الصحافي جميل فهمي
انتقل إلى رحمة الله جميل فهمي أفندي المحرر في المقطم.
كان جميل محررًا مخضرمًا.
قضى في خدمة صاحبة الجلالة نحو ثلاثين سنة.
كان مكاتبًا بارعًا ومخبرًا نشيطًا، عاصر المرحوم سامي قصيري وعمل معه في المقطم، وكان زميلًا للأساتذة نجيب هاشم وعمر منصور وعبد المؤمن كامل الحكيم وصالح شاكر.
وزامل بعد الحرب العشرات من الشباب الناهض الذين اتسع أمامهم مجال العمل في الأخبار المحلية، وأدخلوا بها كثيرًا من التغيير والتبديل، فأصبح فيها تفصيل الجنايات، ومحادثة ذوي المقام، ومخالطة أهل شارع عماد الدين.
جرى ذكره يومًا أمام النبيل إسماعيل داود فقال: هذا أخي.
قلت: إزاي يا أفندينا؟
قال: أخي في الرضاع، فقد رضعت من ثديي والدته طفلًا، فله عندي مكانة الأخ.
برع جميل في جلب أخبار محطة مصر، وبرع كذلك في تدوين أخبار البوليس والنيابات والمحاكم، دون تهويش أو «زيطة» فارغة.
أرغمته الظروف أن يشتغل وهو في حاجة إلى الراحة بحكم السن والصحة، ولكن العيش القاسي المر الملح كان يدعوه إلى الجري والرمح. وقد كلَّ بصره، فكان يملي على بعض الشبان.
في حياة جميل وموته عبرة للإخوان المتكالبين على الصحافة والعمل فيها، غير ناظرين إلى المستقبل الحالك الذي يسيرون إليه ببطء، وهم متهالكون في حياة «المراسح» وحفلات الشاي ومعايشة الوزراء وأشباه الوزراء.
رحم الله الفقيد، وعزَّى فيه أسرة الصحافة!