عهد رعمسيس الخامس
وسر ماعت رع شحبرت رع | رعمسسو-آمون خبشف مري آمون |
تولى «رعمسيس الخامس» بعد وفاة والده «رعمسيس الرابع»، وقد بقيت إلى عهد غير بعيد آثار هذا الفرعون ضئيلة جدًّا بالنسبة للملوك الآخرين، فكان كل ما لدينا باسمه هي اللوحة التي نقشها في صخور السلسلة الغربية، وكل ما جاء فيها عقود مدح، وقد ورد فيها عبارة تشير إلى أنه ابن «رعمسيس الرابع» بيد أنه لم يعمر طويلًا في الحكم؛ هذا بالإضافة إلى قبره الذي يقال إنه قد اغتصبه من «رعمسيس الرابع» كما سنتحدث عن ذلك فيما بعد.
والواقع أنه ينسب إلى عصر هذا الفرعون إضمامتان من البردي على جانب كبير من الأهمية، ويطلق على الأولى عريضة الاتهام بعدة جرائم ارتكبت ضد أملاك معبد …
وقد كان المتهم الأعظم فيها كاهنًا يدعى «بنعا نكوي»، وفي نهاية الورقة كانت كل الاتهامات موجهة إلى قائد سفينة يدعى «خنوم نخت»، وهو الذي تآمر مع بعض عمال معبد «خنوم» في «إلفنتين» على سرقة محاصيل معبد «ختوم».
- وجه الورقة: الصفحة الأولى: (١) (العامل) «أمننخت» يقول: إني ابن رئيس العمال «نب نفر»؛ لقد مات والدي ونصب مكانه
رئيسًا للعمال أخي «نفرحتب». وقد قتل العدو «نفرحتب» (القاتل فرد يدعى «بنب» وسيأتي ذكره
بعد) وعلى الرغم من أني (؟) أخوه فقد أعطى «بنب» خمسة من خدم والدي إلى «برع محب» الذي
كان وقتئذ وزيرًا٦ (٤) … (وقد وضعه مكان والدي على الرغم من أنه لم يكن مكانه). وعندما جرى دفن
الملوك كلهم بلغت (؟) سرقة «بنب» أشياء الملك «سيتي مرنبتاح» وقائمتها هي … (٦) مخازن
الملك «سيتي مرنبتاح» التي وجدت في حيازته بعد الدفن (٧) … وأخذ غطاء عربته. وقطعوا٧ يد (٨) … الكاتب على الرغم من أنه أخذها عند الدفن (٩) (… الخمسة …) للأبواب.
وقد وجدوا أربعة منها، ولكنه أخفى واحدة. وهي في حيازته (١٠) … (وسرق) بخور تاسوع آلهة
الجبانة، وقسمه بينه وبين شركائه (١١) … من زيت «انب» (زيت قبرص) الخاص بالفرعون، وكذلك
سرق نبيذه وجلس (١٢) على تابوت الفرعون على الرغم من أنه قد دفن (١٣) … وتمثال واحد
للفرعون عليه اسم «سيتي مرنبتاح»، وقد ولوا الأدبار ولكنهم رأوا … (١٤) … في (؟) معبد
«حتحور»، وقد أكد الكاتب «قن حرخبشف» ما ارتكبه في معبد الإله «بتاح» و«بنب» (١٥) … رئيس
العمال «نفر حتب»، وإنه حفر الأرض المختومة في المكان الخفي (أبواب الملوك) (١٦) ومع
ذلك
حلف اليمين قائلًا: إني لم أقلب حجرًا في جوار مكان الفرعون، وهكذا قال.
(١٧) التهمة الخاصة بذهابه إلى ثلاث مقابر (؟) وقد دخلها على الرغم من أنها (؟) لم تكن له. وقد كان مع العامل «قننا» (١٨) … وقد أعطى «بنب» شيئًا لكاتب «قن حرخبشف» فأخذه (وأخفاه).
(١٩) التهمة الموجهة إليه بسبب سرقته ثوب المرأة «يمواو»، فقد ألقى بها على سطح جدار وانتهك حرمتها (؟).
(٢٠) التهمة الموجهة إليه بأنه سب العامل «نبنفر» بن «بننوب» قائلًا: أحضر مصابيح. (٢١) … ذاهبًا مع … سماكين. وهو …
- صحيفة (٢) من وجه الورقة: (١) التهمة الموجهة إليه بسبب ما يأتي: أن ابنه هرب أمامه إلى مكان البوابين وحلف
يمينًا بالسيد قائلًا: لا يمكنني الوقوف معه وقال: إن «بنب» ارتكب الفاحشة مع المواطنة
«توي» عندما كانت زوج العامل «قننا»، وكذلك زنى بالمواطنة «حونرو» وهي في عصمة «بندوا»
(٣) وكذلك زنى بالمواطنة «حونرو» عندما كانت في عصمة «حسيسنبف» وهكذا قال ابنه، وبعد
أن
زنى مع «حونرو» زنى بأختها «وبخت»، وكذلك زنى «عابحتي» ابنه مع «وبخت».
(٥) تهمة خاصة بأمره العمال قطع أحجار من قمة مبنى «سيتي مرنبتاح»، وقد أخذوها (٦) (الأحجار) إلى قبره يوميًّا وبنى خمسة أعمدة في قبره من هذه الأحجار (٧) ونهب مكان الفرعون والناس الذين كانوا يمرون بالقرب منه في الصحراء رأوا قاطعي الأحجار، عندما كانوا واقفين وهم يعملون على قمة مبنى الفرعون وقد سمعوا أصواتًا، وقد سرق (٩) معاول الفرعون والفئوس الخاصة بالعمل في قبره.
قائمة (١٠) بقاطعي الأحجار الذين كانوا يعملون له: «عابحتي» «كاسا» وكاسا بن «رعموسى» و«حارمويا» و«قن حرخبشف» (١١) و«رومع»، و«باشد» بن «حاح» «نب نخت»، و«نخت مين» و«نبسمن» «حارمويا» بن «بكي» (١٢) و«خونسو» و«نخت مين» و«بيوم»، و«وننفر» و«عانخت» المجموع ستة عشر (رجلًا).
(١٣) تهمة بسرقته معول العمل الكبير، وكسره في مقبرته.
(١٤) تهمة خاصة بالجري وراء رئيس العمال «نفرحتب» أخي على الرغم من أنه هو الذي رباه، وقد أوصد أبوابه أمامه وأخذ حجرًا وكسر أبوابه، وقد جعلوا (١٦) رجالًا يراقبون «نفرحتب»؛ لأنه قال: سأقتله ليلًا. وقد ضرب تسعة رجال في هذه الليلة (١٧) وقد قدم رئيس العمال «نفر حتب» شكوى ضده أمام الوزير «أمنموسى»، فوقع عليها عقابًا وكذلك قدم شكوى ضد الوزير (١٨) أمام «موسى» وقد سبب عزله من منصب الوزارة قائلًا: إنه عاقبني. (١٩) تهمة بأمره العمال بالعمل في السرير المجدول الخاص بنائب معبد «آمون» في حين أن نساءهم كانوا يغزلون ملابس له (يشير إلى «بنب» أو للنائب؟) وجعل «نبنفر» بن «وازموسى» علافًا لثوره شهرين كاملين (أي إنه استخدمه في غير العمل الذي كلف به).
(٢١) تهمة خاصة بقوله لرئيس العمال «حاي»: سأهاجمك في الصحراء وأقتلك.
(٢٢) تهمة خاصة ﺑ … الذي كان بينهم؟ [وأنه].
- متن ظهر الورقة: الصفحة الأولى: (١) إنه سلب مقبرة في غرب الجبانة الملكية التي لها لوحة (٢) فقد نزل في مقبرة العامل
«نخت مين»، وسرق منها السرير (٣) الذي كان تحته، وكذلك نهب الأشياء التي يقدمها الإنسان
للميت وسرقها.
(٤) تهمة خاصة بضربه باستمرار العمال في حفلة ليلية (٥) وقد ذهب إلى سطح الجدران وألقى بالأحجار على الناس.
(٦) تهمة خاصة بحلفه يمينًا بالسيد (الملك) قائلًا: إذا جعلت الوزير يسمع اسمي ثانية فإنه سيعزل من وظيفته، ولكني سأصير ثانية قاطع حجر هكذا قال. وقد فعل ابنه مثله قائلًا: إنه (أي الوزير) يسرق ولا يترك أي شيء للجبانة الملكية. وانظر فإنه لا ينقطع بأي طريقة عن النطق بتفاخره.
(٩) تهمة بسرقته معولًا كبيرًا لشق الأحجار، وعندما قالوا: إنه ليس هناك وبعد مضي (١٠) شهر بأكمله في البحث عنه أحضره وتركه خلف حجر كبير.
(١١) تهمة بذهابه إلى مدفن «حنو تميرع» وسرقته أوزة (١٢) وحلف يمينًا بالملك بخصوصها قائلًا: إنها ليست في حيازتي ولكنهم وجدوها في بيته. (١٣) تهمة خاصة بأنه جعلني أحلف بالابتعاد عن قبر والدي ووالدتي قائلًا: «إني لن أدخل فيه.» وأرسل العامل «ياشد» الذي بدأ يصيح في القرية قائلًا: لا تدع فردًا ينظر لأي إنسان من أسرة رئيس العمال «نبنفر» (١٦) عندما يذهب لإحضار قربان «لآمون» إلههم هكذا تحدث. وعندما ذهب الناس ليحضروا قربانًا (١٧) على جانب … خافوه وقد بدأ يرمي أحجارًا على خدام القرية.
- ظهر الورقة: الصفحة الثانية: (١) لا شك في أن مثل هذا السلوك غير جدير بهذه الوظيفة (٢) آه إنه في صحة جيدة مع أنه كالرجل المجنون (؟) (٤) ومع ذلك فإنه هو الذي قتل هؤلاء الرجال (٥) لأجل ألا يحضروا رسالة للفرعون (٦) تأمل لقد جعلت الوزير يعلم (٧) عن حاله (حياته).
وقبل أن أتناول الشخص الرئيسي في هذه البردية، وهو «بنب» دعنا نناقش باختصار شخصية المدعي وأسرته وقد قدم لنا نفسه في أول الورقة باسمه «أمننخت» ابن رئيس العمال «نبنفر»، وأخي رئيس العمال «نفرحتب»، والاسمان اللذان ذكرا أخيرًا معروفان في النقوش الهيروغليفية والمتون الهيراطيقية في ذلك العصر.
فنعلم أن القبر رقم ٢١٦ الواقع في جبانة «دير المدينة» هو لرئيس العمال «نفرحتب»، وقد كان والده «نبنفر» رئيسًا للعمال كما كان جده الذي كان يسمى «نفرحتب»، كذلك رئيسًا للعمال. وقد دفن كل من «نبنفر» و«نفرحتب» الأكبر في المقبرة رقم ٦ وتقع على مقربة من المقبرة ٢١٦، ومن متون هاتين المقبرتين نحصل على شجرة نسب هذه الأسرة، وهي:
ومن بين هؤلاء البنات لدينا الابنة «يي» التي تحمل لقب ربة البيت؛ أي إنها كانت امرأة متزوجة وهي بلا نزاع موحدة بالسيدة التي مرت علينا في الصورة التي في القبر رقم ٢١١ بوصفها زوج «كاسا»، الذي أصبح فيما بعد على وجه التأكيد ربيب «بنب» وليس حفيده الذي يحمل نفس الاسم.
أما عن والد «بنب» المسمى «نفرسنت»، فإن هذا العلم على ما يظهر كان قليل الاستعمال بين أسماء عمال الجبانة الملكية، وقد دل البحث على أن كل ما وجد منه موحد باسم هذا الرجل الذي كان يحمل لقب «خادم مكان الصدق»، وقد عاش في عهد «رعمسيس الثاني».
