القريب والبعيد
هو الحبيب الذي يجاورك، أو يساكنك، ثم لا تملك وصله، ولا حديثه. وقد تزوره بلمح العين.
كما قال ابن الدمينة:
ألا حُب بالبيت الذي أنت هاجرُه
وأنت بتلماحٍ من الطرف زائره
فيا لك من بيت لعيني معجبٍ
وأحسنُ في عيني من البيت عامره
أصد حياءً أن يلج بيَ الهوى
وفيك المنى لولا عدو أحاذره
وفي هذا المعنى يقول إبراهيم بن العباس:
تدانت بقوم عن تناءٍ زيارةٌ
وشط بليلى عن دُنو مزارها
وإن مقيماتٍ بمنعرَج اللوى
لأقرب من ليلى وهاتيك دارها
والشعراء يشبهون الحبيب الممنوع في قربه، بالماء يُمنع من وروده الظمآن، فنجد منهم
من
يقول:
إني وإياكِ كالصادي رأى نهَلا
ودونه هُوةٌ يخشى بها التلفا
رأى بعينيه ماءً عز موردهُ
وليس يملك دون الماء مُنصرفا
ومن يقول:
وإني على هِجران بيتك كالذي
رأى نَهَلا رِيًّا وليس بناهلِ
يرى برد ماءٍ ذيِد عنه وروضةً
برود الضحى فينانة بالأصائل
وقد صور جميل هذا المعنى حين قال:
وما صادياتٌ حُمْنَ يومًا وليلةً
على الماء يخشينَ العِصِيَّ حواني
حوائم لم يصدرن عنه لوجهةٍ
ولا هن من برد الحِياض دواني
يرينَ حباب الماء والموت دونهُ
فهن لأصوات السقاة رواني
بأكثر مني غُلة وصبابةً
إليك ولكن العدو عراني
وقال أبو حية النميري أو العباس بن الأحنف:
كفي حَزَنًا أني أرى الماء باديًا
لعيني ولكن لا سبيل إلى الوِرْدِ
وما كنت أخشى أن تكون منيتي
بكفِّ أعز الناس كلهم عندي