الهيبة والخضوع
والشعراء يهابون الحسن، ويضلون سبيل الرشد حين يراجعون أربابه، وانظر قول أبي فراس:
أراميتي كل السهام مُصيبةٌ
وأنت لي الرامي فكلي مقاتلُ
وإني لمقدامٌ وعندكِ هائبٌ
وفي الحي سحبانٌ وعندكِ باقل
يضل علي القول أن زرت دارها
ويعزب عني وجه ما أنا فاعل
وحجتها العليا على كل حالةٍ
فباطلها حق وحقيَ باطل
وما أرق قوله في عكس هذا المعنى:
ومُغضٍ للمهابة عن جوابي
وإن لسانه العضبُ الصقيلُ
أطلت عتابهُ عنتًا وظلمًا
فدَمَّعَ ثم قال: كما تقولُ!
ومن جيد الشعر في هيبة الحسن، قول الحسن بن وهب:
أقول وقد حاولت تقبيل كفها
وبي رعدةٌ أهتز منها وأسكنُ
لِيَهْنِكَ أني أشجع الناس كلهم
لدى الحرب إلا أنني عنك أجبنُ
وقول بعض الأعراب:
أهابكِ إجلالًا وما بك قدرةٌ
علي ولكن ملءُ عين حبيبها
وما هجرتك النفس أنك عندها
قليلٌ ولكن قل منك نصيبها
وفي الخضوع للحبيب يقول الشريف:
كم ذميلٍ إليكمُ ووجيفِ
وصدودٍ عنا لكم وصدوفِ١
وغرامٍ بكم لو ان غرامًا
جر نفعًا للواجد المشغوف
صبوةٌ ثم عفةٌ ما أضر الحـ
ـب في كل خلوةٍ بالعفيف
هجرونا ولم يلاموا وواصلـ
ـنا على مؤلم من التعنيف
وطلبنا الوفاء حتى إذا عز
رضينا بالمطلِ والتسويف
كيف يرجو الكثير من راضه الشو
ق إلى أن رضِي ببذل الطفيف
وانظر قول ابن الرومي:
أضعتني فرعيتُ
وخنتني فوفيتُ
أطعتِ فيَّ الأعادي
وكلهم قد عصيت
فكيف أصبحتِ غضبى
لمَّا رضاكِ أتيت
١
الذميل والوجيف من ضروب السير.