمَّ تقسيم المجموعتين … الأولى التي ستَنسِف البرج من: «عثمان» و«زبيدة» و«بو عمير» و«قيس» و«رشيد» و«ريما» … والثانية التي ستنسف الغواصة من: «أحمد» و«هدى» و«إلهام» و«خالد» و«باسم» … وكان على «فهد» وحده أن يبقى على ظهر «صقر البحر».
ومضى الشياطين بقية اليوم يُعدُّون الديناميت. ويضعون الأسلحة في أكياس البلاستيك حتى لا يتسرَّب إليها الماء، وكان «عثمان» سعيدًا؛ لأنه سيستخدم «بطة»، كرتَه المطاطة المحبوبة في اصطياد بعض الرجال، وأخذ يتمرَّن لمدة ساعة على قذفها على أهدافٍ أصابها جميعها.
هبط المساء، وجلس الشياطين يضبطون ساعاتهم، وعندما تكاثف الظلام تبادلوا التحيات في جو من المرح المشوب بالتوتُّر، ثم نزلوا إلى القوارب، وبقي «فهد» وحده عند مقدمة «صقر البحر» ينتظر.
ابتعدت القوارب في صمت، واختار «أحمد» مكانًا عند رأس مثلَّثٍ ضلعُه الشاطئ، وضلعه المحيط، وطلب التوقف … وتوقفت القوارب وساد الصمت، وهمس «أحمد» في أذن «إلهام»: هل أحضرتِ منظار الأشعة تحت الحمراء؟
ردت «إلهام»: نعم … إنه معي.
ومنظار الأشعة تحت الحمراء يمكن مَن يستخدمه من الرؤية في الظلام، وكان خير وسيلة لرصد حركات القوارب المعادية.
مضت الساعات بطيئة حافلة بالتوتر، وبين فترة وأخرى كان «أحمد» يَنحني ليرى ساعته الفوسفورية. وفي الساعة الثانية إلا الربع، بدأت مجموعة متابعة رجال الجبل تتحرَّك، ولم تكن تبتعد عن بقية القوارب حتى دوى انفجار رهيب، وشاهد الشياطين وقلوبهم ترتعد بالحسرة والغيظ على قاربهم الجميل «صقر البحر» وهو يتناثر إلى أشلاء في البحر، وقد اشتعلت فيه النيران.
تحرَّكت المجموعتان بسرعة، كل في اتجاه الشاطئ على مسافة كافية بينهما، وكانت مجموعة «عثمان» هي السابقة، وكان «أحمد» يضغط على أسنانه بشدة، إن خطتهم كلها تعتمد على ما يحدث في الدقائق التالية.
وصلوا قرب الشاطئ، و«إلهام» تضع منظار الأشعة تحت الحمراء على عينها، وعندما أعلنت ساعاتهم الثانية تمامًا، صاحت «إلهام»: الرجال وصلُوا يحملون شخصًا ملفوفًا بين أيديهم.
قال «عثمان»: لقد نجح التوقيت، وبقيَ أن تنجح الخطة.
قاد «عثمان» المجموعة إلى الشاطئ، وربضوا هناك، وشاهَدُوا شبح ثلاثة رجال صعدوا إلى الشاطئ يحملون رجلًا ملفوفًا، تسلَّمه منهم أربعة رجال، وسمع «عثمان» ورفاقه أصوات ضحكات الرجال، وعرف لماذا يضحكون، كانوا سعداء طبعًا أنهم نسفُوا «صقر البحر» وانتهوا بضربة واحدة من أعدائهم.
وبعد أن تبادل الرجال السبعة بعض الأحاديث. انسحب الرجال الثلاثة إلى قاربهم، وسار الرجال الأربعة يحملون «رعد» بينهم إلى طريق الجبل، وبدأت مهمَّة «عثمان»، قفز مع بقية الشياطين إلى الشاطئ وسار خلف الرجال الأربعة، وعندما بدءوا الصعود إلى الجبل اضطرُّوا للسير في طابور واحد، وهذا ما كان ينتظره «عثمان» فقد رفع ذراعه وبه «بطة» وهزَّها بضع مرات، ثم انطلقت الكرة في الظلام، وسقط آخر الأربعة دون أن يَنطق بحرف … وتوقَّف الثلاثة الآخرون، ولكن لم يقفوا طويلًا؛ فقد قفز الشياطين الستة عليهم، كل اثنين على واحد، وكان هذا كافيًا للانتهاء من المعركة في لحظات، بعدها رقد الثلاثة بجوار زميلهم الرابع.
