القسم السادس

ربما قضى بيتر في «الحفرة» ثلاثة أيام، وربما أسبوعًا؛ لم يعرف، ولم يخبره أحدٌ مطلقًا. فُتِحَ البابُ مجددًا، وللمرة الأولى على الإطلاق سَمِعَ صوتًا يقول: «تعالَ هنا.»

كان بيتر يتوق إلى سماع صوت إنسان؛ لكنه انكمش خائفًا في أحد أركان الزنزانة عندما سمعه؛ فقد كان صوتَ جوفي، وكان بيتر يعرف ما يعنيه ذلك. بدأت أسنانه تصطك مجددًا، فصرخ: «أنا لا أعرف أي شيء! لا أستطيع إخبارك بأي شيء!»

مُدَّت يدٌ وأمسكت ياقته، ووجد نفسه يسير في الممر أمام جوفي الذي قال له: «اخرس!» ردًّا على كل ولولته، ثم أدخله غرفةً وألقاه على كرسي كما لو كان كومة من المفروشات وسحب كرسيًّا آخر وجلس في مواجهة بيتر.

وقال: «والآن، اسمعني. أريد أن أعقد معك اتفاقًا. هل تريد العودة إلى تلك الحفرة مجددًا؟»

صاح بيتر: «ﻟ… ﻟ… لا.»

«حسنًا، أريدك أن تعرف أنك ستقضي بقية حياتك في تلك الحفرة، فيما عدا الفترات التي ستقضيها في الحديث معي. وأثناء حديثك معي، سيُلوى ذراعاك، وستُدخل شظايا تحت أظافرك، وسيُحرق جلدك بأعواد الثقاب، حتى تخبرني بما أريد أن أعرف. لن يساعدك أحد، ولن يعرف أحدٌ ما يحدث لك. ستبقى هنا معي حتى تخبرني بما أريد.»

لم يستطع بيتر التعبير عما يعتمل في صدره إلا بالنشيج والبكاء.

واصل جوفي حديثه قائلًا: «والآن، أصبحتُ أعرف كل شيء عنك، وحصلتُ على قصة حياتك كاملةً منذ يوم ولادتك، ولا فائدة من محاولة إخفاء أي شيء. أعرف الدور الذي لعبته في مؤامرة القنبلة، ويمكنني إرسالك إلى المشنقة دون أن يؤرقني ضميري. ولكن ثمَّة بعض الأمور التي لا يمكنني إثباتها على الرجال الآخرين. إنهم القادة، الشياطين الحقيقيون، وهم الذين أريدهم؛ لذا لديك فرصة لتنقذ نفسك، وعليك أن تكون ممتنًّا لذلك.»

واصل بيتر النشيج والبكاء.

صاح الرجل: «اخرس!» ثم استطرد مثبتًا عينَيه في عينَي بيتر المذعورتَين قائلًا: «فلتفهم أن لديك فرصة لإنقاذ نفسك. كل ما عليك فعله هو أن تخبرني بما تعرف. ثم يمكنك الخروج من هنا ولن تواجه أي مشكلةٍ أخرى. سنعتني بك جيدًا؛ وسيكون كل شيء سهلًا بالنسبة إليك.»

ظلت نظرة الأرنب الذاهل تطل من عيني بيتر. ونما في داخله شوق لأن يكون حرًّا، وتنتهي متاعبه، وأن يتم الاعتناء به! كل هذا كان سيتحقق لو كان يعرف أي شيء ليفصح عنه؛ لو كانت ثمة طريقة تساعده في أن يعرف شيئًا ليفصح عنه!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