القسم الحادي والأربعون
وهكذا بدأت نيل وبيتر العمل على تفاصيل «تلفيق» التهم لكلٍّ من جو أنجيل وبات ماكورميك. كان على بيتر أن يجمع مجموعة منهم معًا ويجعلهم يتحدثون عن القنابل وقتل الناس، ثم يضع رسالة في جيب كل من أظهر اهتمامًا يدعوه فيها للقاء لمناقشة مؤامرة حقيقية. كانت نيل هي من سيتولى كتابة الرسائل حتى لا يتمكن أحد أن يربط بيتر بها. أخرجت نيل قلم رصاص ودفترًا صغيرًا من حقيبة يدها وبدأت تكتب: «إذا كنتَ تؤمن حقًّا بتوجيه ضربةٍ قاصمة من أجل حقوق العمال، فقابلني في …» ثم توقفت عن الكتابة، وسألت بيتر: «أين؟»
قال بيتر: «في الاستوديوهات.»
فكتبت نيل: «في الاستوديوهات. هل هذا كافٍ؟»
قال بيتر: «الغرفة ١٧.» فقد كان يعرف أن هذه غرفة نيكيتين، وهو رسَّامٌ روسي يدَّعي أنه تابع للمذهب الفوضوي.
فكتبت نيل: «الغرفة ١٧.» وبعد مناقشةٍ أخرى أضافت:
«صباح الغد في تمام الثامنة. لا أسماء ولا حديث. عمل فقط!» حُدِّدَ هذا الموعد لأن بيتر تذكَّر أنه كان من المقرر عقد تجمع «لأعضاء اتحاد العمال الصناعيين العالمي» في مقرهم مساء اليوم نفسه. كان من المفترض أن يكون اجتماع عمل، ولكن على مدار فترة طويلة، لم يجتمع هؤلاء الرفاق دون أن يتطرقوا إلى موضوع «التخطيط». كان ثمة عددٌ كبير منهم غير راضين عما أطلقوا عليه اسم «حالة الاستسلام» التي تتبعها المنظمة، وكانوا يطالبون دائمًا بضرورة التحرك. كان بيتر واثقًا من أنه سيتمكن من جعل بعضهم يهتمون بفكرة مؤامرة التفجير بالديناميت.
وبالفعل، لم يواجه بيتر أي مشكلة على الإطلاق؛ فقد انفتح الموضوع دون أن يُضطر إلى إثارته ولو بكلمة واحدة. هل من المفترض أن يُساق العمال مثل الأغنام إلى المذبح، ولا يُقدِم «أعضاء اتحاد العمال الصناعيين العالمي» على التحرك؟ طرح «أنجيل ذو العينَين الزرقاوَين» هذا السؤال متحمسًا، وأضاف أنهم إذا كانوا سيتحركون، فلا فارق بين المدينة الأمريكية وأي مكانٍ آخر. وأنه تحدث مع عددٍ كافٍ من جميع فئات العمال جعله يدرك أنهم مستعدون للتحرك، وأن كل ما يحتاجونه هو دعوة للقتال ومنظمة لتوجيههم.
تحدث هندرسون، النجار الضخم، وقال إن هذه هي العقبة الحقيقية؛ فلا يمكنك تكوين منظمة لهذا الغرض تحديدًا، فستزرع السلطات جواسيس بينكم، وستكتشف ما تفعلون، وستجبركم على العمل في الخفاء.
صاح جو: «لا بأس، سنعمل في الخفاء!»
وافقه الآخر قائلًا: «نعم، ولكن بعد ذلك ستنهار منظمتك، وستنعدم الثقة بين أعضائها، وسيبدأ الجميع في تبادل الاتهامات بأنهم جواسيس.»
قال جو أنجيل: «اللعنة على كل هذا! لقد سُجِنتُ لأجل الحركة، وسأواجه أي شخص يتهمني بأنني جاسوس. ولكن ما لن أفعله هو الجلوس ومشاهدة العمال يُساقون إلى الجحيم لأنني أخشى أن تُمس منظمتي الثمينة بسوء.»
عندما اعترض آخرون، تحدث أنجيل على نحو أسرع وأكثر حدة، وقال ماذا لو أنهم فشلوا في تحقيق انتفاضة جماعية، وماذا لو أنهم أُجبِروا على اللجوء إلى الاغتيالات والإرهاب؟ على الأقل سيُعَلِّمون المستغلين درسًا ويقللون، ولو قليلًا، من السعادة في حياتهم.
رأى بيتر أنه من الأفضل أن يتظاهر بأنه محافظ في الوقت الحالي، فسأل: «هل تظن حقًّا أن الخوف قد يردع الرأسماليين؟»
أجاب الآخر: «بالتأكيد! أقول لك إننا لو كنا جعلنا الجميع يدركون أن كل عضو في الكونجرس صَوَّتَ في صالح مشاركة هذا البلد في الحرب سيُرسل إلى الخنادق على الجبهة، لظل بلدنا في حالة سلام.»
تدخَّل بيتر ببراعة وقال: «ولكنهم ليسوا أعضاء الكونجرس. إنهم أشخاص أعلى منهم.»
تدخَّل جوس، البحَّار السويدي، وقال: «بالتأكيد. أنت محق! يمكنني أن أذكر لكم أسماء دُزِّينة من الأشخاص المهمين في هذا البلد — لقد أوضحتَ أننا لن ننعم بالسلام إلا بعد أن يُقتلوا جميعًا — من المؤكد أننا سننعم بالسلام حينئذٍ!»
وبهذا، كان بيتر قد رتَّب الأمور كما أراد تمامًا. ثم سأل: «ما أسماؤهم؟» وجعل المجموعة تتجادل حول الأسماء. لم يستمر الجدل طويلًا قبل أن يذكر أحدهم اسم «نيلس» أكيرمان، الذي كان الحُمْر يمقتونه بشدة لأنه تبرع بمبلغ مائة ألف دولار إلى صندوق معاداة جوبر. تظاهر بيتر بأنه لا يعرف من يكون نيلس؛ وعلَّق جيري رود، «المشرَّد» الذي كان رأسه ما يزال يؤلمه بسبب الضربة التي تلقاها خلال إضراب الحاصدين الأخير، قائلًا إنه إذا سيق بضعة رجال مثل هؤلاء إلى الخنادق، لظهرت حركة سلام قوية في أمريكا بكل تأكيد.
بدا وكأن جو أنجيل قد جاء إلى هنا لدعم هدف بيتر. فقد قال: «ما نريده هو بضعة رجال يقاتلون بقوة من أجل أنفسهم مثلما يقاتلون من أجل الرأسماليين.»
وافقه هندرسون، عابسًا، بقوله: «نعم. إننا صالحون؛ ننتظر حتى يُخبرنا أسيادنا أننا يمكن أن نقتُل، فنقتُل.»
كانت هذه هي نهاية النقاش، ولكنه بدا كافيًا لبيتر. لقد تحيَّن فرصته، وتمكَّن من وضع رسائله الصغيرة، الواحدة تلو الأخرى، في جيوب معاطف كلٍّ من جو أنجيل، وجيري رود، وهندرسون، وجوس، البحَّار. ثم هرب بيتر وجسده يرتجف من فرْط الانفعال. لقد بدأت مؤامرة تفجير الديناميت العظيمة! وكان يهمس لنفسه قائلًا: «يجب التخلص منهم! يجب التخلص منهم بأي وسيلة كانت! أنا أؤدي واجبي.»