عمانوئيل الحديدي والخواجا مانولي
أُنزلت إلى ثغر سوثمبتن البريطاني أول باخرة مخرت البحار منذ ألفي سنة، وجميع بحارتها يهود، وقد رفع عليها العلم الفلسطيني، واسمها «عمانوئيل»، وستستخدم للملاحة على ساحل فلسطين.
وروت تلغرافات روتر أن الراية الصِّهْيَوْنِيَّة التي كانت تخفق على الباخرة قد سُرقت أو فقدت، ولا يعلم هل سرقتها أو فقدها لسبب سياسي أو هو لعبة.
وقد شرع البوليس في التحقيق.
ذكر اسم «عمانوئيل» في العهد القديم مرة، وفي العهد الجديد مرة أخرى في موضوع واحد هو البشارة بمجيء السيد المسيح.
قال أشعيا النبي في الإصحاح السابع من نبواته التي كتبها بالعبرية: «ها العذراء تحبل وتلد ابنًا. ويدعى اسمه عمانوئيل».
وقال متى البشير، في إنجيله الذي كتبه بالآرامية (العدد ٣٢ من الإصحاح الأول): «هو ذا العذراء تحبل وتلد ابنًا، ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره (الله معنا).»
ليست البهدلة، والشَّحْطَطة، والتعذيب، والتشريد، جديدة على «شعب الله الخاص».
فقديمًا كان سبي بابل غير مرة، ثم كان الإبعاد عن بيت المقدس وتخريب الهيكل.
وفي العصور الحديثة كان النفي والطرد من روسيا، ومن رومانيا، ومن إسبانيا.
وأخيرًا حركة هتلر النازي.
ورحم الله «أوجين سر» ومؤلفه المعروف «اليهودي التائه»! لقد أكلها إخواننا على أم ناصيتهم غير مرة.
وعانوا الأهوال والمشاق قديمًا وحديثًا، ولكنهم كانوا أفرادًا وجماعات عنوان المثابرة والكفاح والجهاد ومكافحة الشدائد بسلاح العلم والمال والحنكة والسياسة.
وهم في كل حال لم ينسوا دينهم، ولم يفتُروا عن ذكر «إله إسرائيل».
وتسمية باخرتهم الجديدة «عمانوئيل» دليل جديد على تلك العقيدة الراسخة في قلوب الجماعة.
•••
كان «عمانوئيل» اسم غير واحد من الملوك والأمراء الذين لعبوا أدوارًا في التاريخ.
ومنهم عمانويل السعيد ملك البرتغال (من سنة ١٤٩٥ إلى سنة ١٥٣٢)، وله في كتب الجغرافيا صفحات مجيدة لما بذله من المال في تشجيع فاسكو دي غاما على اكتشاف الهند، وإرساله الحملة الحربية بقيادة الفارس كابرال لفتح البرازيل.
ومنهم عمانوئيل الحديديُّ الرأس أمير سافوي، ولد في شامبيري سنة ١٥٢٨، وتوفي في تورينو سنة ١٥٨٠. واتصل بشارل كنت. وحارب الفرنسويين وانتصر عليهم. وتزوج مارغريت ده فرانس ابنة فرنسوي الأول.
ويعرف البريمة والسهرتية من أهل الخمسين والستين في مصر «عمانويل يوانيدس» المشهور باسم «مانولي» صاحب ألف ليلة وليلة، وقد وطد في مصر دعائم «الرقص البلدي»، وأمضيت في مسامرته والتمتع بعذب حديثه ومسامرته وشربه ومغانيه خمسًا وعشرين سنة ونيِّفًا، كانت أطيب أيام العمر وأهنئها، غفر الله له وعفا عنا وعنه.
كانت الحرب بين اليهود والعرب «برية» في تل أبيب وحيفا وصفد.
وأصبحت اليوم بحرية بمواقع منتظرة بين الباخرة عمانوئيل والبحارة العرب.
وغدًا تكون جوية بطيارات عبرية بأسماء شمشون وجليات ورحبعام وسارة ودبورة وإستر، ترفرف على بيت لحم وقانا الجليل.
ولكل دولة رجالها، ولكل ميدان أسلحته، والدنيا جهاد، والحرب سجال.