وانطلق الشياطين يصعدون الجبل، وبعد نصف ساعة كانوا عند حزام الحراسة الأول المكوَّن من بعض المواطنين، فتجاوَزُوه دون أن يشتبكوا معهم، ثم وصلوا إلى حزام الحراسة الثاني، ومرة أخرى انطلقت «بطة» تصطاد أول حارس. وقفز «بو عمير» و«قيس» على الثاني، و«رشيد» و«زبيدة» على الثالث، وفي دقائق كان حزام الأمن قد تلاشى … وتقدَّمت «زبيدة» و«ريما» وأخذتا تربطان حزام الديناميت حول البرج الألمونيوم في هدوء شديد، ثم ربطتا سلك التفجير، وأخذتا طرفه معهما، ثم ابتعدتا وأشعلتا الفتيل.
في هذا الوقت كان «أحمد» والمجموعة الثانية يُجدفون على مبعدة من القارب الذي كان يحمل الرجال الثلاثة، وكان المنظار الذي تحمله «إلهام» ويعمل بالأشعة تحت الحمراء يقوم بدوره في متابعة القارب. وبعد نحو ربع ساعة ظهر على السطح الأسود للمُحيط طرف الغواصة، وعندما وصل القارب إليها، صعد جزء منها إلى السطح، وهمست «إلهام»: إنها أكبر غواصة في العالم، كما أنها مزوَّدة بشبكات من الأنابيب الخارجية لم أرَ لها مثيلًا في حياتي.
انفتح سطح الغواصة، وابتلع الرجال الثلاثة بعد أن أفرغوا قاربهم المطاط من الهواء وأخذوه معهم، وبدأت الغواصة تغوص مرة أخرى في المياه السوداء، وجاء دور الشياطين، قفزوا جميعًا إلى المياه ومعهم شحنات الديناميت، وسرعان ما كانوا يُحيطون بالغواصة كما يحيط السمك الصغير بحوت ضخم، وأخذت الأيدي المدرَّبة تربط شحنات الديناميت، كانت كميات ضخمة تكفي لنسف مدينة كاملة، وحسب خطة «أحمد» … كان عليهم أن يجعلوا الديناميت يؤدي دوره بعد ربع ساعة حتى يتمكنوا من الابتعاد عن دائرة التدمير.
عاد الشياطين إلى القوارب، وبدءوا يُجدِّفون بسرعة، و«أحمد» ينظر بين لحظة وأخرى إلى ساعته، حتى إذا لم يبقَ من الزمن إلا عشرُ ثوان، بدأ العد التنازلي وسمعه الشياطين وهو يصيح في الظلام كأنه مجنون: تسعة … ثمانية، سبعة، ستة، خمسة، أربعة، ثلاثة، اثنان، واحد.
وقبل أن ينطق برقم صفر سمعوا أول انفجار للمجموعة الأولى من الديناميت، ثم توالت الانفجارات وأخذ الماء يتصاعَد في شكل نافورات ضخمة، واكتسحت سطح المحيط عشرات من الأمواج العالية وصلَت إلى القوارب فأخذت تهزُّها بشدة. وفي هذه اللحظة سمع الشياطين صوت انفجار ضخم من ناحية الجبل وشاهدوا النيران تشتعل في جنون من بعيد، وصاح «باسم» لقد انتصرنا؛ نسفنا الغواصة والبرج.
بعد ساعة من هذه الأحداث الرهيبة، وعلى الضوء البعيد للبرج المشتعل، كان الشياطين يتجمعون في الخليج الصغير، وكانت قلوبهم جميعًا تخفق بالفرح والخوف معًا؛ الفرح لإنجاز مهمَّتهم الصعبة، والخوف على «فهد» الذي تركوه وحيدًا في القارب، ولكن خوفهم تلاشى سريعًا عندما شاهدوا الشيطان يسبح كالتمساح مقتربًا منهم.
قال «أحمد»: سنبتعد عن الشاطئ سريعًا، لن نبقى في الأراضي اليمنية؛ فسوف تجري تحقيقات واسعة حول كل ما حدث، وكالعادة نحن لا نَظهر على مسرح الأحداث أبدًا، سنُجدِّف حتى «باب المندب»، وندخل «البحر الأحمر»، وبعدها يُصبح طريقنا سهلًا.
•••
بعد ذلك بثلاثة أيام، ومن المقر السري المؤقَّت في القاهرة صدر تقرير قصير جدًّا، خطير جدًّا، موجه إلى رقم «صفر»: من «ش ك. س» إلى رقم «صفر»: تم القضاء على القوة الغامضة نهائيًّا. تحياتنا.
وابتسم رقم «صفر» وهو يتلقى التقرير؛ فقد وصلته المعلومات منذ تم تفجير البرج المعدني، وظهور آثار تدمير الغواصة قرب جزيرة «سقطرى» … لقد عرف أن أولاده قد نجحوا، وأن السفن والطائرات العربية ستمرُّ في هذه المنطقة دون خوف من العدو المجهول الرابض في المياه السوداء، الذي كان يحمل في ملفاته اسم «القوة الغامضة».