الرفق بالحبيب المريض
وهذا باب تتجلى فيه رِقة القلوب، فمن ذلك قول خالد الكاتب:
بجسمي لا بجسمك يا عليلُ
ويكفيني من الألم القليلُ
تعداك السقام إليِّ إني
على ما بي لشدته حَمولُ
إذا ما كنت يا أملي صحيحًا
فحالفني وسالمك النُّحول
وهذه أبيات ضعيفة، لا تتناسب مع شاعرية من يقول:
وحسبُك حسرةً لك من حبيب
رأيت زمامَه بيدي عدُو
وقد يتمنى المحب لو أعفى المرض محبوبه، ورَتع كيف شاء في الأجسام الدميمة، كما قال
سُحيَم:
ماذا يريد السقام من قمرٍ
كل جمال لوجههِ تَبعُ
ما يرتجى، خاب من محاسنها
أما لهُ في القباحِ متسعُ
لو كان يبغي الفداء قلت لهُ
ها أنا دون الحبيب يا وجَع
وما أرق ما يقول ابن الأحنف:
إن التي هامت بها النفوسُ
عاوَدها من سقمها نُكس
كانت إذا ما جاءها المبتلى
أبرأهُ من راحِها اللمسُ
وا بأبي الوجه المليح الذي
قد عشقته الجنُّ والإنس
إن تكن الحمى أضرت به
فربما تنكسف الشمس
وانظر جمال الرفق في قوله:
أما والله لو تجدين وجدي
لقلقل ما وجدتِ إذن حشاكِ
وقاكِ الله كل أذًى بنفسي
وعجل يا ظلومُ لنا شفاك
وأنشد أبو الحسن بن البراء:
فديتك ليلى مُذ مرضتَ طويل
ودمعي لما لاقيت فيك هَمولُ
أأشرب كأسًا أم أُسرُّ بلذةٍ
ويعجبني ظبي أغن كحيل
وتضحك سِني أو تجف مدامعي
وأصبو إلى لهوٍ وأنت عليل
ثكلتُ إذن نفسي وقامت قيامتي
وغالت حياتي عند ذلك غُول
وقال يوسف بن إبراهيم الغرناطي يخاطب الوزير ابن الحكم وقد أصابته حمى تركت على شفته
بثورًا:
حاشاك أن تمرض حاشاكا
قد اشتكى قلبي لشكواكا
إن كنت محمومًا ضعيف القوى
فإنني أحسد حُماكا
ما رضيَت حُماك إذ باشرتْ
جسمك حتى قبلت فاكا
وهذا الشعر إن كان خطابًا لوزير إلا أن فيه سِمات التشبيب!