التقدير
بدأ إيان في تنفيذ خطته. كان الوصول إلى تلك الخطة قد استغرق بعض الوقت، ولكنه استغرق وقتًا أطول وهو يحاول أن يستجمع شجاعته كي يجرِّبها. والآن، سار إيان في ضوء الفجر إلى موقع تقديم القرابين، وألقى بسلة الفواكه والحبوب بقوة عند هذا المكان؛ أصدرت السلة صوتًا عاليًا عندما ارتطمت بالأرض، وحكَّ إيان كتفه. لقد كانت هذه هي المرة الثانية التي يذهب فيها إلى الجبل كي يترك هناك قربانًا إضافيًّا خلال أسبوعين.
ظنَّ إيان أن الفواكه والخضراوات الإضافية كانت هي كل ما يحتاجه العُمَّال، ولكن نتائج خطته كانت مُحبِطة. في كل يوم كان إيان يجد السلةَ خاليةً؛ وهو ما يعني أن العُمَّال كانوا يقبلون القربان، ولكنه لم يَرَ أيَّ علاماتٍ تُبشِّر بأن كمية الجواهر ستزداد.
جثا إيان على ركبتَيْه وفتَّشَ بأصابعه عن الجواهر المكسورة في قاع الصندوق، واكتشف عندها أن جودة الجواهر لم تتحسَّن هي الأخرى. كان إيان على وشك إغلاق الصندوق، ولكنه أعرض عن ذلك؛ لقد جاءته فكرة!
قال إيان لنفسه وهو يبحث في جيوبه إلى أن وجد ورقةً صغيرة: «لِمَ لا؟!» وبكل حرصٍ، كتب إيان على الورقة أفضل جملة استطاع أن يصوغها: «شكرًا على عملكم الجيد. أحسنتم صُنعًا.»
شعر إيان بالذهول وتأمَّلَ لدقيقةٍ كلماته الزائفة، ثم طوى الورقة في يده وأخرج ورقةً جديدة وحاوَلَ كتابة جملة جديدة: «لاحظتُ إضافة أربعين جوهرة سليمة اليومَ إلى الصندوق؛ إنها تبدو رائعة. أعلم أن التعامُل برفقٍ مع الجواهر وحمايتها من الضرر يتطلَّب الكثيرَ من الجهد؛ لذا شكرًا على ما تبذلونه من جهد.»
وضع إيان الورقةَ فوق الجواهر في منتصف الصندوق وأغلقه.
في هذه اللحظة، لم يكن في وسعه سوى الانتظار لِيَرى ما سيحدث.
لم يَعُدْ إيان إلى مكان الصندوق إلا بعد مرور أسبوع آخَر، وقد فاجَأَه كمُّ التوتر الذي كان يشعر به وهو يفتح الصندوق.
لقد اختفى الخطاب الذي تركه وحلَّتْ محله كومةٌ من الجواهر؛ كانت بعضُ الجواهر مكسورةً ولكن بقيتها كانت سليمة. قال إيان لنفسه مبتسمًا: «ثمة تحسُّنٌ ملحوظ.» كان الصندوقان الآخَران مملوءين أيضًا بجواهر تعادل الجواهر الأخرى في جودتها العالية. ألقى إيان بنظره نحو الأشجار التي أحاطت برقعة الأرض المستوية التي كان يجلس فيها، وتساءَلَ هل كان غير المرئيين واقفين هناك في تلك اللحظة يشاهدونه دون أن يراهم؟
في هذه المرة، كتب إيان: «ثمة تحسُّنٌ كبيرٌ في حصاد هذا الأسبوع. لم أَرَ في حياتي عددًا أقلَّ، من حيث الجواهر المكسورة، من الذي رأيته هذه المرة. لم تذهب جهودكم سدًى. شكرًا جزيلًا على عنايتكم.»
بالكاد استطاع إيان أن يمنع نفسه من أن يقفز في الهواء من السعادة أثناء هبوطه من الجبل، وكان الشيء الوحيد الذي منعه من ارتكاب أي حماقة، هو فكرة أنه قد يكون ثمة مَنْ يشاهده من بعيد، ولكن المانع قد زال بمجرد أن أغلق عليه باب منزله.
لقد نجحَتِ الخطة! سمح إيان لنفسه بدقائق من السعادة قبل أن يهدأ ويبدأ التفكير في السؤال الأهم: وماذا بعدُ؟ كانت الإجابة واضحةً في تلك اللحظة.
ربما كان من السهل على الإنسان معرفة الأمور التي يجب عليه فعلها، ولكن المشكلة هي أن يفعل تلك الأمور ويضعها في حيِّز التنفيذ؛ وقد اتضح له هذا الأمر بعد مرور ساعة على تسلُّقه الجبل. كان إيان قد بدأ رحلته قبل الفجر، ولكن العرق كان قد بدأ يتصبَّب من جبهته ويتسرَّب إلى عينَيْه أثناء التسلُّق، كما أنه كان يلتقط أنفاسه بصعوبة؛ نظرًا لقلة كثافة الهواء على هذا الارتفاع.
قال إيان لنفسه: «اعترِفْ يا إيان! لقد فقدتَ رشاقتك، كما أنك تقوم الآن بنشاطٍ مُرهِق لم تَعْتَدِ القيام به.»
لم يكن إيان يتوقَّع أن تسلُّق الجبل سيكون بتلك الصعوبة. كان قد أحضر معه حقيبةً يجمع فيها الجواهر التي سيلتقطها في طريقه، ولكن لم يَرَ أيَّ جواهر! ربما كان لا يزال يتوجَّب عليه التسلُّق إلى أن يصل إلى الارتفاع المطلوب، أو ربما كانت عمليةُ إيجادِ الجواهر أصعبَ ممَّا كان يظن. حسنًا! حتى إن استطاع أن يجد بعض الجواهر، هل يعني ذلك أنه ستكون لديه القوة الكافية كي ينزل من الجبل وهو يحمل حقيبةً ثقيلةً فوق ظهره؟
كان إيان ينوي الوصول إلى مسافة أعلى، ولكن عندما وصل إلى مكانٍ فيه صخرة كبيرة، شعر أن قدمَيْه لم تَعودَا تستطيعان حمل جسده، فتَوقَّفَ عن السير وجلس خلف الصخرة في الظلِّ ينتظر ويراقب المكان حوله.
لم يمر الكثير من الوقت حتى سمع إيان صوتَ سير أقدام، ولكن هذه الأقدام كانت تسير نزولًا من الجبل؛ كانت هذه هي أقدام نفس المرأة التي رآها من قبلُ بين الأشجار عندما اختفى الرجل الطويل، ولكن في هذه المرة كانت المرأة تحمل حقائبَ مكتظَّةً بالجواهر.
ابتسَمَ إيان، ولكن عندما نظر إلى وجه المرأة لم يَرَ سوى الغضب والإحباط. ألقت ستار بالحقائب فوق الصخرة الكبيرة وهي تتمتم في غضب وتقول: «تهانينا يا ستار! لقد جلبتِ حقيبة أخرى مليئة بالجواهر. لا أعلم ما الذي يدفعني إلى المحاولة أصلًا! ما الهدف من هذا؟ أنا لا أستطيع فعل كل هذا بمفردي.»
ثم ضَربَت حجرًا من الأحجار الملقاة على الأرض بقدميها.
فجأةً، اقشعرَّ جسدُ إيان؛ كان ثمة تيارٌ كهربائي غريب في الهواء من حوله. وقفَتِ المرأةُ وحكَّتْ ذراعَيْها. لاحَظَ إيان بشرتها الشاحبة التي تبدو نصف شفافة، وأدرك عندها أن صورتها تهتزُّ أمامَه وكأنها تتلاشى لوهلةٍ ثم تعود ثم تتلاشى مجدَّدًا. في أقل من ثانية، تَذكَّرَ إيان ذلك الشاب الأشقر الذي اختفى فجأةً في الغابة، وتساءل ما إذا كانت هذه المرأة على وشك أن تختفي من المكان مثلما تبخَّرَ ذلك الشاب.
صرخ إيان وأظهر نفسه أمامها دون تفكير: «انتظرِي!»
تَجمَّدَت المرأة في مكانها ونظرت إليه وكأنها لا تصدِّق ما تراه، ولكنها لم تختفِ على الرغم من صدمتها.
تَجمَّدَ إيان في مكانه هو الآخَر وقد ملأه الخوف؛ إذ أدرك أنه لا يعلم ما يجب عليه قوله.
صاحت المرأة: «هل تستطيع رؤيتي؟»
فَهِمَ إيان كلامها على الرغم من لكنتها الثقيلة.
تَكلَّمَ إيان بصعوبةٍ وقال: «لقد جئتُ كي أشكركم على الجواهر.» نظرتْ إليه المرأة باستغراب؛ فظنَّ إيان أنها لم تفهمه فقال: «أنا … أنا الرجل الذي يترك لكم الخطابات … في الصندوق.»
بَدَتْ على وجهها نظرةُ تذمُّرٍ توحي بأنها تعرَّفَتْ عليه.
«أنتِ …» كان إيان على وشك إتمام جملته عندما قاطعه صوت شخص مرعوب ينادي من الأسفل عند سفح الجبل: «ستار! تعالَي إلى هنا بسرعة! إنها لي!»
همَّتِ المرأة بالنزول مُسرِعةً دون أن تنبس ببنت شفة، مخلِّفةً وراءها سحابة ترابية من سرعة حركتها، وتاركة الحقائب المملوءة بالجواهر في مكانها. وَقَفَ إيان في مكانه لِلَحظة ثم الْتَقَطَ الحقائبَ وتتبع أثرها بأقصى سرعة ممكنة.
كانت المرأة سريعةً جدًّا. وعلى الرغم من أن إيان انتظر لساعات، فإنه لم يستطع رؤيتها مجدَّدًا ذلك اليوم.
تساءَلَ إيان في تلك الليلة — عندما جلس يشاهد المطر وهو ينهمر خارج النافذة — هل كان ظهوره أمام تلك المرأة في اللحظة المناسبة قد منعها حقًّا من الاختفاء؟ لقد بَدَا الأمر وكأنه كذلك. هل استطاع حقًّا أن يغيِّر الأوضاعَ لمجرد أنه رآها؟ بدأت فكرةٌ تتبلور في ذهنه؛ كانت الفكرةُ جنونيةً، ولكنه … لم يستطِعْ مَنْعَ نفسه من أن يتساءل …
سأل إيان بصوتٍ عالٍ: «هل يمكنني منع الووركرز من الاختفاء عن طريق تقديرهم؟»
كان أمرًا غير معقول ومستحيلًا وجنونيًّا … ولكنه كان يعلم أن عليه أن يجد الإجابة عن ذلك السؤال.
لم تَمُر سوى أيام قليلة حتى وجد إيان نفسَه جالسًا عند الصخرة الضخمة الموجودة على الجبل مرةً أخرى. كان قد قضى هناك ساعتين، وكان على وشك أن يهمَّ بالنزول من الجبل عندما سمع صوت أقدام تنزل وتتقدَّم نحوه؛ كانت هذه أقدامَ المرأة نفسها وكانوا ينادونها باسم «ستار». ابتسم إيان عندما أدرك أنها لم تستسلم في نهاية المطاف، ولكنه لاحَظَ فيها شيئًا مختلفًا هذه المرة؛ لقد بدت ستار أكثر وضوحًا مما بَدَتْ عليه في تلك الليلة التي رآها فيها لأول مرة. كان إيان واثقًا من ذلك! لم تَبْدُ ستار وكأنها نصف شفافة كما بَدَتْ من قبلُ، ولكنها أيضًا لم تَبْدُ واضحةً تمامًا بعدُ. لاحَظَ إيان أن شخصًا ما كان بصحبتها.
قال إيان وهو يخطو نحو الطريق الجبلي: «اممم، يوم لطيف.» كانت هذه أول تحية رسمية يتبادلها شخص من الهايلاندرز مع أحد الووركرز منذ عقود، ومع ذلك لم يستطع إيان سوى أن يقول: «اممم، يوم لطيف.» شعر بالخجل من تحيته المخزية وأراد أن يصفع نفسه.
أومأَتْ ستار برأسها ردًّا على تحيته. لاحَظَ إيان أن ستار — على الرغم من حذرها — لم تَبْدُ عليها الدهشةُ من تصرُّفه. قال إيان لنفسه: «لا بد من أنها كانت تنتظر رؤيتي.» مدَّتْ ستار يدها إلى الخلف، وجذبت الشابة الصغيرة التي كانت تقف وراءها برفق؛ كانت الفتاة صغيرةً ولكنها كانت قويةَ البنية ولديها عضلات بارزة، وكانت بشرتها نصفَ شفافة؛ كانت شفافةً لدرجةٍ جعلت إيان يظن أنه إن أنعم النظر فقد يستطيع الرؤيةَ من خلال جسدها نصف الشفاف. قال إيان لنفسه: «إنها تبدو كالشبح.» وتساءل ما إذا كانت تلك الفتاة في المراحل الأخيرة التي تسبق الاختفاء.
«هذا هو الرجل الذي أخبرتُكِ عنه يا لي، هذا هو الرجل الذي يرانا.»
الرجل الذي يرانا؟ اندهش إيان وأدرك أنه لم يخبرها عن اسمه بعدُ.
استطردت ستار بلكنتها الثقيلة: «هذه أختي وتُدعَى لي، أردتُك أن تراها. أنت تستطيع رؤيتها، أليس كذلك؟»
أومأ إيان برأسه وقال: «نعم، أستطيع رؤيتها. إنها تتحرك بسرعة مثلك.»
ابتسمت ستار وقالت: «بالفعل. أنا سعيدة جدًّا أنك تستطيع رؤيتها.»
لم تعرف ستار سرَّ السعادة الغامرة التي كانت تشعر بها، ولكنها كانت تعلم أن شيئًا إيجابيًّا يحدث لأختها. لقد كانت قَلِقة جدًّا على لي منذ اليوم الذي لاحظوا فيه أنها كانت تتلاشى بسرعةٍ من أمامهم.
سألهما إيان: «هل تتسلَّقان الجبلَ كلَّ يوم؟»
فأجابتا لي وستار: «نعم، نتسلَّق الجبل عدة مرات في اليوم الواحد. لقد صار عددُ مَنْ يتسلَّقون الجبالَ منَّا قليلًا جدًّا، ولا سيَّما هؤلاء الذين يتسلَّقون بهدف الوصول إلى المناطق الشاهقة من الجبل.»
