القسم السابع

فجأةً، مد الرجل يده وأمسك بإحدى يدَي بيتر. ولوى رسغها مرةً أخرى، الرسغ نفسه الذي كان لا يزال يؤلمه منذ جولة التعذيب السابقة، وقال: «هل ستُفصِح؟»

صرخ بيتر قائلًا: «كنتُ سأفصح لو استطعت! يا إلهي، كيف يمكنني أن أخبرك بما لا أعرف؟»

همس الرجل بصوتٍ كالفحيح: «لا تكذب عليَّ. أصبحتُ أعرف حاليًّا ما حدث، ولا يمكنك خداعي. أنت تعرف جيم جوبر.»

صرخ بيتر: «لم أسمع به في حياتي!»

قال الرجل الآخر وهو يلوي رسغ بيتر: «أنت تكذب!»

صاح بيتر: «نعم، نعم، أعرفه!»

قال الآخر: «آه، هكذا أفضل! بالطبع تعرفه. كيف يبدو الرجل؟»

«أنا … لا أعرف. إنه رجلٌ ضخم.»

«أنت تكذب! أنت تعرف أنه رجلٌ متوسط الحجم!»

«إنه رجلٌ متوسط الحجم.»

«أسمر البشرة؟»

«نعم، أسمر البشرة.»

«وتعرف السيدة جوبر، معلمة الموسيقى؟»

«نعم، أعرفها.»

«وهل ذهبتَ إلى منزلها؟»

«نعم، ذهبتُ إلى منزلها.»

«أين يقع منزلهما؟»

«لا أعرف … أعني …»

«هل يقع في الشارع الرابع؟»

«نعم، إنه في الشارع الرابع.»

«وقد استأجرك لحمل تلك الحقيبة التي تحوي القنابل، أليس كذلك؟»

«نعم، هو مَن استأجرني.»

«وأخبرك بمحتوياتها، أليس كذلك؟»

«لقد … إنه … أعني … لا أعرف.»

«هل تقول إنك أنت لا تعرف إذا ما كان قد أخبرك أم لا؟»

«ﻧ… ﻧ… نعم، لقد أخبرني.»

«كنت تعرف كل شيء عن المؤامرة، أليس كذلك؟»

«ﻧ… ﻧ… نعم، كنتُ أعرف.»

«وهل تعرف إسحاق، اليهودي؟»

«ﻧ… ﻧ… نعم، أعرفه.»

«كان هو سائق الحافلة الجيتني، أليس كذلك؟»

«ﻧ… ﻧ… نعم، كان هو سائق الجيتني.»

«أين قادها؟»

«في كل مكان.»

«قادها إلى هنا مع الحقيبة، أليس كذلك؟»

«نعم، لقد فعل.»

«وتعرف بيدل، وتعرف ما فعل، أليس كذلك؟»

«نعم، أعرفه.»

«وأنت مستعد لأن تخبرنا بكل ما تعرف، أليس كذلك؟»

«نعم، سأفصح عن كل شيء. سأخبرك بكل ما تريد …»

«ستُخبرني بكل ما تعرف، أليس كذلك؟»

«ﻧ… ﻧ… نعم، يا سيدي.»

«وستُصِر على أقوالك؟ ولن تُحاول التراجع عنها؟ إنك لا تريد أن تعود إلى الحفرة، أليس كذلك؟»

«نعم يا سيدي.»

فجأةً، أخرج جوفي من جيبه ورقةً مطويةً، كانت عبارة عن عدة صفحاتٍ مكتوبة بالآلة الكاتبة، وقال: «بيتر جادج، لقد كنتُ أبحث في ملفك، واكتشفتُ ما اقترفتَه في هذه القضية. وسترى عندما تقرأ هذه الصفحات أني قد توصَّلتُ إليه بشكلٍ مثالي. لن تجد فيه خطأً واحدًا.» قال جوفي ذلك تفاخُرًا بذكائه، ولكن بيتر المسكين كان شاردًا من فرْط رعبه لدرجة أنه نسي أن هناك شيئًا يُسمى الابتسام في هذا العالم.

واصل جوفي حديثه قائلًا: «هذه قصتك، هل تراها؟ خُذها واقرأها الآن.»

