بكاء الملاح

نذكر للقارئ شذرات من الشعر في بكاء الملاح، وما أغزر الدمع في بكاء المليح، حين يظفر بحسنه التراب: قال ابن عبد ربه: كان لمعلى الطائي جارية يقال لها (وصف)، وكانت أديبة شاعرة، فأخبر محمد بن وضاح قال: أدركت معلَّى الطائي بمصر وأُعطي بجاريته وصف أربعة آلاف دينار فباعها. فلما دخل عليها قالت له: بعتني يا معلى؟! قال نعم. فقالت: والله لو ملكت منك مثل ما تملك مني ما بعتك بالدنيا وما فيها! فرد الدنانير واستقال صاحبه، ثم أصيب بها إلى ثمانية أيام، فقال يرثيها:

وكتب أبو نواس على قبر جارية هذه الأبيات:

وقال أبو تمام وقد ماتت جارية له:

وما أجمل قوله من كلمة ثانية:

وقال ابن الرومي في بستان وكانت من المجيدات في الغناء:

وما أرق قوله في هذه القصيدة:

وأحب لو تأمل القارئ ما في هذا الشعر من سمو الخيال.

وكان مرة بن عبد الله مغرمًا بفتاة من قومه يقال لها ليلى بنت زهير، وتزوجت من غيره بالرغم منه، ثم نقلت مع زوجها إلى راذان وماتت هناك، فقال مرة فيها كثيرًا من الشعر الموجع. كقوله:

وقوله:

وكان لإسحاق الموصلي غلام جميل يقال له زياد، وهو الذي يقول فيه:

ثم مات زياد هذا، فقال إسحاق يبكيه:

وكان محمد بن مناذر يعشق عبد المجيد بن عبد الوهاب الثقفي، وكان عبد المجيد هذا من أجمل الفتيان وآدبهم وأظرفهم، وله مع ابن مناذر حديث طويل ذكره صاحب الأغاني، ثم مات عبد المجيد بعد مرض قصير وهو في سن العشرين، فقال فيه ابن مناذر قصيدة طويلة نختار منها هذه القطعة الباكية:

وأُغرمَ يعقوب بن الربيع بجارية تسمى (مُلك) ومكث في طلبها سبعِ سنين، حتى رق مالهُ، وجاهه، ثم ملكها، فأقامت عنده ستة أشهر وماتت فقال يبكيها:

وقال فيها:

وما أروع قوله في وصف احتضار هذه الجارية:

وقد وصف غربته من بعدها فقال:

والشعر في بكاء الِملاح كثير، ولكن حب الإيجاز يحملنا على الاكتفاء بهذا المقدار، وما هو بالقليل.