سارت كلٌّ من لي وستار على الطريق الذي يقود إلى أعلى الجبل، ومِن خلفهما إيان، وقد خَفَّفَتَا من سرعتهما مراعاةً لظروفه. شرحَتْ له ستار أنواعَ الجواهر المختلفة التي يمكن أن توجد على ارتفاعات مختلفة من الجبل، كما ساعدت إيان في العثور على أول قِطَع الياقوت كي يضيفها إلى ما يوجد في حقيبته. وفي النهاية، شرحت ستار بكل حماسٍ المخاطرَ التي سيسبِّبها الاختفاءُ المفاجئ — أو التبخُّر كما سمَّتْه — بالتفصيل الممل. ثم اجتازت عقبةً في الطريق وتوقَّفَتْ عند منحنًى حادٍّ يمتدُّ حتى سفح الجبل بالأسفل وقالت: «وهذا هو أحد المنحدرات التي اعتدنا أن نُلقِي الحقائبَ المليئة بالجواهر من عليه.» ثم ابتسمت ابتسامةً نادمة واستطردت: «ولكننا لم نَعُدْ نفعل ذلك كثيرًا.»
لم يَقُلْ إيان الكثير، وإنما أصغى وراقَبَ فقط. ولكن، بمرور الوقت، أدرَكَ أنه كان بصدد تعلُّم أشياء أكثر من تلك التي تَعلَّمَها أيٌّ من الهايلاندرز عن الجبال وعن الأشخاص الذين يتسلَّقونها بحثًا عن الجواهر.
يبدو أن الوقت قد مرَّ سريعًا؛ في لمح البصر كانت الشمسُ قد غابت في الأفق، وكانوا يهبطون من الجبل حاملين معهم الحقائبَ التي اكتظَّتْ بالجواهر الثمينة. لاحَظَ إيان في سرورٍ أن بَشَرَة لي لم تَعُدْ نصفَ شفافة بالقدر الذي كانت عليه، وأنها قد اكتسبَتْ لونًا ورديًّا شاحبًا بدلًا من ذلك.
فَكَّرَ إيان وهو يسير عائدًا إلى منزله وقتَ الغسق: «إن الخطة تسير جيدًا. هل هناك ما هو أفضل من نجاح تلك الخطة؟»
لم يستغرق الأمر الكثير من الوقت حتى وجد إيان الإجابةَ عن ذلك السؤال. في اليوم التالي، عندما وصل إيان إلى الصخرة الضخمة، وجد مفاجأةً في انتظاره؛ كان ثمة ستة من الووركرز ينتظرونه كي يراهم، أو بالأحرى، كانوا يريدون منه أن يراهم.
لم يكن إيان قد ذهب إلى برج المراقبة الذي يعمل فيه منذ أسابيع؛ كان يقضي الكثير من الوقت على الجبل، وعندما عاد إلى أبراج المراقبة كانت بَشَرَته قد اكتسبت سمرةً، وكانت البثور التي في قدمَيْه قد شفيَتْ كلها تقريبًا. أراد إيان أن يُطلِع الحراسَ الآخرين على تفاصيل ما كان يحدث على الجبل، على أمل أن يساعدهم ذلك في تغيير وجهة نظرهم كما حدث معه.
عندما وصل إلى منصة المراقبة استقبله الهايلاندرز الآخَرون بنظرات فاترة.
قال أحدهم: «انظروا مَنْ جاء ليزورنا؛ إنه ملك الجبل.»
ضحك عدد من الحُرَّاس.
وأضاف آخَر: «لقد قضيتَ الكثيرَ من الوقت هناك بالأعلى، هل صرتَ تجمع الجواهر بنفسكَ؟»
فتح إيان فمه كي يجيب ولكن أحدهم قاطَعَه.
قال آخَر وقد اعتلت وجهه نظرة تشاؤمية: «لن يأتي شيء جيد من وراء هذا الأمر أبدًا.»
بعد مرور دقيقة، هزَّ إيان رأسه في إحباطٍ والْتَقط حقيبةَ ظهره وهمَّ بالمغادرة.
فكَّرَ إيان وهو يسير باتجاه الجبل: «ولكن ثمة أشياء جيدة تحدث بالفعل.» لم يَعُدْ أحدٌ يُلقِي بالحقائب من فوق الجبل؛ ومن ثَمَّ فقد قلَّ عددُ الجواهر المكسورة التي كان يجدها في صناديقه؛ لقد كان هذا الأمر على رأس أولوياته. كما بدأ بعض الووركرز في تسلُّق الجبل لمسافات أعلى بحثًا عن الزمرد، إلا أنه لم يعثر أحدٌ على أيٍّ منه بعدُ.
سمع إيان صوتًا ينادي اسمَه من بعيد.
نظر إلى أعلى الطريق الجبلي ورأى على مسافة بعيدة جدًّا شخصًا يلوِّح له بذراعَيْه، ثم أخذ الشخص في الهبوط مُسرِعًا مخلِّفًا وراءه سحابةً ترابية، وكان يقول شيئًا بصوت عالٍ لم يستطع إيان فهمه.
هرع إيان نحو الشخص متسائلًا: «هل أُصِيب أحدهم؟»
كان ذلك الشخص هو ستار، عرفها إيان من صوتها قبل أن يراها.
صاحت ستار: «لقد فعلتُها! لقد عثرتُ عليه!» أبطأ إيان من سرعته قليلًا وقد هدأ روعه. كانت نشوةُ الانتصار لا رهبةُ الخوف هي ما يملأ صوتها.
صرخت ستار وهي تحمل حقيبة في يديها: «لقد عثرتُ على أول زمردة في حياتي! لقد فعلتُها! إنني أعلم أين يمكن العثور على الزمرد، ويمكنني أن أُرِي الآخرين المكان.» ثم قالت وهي تلقي بالحقيبة في اتجاه إيان: «انظر!»
عندما فتح إيان الحقيبة وجدها مكتَظَّة بالزمرد الذي يجمع لونُه بين الخضرة والزرقة. لم يكن إيان قد رأى في حياته كميةً كبيرةً كهذه من الزمرد.
قال إيان: «كنتُ أعلم أنكِ ستكونين الشخصَ الذي يفعلها. لم يجلب أحدٌ أيَّ زمرد منذ فترة طويلة يا ستار؛ ومن ثَمَّ فالأمر يدعو إلى الاحتفال.»
أخذت ستار تروي لإيان تفاصيلَ رحلتها طوالَ الطريق أثناء هبوطهما من الجبل؛ حَكَت له كيف استيقظَتْ مبكرًا، وكيف كانت على وشك الاستسلام ولكنها قرَّرَتْ أن تتسلَّق لمسافة أعلى، وكيف اكتشفَتِ الشقَّ الذي لم يكتشفه أحدٌ قبلَها. واستمع إيان لتفاصيل رحلتها في سرور.
عندما وصلَا إلى سفح التل تركته ستار كي تخبر عائلتها بما حدث، واستعان إيان ببقية الووركرز في إعداد احتفال خاص. ثم انفرد بنفسه في مكان معزول كي يفكِّر في الكلمات المناسبة التي سيُلقِيها في الاحتفال. فكَّرَ إيان في مدى التقدير الذي لم تزل ستار تكنُّه لِجون الذي رآه بأم عينَيْه وهو يختفي؛ فقد كانت ستار تتحدَّث عنه كثيرًا؛ كما تَذكَّرَ كيف أحضرَتْ ستار أختها لي إلى الجبل كي يراها؛ وفكَّرَ أيضًا فيما قالته الآن عندما قالت: «سأُرِي الآخرين.» لعلها عَنَت بذلك أنها ترغب في بعضٍ من المسئولية الإضافية.
في تلك الليلة، تجمَّع الووركرز حول نيران المخيَّم بعد أن هبطوا جميعًا من الجبل. كان خبرُ الإنجاز الذي حقَّقَتْه ستار قد شاع بينهم، وقد لمعت عيونهم في شوقٍ لما سيحدث. كانت ثمة عدة احتفالات خلال الأسابيع الأخيرة، وعلم إيان أنهم أصبحوا يترقَّبون مثل هذه الاحتفالات في لهفة.
وقف إيان وقال: «كما تعلمون، لقد حقَّقْنا إنجازًا تاريخيًّا اليومَ.»
رفع إيان الحقيبة المليئة بالزمرد أمامَهم وهتف الووركرز وصاحوا في فرحة.
استطرد إيان قائلًا: «لقد حَقَّقَتْ واحدة منَّا إنجازًا لم يحقِّقه أحدٌ منذ سنوات عديدة. ستار، هلَّا تقدَّمْتِ إلى هنا؟»
تقدَّمت ستار وقد احمرَّتْ وَجْنتاها خجلًا، وانضمَّتْ إليهم كي تجلس في ضوء النار.
«اليومَ، جلبتْ ستار أولَ حقيبة زمرد أراها في حياتي.»
أفرغ إيان محتويات الحقيبة برفقٍ على الأرض ليكشف عن حبات الزمرد البرَّاقة التي بَدَتْ وكأنها شُهُب خضراء صغيرة من اللهب؛ الأمر الذي جعل الووركرز يهلِّلون فرحًا.
انتظَرَ إيان حتى هدأت الضجة ثم قال: «اعتادَتْ ستار تسلُّقَ الجبل مع جون قبل أن يختفي، وقد رأى جون ما لديها من إمكانات. لعلكم تَذْكرون أن جون كان أول مَنْ جلب الماس في الماضي، وأعتقد أنه كان سيكون فخورًا بها لو كان معنا اليومَ.»
خفضت ستار رأسها، ولاحَظَ إيان أنها كانت تغلق عينَيْها وتفتحهما بسرعةٍ، وكأنها تحاول إخفاءَ دموعها.
«إن ستار تعلم مكانَ وجود الزمرد، وكلكم تعلمون أنها سريعة وماهرة في التسلُّق، كما أنها حَذِرة ويمكن الوثوق بها؛ لذا، من اليوم ستقود ستار فريقًا من الووركرز إلى منجم الزمرد بصفة يومية، وأودُّ أن تكون «لي» أولَ عضوٍ في هذا الفريق.»
أخذ إيان زمردةً كبيرة على شكل نجمة وربطها بسرعةٍ في حبل جلدي، ثم لفَّ القلادةَ حول رقبة ستار وقال: «هذه القلادة يا ستار ستخلِّد لديك ذكرى اليوم الذي جلبتِ فيه أولَ قطعةٍ من الزمرد من جبل ساكاس.»
هلَّلَ الووركرز فرحةً، وبدءوا في الرقص بكل عفويةٍ، وعُزِفت الموسيقى وأجهشت ستار بالبكاء.
(١) التقدير
(١-١) الاحتفاء!
من السهل عليك أن تعتقد أن المال سيحلُّ مشاكلَ موظفيك، وأن زيادة الرواتب ستحسِّن من الإنتاجية، أو تحفِّز الأفكارَ لدى الموظفين، أو تنمِّي علاقتك بالعملاء. ولكن على الرغم من أهمية الرواتب التنافُسية، فإن زيادة الرواتب عمَّا هو متداوَل في سوق العمل — حتى إن كانت هذه الزيادة في حدود ميزانيتك — لن تدفع الموظفين إلى تحسين أدائهم. في الواقع، إن الحلول الفعلية لمشاكل موظفيك ستكلِّفك أقلَّ من ذلك بكثيرٍ؛ فكلُّ واحد من موظفيك يودُّ أن تراه وتعترف بقيمته وتقدِّره.
يقول ريتشارد كوفاسيفيتش، مدير شركة ويلز فارجو للخدمات المالية: «إن التقدير هو أداةُ التحفيز الأقلُّ استخدامًا في الولايات المتحدة.» كوفاسيفيتش واحد من الإداريين الذين اكتشفوا أنه في ظِل تبنِّي ثقافة التقدير، سيستحيل على أيٍّ من الموظفين أن يبقى غير مرئي لمدة طويلة. يعلم كوفاسيفيتش أن الناس يفضِّلون أن يكونوا أعضاءً في الفريق الرابح، وأنَّ أهم ما يميِّز الفريقَ الرابح هو الاحتفاء بإنجازاتِ أيِّ عضوٍ من أعضائه.
في هذا القسم من الكتاب، سنناقش سمات التقدير والثناء الفعَّال؛ وهي أن يكون خاصًّا محدَّدًا وصادقًا وعلنيًّا ومناسبًا ومتكرِّرًا.
(١-٢) كُنْ محددًا!
إنَّ الثناء العام غير الموجَّه إلى شخصٍ بعينه لا يترك أثرًا يُذكَر.
دَعْنا نكرِّر ذلك: الثناءُ العام لا يترك أثرًا يُذكَر.
إذا سبق لك أن شاهدتَ أحدَ المدربين في دوري كرة السلة تحت سن ١٨ عامًا وهو يقوم بعمله، فلا بد من أنك قد تساءلْتَ عن الطريقة التي يحصل بها هذا المدرب من فريقه على أفضل أداء؛ هل يعود السرُّ في ذلك إلى سلطة المدرب على هذا الفريق الذي يتكوَّن من مجموعة من الأطفال الصاخبين، أم إن ثمة أمرًا آخَر؟ إنَّ الفَرْق بين العظماء والفاشلين من هؤلاء المدربين لا يقتصر فقط على مدى معرفتهم باللعبة، وإنما يشمل أيضًا الطريقةَ التي يتفاعلون بها مع لاعبيهم.
لعلك شاهدتَ واحدًا من هؤلاء المدربين الذين يقفون على حدود الملعب ويصرخون في غضب من كل كبيرة وصغيرة؛ يخالون أنفسَهم بيل بارسيلز، وهو واحد من أشهر مدربي لعبة كرة القدم الأمريكية. والنتيجة هي ملعب مليء بالأطفال المرعوبين الذين يعيشون في خوفٍ مستمر من ارتكاب أيِّ خطأ يثير غضبَ المدرب؛ ومن ثَمَّ يعزفون عن المخاطرة. إن مثل هذا الفريق قد يصبح فريقًا جيدًا تحت إدارة هذا المدرب، ولكنْ هيهات أن يصبح عظيمًا.
بل إن ثمة احتمالًا كبيرًا أن هؤلاء الأطفال لن يلعبوا كرةَ السلة مجدَّدًا في العام التالي.