فأمسك بيتر الورقة بيده المرتجفة، اليد التي لم تُلوى، وحاول أن يقرأها، ولكن يده كانت ترتجف لدرجة أنه اضطُر إلى وضعها على ركبته، ثم اكتشف أن عينَيه لم تعتادا على الضوء بعدُ، فلم يستطع رؤية الكلمات المطبوعة، فصرخ قائلًا: «لا أستطيع.»

أخذ الرجل الآخر الورقة منه، وقال: «سأقرؤها عليك، اسمع، وانتبِه لما أقول، وتأكَّد من أني فهمتُ الأمر بالشكل الصحيح.»

وبدأ جوفي يقرأ وثيقةً قانونيةً معقَّدة: «أُقر أنا، بيتر جادج، بعد أن أديتُ القسَم …» إلى آخره. كانت قصةً مفصَّلة ومعقَّدة عن رجل يدعى جيم جوبر، وزوجته، وثلاثة رجالٍ آخرين، وكيف استخدموا بيتر لشراء بعض المواد اللازمة لصنع القنابل، وكيف ساعدَهم بيتر في صنع القنابل في منزلٍ بعينه في عنوانٍ محدَّد، وكيف وضعوا القنابل في حقيبة، مع مؤقِّت لتفجيرها في وقتٍ محدَّد، وكيف قادهم إسحاق، سائق الحافلة الجيتني، إلى ناصيةٍ بعينها في الشارع الرئيسي، وكيف تركوا الحقيبة التي تحتوي على القنابل في الشارع أمام موكب يوم الاستعداد الوطني.

كانت القصة بسيطة وواضحة، وكاد بيتر يبكي من الفرَح أثناء الاستماع لها، فقد أدرك أن هذا هو كل ما عليه فعله لكي ينجو من تلك الورطة الرهيبة. أصبح يعرف الآن ما كان يُفترض عليه أن يعرفه؛ وكان يعرفه بالفعل. لماذا لم يخبره جوفي بذلك منذ فترةٍ طويلة؛ بحيث كان سيعرف ما عليه فعله دون كسرٍ لأصابعه وليٍّ لرسغه؟

قال جوفي: «والآن، هذا اعترافك، أليس كذلك؟»

قال بيتر: «ﻧ… ﻧ… نعم.»

«وسوف تُصِر عليه حتى النهاية، أليس كذلك؟»

«ﻧ… ﻧ… نعم يا سيدي.»

«هل يمكننا الاعتماد عليك الآن؟ لا مزيد من الهُراء؟»

«ﻧ… ﻧ… نعم يا سيدي.»

«هل تُقسِم بأن كل ما ذُكر به صحيح؟»

«نعم.»

«ولن تدَع أي شخصٍ يقنعك بالتراجع عنه … بغضِّ النظر عما قد يُقال لك؟»

قال بيتر: «ﻟ… ﻟ… لا يا سيدي.»

قال جوفي: «حسنًا.» وبدت الراحة في صوته كما لو كان رجلَ أعمالٍ يُبرم صفقةً مهمة. ثم أصبح أكثر إنسانيةً بينما استمر في الكذب قائلًا: «والآن يا بيتر، أنت رجلُنا، وسنعتمد عليك. أنت تفهم بالطبع أننا يجب أن نحتفظ بك كشاهد، ولكنك لن تكون سجينًا، وسنُعاملك معاملة حسنة. سنضعك في مستشفى السجن، وستحصُل على طعامٍ جيد ولن يُطلَب منك فعل أي شيء. وفي غضون أسبوع أو نحوه، سنطلب منك أن تظهر أمام هيئة المحلَّفين. وحتى يحين ذلك الوقت، أنت تفهم … لا تتفوَّه بكلمةٍ واحدة لأي إنسان! قد يُحاول أناس استخراج معلومات منك، ولكن إياك أن تفتحَ فمَك بشأن هذه القضية إلا لي فقط. أنا رئيسُك، وسأخبرك بما يجب عليك فعلُه، وسأعتني بك طوال الوقت. هل فهمتَ كل شيء بشكلٍ صحيح؟»

قال بيتر: «ﻧ… ﻧ… نعم يا سيدي.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