ولا نعرف شيئًا عن نهاية «بنب»، والوثيقة التي نفحصها الآن، أي ورقة «تورين» السالفة الذكر، تدل على أن التهم التي يوجهها إليه أهل الجبانة الملكية لم تكن من الخطورة بمكان. وإذا كان الوزير قد صدقها فإن العقاب الذي وقع عليه بسببها كان — لا بد — صارمًا، وليس لدينا معلومات عن التاريخ الذي حدث فيه ذلك، ومن المحتمل أنه قد وقع في عهد الفرعون «سبتاح سخعنرع ستبن رع»، إذ في السنة الثانية في حكمه نسمع للمرة الأخيرة عن اسم «بنب». ومما يؤسف له جد الأسف أنه ليس لدينا وثائق مؤرخة من أواخر عهد الأسرة التاسعة عشرة أو السنين الأولى من الأسرة العشرين من عهد «رعمسيس الثالث». والظاهر أن «الإستراكين» المؤرختين بالسنة الثانية عشرة والخامسة عشرة، وهما اللتان لم يذكر فيهما اسم الفرعون يرجع عهدهما إلى الفرعون «رعمسيس الثالث»، وفي كل من هاتين الوثيقتين ذكر كل من «حاي» و«نخمموت» بوظيفة رئيس العمال. ولا بد أن «نخمموت» هذا هو الذي خلف «بنب» في وظيفة رئيس العمال في مكان الصدق بعد موته على ما يظهر. وما لدينا من معلومات عن الوزراء، الذين ذكروا في الوثيقة التي نحن بصددها الآن يشير بطريقة مبهمة إلى عهد الفرعون «سبتاح» أو بعد ذلك بقليل إلى نهاية «بنب». والواقع أنه قد ذكر في وثيقتنا (ورقة «صولت» رقم ١٢٤) وزيران، غير أنه لا يمكن توحيد واحد منهما بالوزير الذي قدم له «أمننخت» شكواه. وهذان الوزيران هما «أمنموسى» و«برع محب»، ونحن من جانبنا نعلم أن «أمنموسى» كان يتقلد الوزارة بين السنة الثامنة من عهد الفرعون «مرنبتاح» أو بعد ذلك، (وفي هذه السنة كان «بانحسي» وزيرًا كما يدل على ذلك «الإستراكون» رقم ٢٥٥٠٤).
وموت رئيس العمال «نفرحتب» السالف الذكر كان في السنة الخامسة من عهد «سيتي الثاني» على أكثر تقدير؛ لأن «برع محب» كان قد ذكر فعلًا في الورقة التي نحن بصددها بمناسبة موت «نفرحتب».
ومما له أهمية بالغة في هذه الوثيقة كذلك الفقرة التي تذكر لنا أن «بنب» قدم شكوى ضد الوزير «أمنموسى» لشخص يدعى «مسي»، وهو الذي عزل «أمنموسى» من وظيفته نتيجة لتلك الشكوى. ولما كان الوزير يعد الشخصية الأولى في البلاد بعد الملك، فإنه من المحقق أن «مسي» وهو الذي عزل «أمنموسى» كان أحد ملوك أواخر الأسرة التاسعة عشرة.
ولقد زعم البعض أن هذا الاسم هو لقب أطلق على «رعمسيس الثاني»، غير أن هذا الزعم لا ينطبق تاريخيًّا على «رعمسيس الثاني» بعد البحث الذي أوردناه هنا عن أسرة «بنب»، يضاف إلى ذلك أنه قد ذكر صراحة أن رئيس العمال «نفرحتب» قد قدم شكوى للوزير «أمنموسى»، وعلى ذلك أصبحنا على يقين من أن هذه الأحداث قد وقعت قبل عهد «سيتي الثاني»، وذلك أننا كما شاهدنا نعرف أن «نفرحتب» كان لا بد قد مات في خلال حكمه وبعد الفرعون «مرنبتاح»؛ إذ ليس لدينا براهين تدل على أن «أمنموسى» كان وزيرًا قبل أواخر عهد «مرنبتاح». والآن نعلم بوجود ملكين بين عهدي «مرنبتاح» و«سيتي الثاني»، وهما «أمنموسى» و«سبتاح الأول»، ومن بين هذين الفرعونين نعلم أن «سبتاح» لم يكن يحمل اسمًا يمكن أن يكون اسم «مسي» مصغرًا له أو لقبًا له، وعلى ذلك يمكن أن نخمن أن اسم «مسي» كان لقبًا يدل على الفرعون «أمنموسى»، وعلى أية حال نعلم أن «رعمسيس الثاني» كان بعيدًا عن حوادث وثيقتنا، هذا فضلًا عن أن لقبه كان «سسى» (راجع مصر القديمة ج٦). وهذا اللقب لم يكن يكتب في طغراء ولم يعرف بمخصص ملك، كما جرت العادة، مما يدل على أنه كان قد أطلق عليه من طريق التنابذ بالألقاب. ونحن نعلم من جانبنا أن «أمنمس» كان مغتصبًا للملك. (راجع مصر القديمة ج٧) وعلى ذلك لم تكن ذكراه موضع احترام الخلف.
وقد كان مرءسو «بنب» يدعون عمال الفرقة، وهذا واضح من وثائق كثيرة من جبانة «طيبة» وهؤلاء العمال كانوا يشتغلون في قطع الأحجار في مقابر أبواب الملوك وأبواب الحريم، أي في جبانة طيبة الملكية. وعلى حسب ما جاء في السطر السابع من الصفحة الأولى من ظهر الورقة التي نحن بصددها نعلم أن «بنب»، عندما عاقبه الوزير «أمنموسى» بسبب التهمة التي وجهها إليه «نفرحتب» هدد بأنه سيحصل على تعيينه ثانية بوصفه قاطع أحجار وأن الوزير سيعزل من وظيفته.
والعمال الذين ذكروا في وثيقتنا هم «عابحتي»، ويحتمل أنه هو ابن «بنب» و«عانخت» و«بننفر» بن «وازمس» و«بننفر» بن «بننوب» و«نختمين»، وقد ذكر مرتين و«نبنخت» و«نيسمين» و«رومع» و«حورمويا» و«حورمويا» بن «بكي» (ويحتمل أنهما واحد) و«حسيسنبف» و«خنسو»، و«قننا»؛ و«قن حرخبشف» و«كاسا» و«كاسا» بن «رعموسى». ومعظم هذه الأسماء جاء ذكرها في وثائق أخرى، وخاصة في «إستراكا» أبواب الملوك وكلها ترجع إلى عهد ملوك الأسرة التاسعة عشرة الذين لم يحكموا إلا مددًا قصيرة. وهذه «الإستراكا» لا تنحصر أهميتها في ذكر أسماء العمال وحسب، بل إنها كذلك تؤكد لنا بعض التهم الموجهة ضد «بنب» في ورقة «صولت» التي نفحصها الآن؛ فمثلًا ذكر في «الإستراكون» رقم ٢٥٥١٩، وفي «الإستراكون» رقم ٢٥٥٢١، وهما بالمتحف المصري أن «بننفر» بن «وازمس» لم يقم بعمل ما؛ لأنه كان مكلفًا بإطعام ثور «بنب» مما يثبت التهمة التي جاءت في ورقتنا، وكذلك جاء ذكر عدد عظيم من العمال في كل من «الإستراكون» رقم ٢٥٥١٧ و٢٥٥٢١ كانوا يعملون لحساب «بنب»، وأهملوا عملهم في القبر الملكي، على أن تكليف «بنب» مرءوسيه العمال بالقيام بعمله الخاص لم يكن من الجرائم الكبيرة، إذ كان يرتكب زميله «حاي» مثل هذا العمل من وقت لآخر. ومما يلفت النظر أن «بنب» لم يستعمل عمال الجانب الأيمن الذين كانوا تحت إدارته وحسب، بل استخدم في عمله الخاص كذلك «نبنفر بن بننوب» و«حسيسنبف» و«قن-حر-خبشف»، الذين كانوا تابعين لعمال الجانب الأيسر وخاضعين لأوامر رئيس العمال «حاي».
ومما سبق يمكننا أن نبرهن على صحة بعض التهم التي وجهها «أمننخت» ضد «بنب».
والآن يجب أن نفرض أن التهم الأخرى أو جزءًا كبيرًا منها كان لها مبرراتها أيضًا.
والمطلع على ورقة «صولت» هذه يجد اختلافًا بينًا غريبًا بين الأسلوب البدائي، الذي ألفت به الورقة وبين الخط الجميل الذي دونت به، ولكن يلاحظ هنا أن الشاكي الذي كان مجرد عامل بسيط لم يكن في استطاعته أن يكتب إلا بصعوبة كما يشاهد ذلك في أيامنا، وعلى ذلك فمن المحتمل أن يكون قد وكل أمر كتابة شكواه إلى كاتب محترف. وقد كان عدد عظيم من هؤلاء المحترفين في قرية العمال الخاصين بالجبانة الملكية، وهم الذين كانوا يكتبون الوصيات والوثائق القانونية والحسابات وغير ذلك، ومن المحتمل إذن كما هي الحال عندنا في القرى أن الشاكي هو الذي أملى التهم للكاتب؛ ولذلك كان هو المسئول عن الأسلوب الساذج الذي كتبت به الشكوى بما فيه من أخطاء وعدم الترتيب في التواريخ، ولا بد أن الكاتب قد كتب ما يملى عليه حرفيًّا دون تغيير أو تبديل.
وخلاصة القول أن قارئ هذه الوثيقة يجد صورة مطابقة في كثير من النقط للأشياء التي تحدث بين ظهرانينا الآن؛ فرئيس العمال يستعمل عماله في أعماله الخاصة وسرقة آلات العمل والمواد التي تستعمل في المباني وغيرها مما نجده منتشرًا في عهدنا، وكذلك نجد الرشوة بين كبار الموظفين ضاربة أطنابها كما كان عقد الأيمان الكاذبة فاشيًا، وهتك الأعراض والزنا باديًا في كل مكان، ونهب المقابر ملحوظًا في كثير من الجهات.
- (١)
قتل «بنب» رئيس العمال «نفرحتب» واغتصب وظيفته.
- (٢)
سرق «بنب» أمتعة قبر الملك «سيتي مرنبتاح» وقد ضبطت في حيازته.
- (٣)
سرق «بنب» بخور تاسوع الآلهة الذين في الجبانة، وقسمه مع شركائه في الجريمة.
- (٤)
سرق «بنب» زيت الفرعون ونبيذه وجلس على تابوت الفرعون على الرغم من أنه دفن فيه.
- (٥)
سرق تمثالًا للفرعون «سيتي مرنبتاح» ورُئِي مع شركائه في الجريمة في أثناء تلك السرقة.
- (٦)
انتهك حرمة معبد الإلهة «حتحور» ومعبد الإله «بتاح»، وتعدى على الأماكن المختومة في الجبانة.
- (٧)
تعديه مع آخر على ثلاثة مقابر لم تكن له.
- (٨)
سرقة ملابس امرأة وهتك عرضها على سطح جدار.
- (٩)
تعديه على العامل «بننفر» وإجباره على إحضار أشياء.
- (١٠)
تعديه على ابنه الذي أصبح لا يطيق العمل مع وارتكابه الفحشاء مع المواطنة «توي»، التي كانت زوجة العامل «قننا» ثم ارتكابه الزنا مع أخرى متزوجة وثالثة ثم رابعة وخامسة، وقد ارتكب ابنه هذا الإثم مع المرأة «وبخت».
- (١١)
أمر «بنب» بقطع الأحجار من أعلى مقبرة «سيتي مرنبتاح»، واستولى عليها ونهب مقبرة الفرعون، وشهد عليه المارة الذين مروا بالقرب في الصحراء، وكذلك سرق المعاول والفئوس التي كان يملكها الفرعون.