لعلك رأيتَ أيضًا ذلك المدرب الذي يظن أنه مستر روجرز — واسمه الكامل فريد روجرز، وهو مذيع أمريكي كان يقدِّم برامجَ تعليميةً للأطفال — إنَّ هذا المدرب لا يهتم بنتائج المباريات، ولا يتابع الإحصائيات الرياضية، وإنما يربِّت على كتف كلِّ اللاعبين وهم يغادرون أرض الملعب ويقول: «أحسنتَ، أحسنتَ، أحسنتَ.» الجميع رائعون في نظره، حتى ذلك الولد الذي لم يفعل شيئًا سوى أنه تمكَّنَ من ربط حذائه بنفسه، يبدو رائعًا بالنسبة إليه. ستقول إنَّ ما يقوم به هذا المدرِّبُ يحفِّز جميعَ اللاعبين.
في الواقع، هو يظن أن ما يفعله يحفِّز جميعَ اللاعبين، ولكن هذا ليس حقيقيًّا.
ثمة نوع ثالث قلَّمَا تراه بين المدربين، وهو نوع المدربين الذين يثنون على لاعبين محددين في الوقت المناسب، كي يتعلَّم لاعبوهم مبادئَ اللعبة، فيقول المدرب منهم: «لقد ألقيتَ بنفسك أمام الكرة أثناء الضربة المنخفضة كما قلتُ لك يا توني. ربما تكون قد فشلتَ في التقاط الكرة، ولكنك أُصِبتَ بخدشٍ جميل! لقد قمتَ بمجهود رائع.» أو يقول: «بريندن، لقد جريتَ مسافة جيدة بالكرة في البداية، وقد منحك هذا مساحةً أكبر، وماذا حدث بعد ذلك؟ نعم، لقد تمكَّنتَ من إخراج اللاعب الآخَر من منطقتك؛ أَلَا يبدو ذلك رائعًا؟»
أيُّها المدرب
شكرًا على تدريبك لي. لقد لاحظْتُ أنكَ تُولِيني اهتمامًا أكثر من ذلك الذي تُولِيه معظمَ الأولاد الآخَرين. أشعر أن مستواي قد تحسَّنَ كثيرًا عمَّا كان عليه في بداية هذا الموسم، والفضل في هذا يعود إليك. أنت مدرِّب عظيم؛ أنت تعلِّمنا كلَّ الأمور الصغيرة التي لن يعلِّمها المدربون الآخَرون لِلَاعبيهم، ولكن هذه الأمور الصغيرة التي تُعلِّمنا إياها لها تأثيرٌ كبير على الأمور الكبيرة. ما أقصده هو أنني كنتُ أتعلم أمورًا لم أكن لأتعلَّمها. كنتَ تبسِّط كلَّ الأمور التي كنتُ أعتقد أنني أعرفها، مثلما فعلتَ مع حركة السلم، عندما قلتَ لي أن أقفز بيدٍ واحدة، وما إلى ذلك من الأمور الصغيرة. ولكن كل هذه الأمور الصغيرة تُحدِث فارقًا؛ فما من مدربٍ قد ينصح لاعبيه بالاستماع إلى الموسيقى قبل المباراة مثلما نصحتَنا أنت! أنت مدرب رائع وتشرح الأمور لنا جيدًا. شكرًا لك. أعلم أن بدايتي لم تكن سهلةً، ولكنك جعلتَني أتمالك نفسي وأصير أقوى. شكرًا لك.
كان هذا مثالًا لمدرب عظيم أَلْهَمَ أحدَ لاعبيه أن يكتب له خطابَ شكرٍ عظيمًا مثله. إنَّ خطاب مات — الذي لا يتعدَّى عمرُه أحد عشر عامًا — كان أفضل كثيرًا من عبارة «أحسنتَ صنعًا» التي تقال كثيرًا، أَلَا تعتقد ذلك؟ ثِقْ بنا عندما نقول إنَّ مَن يتلقَّوْن خطابات الشكر هذه يعتقدون ذلك.
وهكذا سيكون رأيُ موظفيك.
عبِّرْ عن تقديرك لموظفيك بالطريقة التي تريد، ولكن حذارِ من أن تصير هذا المديرَ الذي يتجوَّل في المصنع ويتظاهر بأنه شخص ودود، ويكرِّر عبارات مصطنعة من قبيل: «أحسنتم يا شباب!» أو «إلى الأمام، واصلوا هذا العمل الرائع!» إنَّ مثل هذا الثناء غير الموجَّه إلى شخصٍ بعينه لا يحفِّز أحدًا على العمل. في الواقع، يبدو مثل هذا النوع من الثناء العام؛ مهينًا إلى حدٍّ ما، ويجعل الموظفين يتساءلون: «هل يعلم هذا الأحمق ما هي الوظيفة التي أقوم بها في هذا المكان من الأساس؟»
لكن عندما يقف مديرُك المباشِر ويتباهى بإنجازاتك الشخصية لمدة ١٠ دقائق، فمن المستحيل أن تشك في مدى إلمامه بما يجري في المكتب، كما أنك لن تشعر بأنك شخص غير مرئي لا أحدَ يرى جهوده. في الواقع، لن تشعر بشيء سوى الزهو والفخر.
فيما يلي نصٌّ لمثالٍ عظيم على الثناء الخاص المحدد في مكان العمل؛ سمعنا هذا الثناء في حفل توزيعِ جوائز الأداء المهني الذي حضرناه في مجموعة شركات ويستفيلد للتأمين، والتي تُقدَّر قيمتُها بثلاثة مليارات دولار، ويقع مقرُّها في ولاية أوهايو. يقدِّم بوب — المديرُ في هذا المثال — الجائزةَ إلى براين أمام زملائه.
خطاب قصير، بالطبع. ولكن أَلَمْ تكن لحظةَ تقديرٍ رائعةً؟ بلى. ونحن واثقون من أن براين يشاركنا الرأي.
إنَّ الفرق بين اللحظات الرائعة واللحظات السيئة يكمن في تحديد الأمور ذات الأهمية القصوى بالنسبة إلى فريقك أو شركتك. ولكي تصبح محددًا، عليك أن تكون مستعِدًّا. في الفصول السابقة، كنَّا قد حَثَثْناك على الاحتفاظ بسجلٍّ يضمُّ المعلومات المثيرة للاهتمام عن موظفيك؛ إنَّ الاحتفاظ بذلك السجل سيمنحك معلوماتٍ يمكنك استخدامها أثناء مراسم تقديم الجائزة للموظف المعنِيِّ.
فيما يلي كيفية استخدام هذه المعلومات: قُبَيْل المراسم، خَصِّصْ فترةً قصيرة من الوقت دون مقاطعة واستغلها في التحضير لما ستقوله. استخرِج السجل الخاص بنشاط هذا الموظف وراجعه. دوِّن بعض الملاحظات؛ لن تستغرق هذه العملية ساعة واحدة، وقد تستغرق ٥ أو ١٠ دقائق إذا كنتَ سريعًا، وهو وقت كافٍ كي تقرِّر فيه الإنجازات المحدَّدة التي ستتحدث عنها، وكي تقرِّر ما إذا كنتَ تريد أن ينضمَّ إليك شخصٌ آخَر في أثناء المراسم (هذا الشخص يمكن أن يكون زميلَ عملٍ حاليًّا، أو شخصًا من قسم آخَر)، وكي تتأكَّد من صحة أي معلومات عن الموظف قد تكون غير متأكِّد من صحتها.
إنَّ الدقائق القليلة التي ستقضيها في التحضير قُبَيْل مراسم تقديم الجائزة ستؤتي أكلها عندما تحين لحظةُ التقدير، ويشعر الموظف بأن ثمة مَنْ يقدِّره حقًّا. وإذا أردتَ أن تعرف ما إذا كان المجهود الذي ستبذله في تقدير موظفيك سيؤتي ثماره في المستقبل أم لا، فتشبَّثْ جيدًا؛ لأنك ستشهد تغييرًا قد يستمر لبقية عمرك. نعم، هذا ما سمعته، سيستمر هذا التغيير لبقية عمرك.
ما الذي حدث منذ أول مرة قال فيها أحدهم لجيسي أوينز — العدَّاء الأمريكي الشهير الذي حصل على الميدالية الذهبية في دورة الألعاب الأولمبية أربع مرات — إنه سريع؟ وماذا حدث منذ أول أو ثاني أو ثالث مرة قال فيها أحدهم لفرانك سيناترا إنه يستطيع الغناء؟ أو عندما قال أحدهم لجيري ساينفيلد إنه مضحك؟ أو لمارلين مونرو إنها جميلة؟ أو لجرينسبان، وهو اقتصادي أمريكي شهير تستعين أكبرُ الشركات والمؤسسات المالية بخبرته، إنه ذكي؟
ما الذي قيل لك؟ وكيف شعرتَ عندما تلقيتَ التقدير؟ ربما تلقَّيْتَ التقديرَ عن قدراتك الحسابية أو الفنية أو الرياضية، أو عن حسِّك الفكاهي، أو حتى عن تسريحة شعرك؛ هذا كله لا يهم، ما يهم هو أنَّ فعل التقدير نفسه على الأرجح قد دفعك إلى تكرار الفعل أو المجهود الذي نلتَ التقدير من أجله، أو جعلك تركِّز أكثر على صفاتك التي كانت سببًا في هذا التقدير. دَعْنا نواجه الأمرَ بصراحة؛ لقد كان بافلوف مُحِقًّا؛ إن التقدير هو الجرس الذي يحفِّز رنينُه السلوكَ الإنساني، ويجعلنا نكرِّر ذلك السلوك. تأمَّلْ أهدافك المهنية، أو الإنجازات التي تفخر بها، أو حتى الهوايات التي تشعر بالشغف نحوها أكثر من أي شيء آخَر؛ وستجد أنك على الأرجح قد اخترتَ لمستقبلك المهني طريقًا يبعد عن مجال اهتماماتك؛ لقد اخترتَ طريقًا يتصل مباشَرةً بنشاطٍ تلقيتَ عنه في لحظةٍ ما في حياتك تقديرًا كان موجَّهًا إليك تحديدًا.
فَكِّرْ في هذا الأمر؛ لقد كان التقديرُ الموجَّهُ إليك على وجه التحديد مصدرَ إلهامٍ لك، فلماذا تعتقد أن هذا لن يكون مصدرَ إلهامٍ لموظفيك أيضًا؟
(١-٣) الصدق مهم
من الصعب أن تكون صادقًا إن لم تكن مستعِدًّا؛ فقد تفلح في ارتجال أي شيء كي تتجنَّب الإحراج أثناء اجتماعِ عملٍ مع موظفيك، ولكنك لن تفلح في فعل الشيء نفسه عندما تحين اللحظةُ التي ستعبِّر فيها عن تقديرك لموظفٍ ما.
«تيم، أعني توم، لا أعلم كَمْ قضيتَ من الوقت وأنت تعمل هنا، ولكنك قضيتَ مدةً طويلةً. لقد أبليتَ بلاءً رائعًا في التعامُل مع هذا اﻟ … اﻟ … في ذلك اليوم، ولقد أردنا أن نعبِّر لك عن مدى تقديرنا لكل ما تفعله.» إنَّ هذا، كما ترى، لن يفي بالغرض.
لا يوجد ما هو أسوأ من أن يُخطِئ المدير، الذي لم يستعِدَّ جيدًا، في اسم الموظف الذي سيحصل على الجائزة (لقد سمعنا هذه القصة عشرين مرة على الأقل)، أو أن يخطئ في المعلومات التي لديه عن الموظف، أو ألَّا يجد ما يقوله. انتظر! لقد فكَّرْنا في الأمر مجدَّدًا، ويبدو أن ثمة ما هو أسوأ من ذلك؛ إنَّ أسوأ لحظات التقدير هي تلك اللحظات التي لا يعبأ فيها الإداريون بالحضور لتقدير الموظفين بأنفسهم من الأساس.
«سنكلِّف أيَّ شخصٍ غير مشغول باصطحابك إلى العشاء يا تيم.» لن يفي هذا بالغرض أيضًا.
لا تُسِئْ فهمنا، إن اصطحاب أفضل الموظفين لديك إلى عشاءٍ رائعٍ في مطعم فاخَر، في الغالب يكون طريقةً جيدة لتقديرهم. إنَّ هذا النوع من التقدير يأخذ الموظفين بعيدًا عن بيئة العمل في المكتب، ويسمح لهم بالاستمتاع بوجبة ممتازة لم يكونوا ليسمحوا لأنفسهم بالاستمتاع بها في الأوقات العادية؛ ولكن هذه التجربة ستكون أفضلَ بكثير إذا ذهب الموظف إلى العشاء مع واحدٍ من أكبر المديرين التنفيذيين بمؤسستك؛ حيث إنَّ ذلك سيُظهِر له أن الإدارة العليا تهتمُّ لأمر الموظفين، وسيتيح للموظفين الفرصةَ للتعبيرِ عن أفكارهم، والحديثِ عن نجاحاتهم أمام شخص يملك السلطةَ الكافية لتحويل هذه الأفكار إلى واقعٍ.
يعمل واحد من أقدم أصدقائنا في الحي المالي بمانهاتن، ويُعَدُّ صديقنا هذا واحدًا من أفضل مديري المَحافظ الاستثمارية في شركته، وقد ظلَّ أداؤه الوظيفي عاليًا على مرِّ السنوات. مؤخرًا، قرَّرَتْ شركتُه تكريمَ أفضل سبعة مديرين لديها باصطحابهم إلى عشاءٍ في مطعم فاخر في المدينة، وقد تلقَّى كلٌّ من المديرين السبعة بطاقةً جميلة تدعوه لِلِّقاء في ذلك المطعم في وقتٍ محدَّد وفي ليلة محدَّدة.
عندما جاء اليوم المنتظَر، اتجه صديقنا إلى المطعم بعد أن عمل لوقت متأخِّر كالعادة. كان من اللطيف أن يقضي ليلةً بصُحبة أهم الشخصيات بالشركة، وقد كان متحمِّسًا حقًّا.
عندما وصل إلى المطعم لم يَرَ أيَّ شخصٍ يعرفه؛ لم يَرَ مديرَه ولا مديرَ مديره. انتظَرَ قليلًا وظلَّ يراوغ إلى أن لاحَظَ أن ثمة بضعة أشخاص يفعلون الشيء نفسه، وفي نفس الوقت تقريبًا تجمَّعَ هؤلاء الأشخاص وسأل بعضهم بعضًا عن مكان عملهم. نعم، تخمينك في محله! كان هؤلاء هم أفضلَ سبعة مديرين، وقد ذهبوا إلى مدير الحجوزات بالمطعم واكتشفوا أن الحجز قائمٌ بالفعل، ولكنه يقتصر على سبعتهم ولا يشمل أيًّا من المديرين؛ سيكونون مجرد سبعة موظفين لم يتقابلوا في حياتهم قبل تلك الليلة، يتناولون العشاء معًا. لن يتعرَّفوا عن قُرْب على كبار المديرين بالشركة، ولن تكون ثمة جوائز؛ لن يكونوا سوى سبعة أشخاص منزعِجين، ولديهم صلاحية الإنفاق في هذه الليلة من حساب الشركة.
