القسم الثاني والأربعون

كان بيتر على موعد للقاء نيل عند ناصية شارع في الحادية عشرة من مساء الليلة نفسها، وعندما خرجت من العربة، رأى بيتر أنها تحمل حقيبة. فسألته سريعًا: «هل أتممتَ مهمتك؟» وعندما أجاب بيتر بالإيجاب، أضافت: «إليك قنبلتك!»

فغر بيتر فاه في ذهول. وبدا خائفًا للغاية لدرجة أنها أسرعت تطمئنه قائلةً إن القنبلة لن تنفجر، بل إن هذه كانت مكونات القنبلة فحسب، ثلاثة أعواد من الديناميت وبعض الفتائل وجزء من ساعة. كانت أعواد الديناميت ملفوفة بعناية، واحتمالية انفجارها منعدمة؛ إن لم يُسْقِطها! ولكن لم يشعر بيتر بالاطمئنان التام. لم يكن يملك أدنى فكرة عن أن نيل ستتمادى إلى هذا الحد، ولا أنه سيُضطر فعليًّا لحمل الديناميت. تساءل من أين وكيف حصلت على الديناميت وتمنى لو كان خارج هذا الأمر برمته.

ولكن كان الأوان قد فات بالطبع. قالت نيل: «عليك أن تُدْخِل هذه الحقيبة إلى المقر، وعليك أن تُدْخِلها دون أن يراك أحد. سيغلقون المقر قريبًا، أليس كذلك؟»

قال بيتر: «لقد أغلقناه عندما انصرفنا.»

«ومن معه المفتاح؟»

«جرادي، السكرتير.»

«ألا توجد طريقة يمكنك بها الحصول عليه؟»

قال بيتر بسرعة: «أستطيع الدخول إلى الغرفة. يُوجَد سلَّم نجاة، والنافذة ليست محكَمة الغلق. بعضنا يعرف هذا الطريق ويدخل المقر عبْره عندما يكون المكان مغلقًا.»

قالت نيل: «حسنًا. سننتظر قليلًا؛ يجب ألا نخاطر بعودة أحدهم.»

بدآ يسيران في الشارع، ونيل لا تزال تحمل الحقيبة وكأنها غير واثقة من ثبات أعصاب بيتر، وفي الوقت نفسه قالت شارحةً: «معي ورقتان يجب أن ندُسَّهما في الغرفة. يجب أن تُمزق الورقة الأولى وتُرمى في سلة المهملات. من المفترض أنها جزء من رسالة تتحدث عن خطةٍ كبيرة قيد التنفيذ، وهي موقعة باسم «ماك». هذا اختصار لماكورميك، بالطبع. اضُطرِرتُ لكتابتها على الآلة الكاتبة لأنني لم أكن أملك عينة من خط يده. أما الورقة الأخرى، فهي رسم؛ لا توجد علامات تُظهِر ماذا يكون، ولكن سرعان ما ستكتشف الشرطة ماذا يكون. إنه مخطط لمنزل أكيرمان القديم، وهناك علامة صليب تشير إلى شرفة غرفة نومه. والآن، ما نريد القيام به هو تثبيت هذه التهمة على ماكورميك. هل هناك أي شيء في الغرفة يخصه؟»

أطرق بيتر قليلًا ثم تذكر أن هناك بعض الكتب التي تبرع بها ماكورميك بين الكتب المرصوصة على الرفوف، وأن اسمه مكتوبٌ فيها. صاحت نيل قائلة إن هذا هو المطلوب! سيُخفيان الورقة في أحد هذه الكتب، وعندما تُجري الشرطة بحثها المدقق، ستعثر عليها. سألته نيل عما تتحدث عنه هذه الكتب، وأطرق بيتر، وتذكر أن أحدها يتحدث عن التخريب. قالت نيل: «ضع الورقة في هذا الكتاب. وعندما تعثُر الشرطة عليها، ستطبع الصحف الكتاب بأكمله.»

كانت ركبتا بيتر ترتعشان لدرجة أنه لم يكن يستطيع المشي إلا بمشقةٍ شديدة، ولكنه استمر في تذكير نفسه أنه «رجل بحق»، أمريكي بنسبة مائة بالمائة، وأنه في أوقات الحرب مثل تلك يجب على كل وطني أن يؤدي دوره. وكان دوره هو المساعدة في تخليص البلاد من هؤلاء الحُمْر، ويجب ألا يتراجع. اتجها إلى المبنى القديم الذي يُوجَد به مقر اتحاد العمال الصناعيين العالمي، وتسلَّق بيتر السياج وقفَز من فوق سلَّم الهروب من الحريق، وسلَّمته نيل الحقيبة بعناية، وفتح بيتر النافذة المكسورة وتسلل إلى داخل الغرفة.

كان يعرف مكان الخزانة تحديدًا، وسرعان ما أخفى الحقيبة في أحد أركانها وكدَّس بعض الأشياء أمامها وألقى قطعةً قديمة من القماش فوقها. أخرج من جيبه الأيمن رسالةً مكتوبة بالآلة الكاتبة ومزَّقَها إلى قطعٍ صغيرة وألقاها في سلة المهملات. ثم أخرج من جيبه الأيسر الورقة الأخرى، التي تحمل مخطَّطًا لمنزل أكيرمان. اتجه بيتر نحو خزانة الكتب، وبأصابعَ مرتجفة أشعل عود كبريت، وانتقى الكتاب الصغير ذا الإطار الأحمر الذي يحمل عنوان «التخريب»، ودَسَّ الورقة داخله، وأعاد الكتاب إلى مكانه. ثم خرج عبْر النافذة إلى سلَّم الهروب من الحريق ونزل منه إلى الأرض، ثم قفز فوق السياج، وأسرَع الخطى في الزقاق إلى حيث كانت نيل تنتظره.

وكان يهمس لنفسه طوال الوقت قائلًا: «كل هذا من أجل بلادي!»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