- (١٢)
مطاردة رئيس العمال «نفرحتب» أخي «أمننخت»، على الرغم من أنه هو الذي رباه وقد أوصد بابه أمامه ولكنه كسره بحجر، وقد أقيم حرس على «نفرحتب»؛ لأنه هدده بالقتل ليلًا، وكذلك ضرب ثمانية رجال ليلًا.
- (١٣)
أمره العمال بصنع سرير مجدول لوكيل المعبد، كما جعل نساءهم يغزلن الملابس له.
- (١٤)
تهديد زميله رئيس العمال «حاي» بمهاجمته في الصحراء وقتله.
- (١٥)
ذهابه إلى قبر العامل المتوفى «نخت آمون»، وسرقة سريره والهدايا التي كانت معه.
- (١٦)
ضربه العمال باستمرار في حفلة ليلية وطلوعه على السطح وقذفه المارة بالأحجار.
- (١٧)
حلفه بالفرعون ألا يدع الوزير يسمعه ثانية؛ لأنه سيعزله من وظيفته وإلا فإنه سيصبح قاطع أحجار، وقد تحدث بمثل ذلك ابنه ورماه بالسرقة وأنه لا يترك شيئًا في الجبانة الملكية، وهكذا لم ينقطع عن النطق بمثل هذه الترهات.
- (١٨)
سرقته معولًا لشق الأحجار وحلفه يمينًا بأنه لم يأخذه وبعد ذلك وجد في بيته.
- (١٩)
إجباره الشاكي على حلف يمين بأن يبتعد عن مزار والده، وإجباره على أن يقول: «لن أدخله.» وكذلك عمل على تحذير أهل القرية من الاتصال بأسرة رئيس العمال «بننفر»، عندما يذهب واحد منهم لإحضار قربان للإله «آمون» ربهم. وقد كان يلقي الأحجار على كل خدم القرية الذين لم يخضعوا لأوامره على ما يظهر.
وأخيرًا يحدثنا المدعي بأن هذا الرجل كان سليمًا في مظهره، ولكنه كان مجنونًا في واقع أمره.
- وجه البردية: الصفحة الأولى: (١) الوثائق التي في حيازة الكاهن «بنعنقت»، الذي يسمى «سد» التابع لمعبد
«خنوم».
(٢) التهمة الموجهة بسبب بقرة سوداء في حيازته (يعني هنا الكاهن «بنعنقت»). وقد ولدت خمسة عجول «منفيس».١٦ وقد أخذها في الحقل واستولى عليها لنفسه. ثم سافر بها نحو الجنوب وباعها للكهنة.
(٣) التهمة الخاصة بعجل «منفيس» العظيم الذي كان في حيازته. وقد ذهب به وباعه لنوبيين من قلعة «بجة» وتسلم ثمنه منهم.
(٤) تهمة بأنه ذهب إلى «المدينة»،١٧ وتسلم بعض وثائق … وإن كان الإله «رع» لم يجعله يفلح إلى الأبد. وقد أحضرها إلى الجنوب؛ ليضعها أمام الإله «خنوم»، غير أن الإله لم يعترف بها.(٥) تهمة هتكه عرض المواطنة «متنمح» بنت «باسختي»، وكانت زوج السماك «تحوت محب» بن «بنتاور».
(٦) تهمة هتكه عرض «تبس» بنت «شوي» وكانت زوج «أعحاوتي».
(٧) تهمة خاصة بالسرقة التي ارتكبها «يم» (؟) وهي تميمة عين مقدسة في معبد «خنوم»، وقد استولى عليها (أي الكاهن) مع الرجل الذي سرقها.
(٨) تهمة تسليم صندوق إلى المعبد بوساطة الكاهن «باكنخنسو» يحتوي على اثنين … وقد فتحه وأخذ … منه، وقد وضعهما أمام الإله «خنوم»، وقد اعترف بهما (أي الإله).
(٩) تهمة مجيئه إلى داخل الحصن على حين أنه لم يشرب نطرونا إلا سبعة أيام فقط. والآن قد جعل كاتب الخزانة المسمى «منتو حر خبشف» Sic. كاهن «خنوم» هذا يقسم يمينًا بالملك قائلًا: «لن أدعه يدخل مع الإله حتى يتم أيام شرب النطرون، ولكنه عصى ودخل» (١١) مع الإله في حين أنه لا زال باقيًا عليه أن يشرب النطرون مدة ثلاثة أيام (؟).(١٢) تهمة خاصة بانتخاب الوزير «نفررنبت» الكاهن «باكنخنسو». و… ليكون كاهنًا للإله «خنوم»، وعند ذلك قال هذا الكاهن للكاهن «نبون»: سنقدم آخر … كهنة.
(١٣) وسنجعل الإله يبعد ابن «باشوتي». وقد سئل ووجد أنه قال ذلك فعلًا، وقد أجبر على حلف يمين بالحاكم (الملك) بألا يدخل المعبد؛ غير أنه قدم رشوة لهذا الكاهن قائلًا: دعني أدخل مع الإله، وقد تسلم هذا الكاهن رشوته وسمح له بالدخول مع الإله.
- وجه الورقة: الصفحة رقم ٢: (١) التهمة الخاصة بإرسال الفرعون المشرف على الخزانة المسمى «منمتير» لفحص خزانة
«معبد خنوم»، وكان هذا الكاهن قد سرق ستين رداء من خزانة «معبد خنوم».
(٢) وقد أُجري تفتيش عنها فوُجد منها أربعة وعشرون في حيازته؛ وقد تصرف في الباقي منها.
(٣) التهمة الخاصة بقطع هذا الكاهن أذن «ونمتومنفر» بن «بكستيت» دون علم الفرعون.
(٤) تهمة خاصة بإرسال الوزير «نفررنبت» الخادم «بخال» الصغير، والخادم «باتفونز منخنسو» (؟) قائلًا له: «أحضر (؟) إلى الكاهن والد الإله «قاخبش».»
(٥) والآن وجدني الخدم أقوم بدور خدمتي الشهرية الخاصة بطائفة الكهنة الأولى؛ لأنهم قالوا: «إننا لن نأخذك وأنت تقوم بخدمتك الشهرية.» وهكذا تحدثوا إليَّ.
(٦) غير أن هذا الكاهن أعطاهم ملابس «دايو» (وهي من نسيج الوجه القبلي) وكرسيين ونعلين؟ وسن عاج طوله ذراعان، وحزمتين من الخضر (ثاو) … ١٠٠٠ … سمكة … وجعة خفيفة قائلًا لهم: «لا تخلوني من عملي.» وقد مضى خمسة عشر يومًا دون أن يستولي … العظيم … الرئيس … (٨) اﻟ … (٩) في أرض مصر؛ لأني أنا الذي … الإله (؟) … وقد جعلهم يتركونني (؟) أذهب …
(١٠) التهمة الخاصة بترك «برمع» … الخاص ببيت «بك» … والدة … اﻟ … قائلًا له … (١١) قد أعمى «بسكينت» بنتها كذلك، وقد استمرتا عمياوين اليوم.
(١٢) تهمة خاصة بالشجار الذي نشب بين هذا الكاهن وراعيه «باكآمون» التابع لمعبد «خنوم»، عندما أجابه وقال له … وبعد مرور (١٣) ثلاثة أشهر ماتت «زازا» (؟) … وقد قالها …
(١٤) التهمة الخاصة بتسليمهم عشرين ثورًا لهذا الكاهن في السنة الأولى من حكم الملك «حقا ماعت ستبن آمون» الإله العظيم، وقد قبضوا على الثيران التي هي ملكه …
(١٥) وقد أحضرها من أعلى (؟) … وأعطى الثيران … وقد أعطاها هو الرئيس … كذلك …
(١٦) التهمة الخاصة بإعطاء الكاهن «بنعنقت» عشرين دبنًا من النحاس وثلاثة ملابس (دايو) من ملابس الوجه القبلي. وهذا الكاهن ينكر (؟) كل تهمة عملها …
(١٧) التهمة الخاصة بوقوف هذا الكاهن أمام هذا الإله قائلًا: إذا أراد أن يعمل رجلًا صالحًا … لك. وهكذا قال هو في أثناء وقوفه.
- ظهر الورقة: الصفحة الأولى: (١) التهمة الخاصة بسرقتهم … الكبير … النحاس الخاص بقارب «خنوم» والهرب به.
(٢) التهمة الخاصة بسرقتهم عشرة أثواب من النسيج الملوَّن، ومجموع ما سرق خمسة عشر من معبد الإلهة «عنقت» سيدة «أسوان»، وقد فحصهم كاتب الخزانة «منتو حرخبش» الذي كان يعمل عمدة بالنيابة لأسوان ووجدها في حيازته.
(٣) وقد أعطوها «أمنتنخ» وهو عامل في مكان الصدق وتسلموا ثمنها، وهذا الأمير قد أخذ منهم رشوة وأخلى سبيلهم.
(٤) التهمة الخاصة بفتحهم مخزنًا لمعبد الإله «خنوم»، الذي كان تحت خاتم مفتشي الغلال الذين يفتشون لحساب معبد «خنوم» (؟) وسرقوا ما به وثمانين حقيبة منه.
(٥) التهمة الخاصة بفتح … «خنوم» (؟) … سارقين ملابس (رد) من نسيج الوجه القبلي، وقد وجدها الكاهن في حيازتهم وأخذها، ولكنه لم يفعل شيئًا ضدهم.
(٦) التهمة الخاصة … ملئ بملابس الكهنة والدي الإله، والكهنة، وهي التي يحملون فيها الإله. وقد وجدت في حيازتهم.
-
ظهر الورقة (Vs, 1. 7): (تهمة خاصة بأن الفرعون «وسر ماعت رع مري آمون») الإله العظيم … المزارعين … حب
ليجعلهم يحضرون سبعمائة حقيبة من القمح للإله «خنوم» رب «إلفنتين» إلى هنا في الإقليم
الجنوبي، وقد تعودوا حملها بالماء، وتورَّد لهم بالكامل في مخزن غلال الإله، وقد تسلمت
منه (أي من الرجل الذي توفي؟) كل سنة. والآن في السنة الثامنة والعشرين من عهد «وسر ماعت
رع مري آمون» الإله الأعظم أصاب المرض ضابط السفينة هذا ومات. و… الذي كان كاهنًا لبيت
«خنوم» أحضر النجار و… «خنوم نخت» وعينه (ضابط سفينة) … حبوب هناك في الإقليم الشمالي،
وبدأ نقلها بالماء. ولكن في السنة الأولى من عهد الملك «حقا ماعت رع ستبن آمون» الإله
العظيم ارتكب عدة اختلاسات في الغلة. وضابط السفينة هذا … اﻟ ١٤٠ دبنًا الخاصة بخزينة
«خنوم»، وهكذا لم يكن الذهب في بيت خزانة «خنوم». أما عن اختلاسه الغلة، فإنها ليست في
مخزن غلال «خنوم»؛ لأنه أخذها … «خنوم».
(١٫١٣) السنة الأولى من عهد الملك «حقا ماعت رع ستبن آمون» الإله العظيم، ورد على «إلفنتين» على يد ضابط السفينة … مائة حقيبة. العجز ٦٠٠ حقيبة.
(vs. 2,1) السنة الثانية من عهد الملك «حقا ماعت رع ستبن آمون» الإله الأعظم سبعمائة حقيبة، لم يحضر منها شيء لمخزن الغلال.(٢، ٣) السنة الرابعة من عهد الملك «حقا ماعت رع ستبن آمون» الإله العظيم سبعمائة حقيبة ورد منها في سفينة العصا المقدسة (عصا عليها رأس كبش، وكانت رمزًا مقدَّسًا للإله «خنوم» موضع تقديس الناس) على يد البحار «بنختتا» عشرون حقيبة، والعجز ثمانون وستمائة.
