شفاء المحب
وقد يمرض المحب، فيفتن الناس في وصف دوائه، على أنه لا يبرأ إلا بقرب من يحب. وانظر قول عروة بن خزام وقد رأى عفراء:
وما هي إلا أن أراها فجاءة
فأبهت حتى ما أكاد أجيب
وأصدف عن رأيي الذي كنت أرتئي
وأنسى الذي أزمعت حين تغيبُ
ويظهر قلبي عذرها ويعينها
علي فما لي في الفؤاد نصيب
وقد علمت نفسي مكان شفاءها
قريبًا وهل ما لا يُنال قريب
فواكبدي أمست رفاتًا كأنما
يُلذعها بالموقدات طبيب
عشية لا عفراء منك بعيدة
فتسلو ولا عفراء منك قريب
لئن كان برد الماء حرَّان صاديًا
إليَّ حبيبًا إنها لَحَبيبُ
وفي هذا المعنى يقول بعض الأعراب:
أيا زينة الدنيا التي لا ينالها
مُناي ولا يبدو لقلبي صريمها
بعيني قذاة من هواك لوَ انها
تُداوى بمن أهوى لصح سقيمها
وبُرء قذاة العين إن لم يكن لها
طبيب يداوي نظرة تستديمها
فما صبرت عن ذكرك النفس ساعة
وإن كنت أحيانًا كثيرًا ألومها
ومن بديع الشعر في هذا الباب قول أبي العتاهية:
قل لمن لست أُسمِّي
بأبي أنت وأمي
بأبي أنت لقد أصبحـ
ـت من أكبر همي
ولقد قلت لأهلي
إذ أذاب الحب لحمي
وأرادوا لي طبيبًا
فاكتفوا مني بعلمي
من يكن يجهل ما ألـ
ـقى فإن الحب سقمي
إن روحي لبغدا
د وفي الكوفة جسمي