بالطبع، طلب الموظفون الأكلات والخمور الأغلى ثمنًا على قائمة المطعم، وقضوا الليلة وهم يَشْكُون من الشركة ومن بلادة إحساس الإدارة.
غالبًا ما تَرِدنا أسئلةٌ حول ما إذا كان التقدير يُجْدِي نفعًا مع الموظفين الذين يحصلون على دَخْل مرتفع. وقد يسألنا أحدهم ويقول: «أَلَا تبدو مثل هذه الأمور تافهةً بالنسبة إلى هؤلاء الموظفين؟» حسنًا، الإجابة أمامك: لقد كان هؤلاء سبعةً من أفضل الموظفين في الشركة، وكلهم يتقاضَوْن رواتب خيالية، ومع ذلك فقد غضبوا لأن أحدًا لم يهتم لأمرهم بالقدر الكافي كي يقضي معهم ليلةً واحدةً يعبِّر لهم فيها عن شُكْره.
وبدلًا من أن يقضوا الليلةَ في الاحتفال بما حقَّقوه من نجاحات وإنجازات، قَضَوْها في الشكوى من الإدارة غير الفعالة لشركتهم وانتقادها. وبالطبع، فقد روى هؤلاء الموظفون ذلك الموقف لأصدقائهم، وهكذا انتقلَتْ إلينا هذه القصة. أَلَا تعتقد أنهم قد حكوا الموقفَ نفسه لزملائهم؟
عندما تعبِّر عن احترامك الصادق لموظفيك، فإن خبر احترامك لهم ينتشر بسرعة؛ ولكن عندما تسيء معاملتهم، فإن أخبار معاملتك السيئة لهم تنتشر أسرعَ مثلما، تنتشر النارُ في الهشيم. إن العلة تكمن في التفاصيل؛ لذا، عليك أن تنتبه وتكون حاضرًا عندما يحين وقتُ تقديرِ أفضلِ الموظفين لديك، وأنْ تعمل على تكريمهم تكريمًا يلمسون فيه صِدْقَ مشاعرك. إذا فعلتَ ذلك، فسيبقى هؤلاء الموظفون في شركتك وسيواصلون التزامهم بعملهم. وتذكَّرْ دائمًا أن تقدير أيِّ شخصٍ يتطلَّب وجودَ شخصٍ آخَر كي يعبِّر له بنفسه عن هذا التقدير.
بمرور السنوات، اكتشفنا أن واحدة من أفضل الطرق التي تجعل التقدير حقيقيًّا، هي أن توجِّه التقديرَ نحو الأشياء الأكثر أهميةً في مجال عمل الموظف؛ إذا أردتَ تقديرَ موظف ينظِّف أرضيةَ المتجر، يمكنك أن تُثنِي على خلوِّ الأرضية من العيوب؛ وإذا أردتَ تقديرَ موظف يعمل في تحميل البضائع، يمكنك أن تُثنِي على الْتِزامِه بمعايير الأمان وتحميلِه للبضاعة بالكامل دون أن ينسى منها شيئًا؛ وإذا أردتَ تقديرَ ممرضةٍ تعمل في وحدة العناية المركَّزة لحديثي الولادة في أحد المستشفيات، يمكنك أن تُثنِي على دقتها في العمل ورأفتها بالمرضى؛ وإذا أردتَ تقديرَ موظفٍ يعمل في مجال التسويق، يمكنك أن تُثنِي على إبداعه.
لكن إنْ لم تتبنَّ مفهومَ التقدير وتطبِّقه في هذه الأيام الصعبة التي نمرُّ بها، فسيكون من الصعب الاستفادة بالأثر المكثَّف للتقدير لاحقًا. ولا أحدَ يدرك حقيقةَ هذا الأمر أكثر من راي بلانشيت، المدير التنفيذي لسلسة مطاعم جوز كراب شاك، وقد قابلنا راي وفريقه المتميِّز في هيوستن. قال راي: «إنَّ أكبر خطرٍ يهدِّد عملَنا حاليًّا، هو الوضع الاقتصادي القائم.» وأضاف: «ومن ثَمَّ، فعلينا أن نتخذ خطواتٍ إضافيةً كي لا نَدَعَ هذا الوضعَ الاقتصادي يهزمنا. إنَّ تقديم الخدمة الممتازة لعملائنا هدفٌ لن يتحقَّق إلا إذا أبقينا موظفينا منهمِكين في عملهم ومتفانين فيه عن طريق التقدير.»
تحت إدارة بلانشيت، خلقَتْ شركةُ جوز كراب شاك مفهومًا جديدًا ينطبق على الخدمة، وعلى الطعام الذي تنتجه الشركة، وكان هذا المفهوم بمنزلة رسالة موحَّدة تُبَثُّ عبر الشركة ككلٍّ؛ إنه مفهوم الكمال. يقضي هذا المفهوم بتحقيق الكمال في كل شيء؛ بحيث تقدِّم الشركةُ مأكولاتٍ ومشروباتٍ وخدمةً مثاليةً. وكما هو واضح، فإنها ليست بالمهمة السهلة.
يقول راي: «نعلم أننا لن نصل إلى الكمال أبدًا، ولكننا نسعى إلى الكمال على أمل أن نحقِّق التميُّزَ. إذا جعلتَ هدفَك أن تصيب قلب الهدف، فستصيب الهدفَ على الأرجح؛ ولكن إذا صوبتَ نحوَ الهدف عمومًا، فقد تفشل في إصابته كليًّا.»
ولكي يُصِيب راي هدفَه، فإنه يحرص على وضع الأشخاص المناسبين في الأماكن المناسبة بالشركة، ثم يتبع ذلك ببثِّ رسالةٍ موحَّدةٍ وتعميمها على مستوى الشركة.
يقول راي: «إننا نستخدم كلمة «مثالي» في التسويق للمأكولات والمشروبات والخدمة التي تقدِّمها الشركة، لكننا نستخدم هذه الكلمة داخل الشركة أيضًا؛ هذه الكلمة يستخدمها المحاسبون وموظفو التسويق، ونشير بها إلى جميع المنتجات الداخلية بالشركة. والهدف من ذلك هو ترسيخ رسالتنا؛ فتكرارُ الرسالة مرةً بعد مرة سيخلق لنا أساسًا نبني عليه فيما بعدُ. إن الاستمرارية في نشْرِ أيِّ رسالةٍ هي العامل الذي يحوِّل أيَّ مفهوم مجرَّد إلى واقع ملموس.»
ومثل هذه الاستمرارية تستمِدُّ وقودَها أيضًا من مراسم تقديم جوائز التقدير، التي تكافِئ فيها الشركةُ الموظفين الذين يسعون جاهدين إلى تحقيق مسعى الشركة نحو الكمال.
تنامى لدى بلانشيت، أثناء فترة عمله بمنصبٍ قياديٍّ في سلسلة مطاعم تي جي آي فرايدايز، اهتمامٌ خاصٌّ بمفهوم التقدير. قال بلانشيت: «إن مطاعم فرايدايز مهووسةٌ بمفهوم التقدير. كان الحصول على زرٍّ مكتوب عليه كلمة «رائع» مقابل تقديم خدمة جيدة للعملاء، أو إهداء زرٍّ مكتوب عليه عبارة «أهم لاعب في الفريق» لأفضل موظَّف في المناوبة؛ أمرًا يعني الكثير بالنسبة إلى الموظفين. ولقد اكتسَبَ مفهومُ التقدير الأهميةَ نفسها بالنسبة إليَّ خلال مسيرتي المهنية؛ لديَّ إيمان بأن مهمة خلق المناخ المناسب لسير العمل تقع على عاتق المدير، وهذا الإيمان يقودني بدوره إلى إيمانٍ آخَر قويٍّ بأهمية تبنِّي ثقافة التقدير.»
وأضاف راي أن مفهوم التقدير هو مفهوم عالمي؛ فهو يعمل في موسكو بنفس الفعالية التي يعمل بها في ميلووكي. يسترجع راي ذكرى هذه اللحظة التي أدرك فيها الحاجة الماسَّة إلى تبنِّي مفهوم التقدير. كان راي قد شارك توًّا في إطلاق أول فرع لمطاعم تي جي آي فرايدايز في العاصمة الروسية موسكو، وكان قد جمع الموظفين في اليوم الذي سبق الافتتاح الكبير من أجل إهدائهم تلك المكافآت التي استحقُّوها عن جدارة؛ إلا أن واحدةً من الموظفين الذين تلقَّوْا التقديرَ قد أجهشَتْ بالبكاء. يقول راي: «عندما تحدَّثْتُ إليها قالت إنها هي التي ينبغي أن تشكرني على أن وظيفتها الجديدة كانت أفضل شيءٍ حدث لها في حياتها. أدركتُ في تلك اللحظة مدى التأثير الذي يمكن للتقدير أن يتركه على الموظفين، وأدركتُ أيضًا أن التقدير لا بد أن يشكِّل جزءًا كبيرًا من ثقافة العمل لدى أي شركة تودُّ أن تنمو وأن يكون موظفوها متفانين في عملهم.»
إنَّ شركة جوز كراب شاك تعطينا الدليل على أن اصطحاب الموظفين إلى عشاءٍ في مطعم فخم، ليس سوى طريقة واحدة من بين طرق أخرى كثيرة لمكافأة الموظفين. إنَّ أي مدير أهدى موظفيه بطاقةَ شكرٍ مكتوبةً بخط اليد — أو أي شخص تلقَّى بطاقة مماثلة — يدرك مدى قوة القلم؛ لذا، فإذا كنتَ تريد فعل شيء واحد بعد الانتهاء من هذا الكتاب، فمن فضلك ابدأ في إرسال عددٍ من بطاقات الشكر المكتوبة بخط اليد إلى موظفيك. يمكنك شراء دفتر يحتوي على بطاقات شكر عبر الإنترنت، أو يمكنك شراؤه من أي متجر لبطاقات التهنئة. لقد رأينا مثل هذه البطاقات لدى موظفين لصقوها على حوائطهم، وأخرجوها من جيوب المحفظة، وخبَّئوها في سجلات ذكرياتهم السعيدة، واحتفظوا بها لسنوات. لماذا فعلوا كل هذا؟ لأن تلقِّيَ التقدير حدثٌ نادر، ولأن هذا التقدير قد صدر عنك أنت، هذا التقدير قد تلقَّوْه من مديرهم، والأهم في ذلك أن هذا التقدير كان تقديرًا صادقًا، وأُشِيرَ فيه بالتحديد إلى الإنجاز العظيم الذي حقَّقوه.
عندما يرسل راندل بطاقات الشكر، دائمًا ما يأخذ من وقته ٢٠ ثانية كي يكتب عنوان المرسَل إليه بخط اليد، ويضيف إلى ذلك ثواني إضافية يكتب فيها العنوان بالكامل من دون الاختصارات المعتادة (فيكتب «عَقَار» بدلًا من «ع»، و«شارع» بدلًا من «ش»). يقول راندل إن الأمر لا يستغرق منه أكثر من عدة دقائق، ولكن الشخص الذي يتلقَّى تلك البطاقة المكتوبة بخط اليد يعلم أنها لا يمكن أن تكون موجَّهةً إلى أحدٍ غيره؛ وهذا يعني الكثير جدًّا بالنسبة إليه.
ويضيف راندل: «كلما شكرتُ مزيدًا من الأشخاص الرائعين الموجودين حولي، لمستُ أكثرَ حجمَ المساعدة التي أتلقَّاها منهم. لقد تغيَّرَتْ حياتي بفضل هذا الأمر، وأنا واثق من أن الأمر نفسه سيغيِّر حياةَ أشخاصٍ آخَرين.»
(١-٤) اجعل التقدير علنيًّا!
إذا سقطَتْ شجرةٌ فوق منزلٍ في الغابة، هل ستُحدِث صوتًا؟ ماذا عن التقدير غير العلني؟ هل يترك الأثرَ نفسه؟
الإجابة — في معظم الحالات — هي: لا.
في مجموعة شركات ويستفيلد للتأمين، خضع المديرون لتدريبٍ على أهمية مراسم تقديم جوائز التقدير. يقول تي إل بروسو، مدير العمليات بالشركة: «عقب كل جائزة تُقدِّمها، ستلاحظ زيادةً في الإنتاجية والمجهود والأفكار؛ لذا، كُنْ متأكِّدًا وأنت تقدِّم الجائزةَ أمام بقية الموظفين، من أن ما تفعله ستكون له نتائج كبيرة وأصداء كثيرة فيما بعدُ. هذه هي الطريقة التي نشجِّع بها الموظفين كي يفكِّروا خارجَ الصندوق، ويفعلوا شيئًا مختلفًا، ويُحدِثوا فَرْقًا في ويستفيلد.»
إنها طريقة فعَّالة؛ ففي خلال العامين اللذين أعقبَا التحسينَ الذي أَجْرَتْه ويستفيلد على آلية التقدير الرسمي للموظفين، ارتفع معدلُ رضا الموظفين بنسبةٍ هائلةٍ بلغت ١٤ بالمائة، وقد كان معدل رضا الموظفين لديها جيدًا إلى حدٍّ معقولٍ قبل ذلك.
وفقًا لاستطلاعِ رأيٍ خضع له أكثر من ٣٣ ألف شخص من الحاصلين على جوائز تقديرية في الولايات المتحدة وكندا، فإن مراسم تقديم جوائز التقدير التي تُدار بطريقة فعَّالة تترك انطباعًا عظيمًا. في الواقع، تؤثِّر طريقةُ تقديمِ الجائزة على صورة الشركة ككلٍّ لدى الموظفين.