(٢، ٤) السنة الخامسة من عهد الملك «رعمسيس الخامس» الإله العظيم، سبعمائة حقيبة، لم يحضرها.
(٢، ٥) السنة السادسة من عهد «رعمسيس الخامس» الإله العظيم سبعمائة حقيبة، لم يحضرها.
(٢، ٦) السنة الأولى من عهد الفرعون سبعمائة حقيبة، لم يحضرها.
(٢، ٧) السنة الثانية من عهد الفرعون سبعمائة حقيبة، ورد منها على يد ضابط السفينة «خنوم-نخت» مائة وست وثمانون حقيبة، فيكون العجز أربع عشرة وخمسمائة حقيبة.
(٢، ٨) السنة الثالثة من حكم الفرعون سبعمائة حقيبة، ورد منها على يد ضابط السفينة هذا مائة وعشرون حقيبة، والعجز ثمانون وخمسمائة حقيبة، فيكون مجموع قمح بيت «خنوم» رب «إلفنتين»، وهو الذي اختلسه ضابط السفينة بالاشتراك مع الكتبة والمراقبين والمزارعين التابعين لمعبد «خنوم» نفسه ٥٠٠٤ حقيبة.
ومن هذه الفقرة الهامة نعلم أن إله أقصى بلدة مصرية في الجنوب قد حصل على دخله من القمح من حقول تقع في أرض الدلتا (١٫١٠) ويتفق ذلك مع ما جاء في الوثائق الأخرى من هذا العهد، وهو أن الأشخاص الذين يتوقف على أمانتهم هذا الدخل كانوا هم المزارعين والمراقبين وضباط السفن المختصين بنقل المحصول من الأجران إلى مخازن الغلال. هذا فضلًا عن أن مآل حفظ هذا المحصول سليمًا كان يعتمد في النهاية على أمانة الكاهن أو الكهنة، الذين يقومون برعاية المعبد وحفظ أمواله.
وإنه لمن المدهش أن نجد المحصول السنوي قد حدد بسبعمائة حقيبة، وكان المنتظر أن يتغير هذا الدخل على حسب حالة النيل في وفائه. وقد لوحظ ذلك في مصادر أخرى. ومن المحتمل أن القاعدة في ذلك كانت واحدة وهي أن يُفرض عدد خاص من الحقائب على الزراع، وبعد ذلك يستفيدون بقدر المستطاع بما زاد عن الضريبة، وفي اعتقادي أنه كان يفرض على كل حقل عدد مخصوص من الحقائب على حسب مساحته، ولكن هذا الفرض كان لا يحصل كله إذا كان النيل منخفضًا بل كانت القيمة تخفض على حسب الأحوال. وقد لاحظ الأستاذ «جاردنر» أن دخل المعبد كان يحسب بالحنطة (وهو نوع من القمح).
وقد جاء في الورقة تهمتان لهما علاقة بالقمح، ولكنا لا نعلم لمن وجهت التهمة الأولى (Vs, 1, 4): تهمة خاصة بفتحهم مخزنًا من مخازن معبد «خنوم»، وهو الذي كان تحت رقابة المراقبين لمخزن الغلال، والذين يقومون بالمراقبة لبيت «خنوم»، وقد سرقوا منه ثمانين ومائة حقيبة من الغلة.والتهمة الثانية وجهت لضابط السفينة نفسه، وقد فصلت من حساب اختلاساته السابقة، ويحتمل أن ذلك قد حصل بسبب الضرائب التي ابتزها واختلسها حتى دفعت بمحصولات غير القمح.
(Vs. 2, 12): تهمة خاصة بضابط السفينة التابع لمعبد «خنوم» بأنه ابتز محصولًا (Vs. 2, 13) قيمته خمسون حقيبة على يد «رومع» بن «بنعنقت»، وما قيمته خمسون حقيبة على يد «بوخد» بن «بتوميب». المجموع شخصان ومائة حقيبة.ومن السنة الأولى من حكم الملك «حقا ماعت رع ستبن آمون» الإله الأعظم حتى السنة الرابعة من حكم الفرعون كان المجموع ألف حقيبة، وقد استعملها لأغراضه الخاصة ولم يحضر شيئًا منها لمخزن «خنوم».
-
ظهر الورقة: الصفحة الثانية: (١) السنة الثانية من عهد الملك «حقا ماعت رع» له الحياة والفلاح والصحة الإله العظيم
مائة وثلاثون حقيبة، والباقي خمسمائة وسبعون حقيبة.
(٢) السنة الثالثة من عهد الملك «حقا ماعت رع» له الحياة والفلاح والصحة الإله العظيم سبعمائة حقيبة لم يحضر شيئًا منها إلى مخزن الغلال.
(٣) السنة الرابعة من عهد الملك «حقا ماعت رع» … إلخ سبعمائة حقيبة، وصلت في قارب «رمز الإله» على يد البحار «بنختتا» عشرون حقيبة والباقي ستمائة وثمانون حقيبة.
(٤) السنة الخامسة من عهد الملك «حقا ماعت رع» … إلخ، وصل لأجل القربان المقدسة الخاصة بسفينة «العصا المقدسة» الإله «خنوم» عشرون حقيبة والباقي ستمائة وثمانون حقيبة.
(٥) السنة السادسة من عهد الملك «حقا ماعت رع» … إلخ سبعمائة حقيبة لم يوردها.
(٦) السنة الأولى من عهد الفرعون له الحياة والفلاح والصحة سبعمائة حقيبة لم يوردها.
(٧) السنة الثانية من عهد الفرعون له الحياة والفلاح والصحة، وصل من يد قائد السفينة المسمى «خنوم نخت» ١٨٦ حقيبة، والباقي ٥١٤ حقيبة.
(٨) السنة الثالثة من عهد الفرعون له الحياة والفلاح والصحة سبعمائة حقيبة، وصل من يد ضابط السفينة هذا مائة وعشرون حقيبة، والباقي خمسمائة وثمانون حقيبة.
(٩) مجموع شعير معبد «خنوم» رب «إلفنتين» الذي تآمر عليه ضابط القارب هذا مع الكتاب والمفتشين، وعمال الأرض التابعين لمعبد «خنوم»؛ ليسرقوه ويستولوا عليه لاستعمالهم الخاص ٥٠٠٤ حقيبة (هذا المجموع غير صحيح).
(١٠)١٨ والآن «خنوم نخت» (؟) … يأخذ شعيره، وإنه يسكن على قمة المخزن تسلم منه شعيرًا (؟).(١٢) التهمة الموجهة لضابط السفينة هذا بسبب ابتزاز ضرائب معبد إله «خنوم» وهو فرض خمسين حقيبة على «رومع» بن «بنعنقت»، وكذلك فرض خمسين حقيبة على «باوخد» بن «باثا ومابو»، والمجموع اثنان ومقداره مائة حقيبة من السنة الأولى من عهد الملك «حقا ماعت رع ستبن آمون» له الحياة والفلاح والصحة الإله العظيم إلى السنة الرابعة، فيكون المقدار ألف حقيبة، وقد استولى عليها لمنفعته الشخصية، وأحضر بعضها إلى معبد «خنوم».
(١٥) التهمة الموجهة إلى ضابط القارب التابع لمعبد «خنوم»؛ بسبب إحراق سفينة ملك معبد «خنوم»، وكذلك إحراق سارياتها وأمراسها.
(١٦) ولكنه أعطى مفتشي معبد «خنوم» رشوة، فوضعوا تقريرًا عن ذلك وهو عنده حتى اليوم (؟).
-
الصحيفة الثالثة: ظهر الورقة: (١) تهمة موجهة إليه بسبب حصوله على إجهاض المواطنة «تربت» …
(٢) تهمة بسبب إعطاء «بنختتا»، وهو بحار السفينة «العصا المقدسة» للإله «خنوم» … وقد رشا المفتشين فلم يبلغوا عنه قط …
(٤) تهمة خاصة بالزنا موجهة إلى هذا البحار «بنختتا» زوج (فلان) وهو مزارع تابع لمعبد «خنوم» سيد «إلفنتين» وهو في مدينة «با …»
(٦) تهمة موجهة إلى الكاهن «بائري» (؟) بسبب فتح هذا … (٧) وقد فعل ذلك بسرعة عظيمة … (٨) تهمة بسبب إرسال الكاهن والد الإله «تحوتحتب» التابع لمعبد «منتو» … (٩) الذي كان يقوم بواجبات وظيفة الكاهن والد الإله لمعبد «خنوم» (؟) … (١٠) خطاب بيدهم لكاتب المعبد «تحو تحتب»، وقد أوعزوا بإرسال … (١١) وجعلوا جلودهم تخرج على …
وقد وصلت إلينا سبع عشرة تهمة متباينة الأسلوب إلى حد بعيد، وإذا كانت كلها ترتكز على أساس متين فإن هذا الكاهن المرتكب لها لا بد كان مثالًا غريبًا للمحتال المصري القديم، ولحسن الحظ قد بقي اسمه ليدوَّن في فن الجرائم.
والقسم الثاني يبتدئ بالصفحة الأولى من ظهر الورقة، وينتهي بالسطر السادس. وهذا القسم ناقص في البداية، ولا بد أنه قد فُقد شيء منه بين الصفحة الثانية من الوجه والصفحة الأولى من الظهر، وبعبارة أخرى نجد أن هذه الورقة ناقصة من طرفيها.
ويلاحظ أن المجرمين الذين ذكروا في الورقة لم يظهروا تفننًا في ارتكاب الجرائم، كما أظهرها المجرم الأعظم الكاهن «بنعنقت»، الذي كان في خدمة الإله «خنوم»؛ لأن كل التهم التي وجهت إلى الآخرين كانت جرائم سرقة.
والمسرح الذي مثل عليه هؤلاء الأشخاص هذه الآثام كان في «إلفنتين» (أسوان) وبخاصة في معبد الإله «خنوم» المقام في هذه البلدة.
والآن نعود إلى فحص التهم التي وجهت إلى الكاهن «بنعنقت».
أما التهمة التالية لذلك (ص١ سطر ٤) فغامضة لصعوبة فك رموزها. والظاهر أن هذه الفقرة التي نحن بصددها تشبه ما جاء في ورقة «لي» و«رلن» أي إنها كانت تستعمل في أغراض سحرية (راجع مصر القديمة ج٧) وإلا فهل من الجائز أنها وثائق مزوَّرة كالتي أشير إليها في نقوش «مس» وهي التي منحته حقوقًا لم يكن يملكها. وعلى أية حال فإن هذا الكاهن قد وضع هذه الوثائق أمام الإله «خنوم»، وكان الغرض البدهي من ذلك أن يجعل الإله يوافق إما على ملكيته لها أو على العمل على الحصول عليها. وقد كانت موافقة الإله تظهر بالطريقة المعتادة، أي بأن يومئ برأسه. والسطر السابع من نفس الصحيفة يحتوي على تهمة سرقة كما يحتوي السطر الثامن على تهمة مماثلة، غير أن ألفاظها لم يمكن تحديد معناها تمامًا. وفي هذه الحالة يظهر أن الإله قد أعطى جوابًا موافقًا.
وإذا كانت الترجمة التي أوردناها هنا صحيحة، فإن مدة التطهير بالنطرون كانت أسبوعًا مصريًّا وهو عشرة أيام. والواقع أن تحديد هذه المدة لم يأتِ في مصدر آخر معروف لنا حتى الآن.
والحصن المذكور هنا هو بلا شك حصن «إلفنتين»، الذي يقع في داخله معبد الإله «خنوم».
