المحامي القومسيونجي المغني الصوفي
الأستاذ … عرفناه محاميًا، وعرفناه قبل ذلك وبعد ذلك «ألف صنف وصنف» أو «الدنيا مجتمعة في واحد»، فهو في أيام الشباب مثله في أيام الكهولة لا تهدأ ثائرته، ويأبى البقاء على حال واحدة.
كان قبل الهجرة كاتبًا في وزارة … وعُني بدراسة الحقوق حتى أحرز شهادة الليسانس، واشتغل بالمحاماة.
وما كادت أقدامه تثبت فيها حتى ملَّها أو ملَّ العمل فيها كما كان يعمل الحسيني والهلباوي واللقاني.
فاخترع أو ابتدع لنا ما سماه الاستشارة القضائية أو الاستفتاء، فإن كانت لك قضية يتسلمها منك مقابل أجر معين بحسب أهميتها ليقول لك هل هي ناجحة فتسير فيها، أم خاسرة فتطرق غير باب القضاء والمحاماة.
ومع أن لهذا العمل أهميته ونجاحه في دوائر الأعمال بأوروبا وأمريكا، فإن قومنا لم يهتموا به أو هم لم يفهموه، وكادت صناعة الأفوكاتو … تبور.
فالتفت إلى الصحافة، وأنشأ مجلة … وعُني بتحريرها وتضمينها المبادئ القانونية. ولكنه لم يلبث كذلك حتى أخذ في تحوير شكلها وتبديله حتى أسقطها وقَفَلها.
والتفت إلى المسائل المالية فعالجها رَدَحًا من الزمن، وانصرف إلى الاشتغال بالبناء والتعمير في مدينة … فابتلى الله هذه المدينة بكراهة الناس السكنى فيها. وانقلب الأفوكاتو «بروباجنديست» لمدينة … يؤلف اللجان للدفاع عن كيانها، وينشِّط الناس لسكناها، ويخاطب الوزارات المختلفة والمصالح في شأن تعميرها وإصلاحها.
ثم ملَّ الماديات من دفاع أمام المحاكم ونظر في قضايا واستثمار لملك في مدينة … وعمارة. وارتفع إلى قمة الفنون فجمع بين الشيخ حسن الحويحي وبمبة كشر وشفيق النونو وعديلة حسن، وألَّف لهم ما سماه «معهد الموسيقى الشرقي» للعمل لترقية الموسيقى الشرقية، وهدم نادي الموسيقى الشرقي. وكان في عمله ناطح صخرة، وأدرك بعد فترة من الزمن أن قومًا من جماعة «زارني باهي المحيا» لا يصلحون لاجتماع أو تعاون فتركهم.
وعاد إلى العمل، وكان عمله في هذه المرة قومسيونجيًّا للبضائع المختلفة من حديد وخردوات وقمصان وجوارب. ومن الأسف أن الله لم يفتح عليه بقليل أو كثير، فحوَّل مكتبه الجديد في شارع … إلى مكتب للمحاماة.
وكان قد عَلِق بالموسيقى وأهلها، فأعلن عن حاجته إلى صبيان وصبايا من الأبرار الأطهار يؤلف منهم جوقة لإنشاد مزامير داود و«بانت سعاد»، وانتظر وانتظر فلم يلبِّ له أحد سؤالًا.
وأخيرًا انقلب أستاذنا موحدًا صوفيًّا يوافي الصحف بنشيد الروحانيات فيقول:
فهنيئًا تكية المولوية بخير من يذكر الله في السر والعلن!