في هذا الاستطلاع، قال ٩٧ بالمائة من فئة الموظفين الذين وصفوا مراسمَ تقديم الجوائز في شركتهم بأنها «ممتازة»، إنهم شعروا أن «إسهاماتهم كانت محلَّ تقديرٍ». وبالطبع، هذا هو الهدف الذي تسعى إلى تحقيقه؛ فأنت تريد لموظفيك أن يشعروا بأن ثمة مَنْ يدرك قيمتهم ويقدِّرهم، وتريد لهم أن يشعروا بأن ثمة علاقة وطيدة تربطهم بمؤسستك؛ ولكنِ انظرْ إلى حال تلك الفئة من الموظفين الذين وصفوا مراسمَ تقديمِ الجوائز في شركتهم بأنها كانت «سيئةً»، أو إلى هؤلاء الذين لم تُقِمْ شركتُهم مراسمَ لتقديم الجوائز من الأساس وتلقَّوْا جائزتهم عن طريق البريد! فقط ٣٩ بالمائة من متلقِّي الجوائز التقديرية في تلك الفئة قالوا إنهم شعروا بأنهم تلقَّوْا التقدير عمَّا قدَّموه للشركة من إسهامات.
يبدو أن الوقت قد حان لطلب المساعدة.
قد يقول البعض إنَّ تلقِّي أي تقديرٍ هو أفضل من عدمه، ونحن نتفق مع ذلك؛ ولكن مراسم تقديم جوائز التقدير مهمةٌ جدًّا، بل إنها تعادل في أهميتها أهميةَ إهداء الزهور لمَن نحب في عيد الحب.
إريك لانج هو واحد من كبار المديرين في شركة نيلسن (أو واحد من الأشخاص المسئولين عن تقييم معدلات مشاهدة البرامج التليفزيونية كما يسميهم الناس، على الرغم من أن وظيفتهم لا تقتصر على هذا الأمر). روى لنا إريك القصةَ التالية مؤخرًا، وقد وجدَتْها جريدةُ وول ستريت رائعةً بما يكفي لأنْ تُدْرِجَها في مقالٍ نشرَتْه عن تقدير الموظفين.
قبل أن ينضمَّ لانج إلى العمل في شركة نيلسن — تلك الشركة الرائعة التي تضمُّ هذا الفريق المتميِّز — كان يعمل في شركة للشاحنات لن نذكر اسمَها حرصًا على حماية المذنبين، وكان زميله في المكتب (سنفترض أن اسمه «بول») قد فاز بلقبِ موظفِ العام، ونال جائزةَ «رئيس مجلس الإدارة»؛ وكي تكرِّم الشركةُ هذا الموظفَ الذي يُعَدُّ أفضلَ موظف لديها، فقد منحَتْه ساعةً ذهبية طراز روليكس يُطلَق عليها اسم الساعة الرئاسية.
قد تظن أن لحظةَ تقديرٍ كهذه لا يمكن لشيء أن يفسدها، ولكنك مخطئ. بدايةً، لم يتسلَّم بول الجائزةَ من مديره، وإنما تَسلَّمَها عن طريق شركة براون. نعم، براون يو بي إس؛ شركة البريد المتحدة.
ذات صباح جميل، ذهب بول إلى مقر عمله ووجد طردًا ينتظره على مكتبه، وفي داخل الصندوق كانت توجد الجائزة التي انتظرها طويلًا؛ الساعة الروليكس. لم يكن ثمة مراسمُ لتقديم الجائزة، ولا كلماتٌ طيبة قِيلت في حقِّه، ولا زملاءُ عملٍ محِبُّون، ولا زوجةٌ تبكي فرحًا، لم يتثنَّ له حتى أن يرى غيرةَ الرجل الذي حصل على المركز الثاني؛ لم يكن يوجد سوى صوت الهواتف التي ترنُّ في الكبائن التي تملأ بَهْوَ الشركة.
وقد صادَفَ أنْ كان إريك حاضرًا ليشهد تلك اللحظة، وعندما سأل بول عن محتويات الصندوق، ردَّ بول قائلًا: «إنها جائزتي، كما تعلم … الروليكس.»
لاحَظَ إريك نظرةَ الإحباط في عينَيْ زميله، وحاوَلَ أن يغيِّر تلك اللحظة المحبطة ويجعل منها لحظةً لا تُنسَى؛ ومن هنا، التقَطَ إريك الساعةَ ونادَى على عددٍ من الزملاء الذين كانوا قد حضروا مبكرًا، وقدَّمها إلى بول أمامهم قائلًا: «سيداتي وسادتي، فَلْتحيُّوا معي الفائزَ بجائزة رئيس مجلس الإدارة؛ بول!»
بعد عدة جولات من التصفيق، بَدَا أن الأمور قد تحسَّنَتْ قليلًا بالنسبة إلى بول، ولكن ذلك التحسُّن لم يستمر طويلًا. لاحَظَ إريك أن الصندوق كان لا يزال به مظروفٌ لم يُفتَح بعدُ؛ وظنًّا منه أن المظروف لا بد أنه يحوي داخلَه خطابَ تهنئةٍ من رئيس مجلس الإدارة، أَخْرَجَ إريك المظروفَ وقرأ ما في داخله.
لقد أُدرِجت قيمةُ الروليكس في بند الدخل؛ دخل خاضع للضريبة. كما أن الخطاب لم يكن من رئيس مجلس الإدارة، وإنما كان استمارةً تحمل الرقم ١٠٩٩، وتقول إن الشركة لم تسدِّد الضرائبَ المستحقة على الساعة، وأن بول — الموظف رقم واحد لديها — سيكون عليه دَفْع ٥ آلاف دولار كضريبة دخل.
عندما تفكِّر في الأمر، فستجد أن شركة الشاحنات تلك قد باعت إلى بول ساعة روليكس ذهبية مقابل ٥ آلاف دولار.
والآن، دَعْنا نكمل القصة؛ بعد شهر، سأل إريك صديقَه بول عن سرِّ عدم ارتدائه للساعة، فأجابه بول باقتضاب: «لقد بعتها كي أسدِّد الضرائبَ بثمنها.»
بعد ذلك بعدة أشهر، قدَّمَ بول استقالته؛ وهكذا تحوَّلَ بول من الموظف رقم واحد إلى موظفٍ مستقيلٍ من الشركة في غضون شهور قليلة. والسبب؟ هل كانت فاتورةُ الضرائب التي دفعها هي السبب؟ لقد زادت تلك الفاتورة الطين بلَّة، ولكنها لم تكن السببَ الرئيسي وراء استقالته. هل كان عدم إظهار التقدير الصادق له علنًا هو السبب؟ بالتأكيد، ولكن أسوأ ما في الأمر هو وجود شركةٍ كهذه، مليئةٍ بمديرين لا يدركون الحاجةَ إلى جعل مراسم تقديم الجوائز حدثًا مميَّزًا؛ كي يُبقوا على الموظفين المتميزين بشركتهم.
والآن، ننتقل إلى قصة مختلفة تمامًا، وهي قصة أولجا جونزاليس.
تشغل جونزاليس منصب مدير مباشِر بإحدى شركات المرافق، وقد تَلقَّت التقديرَ مؤخرًا في اجتماعٍ للإدارة كنَّا قد دُعِينا للحديث فيه.
قبل أن نبدأ حديثنا، دعا المدير جونزاليس كي تقف أمام الحاضرين. ذكَّرَ المدير الجميعَ بالتحديات التي كانوا سيمرون بها أثناء العملية الشاقة لترقية نظام الكمبيوتر بالشركة، ثم تحدَّثَ بأسلوبٍ مباشِر وقال: «أريد أن أعبِّر عن تقديري لأولجا عن الروح التي تعمل بها، وعن تقديرها لفريقها من الموظفين. إنها تجسِّد كلَّ الصفات التي نريد أن نراها في أي مديرٍ مباشِرٍ يعمل لدينا، وهذه الصفات تتلخَّص في وضْعِ أهدافٍ واضحةٍ للموظفين، وتقديرِ أدائهم، وبثِّ روحٍ إيجابيةٍ في مكان العمل، بصرف النظر عن كل المهام التي كانت تثقلها خلال فترةِ تحديثِ النظام.»
واصَلَ المديرُ كلامَه، وشَرَح كيف أحدثَتْ جونزاليس تغييرًا حقيقيًّا في فريقها خلال تلك الأيام الصعبة. ولم يَسَعْنا سوى أن نراقب تعبيرات وجه جونزاليس وهي تقف هناك أمام أكبر قيادات الشركة؛ كان وجهها مُشرِقًا وتملؤه الحياة. نودُّ لو أنه كان بإمكانك رؤيتها؛ لقد احتفظ وجهها بإشراقته حتى همَّتْ بمغادرة الاجتماع بعد ساعةٍ كي تعود إلى مباشَرةِ عملها. هل تعتقد أن التقدير كان سيكون له نفس الأثر عليها، لو أن المدير قال لها هذه الأشياء فيما بينهما فقط؟ نشكُّ في ذلك.
فيما يلي مثالٌ رائع رَوَتْه لنا بيفرلي جوميز، مدير عام مطعم فريندليز بولاية بنسلفانيا. كنَّا قد التقينا بجوميز في نهاية أغسطس الماضي، وهو الوقت الذي يرحل فيه الكثيرون من طلاب الجامعات الذين يعملون ضمن فريق عملها خلال شهور الصيف، كي يعودوا إلى دراستهم. بعد رحيلهم، أصبحت جوميز في حاجةٍ للبحث عن شخصٍ كي يعمل في مناوبة يوم السبت المكروهة لكثيرٍ من الموظفين.
سنترك جوميز تروي لكم هذه القصة بنَصِّ كلامها، ومن دون أي تعديلٍ من جانبنا:
«لديَّ موظفة تعمل هنا منذ ١٥ عامًا. هذه الموظفة تباشِر عملَها في أيام معينة من الأسبوع دون زيادة أو نقصان، وهي لا تعمل يومَ السبت مطلقًا، ولكنني طلبتُ منها ذلك وقلتُ لها: «جوان، أنا أعلم أنك لا تعملين يومَ السبت، ولكنني في حاجةٍ إلى شخصٍ كي يعمل في هذا اليوم.» وافقَتْ فورًا دون حتى أن تفكِّر. عندها جمعتُ كلَّ الموظفين، وأخرجتُ ذلك الصندوق الفارغ الذي اعتدتُ أن استعمله كمنصةٍ ارتجاليةٍ أخاطب منها الموظفين. وقفتُ فوق الصندوق وأنظار روَّاد المطعم تتجه نحوي، وكان الموظفون يتساءلون: «مَن الذي سيتعرَّض للإحراج هذه المرة؟» إن الموظفين يتذمَّرون بشأن مراسم توزيع الجوائز ولكنهم يحبونها، بل إنهم يحبونها جدًّا؛ كما أنهم يسخرون من الشخص الذي ينال الجائزة، ولكنهم يفعلون هذا بروح ودودة على سبيل الدعابة. على أي حال، أخرجتُ البوق الخاص بي — وهو في الواقع ليس بوقًا حقيقيًّا، وإنما حركة أفعلها بيدي كي تتَّخِذ شكل بوق افتراضي — ثم قلَّدْتُ صوتَ البوق، وطلبتُ من الجميع المجيءَ إلى حيث كنتُ أقف. أدليتُ بعد ذلك بخطابٍ قصيرٍ عن جوان قلتُ فيه: «سأمنحك ٤ آلاف نقطة من نقاط التميُّز يا جوان؛ لأنني أقدِّر المجهودَ الذي تقومين به من أجل الفريق. كما أنني أقدِّر لك موافقتك على العمل يوم السبت دون تردُّد.» ضحك الجميع على جوان، ولكن شيئًا جيدًا كان يحدث.»
لا بد أن تصدِّق أن شيئًا جيدًا كان يحدث؛ فبعد عامين من تولِّي جوميز إدارة المطعم، انخفض معدل دوران العمالة بنسبة ٢٥ بالمائة، وأصبح الفرع الذي تديره واحدًا من الفروع التي تحقِّق أفضلَ الإيرادات المالية في سلسلة مطاعم فريندليز.
أضافت جوميز: «دائمًا ما أتصرَّف تصرُّفاتٍ مَرِحةً ومُحرِجةً فيما يتعلق بمراسم التقدير، ومن المؤكَّد أن الموظفين الذين يعملون لديَّ يعتقدون أنني مجنونة قليلًا، ويضحكون مني لهذا السبب، ولكن هذا لا يهم لأنني أحصل على النتائج التي أريدها في نهاية الأمر.»
تَعْلم جوميز أن أثر التقدير على الأشخاص الذين ينالونه هو إحدى أهم فوائد التقدير العلني، التي غالبًا ما يتجاهلها الكثيرون. قد يحضر الموظفون حفلَ توزيع الجوائز فقط من أجل الطعام المجاني — أو المثلجات كما في حالة مطعم فريندليز — ولكنهم يغادرون الحفلَ ومعهم رؤية أفضل لأولويات فريقك وأهدافه.
سيجلس أحدُ هؤلاء الموظفين هنا أو يقف هناك ويشاهد زميله وهو يتلقَّى التقديرَ بسبب دعمه إحدى القِيَم الأساسية للشركة، ولن يَسَعه سوى أن يسأل نفسه: «تُرَى ماذا كانوا سيقولون عني لو كنتُ في مكانه؟»
سيعود هذا الموظف إلى عمله وداخله رغبة متزايدة في معرفة الإجابة عن هذا السؤال.
(١-٥) احرص على أن يكون التقدير ملائمًا!
إنَّ الأذواق حتمًا تختلف عندما يتعلَّق الأمر بالتقدير؛ فأسلوب التقدير لا بد أن يكون شخصيًّا بحيث يلائم اهتمامات الموظف واحتياجاته وتفضيلاته.
خُذْ على سبيل المثال الأسلوبَ الإداري المتطوِّر الذي يتبعه تيم جاريت؛ أحد كبار المديرين الميدانيين لمركز معالجة تكنولوجيا المعلومات بشركة دي إتش إل. يشرف تيم من مكتبه على ٥٠ موظفًا يعملون في أماكن نائية لصالح شركة دي إتش إل، التي تُعَدُّ أكبر شركةِ نقلٍ للتوصيل السريع في العالم.
اعترف تيم أن موظفيه كادوا أن يطلقوا عليه اسمَ «رجل القهوة»؛ فقد اعتاد لفترة وجيزة أن يكافئ كلَّ شخصٍ يقوم بعمل استثنائي بشهادةٍ يحصل بها على هدية من أحد متاجر القهوة. كان الأمر منطقيًّا، أليس كذلك؟ ولم يحدث قطُّ أن اعترض أحدٌ من الموظفين على ذلك؛ ولكن بعد أن قرأ تيم في واحد مِن كُتُبنا عن ضرورة ابتكار طريقةِ تقديرٍ تتفق مع اهتمامات كل موظف، سأل الموظفين عمَّا إذا كان أسلوبه في التقدير فعَّالًا.