أما التهمة التي جاءت في الأسطر من ١٢ إلى ١٤ فيحيطها بعض الغموض، والواقع أن الوزير «نفر رنبت» قد عين شخصًا يدعى «باكنخنسو» كاهنًا، وقد انتهز الكاهن المجرم فرصة بطريقة ما للتخلص من كاهن آخر مطهر يعرف باسم «طفل باشوتي»، والظاهر أنه كان يكرهه. ومن المتن نفهم أن هذا العمل تم بوساطة وحي. وقد انكشفت المؤامرة ونفي الزعيم من المعبد غير أنه حاول العودة إلى خدمة المعبد برشوة «باكنخنسو» المعين حديثًا. والوزير «نفر رنبت» معروف لنا من بعض «إستراكا» من عهد «رعمسيس الرابع».
وتحتوي الأسطر من أربع إلى تسع تهم ذات أهمية، وذلك أن الوزير أرسل رسولين ليحضرا أمامه الكاهن والد الإله المسمى «قاخبش»، وتدل شواهد الأحوال على أنه كاتب هذه البردية. ومن المعلوم أن كهنة كل معبد كانوا مقسمين أربع طوائف كل منها كانت تقوم بالحراسة شهرًا، ولما وجد الرسولان أن «قاخبش» كان يقوم بواجب الحراسة في تلك الفترة صمما على أن يتنظرا حتى تتم خدمته، ولكن المجرم الذي كان يريد التخلص منه لسبب ما لم يفسر من هو «قاخبش» وحاول رشوة الرسولين. ومما يؤسف له أن نتيجة ذلك لم تعرف لغموض الورقة بسبب تمزيقها عند هذه النقطة. ولا نعلم السبب في طلب الوزير له، ولكن لما كان على رسولي هذا الموظف الكبير أن ينتظرا مدة لا تقل عن خمسة عشر يومًا قبل أن ينفذ أمره، فإنه يمكننا أن نستنبط أن قداسة عظيمة كانت تحيط بالكاهن في أثناء تأدية خدمته في المعبد مدة شهر (وهذه تشبه الحصانة البرلمانية الآن).
وباقي التهم في هذه الصفحة غامض لتمزق الورقة.
والظاهر أن هذا الرجل بقي يؤدي عمله بأمانة المدة الباقية من عهد «رعمسيس الثالث»، ولكن في السنة الأولى من مدة خلفه «رعمسيس الرابع» أخذ يختلس مقادير عظيمة من الشعير بتغاضي الكتاب والمفتشين ومزارعي معبد «خنوم»، والظاهر أن بعض رجال السفينة كانوا مشتركين في الخيانة أيضًا.
وبعد ذلك تأتي قائمة بالاختلاسات في كل سنة، حتى السنة الثالثة من عهد الفرعون أي: «رعمسيس الخامس». وقد بلغ مجموع ما اختلس ٥٠٠٤ حقيبة وهو مجموع خاطئ ويجب أن يكون ٥٧٢٤ حقيبة.
أما التهم التي في الأسطر من ١٥ إلى ١٦ فسهلة الفهم، إذ نجد هنا أن مفتشي المعبد قد اتهموا صراحة بالرشوة.
وأخيرًا نلاحظ أن التهم التي في الصفحة الثالثة من ظهر الورقة منوعة، ويحيط بها الغموض بسبب تمزق الورقة، فالتهمة الأولى ضد ضابط السفينة، ولكن التهمتين التاليتين خاصتان بالبحار «بنختتا» على ما يظهر. وما تبقَّى لا يمكن أن نكوِّن منه رأيًّا، وكل ما يلفت النظر هو ما جاء في السطرين الثامن والتاسع من أن كاهن والد الإله لمعبد «منتو» يمكنه أن يقوم بالواجبات التي كان يقوم بها الكاهن والد الإله في معبد «خنوم»، أي إن عمل كل منهما واحد.
والخلاصة أنه يمكن القول بأن ما جاء في كل من ورقة «صولت» وورقة «تورين» يضع أمامنا صورة حية عن انتشار الرشوة وفساد الأخلاق وانحلال أداة الحكم في أنحاء البلاد كلها، وبخاصة بين رجال الدين الذين ضربوا الرقم القياسي في ارتكاب الآثام وأشركوا معهم الموظفين الآخرين، ولا غرابة إذن في أن نرى فيما بعد أنهم لما خلفوا ملوك الرعامسة، وتولوا زمام الحكم في البلاد، لم يكن في مقدورهم الاستمرار في قيادة البلاد إلا فترة وجيزة انتهت بضياع الملك من أيديهم، واستيلاء فئة أجانب غاصبين أقوياء انتهزوا فرصة ضعف البلاد وتدهورها في عهدهم المنحل.
(١) ضرائب الأطيان في عهد الرعامسة (حوالي ١٢٩٠ق.م)
كانت الزراعة ولا تزال أعظم موارد ثروة أهل الكنانة منذ فجر التاريخ حتى يومنا هذا، وقد أصاب «هكاته أبدري» اليوناني الأصل عندما قال جملته المشهورة التي نقلها عنه «هيرودوت» وهي: «مصر منحة النيل.» فحياة مصر في الواقع رهن الفيضان الذي يتدفق على البلاد سنويًّا من جبال أواسط أفريقيا بلا انقطاع في ميقاته المحدد كالليل والنهار والفصول وغيرها من مظاهر الطبيعة، حتى أصبح حلوله في البلاد بشيرًا بالحياة والخصب والثراء، واختفاؤه نذيرًا بالقحط والفناء. ولما كان المصري رجلًا عمليًّا قدس هذه الظاهرة الطبيعية تقديسًا بالغًا أفضى إلى عبادة «حعبي» (الفيضان) الذي كان يأتي للبلاد سنويًّا بالغلة التي يعيش منها الأهلون ويثرون بما يفيض منها؛ من أجل ذلك حافظ المصري منذ فجر تاريخه على الانتفاع بمياه هذا الإله العظيم بكل ما وصل إليه من مقدرة وعلم، فأقام الجسور وحفر الترع ونصب السدود في كل بقعة بقدر ما وصل إليه جهده وعلمه. ولقد بالغ القوم بحق في العناية بأمر مياه النيل حتى إن حكام المقاطعات التي كانت تتألف منها البلاد كان كل منهم يدعى «حاكم الترعة». ولا غرابة إذن في أن نرى المصري كان يقرر ضريبة الأرض ومنتجاتها على حسب مقياس النيل صعودًا وانخفاضًا، فإذا جاء «حعبي» (الفيضان) عاليًا سر القوم وعم الفرح البلاد، وأُنشدت الأناشيد لهذا الإله العظيم، وقُدمت له القربات في كل مكان في صور تماثيل صغيرة وحلي كانت تلقى فيه سنويًّا، ومن ثم نشأت خرافة «عروس النيل» التي لا أصل لها قط كما أوضحت ذلك في غير هذا المكان.
ولقد ظلت ضريبة الأطيان تجبى على حسب حالة النيل في كل الأزمان القديمة والحديثة، غير أنه مما يؤسف له جد الأسف لم تصلنا حتى زمن قريب معلومات شافية عن هذه الضرائب وكيفية توزيعها، وكل ما وصل إلينا منها نُتَف صغيرة لا يمكن استنباط معلومات يرتكز عليها الباحث عندما يريد وضع ملخص في تاريخ ضرائب الأرض في مصر القديمة؛ ليكون أساسًا لما بعده من العصور في تاريخنا القومي. ولقد ظلت الحالة هكذا إلى أن جادت تربة مصر ببردية فذة فيها مساحة جزء من أرض مصر، وتقدير ما عليها من ضرائب بطريقة علمية أدهشت علماء الآثار لدقة ما جاء فيها من نظام علمي فريد من جهة؛ وما روعي في وضع فئات الضرائب على حسب ترتيب الأرض إلى درجات؛ من حيث الجودة وقدرة الأهلين وطرق الري من جهة أخرى، مما جعل محتويات هذه البردية كشفًا جديدًا في عالم الضرائب، وكيفية توزيعها على أصحاب الأطيان.
والمعلومات التي وصلت إلينا عن ضرائب الأطيان في مصر غريبة في بابها على علماء الآثار المصرية، حتى إن الباحثين لا يزالون في حيرة من أمرهم في حل بعض معضلاتها، غير أن مجمل ما جاء فيها يعدُّ فتحًا جديدًا في عالم الاقتصاد المصري من حيث الضرائب ونظمها.
- (١)
تقسيم الأراضي الزراعية أقسامًا على حسب جودتها.
- (٢)
أسعار الضرائب المختلفة على كل فئة من فئات الأراضي المذكورة عينًا ونقدًا.
- (٣)
وحدات المقاييس والمكاييل وقرنها بالمكاييل والمقاييس المصرية الحالية.
- (٤)
توزيع الملكيات وعلاقتها بالضرائب التصاعدية.
وسنبدأ أولًا بذكر تاريخ هذه الوثيقة ومحتوياتها.
(١-١) ورقة «فلبور»١٩ الخاصة بمساحة الأراضي وفرض الضرائب عليها في عهد الرعامسة
وتقدم لنا الورقة سجلًّا فريدًا في بابه عن ملكيات أطيان، وما كان مفروضًا على تلك الأطيان من ضرائب.
حقًّا إن موضوع هذه الورقة ليس موضوعًا سهل التناول، غير أن ذلك لا يقلل من أهميتها لأسباب خاصة سنشرحها فيما يلي:
ومتن ورقة «فلبور» يلقي ضوءًا جديدًا على نواحٍ متعددة من نواحي الحضارة المصرية، فمثلًا نجد أنه قد ورد فيها أسماء أعلام تعد بالمئات لم تكن معروفة من قبل، ولما كانت هذه الأسماء معروفًا موطنها على وجه التقريب فإنها تصبح بلا شك، عندما تفحص فحصًا علميًّا، ذات أثر عظيم في كشف النقاب عن العبادات المحلية، وبخاصة عندما نعلم أن هذه الأعلام قد ركبت تركيبًا مزجيًّا مع أسماء الآلهة أنفسهم الذين كانوا يعبدون في هذا الإقليم.
أما عن المسائل الجغرافية فإن مقدار المادة الجديدة التي وردت في الورقة ضخم جدًّا، وقد حل منها جزء عظيم، غير أن الباقي لا يزال يحتاج إلى درس وفحص كبير، فقد عرفنا منها أسماء معابد جديدة لم تكن معروفة من قبل، وكذلك عرفنا مصادر علف الماشية التي كانت ملكًا لتلك المعابد، كما عرفنا الموظفين المشرفين على زراعة الأرض وجمع محاصيلها، والأعمال التي تقوم بها طبقات الملاك؛ هذا إلى تعدد وجود المستعمرين الأجانب في التربة المصرية، يضاف إلى ذلك معلومات جديدة عن الموازين والمكاييل، غير أنها لا تزال معقدة كما كانت من قبل.
والأهمية العظيمة لهذه الوثيقة على أية حال تنحصر في وجود البرهان القاطع — الذي تضعه أمامنا — عن الالتزامات المشتركة بين المعابد والتاج وصغار الملاك من جهة، وبين رقابة السلطة المالية الموحدة التي كانت تسيطر على هذه الأنظمة كلها من جهة أخرى.
وتشمل «ورقة فلبور» متنين: الأول (أ) دُوِّنَ على وجه الورقة وعلى ثلث ظهرها. والمتن الثاني (ب) وقد دوِّن كله على ما تبقى من ظهر الورقة.
