القسم الخمسون
من منزل ميريام، عاد بيتر إلى الغرفة ٤٢٧. كانت فكرة نيل أن نيلس أكيرمان لن يُضيع دقيقة في الصباح التالي؛ وبالفعل، وجد بيتر رسالةً على طاولة الزِّينة تقول: «انتظرني، أريد لقاءك.»
لم ينتظر بيتر طويلًا قبل أن يدخل ماكجيفني الغرفة ويجلس أمامه، ويقول بجديةٍ تامة: «بيتر جادج، أنت تعلم أني صديقك.»
«نعم، بالطبع.»
قال ماكجيفني: «لقد وقفتُ بجانبك. ولولاي لكان الرئيس قد ألقى بك في الحفرة محاولًا أن يُجبرك على الاعتراف بأنك زرعتَ قنبلة الديناميت تلك. أريدك أن تعرف ذلك، وأريدك أن تعرف أنني سأقف بجانبك، وأتوقع منك أن تقف بجانبي وتعاملني بالمثل.»
قال بيتر: «بالطبع! ما الأمر؟» بدأ ماكجيفني يشرح: يظن العجوز نيلس أكيرمان أن الشرطة تُخفي شيئًا عنه. لقد أرعبتْه هذه القضية بشدة دون شك. فكان يختبئ داخل خزانة في الليل، ويجعل زوجتَه تُسدل ستائر سيارتها الفارهة عندما تخرج للقيادة. وهو الآن مُصِر على التحدث إلى الرجل الذي اكتشف هذه المؤامرة التي كانت تُحاك ضده. كان ماكجيفني عازفًا عن المخاطرة بتعريف بيتر على أي شخص، ولكن نيلس أكيرمان كان من الرجال الذين تُعد كلمتهم قانونًا. في واقع الأمر، كان يُعد ربَّ عمل بيتر؛ فقد كان هو من رصَد مبلغًا كبيرًا من المال للمهمة السرية التي يؤديها جوفي، ولم يكن جوفي أو أيٌّ من مسئولي المدينة يجرُءون على محاولة خداعه.
قال بيتر: «لا بأس؛ فلن تضُرني مقابلته.»
قال ماكجيفني: «سوف يسألك عن هذه القضية، وسيُحاوِل اكتشاف كل ما يمكنه اكتشافه. لذا، عليك أن تحمينا؛ عليك أن تُخبره بأننا فعلْنا كل ما في وسعنا. عليك أن تحسِّن صورتنا عنده.»
وعده بيتر بجدية أنه سيفعل، ولكن ماكجيفني لم يكن واثقًا من ذلك. كان خائفًا، فبدأ يضغط على بيتر مشددًا على أهمية التضامن مع الزملاء وعدم التفريط في الولاء لهم. بدا الأمر مشابهًا لما يقوله أعضاء اتحاد العمال الصناعيين العالمي فيما بينهم!
«قد تفكِّر في أن هذه فرصة للقفز فوق أكتافنا والتسلق نحو القمة، ولكن لا تنسَ، يا بيتر جادج، أننا مثل الآلة، وفي نهاية المطاف هذه الآلة هي التي تفوز دائمًا. لقد حطَّمنا كثيرين حاولوا التحايل علينا، وسنُحطِّمك أنت أيضًا. سيحصل نيلس العجوز على ما يريد منك، سوف يعرض عليك مبلغًا كبيرًا، لا شك في ذلك، ولكنه سرعان ما سينسى أمرك، وعندئذٍ ستعود إلينا، وها أنا أحذِّرك، بحقِّ الرب، إذا ما مارستَ علينا خدعةً قذرة، فسيلقي بك جوفي في الحفرة لشهر أو اثنين، وستخرج محمولًا على نقَّالة.»
أكَّد بيتر على ولائه مرةً أخرى، ولكنه رأى فرصةً سانحة أمامه، فأضاف:
«ألا تظُن أنه يجدر بالسيد جوفي أن يفعل شيئًا من أجلي بعد تلك المؤامرة التي اكتشفتُها؟»
قال ماكجيفني: «نعم، أظن ذلك. هذا مطلبٌ عادل.»
وبدآ يتفاوضان. فصَّل بيتر جميع المخاطر التي واجهَها، والتقدير الكبير الذي حصل عليه الآخرون. ربما لم يحصُل جوفي على التقدير في الصحف، ولكنه حصل عليه من أرباب العمل، دون أدنى شك، وسيحصُل على المزيد إذا ما حسَّن بيتر صورتَه لدى ملك المدينة الأمريكية. قال بيتر إن ذلك يساوي ألف دولار، وقال إنه يجب أن يحصُل عليها فورًا قبل أن يذهب لمقابلة الملك. تجهَّم ماكجيفني بغضبٍ شديد عندما سمع هذه الكلمات، وقال: «اسمع، يا جادج! هل تجرؤ على تحميلنا مقابل مناصرة المؤامرة التي لفَّقتَها أنت؟»
كان ماكجيفني يتعامل عمومًا مع بيتر من منطلق كونه جبانًا ومدعيًا أجوَف، ولكنه تعلَّم أيضًا أنه يحين وقتٌ يغيِّر فيه الرجل التافه من طبيعته إلى نقيضها، وذلك عندما يتعلق الأمر بالحصول على بعض المال. وكانت تلك هي المسألة التي بين أيديهما الآن؛ وقابل بيتر تجهُّم ماكجيفني بالتجهُّم، وصاح غاضبًا: «إذا لم تُعجبك مؤامرتي، فاذهب واكشفها للصحف!»
عاد بيتر ليتصرف مثل كلب البولدوج مجددًا، وأنشب أسنانه في أنف البولدوج الآخر، ولم يتركها. كان قد رأى الرجل ذا وجه الجرذ يخرج نقودًا من ملابسه قبل هذا، وكان يدرك أن هذه المرة سيأتي ماكجيفني مستعدًّا أكثر من جميع المرات السابقة. لذا، أصَر على المبلغ الذي طلب، إما ألف دولار أو لا شيء، وكما حدث سابقًا، غاص قلبه بين قدمَيه عندما أخرج ماكجيفني رزمة النقود التي معه ورأى أن بها نقودًا أكثر مما طلبه بيتر!
ومع ذلك، عزَّى بيتر نفسه بالتفكير في أن ألف دولار مبلغٌ لا بأس به من المال، وخرج قاصدًا منزل نيلس أكيرمان في حالةٍ مزاجية رائعة. وقرَّر بالتبعية أنه قد يكون من الحكمة عدم قول أي شيء لنيل عن هذه الألف الإضافية. فعندما تكتشف النساء أن معك مالًا، فلن يهدأ لهن بال حتى يحصلن على كل قرش منه، أو على الأقل جعلك تُنفِقه بالكامل عليهن!