الهرب من الفراق
وإذا كان ما تقدم هو حال المحبين يوم الفراق، فليس ببدع أن يهرب البحتري من منظر الوداع، وأن يظرف حين يقول:
الله جارك في انطلاقِكْ
تِلقاء شامِكَ أو عِراقِكْ
لا تعذُلنِّي في مسيـ
ـركَ يوم سرتَ ولم ألاقِك
إني خشيت مواقفًا
للبين تسفح غربَ ماقِك
وعلمت ما يلقى المتيـ
ـمُ عند ضمك واعتناقك
وعلمت أن لقاءنا
سبب اشتياقي واشتياقك
فتركت ذاك تعمدًا
وخرجت أهرب من فِراقك
وفي مقابل هذا المعنى يقول العباس بن الأحنف وقد حرم توديع من يحب:
كفى حزنًا أني بقيت وليس لي
سبيلٌ إلى توديعكم فأودعُ
تلفتُّ خلفي حيث لم تبق حيلةٌ
وذودت عيني نظرة وهي تدمَع