بإمكانك أن تتخيَّل المحادثةَ التي دارت بينه وبين أحد أعضاء فريقه:
«أتعجبك شهادات القهوة المجانية تلك؟»
فأجابه قائلًا: «في الواقع، أنا بصراحة لا أحبُّ شربَ القهوة، وهذه الشهادات أعطيها لجاري.»
لقد وقع خطأٌ ما! طوال هذا الوقت كان هذا المدير الحَسَن النية يكافئ جارَ الموظف وليس الموظف نفسه.
يقول تيم: «كان عليَّ أن أتعلَّمَ أن القهوة ليست المشروب المفضَّل لدى الجميع، وأن كل شخص يفضِّل مطعمًا مختلفًا عن غيره. إن الموظفين يقدِّرون المجهودَ الذي أبذله في تقديرهم، ولكن التقدير يصبح أكثرَ فعاليةً عندما أبذل المزيدَ من الوقت في محاولة معرفة الأشياء التي يحبونها. ما زلتُ أتعلَّم أشياءَ عن الأشخاص الذين أعمل معهم، وعن الأشياء التي يقدِّرونها فعلًا.»
كما سيخبرك تيم، فإن شهادات القهوة المجانية قد تكون جائزةً رائعةً بالنسبة إلى هؤلاء الأشخاص الذين يحبون القهوة ويتعاملون مع متجر القهوة القريب منهم وكأنه مكان مقدس، ولكنها جائزةٌ غيرُ ملائمة بالنسبة إلى الآخرين.
واليوم، أَدخَلَ هذا المدير العظيم تحسيناتٍ على الأسلوب الذي يتبنَّاه في تقدير الموظفين، وهو الآن عاكف على معرفة الأشياء المهمة بالنسبة إليهم؛ إنه يحفِّز موظفيه عن طريق تقديرهم تقديرًا شخصيًّا يعني شيئًا بالنسبة إليهم، والنتيجةُ هي قوةُ عملٍ متفانيةٌ في العمل والالتزام به، ويعرف الموظفون فيها أن مديرهم يرى السلوكيات الاستثنائية، ويكافئ أصحابها على النحو المناسب.
وكما قال لنا تريفور جرامز، مدير العمليات في شركة إيبكور لتوليد الطاقة بإدمنتون ألبرتا: «عندما كنتُ مديرَ محطةٍ، كان التقدير يتمُّ عن طريق إهداءِ الموظفِ قبعةً أو تي-شيرت … عندما أصبحتُ مديرًا لأول مرة، كانت هذه هي كل الأدوات التي أعرفها، وسريعًا ما تَبيَّنَ لي أنها غير فعَّالة. ظننتُ أنني كنتُ أعبِّر للموظفين عن تقديري لهم، ولكنني لم أشهد أيَّ نتائج لذلك، وعندها علمتُ أنني في حاجةٍ إلى تغييرِ أسلوبِ التقدير لإعطائه مزيدًا من الطابع الشخصي.»
لعلَّ التقدير الذي يحترم الاحتياجات الشخصية لكل موظف ويلبيها هو الأفضل للموظفين من بين أنواع التقدير الأخرى. ولقد استمعنا إلى مثالٍ مؤثِّر يتعلَّق بهذا الأمر من مديرةٍ قابلناها؛ لاحظَتْ هذه المديرة أن واحدة من أفضل الموظفين لديها كانت تعاني من ضغط نفسي زائد، بسبب المشاكل التي يعانيها ابنُها في دراسة الرياضيات. بدأت المديرة في البحث عن فرصةٍ كي تعبِّر لها عن تقديرها، وعندما سنحَتِ الفرصةُ قدَّمَتِ المديرة إلى الموظفة شهادةً تتيح لابنها فرصةَ الحصول على دروس مجانية في مادة الرياضيات بالمنزل لمدة ستة أشهر.
بعبارة أخرى، لا بد للتقدير أن يلائم كلَّ موظف، وأن يكون متَّصِلًا باحتياجاته؛ وهنا يأتي دورُ سجلِّ التقدير الذي سيساعدك في معرفة الأشياءِ التي سيقدِّر موظفوك قيمتَها، والأشياءِ التي ستجعلهم يشعرون بالتقدير.
والآن وقد أوضحنا كلَّ تلك الأمور، دَعْنا نَقُلْ إن الجوائز التقديرية ليس بالضرورة أن تكون ثمينةً، ولكنها يجب أن تكون «عادلة» من وجهة نظر الموظفين؛ بمعنى أن قيمة الجائزة لا بد أن تكون مقبولةً للموظفين عندما يقارنونها بمهام وظيفتهم ومتطلباتها. إنَّ تحديد ما هو مقبول وما هو ليس مقبولًا من الجوائز، قد يكون أمرًا شخصيًّا جدًّا ولا يمكن قياسه قياسًا موضوعيًّا؛ ولذلك فثمة مجال للخطأ. ولكن ثِقْ بنا عندما نقول إن الموظفين سيشعرون بالخطأ في لحظةِ وقوعه، كما حدث مع هؤلاء المبرمجين الذين يعملون لحساب شركة صغيرة ناشئة.
أخبرنا المبرمجون أنهم كانوا سعداء في بداية الأمر، عندما أعلنَتِ الشركة التي تعاني من مصاعب مالية عن تبنِّيها برنامجًا لتقدير الموظفين، ولكن حماسهم هذا لم يُكتَب له أن يدوم طويلًا.
قال أحدهم: «اتضح لنا أن جائزة الأداء المتميِّز هي كيسٌ من السكاكر، ومصباحٌ على شكل نجمة من النوع الذي يعمل بالبطاريات ويشتريه الأطفال من مدينة الملاهي.»
في رأينا، كانت القصة ستصير مخزيةً بما فيه الكفاية لو أنها انتهت عند هذا الحد، ولكن هذه ليست هي النهاية. قال واحد من المبرمجين الذين بذلوا مجهودًا استثنائيًّا في العمل، مسترجِعًا ذكرياته: «في اليوم الذي حصلتُ فيه على الجائزة، لم يجد مديري الوقتَ كي يشتري السكاكر، وقال لي إن بإمكاني أن أنتزع المصباحَ من مكتب أحد زملائي وأضعه على مكتبي.»
من الواضح أن هذا المدير لم يُعِرِ الموضوعَ أيَّ اهتمامٍ يُذكَر.
ومع ذلك، فثمة أوقات يحقِّق فيها الموظفون إنجازات صغيرة؛ في هذه الأوقات ستبدو جوائز مثل كوب أو تي-شيرت أو حتى مصباح على شكل نجمة، مناسِبةً للموظفين وسيقدرونها. في أحد المكاتب التي زُرناها، يضع المدير لعبةً صغيرةً تُدار بالزنبرك (هي في الواقع واحدة من تلك اللُّعَب التي تحصل عليها مع وجبة الهابي ميل من ماكدونالدز) على مكتب الموظف الذي أنجَزَ عملًا رائعًا. تتَّخِذُ اللعبة شكلَ الجني الأزرق الذي يرافق علاء الدين، وفي الوقت الذي تتحرَّك فيه اللعبة وتهتزُّ على المكتب، «يحقِّق» المديرُ أمنيةً واحدةً للموظف، بشرط ألَّا تكون الأمنيةُ تتعلَّق بطلب المال. يمكن للموظف أن يطلب أن يتأخَّر ساعةً عن موعد الحضور إلى العمل، لينام تلك الساعة الإضافية من صباح كل يوم لمدة أسبوع، أو أن يستخدم سيارةَ الشركة الكبيرة خلال عطلة نهاية الأسبوع، أو ما إلى ذلك من الأمنيات. يقول المدير إنه لم يضطر قطُّ إلى الامتناع عن تحقيق أي أمنية جاءته.
إنها بكل تأكيد فكرةٌ عاطفية على نحوٍ مبالَغٍ فيه، ولكنها قَطْعًا فكرةٌ مَرِحة والموظفون يحبونها.
فيما يلي مثال بسيط آخَر: بعض الشركات التي نعرفها تستخدم تلك النسخة الضخمة من لعبتنا المحشوَّة، التي نطلق عليها اسم «الجزرة جاريت»، كجائزة متنقلة (يتداولها الموظفون فيما بينهم). شركةُ ساذرن ماريلاند إلكتريك كوأوبريتيف وشركةُ برايت هاوس نيتووركس، هما شركتان من بين الشركات التي تمنح تلك النسخةَ الضخمة من لعبة الجزرة جاريت — التي يبلغ طولها ٤ أقدام، ولونها برتقالي فاقع (ولها نفس العيون الكبيرة والابتسامة العريضة التي تُظهِر الأسنان) — للموظفين المستحقين لها الذين بذلوا مجهودًا إضافيًّا، وبعد أسبوع تَطْلب الشركة من الموظف الفائز أن يساعد في ترشيح شخص آخَر يستحقُّ الجائزة.
إنها لَمسئولية المدير أن يعرف الموظفين جيدًا بالقدر الذي يتيح له معرفة الأشياء التي سيقدِّرونها، والأشياء التي ستجعلهم يشعرون بأهميتهم، أو يدعهم كي يختاروا شيئًا يكون له أبلغ تأثير فيهم.
والآن، ننتقل إلى الجوائز الرمزية التي هي من أبرز أنواع التقدير كافةً؛ نظرًا لأثرها الذي يدوم لمدةٍ أطول مقارَنةً بأثر أنواع الجوائز الأخرى. هذه الجوائز عادةً ما تكون مقصورةً على الإنجازات الكبيرة، وعادةً ما تكون قيمتُها أكبر؛ ولكنْ ليست هذه هي الحال دائمًا بحسب ما أَوْرَده أحد المديرين التنفيذيين الذين نعرفهم، وهو محامٍ سابق، حين قال: «لديَّ قطعة صغيرة من الحجر الملوَّن فوق مكتبي وأستعملها كثقالة ورق، على الرغم من أنها قبيحة المنظر. وما السبب في احتفاظي بهذه القطعة من الصخر النفطي؟ السبب هو أنني قد شاركتُ لمدة سبع سنوات في تأسيس صناعة الوقود الاصطناعي في الولايات المتحدة، ولا أحدَ يمتلك قطعةً مماثلةً لهذه سوى القلة القليلة من الذين شاركوا في ذلك. إنها تذكار سأحتفظ به للأبد.»
ما الذي قد يجعل حجرًا صغيرًا كهذا يحمل قيمة معنوية كبيرة كهذه؟ إن ما يُكْسِب الحجر تلك القيمة المعنوية هو أنه يرمز إلى الاحترام والتقدير. في عام ٢٠٠٢، شاهَد العالم بأسره عملة معدنية كندية تكتسب نفس القيمة المعنوية لدى دولة بأكملها.
بإمكان أي مواطن كندي أن يخبرك عن قصة وين جريتزكي، رئيس المنتخب الكندي للهوكي وأحد أعظم لاعبي الهوكي السابقين، الذي انتزع عملة معدنية من الجليد الموجود في منتصف ملعب الهوكي في استاد إي سنتر بمدينة سولت ليك سيتي، عقب فوز كندا على الولايات المتحدة في الألعاب الأولمبية الشتوية لعام ٢٠٠٢ وحصولها على الميدالية الذهبية.
والآن، لكي نفهم أهمية هذا الحدث، من المهم أن نعلم أنه بالنسبة إلى ملايين الكنديين، فإن الألعاب الأولمبية الشتوية ليست مجرد حدث رياضي متعدد الثقافات؛ إن الألعاب الأولمبية في الواقع ما هي إلا مسابقة هوكي كبيرة بالنسبة إليهم. أدرك جريتزكي أن الفوز بالميدالية الذهبية كان تحديًا مهمًّا؛ ومن هنا، فقد اتخذ خطوة مبدئية مهمة عندما وجد شخصًا كنديًّا يعمل في الاستاد، واتفق معه سرًّا على أن يدفن العملة المعدنية من فئة دولار كندي في الجليد الموجود عند خط النصف، قبل أن تبدأ المسابقة بأيام، ولم يخبر أحدًا سوى لاعبيه بهذا السر الذي دفنه في الجليد.
ما هي الرسالة التي أوصلتها هذه العملة المخبَّأة إلى اللاعبين؟ كانت الرسالة هي أن كندا هي التي تملك الملعب في المسابقة. كان بإمكانه أن يخبر لاعبيه ألَّا يقلقوا من أن فريق الولايات المتحدة يحظى بميزة اللعب على أرضه؛ ذلك لأن الكنديين هم مَنِ اخترعوا لعبة الهوكي، وقد لعبوها لفترة أطول من الأمريكيين. كان يمكنه أن يذكِّر اللاعبين بمهاراتهم الفنية التي تفوق مهارة الفريق المنافِس. ولكنه لم يفعل أيًّا من ذلك؛ كل ما فعله هو التحدُّثُ بصوت خافت خلال أول اجتماع مع الفريق، وإخبارُهم عن العملة السرية المدفونة تحت الجليد، التي كانت تعني أن كندا تملك الملعب. لقد قدَّمَ جريتزكي جوهرَ الكلام على الكلمات، وأشرك الجميع في تجربته من خلال استخدامه للرمز.
اليوم، تُعرَض هذه العملة في صندوقٍ زجاجيٍّ بقاعة مشاهير الهوكي في تورونتو؛ والسبب في عرض العملة داخل صندوق زجاجي هو أن الزائرين كانوا يلمسونها عندما عُرِضَت لأول مرة، وسرعان ما بدأت تفقد ملامحها. لقد أراد الجميع لَمْسَ العملة اعتقادًا منهم أنها تجلب الحظ الجيد.
هذه هي إذن قوة الرمز؛ لقد أصبحت قيمة هذه العملة التي تساوي دولارًا واحدًا، تعادل قيمةَ الميدالية الذهبية التي كانت قد ساعدَتِ الفريق في ربحها.
وفيما يلي رواية أخيرة تذكِّرنا بقوة الرمز، وهي رواية شخصية. عندما تُوفيت حمَاة تشيستر، ذهبت زوجته هايدي إلى منزل عائلتها كي تشارِكَ في قداس والدتها وتقفَ بجانب والدها، وخلال إقامتها هناك عرض والدُها عليها هي وإخوتها أن يأخذ كلٌّ منهم شيئًا خاصًّا من بين الممتلكات الشخصية لوالدتهم بغرض الاحتفاظ به.
وكما تتوقَّع، لم تحدث مشاجرات بينهم على آلة صنع الوافل أو المكنسة الكهربائية، وحتى جهاز الاستيريو والتليفزيون لم يقربهما أحدٌ. لقد كان الجميع يبحثون عن شيء رمزي، كانوا يبحثون عن شيء ذي طابع شخصي أكثر.