والمؤسسات ذات الأطيان المذكورة في العناوين التي تشغل سطرًا أو سطرين أو ثلاثة — قد أدت إلى تقسيم المتن إلى ٢٨٠ فقرة — غير أن هذا لا يعني أنه قد ذكر في الورقة ٢٨٠ مؤسسة تملك أطيانًا، بل الواقع أن عدد المؤسسات أقل من ذلك لسببين:
(أولًا) أن إدارة الأرض التابعة للمعابد الكبيرة كان يكلف بإدارتها موظفون مختلفون يسأل كل واحد منهم عن إدارة ضيعة خاصة؛ وقد خصص لكل ضيعة فقرة منفردة، فمثلًا نجد في المختصر تحت الفقرات (٦٤–٦٨) خمس فقرات متتالية خصصت لمعبد «رعمسيس الثالث» والواقع أن معبد مدينة «هابو» لا يوجد فقط في الفقرات (٦٤–٦٨) من الفصل الثاني، بل كذلك يوجد في الفقرات (١٢٧–١٣٨) من الفصل الثالث، وفي الفقرات (٢٢٠–٢٣٠) من الفصل الرابع، فلا بد لنا لتفسير ذلك من ترك الفقرات وبحثها مؤقتًا، ونوجه نظرنا إلى تقسيم الورقة إلى فصول. وقبل أن نتكلم عن فصول هذه الورقة يجب أن نحدد تاريخها.
فقد أنجزت عملية المساحة في مدة تربو على ثلاثة وعشرين يومًا في السنة الرابعة من حكم الفرعون «رعمسيس الخامس» (حوالي ١١٥٠ق.م). ويدل على صحة هذا التاريخ بعض الأمثلة التي سجلت في دفتر السجلات تسجيلًا مزدوجًا فيه بعض الاختلاف من حيث الطول والاختصار، فقد جاء في التسجيل الأول: «قصر ملايين السنين «لرعمسيس آمون حر خبشف مري آمون».» وهذا يقابل في التسجيل الآخر: «قصر الفرعون.» وهنا يجب أن نلاحظ أننا في عصر الرعامسة، وفي العصور التي تلته نجد لفظة «الفرعون» عندما تذكر من غير أي نعت لها تدل على الفرعون العائش في تلك الفترة من الزمن، ومن ثم حدد لنا عهد الفرعون الذي كتبت في زمنه هذه الورقة، كما يدل على ذلك المثالان السابقان.
ويلاحظ في هذه الورقة أن أسماء الموظفين الذين كلفوا بتقدير ضرائب هذه الأطيان لم تذكر، بل كان يُكتفى بكتابة علامة تقابل كلمة «شرحه» عندنا، وكان على رأسهم رئيس بلقب «كبير موظفي الضرائب» غير أن اسمه لم يذكر صراحة في الورقة.
والفصل الثالث يشمل التقديرات التي عُملت من يوم ٢١–٢٨ من نفس الشهر. والفصل الرابع يشمل التقديرات، التي عُملت من يوم ٢٩ إلى اليوم الأول من الشهر الثالث.
ومن ثم يمكننا أن نستنبط أن ورقة «فلبور» أو الورقة التي يتألف منها النصف الأول من الجزء الأول من المتن قد دُوِّنت في أربعة مجاميع، يظهر فيها نتائج المقاييس والتقديرات التي تمت في فترات متوالية تبلغ مدتها ثلاثة وعشرين يومًا.
وهذه المؤسسات كلها كانت وحدات منفصلة لها أملاكها من الأراضي، التي عملت مساحتها في «ورقة فلبور»، ووضع معبد «آمون رع» على رأس الفصول التي تتألف منها الورقة، ونجد فيه تشابهًا دقيقًا للمرة الأولى مع ورقة «هاريس» من حيث الترتيب في تعداد الإنعامات التي منحها «رعمسيس الثالث» للآلهة، والتي وصلت إلينا في هذه الورقة العظيمة التي فصلنا القول فيها في الجزء السابع من مصر القديمة. فكل من الوثيقتين تناولت «طيبة» و«هليوبوليس» و«منف» على التوالي، وبعد ذلك دُوِّنت المعابد الصغيرة الأخرى التي كان لها كذلك ممتلكات عظيمة، ولم يشذ تطبيق هذا النظام إلا في بعض نقط بسيطة.
ولا شك في أن احتلال «معبد الكرنك» العظيم مكانة ممتازة بوصفه مؤسسة منفصلة لها أملاكها التي تمتد شمالًا حتى جوار «إهناسيا المدينة» له أهمية بالغة؛ لأن الأستاذ «برستد» قد استنبط النظرية القائلة: بأن في حكم الملك «رعمسيس الثالث» كانت أملاك الكرنك وإدارته مندمجة في أملاك معبد هذا الملك بمدينة «هابو»، وقد دحضنا هذا الزعم في الجزء السابع من مصر القديمة.
ونجد في المتن الأول براهين تدل على أن تماثيل محمية (سشم خو) للإله كان لها حقول خاصة بها، وهذه التماثيل كانت توضع في محاريب تحمل على قارب خفيف (راجع مصر القديمة ج٧).
والآن بعد استعراضنا كل المؤسسات الدينية والدنيوية التي تملك الحقول، التي مسحت وقُدِّرت ضرائبها على يد المساحين الخاصين بورقة «فلبور» لم يبقَ علينا إلا أن نفحص العناوين الفرعية، التي وضعت لإدارة الحقول التابعة لهذه المؤسسات التي كان يقوم على تنفيذها موظفون مختلفون، والكلمة الفاحصة التي استعملها المصري في هذه المناسبة هي «رمنيت»، وتعني كل الحقول التي في أماكن مختلفة، ووضعت تحت إدارة واحدة. فالكلمة تعني إذن «ضيعة إدارية» ومعناها الحرفي على ما يظهر «كل ما يخص أو يكون تحت مراقبة زارع واحد؛ أي يد واحدة». ويلاحظ أن الضيعة الواحدة كان يمكن أن تشمل ضمنها ضيعات فرعية.
وكانت كل ضيعة يدير شئونها موظف كبير بوساطة موظفين آخرين تحت سلطته، كل واحد منهم يدير ضيعة صغيرة هي جزء من الضيعة الكبيرة وهكذا.
وتمدُّنا عناوين الفقرات في هذه الورقة بحقائق نعلم منها أن موظفين مدنيين لا يحملون ألقابًا دينية ولكنهم كانوا مع ذلك متصلين على وجه التأكيد بإدارات معابد خاصة بهم.
وختامًا لهذا الموضوع يجب أن نصرح هنا بأن وجود تابعين موظفين مدنيين لملاحظة ضِياع ريفية بعيدة، لا يحتم أن هذين التابعين كانت لهما كلمة في إدارة المعبد على وجه عام.
ولدينا فقرات خاصة بضريبة الحصاد. وهذه الفقرات خاصة بحقول معينة، وهذا النوع من الفقرات نجده مذكورًا مع المعابد الصغيرة أو المتوسطة الحجم.
ولا يسع الإنسان إلا أن يشعر بأن فقرات الضيعة المقسمة تؤدي إلى المعابد الكبيرة والبعيدة نفس الوظيفة التي تؤديها فقرات ضريبة الحصاد للمعابد الصغيرة، حتى أصبح كلا النوعين من الفقرات نوعًا واحدًا صيغ كل منهما في صورة مختلفة.
ومن عناوين الفقرات السابقة كلها نجد أنها قد تركت في نفوسنا أثرًا يدعو إلى الدهشة، وهو أن ممتلكات المعابد والفرعون قد اختلطت بعضها بالبعض الآخر في وثيقة إدارية واحدة، فنجد أن كل الفقرات الخاصة بالأحوال المدنية تسير إما إلى مؤسسات حكومية مثل الخزانة والمواني، وهي التي تخصص بتبعيتها للفرعون بوصفها مشتقة من سلطة التاج أو تشير إلى حقول محددة بنفس النعت، أي أنها تابعة لضيعة الفرعون نفسه، ويتعارض مع هذا بصفة بارزة من وجهة نظرنا المعابد صغيرها وكبيرها، والمصالح المنفصلة التي أنشئت لإدارة أراضيها على الرغم من أنها ذكرت معها، وعلى وجه عام يفهم الإنسان من ذلك أن المعابد المختلفة كانت مستقلة بعضها عن البعض الآخر كاستقلالها عن المؤسسات الفرعونية. وسنوضح ما نقصد إليه بمثال محس، فمثلًا لا نجد سببًا لإنكار أن معبد «ست» في بلدة «سبر مرو» كان مستقلًا في ملكية أرضه، كاستقلال المعبد العظيم «لرعمسيس الثالث» في «مدينة هابو»، وكما كان من جهة أخرى حريم الفرعون في «منف» مستقلًا. والآن كيف نفسر وجود مؤسسات متباينة معًا في وثيقة إدارية واحدة؟ فبطبيعة الحال من الأسباب الظاهرة لذلك تلاصق حقول في رقعة الأرض التي كانت تمسح؛ غير أن تلاصق الحقول وحده لا يعدُّ تفسيرًا كافيًا، بل يضاف إلى ذلك ضرورة ملاحظة أن كل هذه الأراضي كانت تابعة، ومن الوجهة المالية بخاصة لسلطة مهمتها تقدير الضرائب على قدم المساواة. وهذه السلطة كانت نظريًّا تتلقى أوامرها من التاج. ومما لا نزاع فيه أنه بعد موت «رعمسيس الثالث» بقليل انحدرت سلطة الفرعون بسرعة عظيمة إلى الحضيض، وقد أصبح كل من خلفائه مجرد لعبة في يد الكاهن الأكبر «لآمون رع» في «الكرنك»، غير أن شيئًا من هذا لم يظهر في المتن الأول من ورقة «فلبور»، إذ نجد فيه أن المعبد الكبير «لآمون رع» بالكرنك قد تساوى تمامًا مع أصغر المحاريب الريفية، وكانت حقول الخزانة الفرعونية تقدِّر ضرائب حقولها على قدم المساواة تمامًا مثل حقول تلك المعابد. وهذه هي الفكرة الأولى التي نستخلصها مما سبق، ولا يمكن أن ننكر غرابتها بالنسبة لمعلوماتنا السابقة قبل كشف هذه الورقة.
ونجد عند تحديد هذه الأراضي أن ذكر الجهات الأصلية يحتل المكانة الأولى، وكذلك نجد أن المصري قد استعمل في التحديد الجهات الأصلية المركبة مثل الشمال الشرقي والجنوب الغربي بدرجة كبيرة، ولا بد أن ننوِّه هنا إلى أن المصري قد اتخذ «الجنوب» نقطة أصلية في تحديد الجهات الأربع بدلًا من الشمال عندنا؛ ولذلك ما كان يقع في الجهة الجنوبية هو الذي أمامه، وما كان يقع في الجهة الشمالية كان خلفه، غير أن هذه القاعدة لم تكن عامة.
ومن الكلمات التي وردت في هذه الورقة مشابهة لنوعي الأرض السابقين كلمة «جزيرة»، وهي شائعة الاستعمال. وهذا النوع من الأراضي لا يشمل الجزء الذي يقع في مجرى النهر، بل يشمل كذلك كل الأراضي التي تقع بين المنسوبين العالي والمنخفض للماء. وعلى أية حال فإن التعبير الخاص بذلك في المصرية القديمة يدل على جزيرة جديدة نشأت من تحوُّل مجرى النهر، ولا بد أن نميز هذا النوع من الأرض عن الأرض المنبسطة، التي نشأت من رواسب النيل أو «طرح النيل» كما يسمه الفلاحون الآن.
ولدينا براهين تدل على أن الأرض المستعملة كان ثمنها يقدَّر بنصف ثمن الأرض الصالحة للزراعة. وعلى حسب ذلك تكون نسبة أثمان شراء هذين النوعين من الأرض معكوسة بالنسبة لبعضهما.
