القسم العشرون

كان من حسن الطالع أن موعد اجتماع بيتر مع ماكجيفني كان في ذلك اليوم نفسه. فلم يكن يستطيع أن يحتفظ بهذا السر الرائع لنفسه طوال الليل. قال للفتاتَين بعض المبرِّرات لتغيُّبه، ثم تسلل عبْر الفِناء الخلفي كما يفعل دائمًا، وتوجه إلى مبنى بلدية المدينة الأمريكية. وأثناء سيره، كان عقل بيتر يعمل بنشاط. كان قد قبض فعليًّا على الدرجة الأولى من سلَّم الرخاء الآن، وعليه ألا يفشل في إحكام قبضته.

بمجرد أن نظر ماكجيفني في وجه بيتر، أدرك أن شيئًا قد حدث، فسأله: «ما الأمر؟»

صاح بيتر: «لقد حصلتُ عليه!»

«علام حصلت؟»

«اسم الجاسوس في السجن.»

صاح الآخر: «يا إلهي! لا تمازحني!»

قال بيتر: «لا مجال للشك.»

«من يكون؟»

ضم بيتر يدَيه معًا واستجمع تصميمه، وقال: «أولًا، أنا وأنت يجب أن نتوصل إلى اتفاق. قال السيد جوفي إني سأتقاضى أجرًا، لكنه لم يقُل كَم، أو متى.»

قال ماكجيفني: «اللعنة! إذا كنتَ حصلتَ على اسم ذلك الجاسوس، فلا تقلق بشأن مكافأتك.»

قال بيتر: «حسنًا، جيد، لكني أودُّ أن أعرف علامَ سأحصُل وكيف سأحصُل عليه.»

سأله الرجل ذو الوجه الشبيه بالجُرَذ: «كم تريد؟» ثم، كالجُرَذ، تراجع إلى أحد أركان الغرفة، وعيناه السوداوان الحادَّتان تراقبان عدوَّه، وكرَّر سؤاله: «كم تريد؟»

حاول بيتر قَدْر إمكانه أن يستعد لهذه المناسبة. ألم يكن يعمل لأكبر وأغنى مؤسَّسة في المدينة الأمريكية، تراكشن تراست؟ المؤسَّسة التي تبلغ قيمتها عشرات، بل مئات الملايين من الدولارات — لم يكن يدري كم يطلب، ولكنه كان يعرف أنهم قادرون على دفع المال مقابل سرِّه، فقال: «أعتقد أن المعلومة تساوي مائتَي دولار.»

قال ماكجيفني: «بالتأكيد، لا بأس. سندفع لك ذلك المبلغ.»

وعلى الفور، غاص قلب بيتر في صدره. يا له من غبي! لماذا لم يتحلَّ بالمزيد من الشجاعة ويطلب خمسمائة دولار؟ ربما كان سيطلب ألف دولار ويؤمِّن استقلاليته مدى الحياة!

قال ماكجيفني: «حسنًا، من هو الجاسوس؟»

بذل بيتر جهدًا مضنيًا، واستجمع المزيد من الشجاعة، وقال: «أولًا، يجب أن أعرف، متى سأحصل على هذا المال؟»

قال ماكجيفني: «يا إلهي الرحيم! أعطِنا المعلومات، وستحصل على مالك. هل ترانا بخلاء لهذه الدرجة؟»

قال بيتر: «حسنًا، لا بأس. لكنك تعلم، لم يُعطِني السيد جوفي أي سبب يجعلني أعتقد أنه يحبني. ما زلتُ لا أستطيع استخدام هذا المعصم كما كنتُ أفعل في السابق.»

قال ماكجيفني: «كان يُحاول استخراج بعض المعلومات منك. كان يظن أنك أحد هؤلاء المُفَجِّرين؛ كيف يمكنك لومه؟ أعطني اسم هذا الجاسوس، وسأتأكد من حصولك على أموالك.»

لكن بيتر لم يستسلم. كان يخاف من ماكجيفني ذي وجه الجرُذَ، وكان قلبه ينبض بسرعة، ولكنه تمسَّك بموقفه، وقال معاندًا: «أظن أنه يجب أن أرى هذا المال.»

سأله المحقق: «أخبِرني، هل تعتقد أني أحمق؟ هل تعتقد أنني سأعطيك مائتَي دولار ثم تعطيني اسمًا مزيفًا وتهرب؟»

صاح بيتر: «لن أفعل ذلك!»

«كيف أعرف أنك لن تفعل؟»

«أريد أن أستمر في العمل لصالحكم.»

«بالتأكيد، ونحن نريدك أن تستمر في العمل لصالحنا. هذا ليس السر الأخير الذي سنحصُل عليه منك، وسترى بنفسك أننا لا نتلاعب برجالنا؛ هل كنا سنُحقق أي شيء لو كنا نتعامل معهم خلاف ذلك؟ لقد خُصِّصَ مليون دولار لشنق ذلك الحشد المناصر لجوبر، وإذا أديتَ مهمتك، فستحصل على حصتك، وستحصل عليها في الموعد المحدَّد.»

كان يتحدث عن قناعة، واقتنع بيتر إلى حدٍّ ما. قضى بيتر معظم حياته في مشاهدة الناس أحدهم يتفاوض مع الآخر — في مشاهدة الأوغاد وأحدهم يحاول خداع الآخر — وعندما يتعلق الأمر بالحصول على بعض المال، كان بيتر أشبه بكلب بولدوج أنشب أسنانه بإحكام في أنف كلبٍ آخر؛ فلم يكن يهتم بمشاعر الكلب الآخر، ولا يهتم بما إذا كان الكلب الآخر معجبًا به أم لا.

قال بيتر: «في الموعد المحدَّد؟ ماذا يعني «الموعد المحدَّد»؟»

قال ماكجيفني في اشمئزاز: «يا إلهي!»

قال بيتر: «لكني أريد أن أعرف، هل تعني عندما أخبرك بالاسم، أم تعني بعد أن تذهب وتكتشف إذا ما كان هو الجاسوس حقًّا أم لا؟»

كان أحدهما يناور الآخر، كلبا البولدوج العنيفان هذان، وكان غضبهما يزداد أكثر فأكثر. ولكن كان بيتر هو مَن تمكَّن من إنشاب أسنانه، وثبَّتَها جيدًا. بمجرد أن لمَّح ماكجيفني بوضوح أن شركة تراكشن تراست امتلكت القدرة الكافية لوضْع بيتر في «الحفرة» في مناسبتَين وترْكه هناك، وربما تملك القدرة الكافية لتكرار ذلك للمرة الثالثة. ارتجف قلب بيتر رعبًا، ولكن على الرغم من ذلك، ظل مُنشِبًا أسنانه في أنف ماكجيفني.

أخيرًا قال الرجل ذو وجه الجُرَذ: «حسنًا.» قالها بنبرة من الازدراء المُتعَب، ولكنها لم تُصِب بيتر بالقلق على الإطلاق. «حسنًا، سأخاطر بتصديقك.» ومد يدَه إلى جيبه وسحب لفة من النقود — كانت نقودًا من فئة العشرين دولارًا، وعدَّ عشرةً منها. رأى بيتر أنه لا يزال الكثير من النقود متبقيًا في اللفة، وأدرك أنه لم يطلب مبلغًا أكثر مما كان ماكجيفني مستعدًّا لأن يعطيه؛ لذا، شعر بالحزن يملأ قلبه. وفي الوقت نفسه كان قلبه يقفز فرحًا — ما أغربَ القلبَ البشري!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