اختارت هايدي تمثالًا صغيرًا لفتاة من فتيات الكشَّافة.
لم يكن ثمة شيء مميَّز في هذا التمثال.
طالما عملت والدة هايدي كمديرةٍ لفريق فتيات الكشَّافة الخاص بالحي. تقول هايدي: «كنتُ صغيرةً ولكنني أذكر الجلوس على الأرض واللعب بينما كانت تحضر أحد الاجتماعات الكثيرة لفريق الكشَّافة.» بالطبع، كان الوقت قد حان كي تَخْلُف هايدي والدتَها وتنضمَّ إلى فريق الكشَّافة وتكمل المسيرة التي بدأتها والدتها. إن التمثال لم يكن فقط رمزًا لفريق الكشَّافة، وإنما كان أيضًا رمزًا للأوقات التي قضتها في صحبة والدتها، والخدمة المجتمعية التي كانت سمةً مميزةً في حياة والدتها.
«في وجود هذا التمثال، لن أنسى أبدًا الخدمةَ التي قدَّمَتْها أمي للآخرين، وتلك الدروسَ الحياتية التي يمكن تعلُّمها منها.»
لم يكن ذلك مجرد تمثال صغير لفتاة من فريق الكشَّافة.
بل كان التمثال تذكارًا يخلِّد ذكرى الأم، ويعطي درسًا في مفهوم الخدمة.
نعم هذه هي قوة الرمز. لا يهم إذا كان هذا الرمزُ إرثًا يتداوله أفراد العائلة، أو خاتمًا يرمز لنجاح قائدِ سيارةٍ في اجتياز ١٠٠ ألف ميل دون وقوع حادث، أو سترةً تحمل شعار الشركة ولا يحصل عليها أحدٌ سوى مَنْ نال شهادة إتمام أحد الاختبارات الفنية الدقيقة، أو جائزةً من الكريستال تتَّخِذ شكلَ تفاحة وينالها الموظف الذي يحصل على درجة علمية متقدِّمة؛ هذه هي الأشياء التي تلمس قلوبنا وتثير مشاعرنا؛ إنها أشياء تُورَّث للأجيال القادمة، وليست أشياءَ تُباع في المزاد في الربيع القادم.
الاحترام والتقدير … تلك هي القِيَم الخالدة التي تمثِّلها الجوائز الرمزية. وستبقى تلك الجوائز خالدة، مثلها مثل القِيَم التي ترمز إليها.
(١-٦) زيادة مرات التقدير
«تريد أن تفطر مجددًا؟ أَلَمْ أطعمك بالأمس؟» هكذا نداعب أولادنا الذين يضحكون على الرغم من أنهم سمعوا هذه المزحة من قبلُ مراتٍ عديدةً. لماذا يضحكون إذن؟ يضحكون لأن الفكرة برمتها سخيفة؛ كلنا نعلم أننا في حاجة إلى تناوُل الطعام بصفة مستمرة كي نبقى على قيد الحياة.
والأمر لا يختلف كثيرًا بالنسبة إلى التقدير.
ولن ننسى أبدًا الكلمات التي سمعناها من أحد صانعي الأثاث في نورث كارولينا. كان الرجل قد نال توًّا جائزة تقديرية في حفل صادق وشخصي حضره زملاؤه ورؤساؤه في العمل؛ كان رجلًا ساحرًا وصريحًا في كلامه، وكان هذا ما قاله عن الجائزة وعن مراسم تقديم الجائزة: «الأمر برمته يجعلك تشعر شعورًا جيدًا، ويحفِّزك على مواصلة المثابرة على العمل.»
لكن هذه المثابرة لن تدوم للأبد. تشير الأبحاث إلى أن التقدير يكون أكثر فعاليةً عندما يُمنَح للموظفين كلَّ سبعة أيام، كما أنه يكون أكثر تأثيرًا عندما يتلقَّاه الموظف بعد تحقيقه إنجازًا ما بفترة وجيزة.
قال لنا أحد المديرين: «إن المديرين، ولا سيَّما المديرين الجُدد، دائمًا ما يكونون مشغولين بتحقيق كل الأهداف التي يطمحون إلى تحقيقها بأنفسهم، لدرجة أنهم يعجزون عن رؤية تلك اللحظات التي يحقِّق فيها شخصٌ آخَر شيئًا عظيمًا. إن إخبار أحدهم بأنه قد قدَّمَ عملًا جيدًا بعد أسبوع من إنجازه هذا العمل، لن يكون مؤثرًا بالنسبة إليه كما لو خصَّصتَ جزءًا من وقتك كي تخبره بذلك في يومها أو في صباح اليوم التالي وتقول: «إنَّ ما فعلتَه كان مهمًّا بالنسبة إليَّ، وكان مهمًّا بالنسبة إلى الفريق. لقد أحدثتَ فرقًا حقيقيًّا».»
إنَّ الجوائز التقديرية غير الرسمية، التي تُعرَف أيضًا بالجوائز اليومية، هي وسيلة جيدة لتكرار التقدير. تتَّسِم هذه الجوائز بأنها أكثرُ عفويةً وأقلُّ تكلفةً من الجوائز الرسمية؛ ومع ذلك، فإن هذه الجوائز قد تكون سببًا في عددٍ من أكثر لحظات التقدير فعاليةً، في حال تقديمها على الوجه الصحيح.
يقول كيفن ويلر، رئيس شركة جلوبال ليرنينج ريسورسز، وهي شركة متخصِّصة في التخطيط الاستراتيجي في مجال الموارد البشرية، ويقع مقرها في فريمونت بولاية كاليفورنيا: «يبحث الناس عن التقدير الهادئ الذي يعني أن مديرك يقدِّرك بهدوء.»
عُرِفَ عن دي هانسفورد، التي كانت ترأس برنامجَ تقديرِ الموظفين في ديزني وورلد كوربوريشن في منتصف التسعينيات من القرن العشرين، أنها كانت تظهر بكل عفويةٍ في أي مكان في مدينة ديزني وتقدِّر الموظفين. كانت تسير عبر أروقة المطبخ الموجود في أحد المطاعم بالمدينة، وتعلِّق على نظافة المكان وتألُّقه، وتقول بأن تصنيف ديزني لدى لجنة وزارة الصحة سيحطِّم كلَّ المقاييس.
في عام ١٩٩٥، ودُونَ تعيين أي موظفين جُدد، قدَّمَ الموظفون الخدمات لنسبة إضافية من الزوَّار تبلغ ١٥ بالمائة، وذلك دون أن يتلقَّوْا زيادةً في الرواتب أو علاوات، ومع ذلك فقد زاد رضاهم الوظيفي بنسبة ١٥ بالمائة.
كما غدت معدلاتُ رضا الزوَّار ومعدلاتُ «الفائدة بالمقارنة بالعائدات»، «عاليةً على نحوٍ لا يُصدَّق». وعلاوة على ذلك، فقد أظهر التقرير السنوي لشركة ديزني أن ثمة زيادة بنسبة ١٥ بالمائة في الإيرادات هذا العام تُعزَى مباشَرةً إلى المدينة.
إنَّ الثناء البسيط والموجَّه بإمكانه أن يترك أثرًا عظيمًا. وكما أشرنا من قبلُ، فإن الخطابات الشخصية قد تكون أحيانًا من أفضل طرق التقدير. كلانا يسافر بصفةٍ متكررة، وفي كل مرة، نحرص منذ بداية إقامتنا على ترك خطاب (ومعه إكرامية) لعاملة تنظيف الغُرَف، نخبرها فيه كم كان لطيفًا أن نجد تلك الغرفة منظَّمةً ونظيفةً كلما كنَّا نعود إليها. وفي المقابل، دائمًا ما نجد خطابًا ظريفًا منها، ومعه أحيانًا بعض قطع الشوكولاتة الإضافية.
لقد أثَّرت الخطابات تأثيرًا كبيرًا على شركات الخدمات المالية التي عملنا معها في بالتيمور؛ فبمجرد دخولك مبنى إحدى هذه الشركات، لا يسعك إلا أن تلاحظ كل بطاقات ورسائل الشكر الإلكترونية التي تعجُّ بها أماكن عمل الموظفين، والتي وصل عددها إلى ٤٠ ألف بطاقة ورسالة إلكترونية في السنة الأولى من إطلاق الشركة لبرنامج «سبوتلايت»؛ الذي يعني تسليط الأضواء.
شجَّع هذا البرنامج الموظفين والمديرين على إرسال «بطاقات سبوتلايت» إلى الموظفين، لتسليط الأضواء على أدائهم الاستثنائي في مجالات الخدمة والعمل الجماعي والقيادة والإبداع، وتعبيرًا لهم عمَّا يكنُّونه من تقديرٍ لهذا الأداء، وكلها مجالات تجسِّد القِيَم الأساسية التي تتبنَّاها الشركة.
يقول نائب رئيس الشركة للتواصل مع العملاء: «نريد أن نشدِّد على السلوكيات التي نرغب في أن يكرِّرها الموظفون … وفي هذا الصدد، أرى أن هذا البرنامج يؤتي ثماره المرجوَّة. ولقد رأينا بأنفسنا ارتفاعَ معدلات رضا العملاء؛ ويشعر الموظفون الآن بقدرٍ أكبر من السعادة والتقدير.» ولعلَّ أكبر علامة على نجاح هذا البرنامج بعد مرور عام واحد من إطلاقه، هي وصول معدلات رضا الموظفين عنه إلى ٩٢ بالمائة. كَمْ برنامجًا من برامج الموارد البشرية في شركتك حقَّق معدل رضًا كهذا؟
إنَّ كلمة شكر صغيرة يمكنها أن تحقِّق نتائجَ مذهلةً.
(٢) ٥٠ طريقة لتقدير الموظفين
هل سبق أن وجدتَ نفسك عاجزًا عن التفكير في طريقةٍ لتقدير موظفيك؟ لا تقلقْ! إنَّ هذا الأمر يحدث لأفضل الناس. لحُسن الحظ، اكتشفنا وجود الكثير من الطرق التي يمكنك الاستعانة بها للتعبير عن التقدير الذي تكنُّه لموظفيك، وإنها تعادل في عددها عددَ الأشخاص الذين تسعى إلى تقديرهم. بل في الواقع، إن عدد طرق التقدير المتاحة أمامك قد يفوق عددَ الأشخاص الذين تسعى إلى تقديرهم؛ وهذا هو ما يجعل من التقدير أمرًا مسليًا؛ فحدود التقدير تنتهي عند حدود مخيلتك. ومساهمةً منَّا في تحفيز مخيلتك الإبداعية، جمعنا لك ٥٠ طريقة مَرِحة تعبِّر بها عن تقديرك لأفضل الموظفين لديك وألمعهم.
- (١)
أثناء حفل التقدير، قدِّمْ باقةً من الزهور إلى الموظف المعنيِّ، ولكنْ قدِّمْ له الزهور كلًّا على حدة، ومع كل زهرة تعطيها له عبِّرْ عن امتنانك لإنجازٍ معيَّن حقَّقَه.
- (٢)
كلِّفِ الموظف بالعمل في أبرز مشروع واعِد في الشركة؛ أحيانًا تكون الفرصة هي أفضل جائزة يمكن أن تقدِّمها إليه.
- (٣)
ادعُ أحدَ الموظفين للانضمام إليك على الغداء مع مديرك. قدِّمْه على نحوٍ جيد أمام المدير، وتَحدَّثْ عن آخِر ما حقَّقَه من إنجازات.
- (٤)
صمِّمْ تذكارًا مبهجًا يتداوله الموظفون فيما بينهم — قد يكون ذلك تاجًا أو دجاجة مطاطية أو دمية جي آي جو (إذا كنتَ تريد جائزةً تدلُّ على الجسارة) — وامنحها للموظف الذي كان أداؤه متميزًا طوال الأسبوع.
- (٥)
كلِّفْ أحدًا بتنظيف الجليد المتراكِم على سيارة الموظفة التي ترغب في تقديرها، أو إحماء موتور سيارتها قبل أن تغادر المكتب في يومِ عملٍ يتساقط فيه الجليد.
- (٦)
ضَعْ جنيًّا يتحرك بالزنبرك على مكتب الموظف الذي حقَّقَ الكثيرَ من الإنجازات، وحقِّقْ له أمنيةً خلاف الأمنيات المتعلِّقة بالمال.
- (٧)
امنح الموظفة المعنِيَّة تمثالًا تضعه في حديقة منزلها الجديد (وضَعْ عليه نقشًا يذكِّرها بتقديرك الذي ينمو يومًا بعد يوم).
- (٨)
اشترِ زينةَ حفلات الأطفال للموظفة التي كانت مشغولةً بالعمل، لدرجة أنها لم تستطع الإعدادَ لعيد ميلاد ابنها أو ابنتها بنفسها (واحرص على أن تكون الزينة من النوع المفضَّل لابن الموظفة أو ابنتها).
- (٩)
جدِّدْ مكانَ عملِ الموظف بإضافة كرسي جديد أو معدَّات جديدة لجهاز الكمبيوتر.
- (١٠)
ادفعْ للموظف المعنيِّ تكاليفَ إيقافِ سيارته لمدة شهر أو حتى سنة.
- (١١)
استدعِ أحدَ عُمَّال تلميع الأحذية أو اختصاصيةَ عنايةٍ بالأظافر لتدليل الموظفة التي ترغب في تقديرها.
- (١٢)
خصِّصْ سيارة ليموزين تنقل الموظفَ المعنيَّ من العمل وإليه.
- (١٣)
رتِّبْ لزيارةِ أكثر شخصية شهيرة مفضَّلة لدى الموظف المعنيِّ في مكتبه وامنحه جائزةً ظريفةً.
- (١٤)
خصِّصْ مكانًا أمام باب المبنى كي يُوقِف فيه الموظفُ المتميِّز سيارتَه (لا تنسَ أن تعلِّق لافتةً تحمل اسم الموظف، وتقول إن هذا المكان مخصَّص لسيارته).
- (١٥)
ادعُ عازف كمان إلى الشركة، ودَعْه يعزف موسيقى هادئة للموظفة المعنِيَّة عند مكتبها لبضع دقائق.
- (١٦)
استأجِرْ طاقمًا يكنس أوراقَ الشجر، أو يزيح الجليد المتراكم في مكان خروج سيارة موظفك من منزله، وادفع تكاليف ذلك.
- (١٧)
استأجر طاهيًا شخصيًّا يطهو العشاء للموظف في منزله لمدة أسبوع.