ولدينا كلمة أخرى «حنت مر–ور»، وقد اختصر الاسم إلى «حنت» ومنها ركب أيضًا اسم «راحنت» وهي «اللاهون» الحالية ومعناها «فم البحيرة». ولدينا كلمة أخرى تعبر عن القناة وهي «مر» ومنها ركب الاسم «مر–ور» أو «مي–ور»، وهو الاسم الذي حرف في اليونانية إلى «موريس». وقد ركبت كلمة «مر» في أسماء كثيرة في ورقة «فلبور» ونخص بالذكر منها قناة «التمساح» وقناة الإله «خانتي» (اسم إله يمثل في صورة تمساح) ولا نزاع في أنه في وقت ما كانت القنوات التي في «الفيوم» أو القريبة منها تزخر بالتماسيح، ويعزز ذلك عبادة التمساح في هذه الجهة.
هذا ومن الطريف أن نجد بعض أسماء الأعشاب أو الأشجار قد استعملت في تعيين الحدود كما يقال في أيامنا في شمال برسيم كذا أو جنوب قمح كذا … إلخ.
ولدينا كذلك بلدة تسمى «باشا» ومعناها (المرعى).
وفي الظاهر تنحصر الرقعة التي تمت مساحتها في ورقة «فلبور» بين «هرموبوليس» (الأشمونين) في الجنوب وبين نقطة ما بعد بلدة «الفيوم» شمالًا، ولكن تدل شواهد الأحوال على أن الحد الجنوبي لهذه الرقعة يمتد نحو ستين كيلومترًا من «هرموبوليس» (الأشمونين).
وسنورد هنا مصورين جغرافيين: الأول وضع عليه أماكن المعابد والمواقع الأخرى، التي ذكرت في رءوس الفقرات التي جاءت في هذه الورقة، والمصور الثاني يبين الرقعة التي قام بمساحتها المساحون والأماكن الهامة التي تقع في أربع الدوائر التي تحتويها الورقة، ويلاحظ أن الحدث والتخمين قد لعبا دورهما في كثير من النقط، وبخاصة في المصور الثاني (يوضع هنا المصوَّران).
وقد وصلنا الآن في تحليل المتن الأول الذي يرمز إليه حرف (أ) وهو القسم الأول من الورقة إلى المساحات والتقديرات نفسها، وهي لب الموضوع وخلاصته المطلوبة. وإذا بحث الباحث لوحات هذه الورقة لمس في الحال اختلافًا في شكل تدوينها يحتم تقسيمها إلى فقرات من نوعين مميزين، هذا إلى نوع آخر ثالث خاص بالحريم الملكي يحتوي على فقرات قليلة العدد.
ويمكن تمييز أحد هذين النوعين الرئيسيين بسهولة بمجرد النظر في المتن، وذلك لوجود ثلاثة مجاميع من الأرقام مدونة بالمداد الأحمر، وهذه المجاميع من الأرقام تحتويها الأسطر التي ذكر فيها تقدير الضريبة. وتدل شواهد الأحوال على أن هذا النوع يتحدَّث عن الحقول التي كانت تزرع لحساب المؤسسات التي تملكها المعابد، وذلك بواسطة عمال مزارعين، وهذا النوع من الأرض سنطلق على الفقرات التي جاء فيها اسم «الفقرات غير ذات التقسيم» أو التي تقسم أرضها إلى حصص، أما النوع الثاني فيختلف عن الأول إذ لا يظهر فيه ثلاثة مجاميع الأرقام المدوَّنة بالمداد الأحمر، ولكنه في العادة يحتوي على رقمين يسبقهما رقم كتب بالمداد الأسود، وقد أطلق على الفقرات التي جاء فيها اسم «الفقرات ذات التقسيم»، وتمتاز فقرات هذا النوع من الأرض بميزة هامة وهي ذكر عدد عظيم من الملاك الذين يحملون ألقابًا مختلفة، ويشملون رجالًا ونساء معًا. والآن نعود إلى معنى عبارة «الفقرات غير ذات التقسيم»، وكذلك «الفقرات ذات التقسيم»، ولتفسير ذلك أمامنا سؤالان أصليان تجب الإجابة عنهما:
(١) ما الشيء الذي كان يقسم؟ (٢) بين من كان يحدث هذا التقسيم؟
وقد دل البحث على أن هذا التقسيم كان يجري بين أفراد الملاك وبين المؤسسة المالكة للأرض. فمن البدهي إذن ألا يذكر مالك في فقرة دون أن يكون له فائدة في الأرض التي تملكها المؤسسة، كما نشاهد ذلك في عهدنا في الضيعات العظيمة التي يؤجرها الأفراد. ولكن سنبحث الآن أوَّلًا الأرض نفسها.
وتدل الأرقام كما سنرى بعد على أن الأرض التي كان يزرعها الفرد بالنسبة للمقدر أو المثمن تنقسم حصتين: واحدة تدفع ضرائب، والثانية معفاة منها، وعلى ذلك يكون الجواب على السؤالين اللذين وضعناهما فيما سبق هو أن أرض الفرد كانت هي موضع التقسيم، وكانت هذه الأرض مقسمة بحسب الضرائب إلى نوعين.
ولدينا منها خمسة أنواع: ثلاثة مقاييس طولية، واثنان من مقاييس الأحجام. ومقاييس الطول ليس فيها أية صعوبة، وأوَّلها هو الذراع ويساوي ٠٫٥٢٣ من المتر، وأهم مقاييس الأبعاد هو «ستات»، ومن المحتمل أن هذه الكلمة كانت تنطق في عهد الرعامسة «سوتي»، وهذا المقياس له نظيره عند اليونان «أرورا» وكان يمثل بمثابة مربع طول كل ضلع منه مائة ذراع، وعلى ذلك كان «الأرورا» يساوي عشرة آلاف ذراع، أو ألفين وسبعمائة وخمسة وثلاثين مترًا مربًعا، وهو يساوي أقل من ثلثي فدان مصري (بالضبط ٠٫٦٥ من الفدان). ويلاحظ أن في القسم الأول من ورقة «فلبور» (أ) كان «الأرورا» هو المقياس العادي في مساحة الأبعاد.
والواقع أن ورقة «فلبور» لا تلقي إلا ضوءًا بسيطًا على محصول الحقول التي كانت تمسح وتقدر ضرائبها، غير أنه من المؤكد أن هذه الحقول لم تكن مزروعة كلها غلة. ففي الفقرات الخاصة بالأراضي التي كان يؤخذ من محصولها نصيب نجد أن بعض قطع الأراضي كانت تستعمل لرعي الخيل، وكذلك الفقرات التي تتناول الأراضي الخاصة برعي الماشية نجد أن معظم حقولها كانت مستعملة مراعي. يضاف إلى ذلك أن بعض الحقول قد وجدت مزروعة كتانًا وبعضها الآخر زرع كلأً وخضرة. وإذا كان التقدير يشير إلى ضرائب أو إيجار من أي نوع فإن هذه في العادة كانت تدفع من نوع محصول الأرض التي قدرت ضرائبها. ومع ذلك فإن التقديرات كانت في ذلك العهد كما وجدناها في عهد البطالمة تحسب بالغلة التي تنتجها الأرض، وكان الرعامسة يستعملونها وحدة مع المعادن مثل الذهب والفضة والنحاس. وفي العهد الإغريقي الروماني في مصر كان القمح يتخذ قاعدة أي عملة لتحصيل الضرائب، وتدل شواهد الأحوال على أن الحنطة كانت تستعمل مكان القمح في عهد الرعامسة.
ووحدة المكاييل التي كانت مستعملة في عهد الرعامسة هي «الويبة»؛ وقد رأينا أن الويبة كانت مستعملة في ورقة «هاريس» (راجع مصر القديمة ج٧) لكيل الفاكهة والحبوب والصمغ وغيرها، على حين أن القمح كان يقدر بالحقيبة، وفي بعض الحالات كانت تستعمل الويبة. وقد كان المصري يستعمل في ورقة «فلبور» العلامة الدالة على حقيبة عند تقدير المحصول بالحقائب، كما كان يستعمل العلامة الدالة على الويبة للدلالة على أن المحصول قدر بالويبة.
بقي علينا أن نحدد سعة كل من الحقيبة والويبة التي تعادل ربع حقيبة.
والواقع أن مكيال «هن» كان هو المكيال الصغير الذي يأتي قبل الويبة والحقيبة من حيث صغر الحجم، و«الهن» هو في الأصل إناء صغير من الفخار أو المعدن، وقد دل الفحص على أن أربعين «هِنًا» تعادل ويبة، وعلى ذلك تكون الحقيبة «خار» تساوي ستين ومائة «هن». وقد وجدت مكاييل مستعملة بمقدار سعة «الهن» وهي محفوظة الآن بالمتاحف، ومن هذه المكاييل عرف أن «الهن» كان يساوي ٠٫٤٦ لترًا، أي إن الويبة تسع ١٨٫٤ لترًا، والحقيبة تسع ٧٣٫٦ لترًا. وقد قاس الكيمائي «لوكاس» حديثًا سعة «الهن» من مكاييل معلمة «بالهن» ترجع إلى عهد البطالمة، وهذه المكاييل محفوظة «بالمتحف المصري»، وعلى حسب هذا المقياس وجد أن «الهن» يساوي ٠٫٥٠٣ لترًا، وعلى ذلك تكون سعة الويبة ٢٠٫١ لترًا، والحقيبة ٨٠٫٤ لترًا. وهذه الاختلافات ليس ذات بال في موضوعنا، وإذا حسبنا أن الويبة تساوي أربعة جالونات (تساوي ١٨٫١٧ لترًا) والحقيبة (تساوي ٢ بوشل أي: ٧٢٫٦٨ لترًا) فإن هذا التقدير التقريبي يكفي تمامًا لفرضنا ويسد باب الاحتمالات.
أما الرقم الأخير وهو ٥٠ مكيالًا، فهو حاصل ضرب الرقمين الأخيرين (١٠ × ٥ = ٥٠) أي إنه على صاحب هذه القطعة من الأرض أن يدفع ٥٠ مكيالًا من الحب، ووحدة المكاييل هنا يحتمل أنها الحقيبة وتساوي ٢ بوشل أو ٤ ويبات؛ غير أن هناك بعض الشك في الأمر، إذ يمكن أن يكون المكيال هنا هو الويبة المصرية.
ونعود الآن إلى الكلمات السابقة للأرقام التي تحدثنا عنها، وهي: «أرض زرعها المزارع فلان»، ولقب «مزارع» هذا الذي قد يعطى لأي إنسان زرع قطعة أرض نجد أنه أحيانًا يحل محله لقب آخر مثل لقب «الشردانا»؛ فكل هؤلاء كانوا يُعدون زراعًا للأرض، وخواص هذا النوع الأول من الفقرات وهو الذي على ما يظهر كان أعظم أهمية، وإن كان أقل ظهورًا هي: «أولًا» وجود ثلاثة الأرقام التي سبق ذكرها أي: المساحة، ومعدَّل تقدير الضريبة، ونتيجة حاصل ضربهما التي تمثل مقدار الضريبة كلها على قطعة الأرض. و«ثانيًا» عدم الأهمية نسبيًّا التي تعطى لشخص المزارع.
وتدل شواهد الأحوال على أن هذا المزارع لم يكن إلا وكيلًا أو ممثلًا للمؤسسة التي تملك الأرض، فهو إذن ليس بمستأجر أو مالك يزرع الأرض لفائدته هو. والفقرات التي تحتوي على أرض من هذا النوع تسمى فقرات غير مقسمة أرضها لسبب سيظهر قريبًا.
بقي علينا أن نذكر هنا أنه كان يوجد فقط ثلاث فئات لمثل هذه الأرض، وهي خمسة مكاييل كانت شائعة بكثرة بالغة، وسبعة مكاييل ونصف، وعشرة مكاييل، وعدد قطع الأرض التي سعرت بهاتين الفئتين قليل.
