الصد والنوى
يأسى العشاق للصد، حتى إذا راعتهم مرارة النوى، علموا أن الصد كان حلو المذاق. وفي هذا المعنى يقول ابن الخياط:
كفي حزنًا أنى أبيت معذبًا
بنار هموم ليس يخبو سعيرها
وأن عدوي لا يُراع وأنني
أبيت سخين العين وهو قريرها
وأني لرهن الشوق والشمل جامع
فكيف إذا حث الحداة أميرها
وما زلت من أسر القطيعة باكيًا
فمن لي غداة البين أني أسيرها
وكنت أرى أن الصدود منية
يكون مع الليل التمام حضورها
فلما قضى التفريق بالبعد بيننا
وجدت الليالي كان حلوًا مريرها
هوى ونوى يستقبح الصبر فيهما
وحسبك من حال يُذم صبورها
وقد أصاب في تشبيه النوى بعد الهجر، بالجرح بعد الجرح حين قال:
أحن إلى سقمي لعلك عائدي
ومن كلفٍ أني أحن إلى السقمِ
وحتامَ أستشفي من الداء ما به
سقامي وأستروي من الدمع ما يُظمي
فراق أتى في إثر هجر وما أذًى
بأوجعَ من كلمٍ أصاب على كلمِ
وحنين المحب إلى سقمه، أملًا في أن يعودَه حبيبه، يذكرنا بقول كثير:
يود بأن يُمسي سقيمًا لعلها
إذا سمعت عنه بشكوى تراسله