- (١٨)
استأجِرْ مصوِّرًا يلتقط للموظف صورةً عائليةً كهدية منك.
- (١٩)
كلِّفْ أحدَهم بكتابة أغنيةٍ أو قصيدةٍ طريفةٍ تُكتَب خِصِّيصَى من أجل الموظفة أو الموظف الذي تريد تقديره.
- (٢٠)
بدِّلْ تذكرة الطيران الخاصة بموظفتك لتصبح تذكرةً لمقعد في الدرجة الأولى. وبينما هي في طريقها إلى المطار، اترك لها رسالة بريد صوتي تشرح لها فيها ما فعلتَ وتفسِّر سبب ذلك (وشاهِدْ مستوى التزامها بالعمل وهو يعلو أمام عينَيْك).
- (٢١)
اسمح للموظف المعنيِّ بالسفر على متن طائرة الشركة إلى الاجتماع القادم الذي سيسافر لحضوره.
- (٢٢)
إذا كان موظفك من محبِّي الحيوانات، فدَعْه يُحضِر حيوانه الأليف لقضاء يوم في المكتب (ولكنْ تأكَّدْ من أن بقية الموظفين لا يعانون من أي حساسية ضد الحيوانات قبل أن تتَّخِذ هذا القرار).
- (٢٣)
إذا ربحتَ صفقةً كبيرةً — كصفقة بمليون دولار مثلًا — فضَعْ نسخة من الشيك الذي ربحته في برواز أبيض كبير، ووقِّع عليها واكتب تحتها: «لقد كان لك دور كبير في فوزنا بهذه الصفقة.»
- (٢٤)
استأجِرْ شخصًا يعلِّق أضواء أعياد الميلاد (التي ستكون هديةً منك) خارج منزل الموظف أو الموظفة، ودَعْ نفسَ الشخص يحضر لإنزالها بعد انقضاء العطلة.
- (٢٥)
إذا أرسلتَ الموظف إلى مدينة رائعة في رحلة عمل، فقدِّمْ إليه دعوةً لقضاء يوم إضافي للراحة والاستجمام على حسابك.
- (٢٦)
قدِّمْ للموظف أو الموظفة صورةً لفريق العمل، وضَعْها في برواز ذي خلفية بيضاء كبيرة، ثم اطلب من أعضاء الفريق أن يوقِّعوا أسماءهم على الخلفية ويتركوا رسالةَ تهنئةٍ.
- (٢٧)
خطِّطْ لاحتفالٍ مَرِحٍ يأتي فيه الموظف الأعلى أداءً إلى المنصة كي يتسلَّم ميدالية. أضِفْ بعضَ المراسم والمواقف الطريفة إلى برنامج الحفل. إنَّ حدثًا كهذا قد لا يكون حدثًا كبيرًا، ولكن مجرد تفكيرك في إقامته سينقل صِدْقَ مشاعرك.
- (٢٨)
أرسِلْ كتابًا لابنِ أو ابنةِ موظفتك في عيد ميلاده أو ميلادها، واكتب إهداءً بتوقيعك على الغلاف الداخلي للكتاب تقول فيه: «إنَّ والدتك واحدة من الشخصيات المهمة في هذا المكان.»
- (٢٩)
اسمح لموظفك بأن ينام ساعتين إضافيتين في صباح أحد الأيام، عندما تشعر بأن الإجهاد قد بدأ يصيبه. سيكون من الرائع ألَّا يضطر إلى ضبط المنبه على موعد الاستيقاظ للعمل ليومٍ واحدٍ على الأقل، أليس كذلك؟
- (٣٠)
إذا كان الموظف يعمل في الخارج في يوم حار، فحاوِلْ معرفةَ مشروبه غير الكحولي المفضَّل، وأرسِلْ إليه كوبًا كبيرًا باردًا من هذا المشروب. لا يوجد ما يمكن أن يعبِّر عن امتنانك له مثل كوب كبير من الكولا.
- (٣١)
أرسِلْ سلةً من الفواكه إلى منزل موظفك، ولا تَنْسَ أن ترفقها ببطاقةِ شكرٍ موجَّهة له شخصيًّا ومكتوبة بخط يدك (ستشكره عائلته أيضًا على تلك الهدية).
- (٣٢)
في أعياد الميلاد، امنح موظفك ساعتين من الراحة في وقت الغداء كي يشتري فيهما الهدايا، أو كي يعود مبكرًا إلى المنزل.
- (٣٣)
امنح موظفك لوحةً مطبوعةً من عمل فنَّانه المفضَّل.
- (٣٤)
اعرض على موظفك أن تكون مساعِده لمدة يومٍ، وساعِده في إتمام مهام وظيفته.
- (٣٥)
عندما تسافر موظفةٌ عندك في رحلة عمل، فاحجز تذكرةً لها كي تحضر أفضل عرض مسرحي في المدينة التي سافرَتْ إليها (على سبيل المثال: إذا كانت الموظفةُ ستسافر إلى نيويورك، فاحجزْ تذكرةً لإحدى المسرحيات في برودواي).
- (٣٦)
اسمح للموظف وعائلته بالجلوس في المقصورة الخاصة بالشركة في أثناء حدثٍ رياضيٍّ أو حفلٍ موسيقيٍّ ما.
- (٣٧)
تكفَّلْ بالمصاريف اللازمة لرعاية الحيوان الأليف الخاص بموظفتك عندما تكون خارج البلدة في رحلة عمل.
- (٣٨)
إذا كان موظفك من محبي الحيوانات، فقدِّمْ له طوقًا فخمًا يضعه حول رقبة حيوانه الأليف، أو امنحه بطاقة هدايا تسمح له بالحصول على جلسة تجميل مجانية لحيوانه الأليف.
- (٣٩)
شكِّلْ فريقًا لتنظيف حديقة منزل موظفك أثناء وجوده في العمل أو أثناء غيابه في رحلة عمل؛ إن ساعة واحدة (من الخدمة) بإمكانها أن تترك أثرًا مذهلًا على مستوى التزام الموظف بالعمل.
- (٤٠)
عندما يتولَّى الموظف منصبًا أكبر وأفضل من منصبه الحالي، امنحه تذكارًا بهذه المناسبة؛ على سبيل المثال: قدِّمْ له تمثالًا صغيرًا يضعه على مكتبه.
- (٤١)
اكتب إذنًا يسمح للموظف الذي تريد تقديره بمغادرة العمل في الظهيرة.
- (٤٢)
إنَّ إهداء أحدهم هدية طبيعية مثل شتلات أنواع من الزهور أو بذور نباتات أو شجرة في عالَم يغلب عليه الطابع التكنولوجي، سيجعل منها هدية لا تُنسَى.
- (٤٣)
امنح موظفتك فرصة الحصول على جلسة تجميل أو عناية بالأظافر.
- (٤٤)
أرسِلِ الموظفَ في رحلةٍ للتجديف النهري.
- (٤٥)
خُذْ موظفك الشغوف بقيادة السيارات إلى اختبار قيادة سيارة فيراري أو غيرها من السيارات الفريدة، وانطلق!
- (٤٦)
إذا كان الموظف من هُوَاة لعب الجولف، فرتِّبْ له فرصةً كي يلعب الجولف في مضمار خاص في مدينتكم، أو في المكان الذي سيذهب إليه في رحلة عمل.
- (٤٧)
إذا كانت إحدى الموظفات لديك من محبِّي التزحلق على الجليد، فاحجز لها مكانًا في منتجعها المفضَّل ليوم واحد، وتكفَّلْ بكل التكاليف.
- (٤٨)
أرسِل الموظفَ المعنيَّ إلى مدرسة «ناسكار» لقيادة السيارات، أو إلى واحد من أرقى المخيَّمات الرياضية.
- (٤٩)
اطلب من الفريق كله أن يعمل ليوم كامل في خدمة الجهة الخيرية التي يفضِّلها الموظف الذي ترغب في تقديره.
- (١)
رتِّبْ لإقامة مباراة كرة قدم أو تنس طاولة في أي يوم جمعة.
- (٢)
استضِفْ حفلًا مسائيًّا في القسم على طراز كازينوهات لاس فيجاس؛ يحصل جميع مَنْ في الحفل على فيشات، ومَنْ يَفُزْ في نهاية اللعبة يستبدل الفيشات التي معه بجوائز.
- (٣)
خُذِ الفريق في رحلةٍ إلى مكان يلعبون فيه بالطائرات الورقية.
- (٤)
حوِّلْ وقتَ الغداء إلى حفلٍ لتناوُل البيتزا، فمَنْ منَّا لا يحب الحفلات؟
- (٥)
خُذِ الجميع إلى السينما لمشاهدة فيلمٍ في ظهيرة أي يوم جمعة. أفضلُ فيلمٍ تستمتع بمشاهدته في وقتٍ كان المفترض أن تعمل فيه، هو فيلم دينزل واشنطن الجديد.
- (٦)
بعد يومٍ شاقٍّ في العمل، ادعُ الجميع إلى اجتماع إجباري طوال اليوم في منتجع صحي نهاري.
- (٧)
استحضِرْ ممثِّلًا كوميديًّا مهذَّبًا يسلِّيهم أثناء وقت الغداء.
- (٨)
خُذِ الجميع للتزحلُق على الجليد أو التزلُّج في حلبةٍ باستخدام الأحذية المناسبة لذلك. استأجِرِ المعدات وادفعْ تكاليفَ الدخول.
- (٩)
اشترِ مجموعةً من الأوشام المصنوعة من الحِنَّاء، التي تحمل شعار الشركة، ودَعِ الموظفين يقضون وقتًا مَرِحًا معًا.
- (١٠)
أحضِرْ سيارات سباق مزوَّدة بمحرك آلي ونظِّمْ سباقًا؛ يحصل مَنْ يَفُزْ بالسباق على جائزة، ولكنْ يأخذ الجميع سياراتهم معهم إلى المنزل.
- (١١)
استحضِرْ عرَّافًا ليتنبَّأ بالأحداث السعيدة التي ستحدث في حياة الجميع على سبيل المرح والتسلية.
- (١٢)
نظِّمْ يومًا للألعاب الأولمبية يتضمَّن سباقات الحواجز، والسباقات المحدَّدة بوقتٍ، والأحذية المقاوِمة للجاذبية، وغيرها من الأنشطة البدنية الممتعة.
- (١٣)
اخرجوا معًا واصنعوا رجلًا من الثلج.
- (١٤)
استحضِرْ فرقة موسيقى مكسيكية ودَعْها تعزف أثناء استراحة الغداء.
- (١٥)
في يوم الهالوين، أحضِرْ أقنعةً وشَعْرًا مستعارًا للجميع، والشخص الذي يحصل على شعر بتسريحة الموليت المضحكة، سيضطر لارتداء شعره المستعار طوال اليوم.
- (١٦)
قدِّمْ لهم المثلجات أثناء عملهم خارج المكتب في يومٍ حار.
- (١٧)
اجعل مكان العمل أكثر راحةً بناءً على اقتراحاتهم.
- (١٨)
استأجِرْ ماكينةً لعمل الفُشار، ودَعْهم يأكلون الكميةَ التي يريدونها طوال الظهيرة.
- (١٩)
اشترِ لهم قهوةً من ماركة فخمة، وقدِّمْها لهم كتحية في الصباح.
- (٢٠)
خصِّصْ مكانًا يقدِّم المشويات أو التاكو للجميع أثناء الغداء.
- (٢١)
استفِدْ أقصى استفادة ممكنة من حفلات توزيع جوائز التقدير الرسمية لتقدير فريقك. اجمعْ كلَّ أعضاء الفريق معًا في كل مرة تقدِّم فيها جوائز الخدمة والأداء والمبيعات.
(حسنًا، كانت هذه ٧٠ طريقة وليست ٥٠؛ فلم نستطِعْ أن نقاوم رغبتنا في إضافة المزيد من طرق التقدير. وهكذا هي حال مَنْ يعتنق مفهوم التقدير؛ فبمجرد أن تبدأ في تقدير موظفيك، سيكون من الصعب عليك أن تتوقَّف عن تقديرهم. وما الذي يمكن أن يَثْنِيك عن هذه الرغبة؟)
للحصول على ٣٦٥ فكرة إضافية لطرق التقدير، نُوصي بالاحتفاظ بنسخة من كتابنا «حافز في اليوم» في مكتبك. اقرأ فكرةً واحدةً في اليوم، وستصبح مديرًا أفضلَ لديه مَعين لا يَنضُب من الأفكار التي يستخدمها لمكافأة موظفيه.
تدريب عملي
رسالة في زجاجة إلكترونية
الآن، قبل أن تقلب صفحة جديدة، فَكِّرْ في شخص معيَّن من بين أعضاء فريقك يستحِقُّ التقديرَ على جهوده الرائعة، وأرسِلْ إليه بطاقةَ تقديرٍ إلكترونيةً.
اربطْ رسالتَك بإحدى القِيَم الأساسية المهمة بالنسبة إلى فريقك، وكُنْ محددًا في شرح العمل المميَّز الذي قدَّمَه هذا الموظف، وكيف أسْهَمَ عملُه هذا في الاقتراب من تحقيق أهداف الفريق. بعد أن تنتهي من ذلك، وقبل أن تنسى أو يصيبك التردُّد، اضغط على زرِّ الإرسال.
فيما يلي مثالٌ لرسالة بريد إلكتروني، يمكن أن تستعين به: «عزيزتي إيمي، أردتُ فقط أن أشكركِ على تطوُّعِك للمساعدة في المراجعة الشهرية للحسابات. كما تعلمين، كان تاي منهمِكًا في تجميع البيانات المالية، ولا أعرف كيف كنَّا سننتهي من حسابات نهاية الشهر من دون مساعدتك. لقد أظهرتِ قدرةً ممتازةً على العملِ الجماعيِّ، والعملُ الجماعيُّ — كما تعرفين — واحد من الأهداف الأساسية التي نسعى إلى تحقيقها هنا. شكرًا مرةً أخرى!»
إنَّ الأمر بسيط جدًّا، أليس كذلك؟ ابدأ في العمل إذن! يمكنك أن ترسل بطاقةَ شكرٍ مجانيةً بالبريد الإلكتروني عبر أحد المواقع المتخصِّصة، أو يمكنك أن ترسل رسالةَ بريدٍ إلكتروني عاديةً؛ المهم هو أن تعبِّر عن شكرك.
عبِّرْ عن شكرك لموظفيك بانتظام، وسيشكرك الموظفون بتحسُّن أدائهم وارتفاع روحهم المعنوية.