ويدل المتن الثاني من الورقة على أن الأرض، التي قدرت ضريبتها بخمسة مكاييل عن كل «أرورا» كانت تسمى أرض «قايت» أو أرضًا عادية، والأرض التي قدرت ضريبتها بعشرة مكاييل كانت تسمى أرض «نخب» أو الأرض البكر، وأخيرًا الأرض التي قدرت ضريبتها عن كل «أرورا» بسبعة مكاييل ونصف كانت تسمى أرض «تني» أي: المتعبة أو المستعملة. وإذا أخذنا كلمة «تني» أي: المُتعَبة أو ما يسميها الفلاحون الآن «الأرض العيانة»، فإن هذا التقدير الذي وضع لها يكون موضع شك. وأظن أن المقصود هنا بهذه الكلمة هو الأرض المستعملة وتقابل الأرض البكر.
ولدينا أدلة قليلة ولكنها مؤكدة، على أن الحقول المقدرة ضريبتها هنا كانت مزروعة حبًّا، وعلى ذلك فإن التقدير بالغلة كان يعد بمثابة عملة، كما كان القمح يستعمل بمثابة عملة في عهد البطالمة.
والواقع أن تقديرات الضرائب لا بد كانت ترتكز على مقدار ما تنتجه تربة الحقول المصرية، ونحن نعلم على وجه التقريب أن أرض مصر لم تتغير تربتها كثيرًا؛ ولذلك سنتخذ أساسًا لدراستنا مقدار محصول الفدان المصري الحالي على حسب خصب التربة على وجه عام.
ولنضرب لذلك مثلًا؛ فنجد في العناوين الخاصة بمعابد المدن الكبيرة: ضيعة هذا المعبد المقسمة في … (هنا يذكر إدارة مقاطعة ما). وهذه الصيغة عادية. ويقابلها في المعابد الصغيرة الواقعة في المقاطعات: ضريبة الحصاد المقسمة الخاصة بهذا المعبد أو ذاك؛ وكلمة تقسيم هنا كما سنرى بعد خاصة بكل قطعة معلومة من الأرض سجلت تحت العنوان الخاص بها، وقد خصص جزء صغير منها تدفع عليه ضريبة أو إيجار، أما الجزء الأكبر فقد أعفي منها.
وقبل أن نصف تقديرات الضرائب على أراضي الفقرات ذات التقسيم يستحسن أن نتحدث عن أنواع الملكيات التي دونت في هذا النوع، ففي حين أننا لا نجد في الفقرات غير ذات التقسيم إلا مزارعًا واحدًا، فإننا نجد من جهة أخرى أن «الفقرات ذات التقسيم» تزخر بأسماء الأفراد الذين يحملون أسماء وألقابًا مختلفة، وهؤلاء كانوا يزرعون الأرض لحسابهم الخاص وأحيانًا بالاشتراك مع إخوانهم.
ولدينا عظماء ذكرت أسماؤهم بين أسماء ملاك الأرض، وقد كان من الطبعي بدلًا من أن يديروا شئون أملاكهم بأنفسهم أن يكلفوا آخرين بإدارتها بوصفهم مستخدمين عندهم. فنجد مثلًا حقولًا يملكها الكاهن الأكبر لكل من «طيبة» و«هليوبوليس»، وكان يقوم بإدارتها فعلًا مزارع، وكذلك كانت الحال في أرض الوزير وقتئذٍ والأمير الملكي. وقد استعمل السائق الأول للملك كاتبه في إدارة أملاكه الزراعية، ومن الجائز أن الكتَّاب أنفسهم كانوا يملكون قطع أرض يزرعها لهم آخرون. ونجد في حالتين أن امرأة كانت تقوم بزراعة مثل هذه الأرض، ولدينا أمثلة تدل على أن رجالًا من قوم «شردانا» (وهم الذين استوطنوا «سردينيا» فيما بعد) كانوا يقومون بزرع أرض بالنيابة عن أشخاص آخرين. ونحن لا نعرف وظيفة هؤلاء القوم بوصفهم زراع حقول أو مديرين مسئولين، ولكنا سنجد فيما بعد أنهم كانوا في الواقع ملاك أرض.
وقد وجدنا كل أنواع الحرف مذكورة وبخاصة الجنود، فإنهم كانوا يحتلون مكانة في المقدمة، ولكن رؤساء الإصطبلات وهم الذين كانوا يعنون بالخيل كانت تتألف منهم أكبر طائفة من صغار الملاك. ولدينا بعض فقرات في ورقة «فلبور» نعلم منها أن رؤساء الإصطبلات كان لهم الحق في وضع أيديهم على أرض لم تكن تحت أيديهم في ذلك الوقت، وهذا الامتياز قد أشير إليه كما قدمنا في هذه الورقة بصورة غامضة، ولدينا خطاب نموذجي من عهد الرعامسة يفسر لنا هذا الغموض، ويلقي بعض الضوء على الحياة الزراعية في عهد الرعامسة المظلم. فقد جاء فيه: «إن رئيس كتاب سجلات خزانة الفرعون «أمنموبي» يحيي الكاتب «بنتاور».» وهذا الخطاب قد جيء به إليك ليقول: إن «أمنمويا» بن «أمنموبي» مدير حظيرة الإصطبل العظيم ملك «رعمسيس مري آمون» التابع للمقر الملكي قد أبلغنا ما يأتي: «إني قد أعطيت ثلاثين أرورا حقولًا لزرعها طعامًا لزوجين من الخيل يملكهما الفرعون وهما اللذان في رعايتي. والآن تأمل! إن هذه الأرض قد اغتصبت مني، وأعطيت «نودم» مدير بيت الملك «وسر ماعت رع» … إلخ. فاقصد عند وصول خطابي إليكم «أمنمويا» بن «أمنموبي» مدير الحظيرة للإصطبل العظيم التابع «لرعمسيس» محبوب «آمون» التابع لمقر الملك، وإذا وصل إليكم مثل ذلك ثانية وجب أن تحددوا له حقولًا من ضياع الفرعون تكون تابعة لإصطبلات الفرعون من ملكه، وحقولًا من أراضي «منى» الفرعونية، وحقولًا من أراضي «خاتو» الفرعونية على شرط ألا يكون قد زرعها آخرون في أي مكان يريد. ويجب أن تأتوا لنا بنسخة من أي شيء ستعملونه بصفة وثيقة قانونية لا نزاع فيها، وستدون كتابة في إدارة مخزن غلال الفرعون (أي مخزن المالية الفرعونية).» والواقع أن الأمر الذي جاء في هذا الخطاب عام وفاصل، مما يدل على أن كاتبه لا يمكن أن يكون إلا وزيرًا أو مديرًا عظيمًا لبيت الفرعون، ولا بد أن نلفت النظر هنا إلى أن أمثال هذا الخطاب النموذجي ليس له علاقة بمادة الموضوع الذي نحن بصدده؛ وذلك لأن هذه الخطابات كانت بمثابة دروس يعطيها الرئيس للمرءوس الذي كان في الوقت نفسه تلميذًا له. والظاهر إذن أن رؤساء إصطبلات الفرعون كان لهم الحق في وضع أيديهم على مثل هذه الأرض كلما احتاجوا إليها لرعي الخيل التي وكل أمر العناية بها إليهم، هذا بالإضافة إلى منفعتهم الشخصية على شرط ألا يكون قد زرعها أفراد آخرون قبل ذلك.
تحدثت فيما سبق عن النساء اللائي يملكن أرضًا (١٣١) ولذلك سنضرب صفحًا عنهن.
-
رؤساء الإصطبلات ورجال الحرب: لقد جاء ذكر رؤساء الإصطبلات كثيرًا في هذه الورقة، وقد كانوا يحملون هذا اللقب
وحده، وأحيانًا نجد أنهم كانوا ينعتون بنعت «التابعين لمقر الملك». ومن المحتمل أن
كثيرًا من رؤساء الإصطبلات — إن لم يكن كلهم — الذين ذكروا في هذه الورقة كانوا
تابعين لمقر الملك (أي القصر الملكي). ومن الأشخاص الذين لهم صلة بالخيل «السياس»
و«سائقو العربات».
ولا نزاع في أن خيل الفرعون وعرباته كانت كثيرة المنفعة في زمن الحرب منها في وقت السلم، فيستحسن أن نترك أولئك الذين يقومون بالعناية بهم ونتحدث عن الأفراد الذين كانوا يشغلون وظائف حربية. والواقع أننا وجدنا ما لا يقل عن ثلاثة وخمسين ومائة جندي يملكون حقولًا، وقد وصف أحدهم بأنه تابع لمقر الملك، وآخر تابع لسفن حربية (١٩، ٤٧).
وكذلك لدينا اثنان وأربعون من قوم «الشردانا»، غير سبعة عشر تابعًا وتسعة من حملة الأعلام من نفس القوم (p. 80). وهؤلاء الأجانب الذين ذكروا في المتون المصرية بوصفهم أعداءً وجنودًا مرتزقة في الجيش المصري منذ عهد العمارنة وما بعده، هم بلا شك القوم الذين استعمروا جزيرة «سردينيا»، وأطلقوا اسمهم عليها (راجع مصر القديمة ج٦) و(Bessing die Uberlieierunk Uber die Scherdani in Wien Zeitschift j. d. Kunde d. Morgenlandes XXXIV, 230 ff).وتدل قبعاتهم الغريبة ذات القرون، وسيوفهم ذات النصال العريضة على أنهم من أصل «قوقازي» وهو موطنهم الأصلي، ولا نزاع في أنهم قد وصلوا إلى مصر عن طريق البحر الأبيض. وقد لاحظ الأثري «وينريت» حديثًا ملاحظة هامة، وهي أن هذا الاسم «شردانا» على ما يظهر لم يكن معروفًا عند «الخيتا» (راجع J. E. A. XXV. p. 151). وعلى ذلك يمكن أن نلقي ظهريا الزعم القائل بأن «شردانا البحر» هؤلاء قد مروا «بآسيا الصغرى» في طريقهم إلى «سردينيا»، ويعنينا منهم هنا أنهم استوطنوا أرض مصر مثل الفرس ومقدوني عهد البطالمة. وقد كان هؤلاء المستعمرون الأجانب يطلق عليهم في مصر اسم أجانب أو همج، وبتعبير أدق «المتكلمين بلسان أجنبي»، ولكنا نجد اسمهم القومي «شردانا» مستعملًا في «الفيوم» والأقاليم المجاورة فقط. ونجد هذا الاسم مكتوبًا بوصفه لقبًا على لوحة كشف عنها «بتري» في «إهناسيا المدينة» (Petrie, Ehnasya, 27, 2 etc)، وكذلك في ورقة التبني التي كشف عنها حديثًا (J. E. A. XXVI, 24)، ويحتمل أن مكانها الأصلي بلدة «سبرمرو» Spermeru. ولدينا كذلك لوحة هبة يرجع عهدها إلى الأسرة الثانية والعشرين عُثر عليها على الشاطئ الشرقي للنيل على مسافة خمسة عشر كيلومترًا جنوبي «حلوان»، وقد جاء فيها ذكر حقول «شردانا»، ومن المحتمل أن هذا اسم مكان، ولكنه مع ذلك على الأقل كان يوجد في زمن ما قبل ذلك الوقت مستعمرون من هذا الجنس بالقرب من هذا المكان (راجع A. S. XV. p. 141) وأخيرًا تدل ورقة «أمين» على أن «رعمسيس الثالث» قد أسس في المقاطعة العاشرة من الوجه القبلي — ومن المحتمل في غيرها — ضياعًا لمنفعة جنود «الشردانا» المرتزقة (راجع J. E. A. XXVII p. 46).ومن المحتمل كذلك أن بعضًا من حملة الأعلام الآخرين (١٢) وكذلك بعض التابعين الآخرين (١٦) من الذين ذكروا في المتن الأول من الورقة هم من مستعمري «الشردانا» دون أن يذكر اسمهم. وعلى قدر ما وصل إلينا من معلومات نلحظ أن كل الناس والضباط الذين لهم بهم علاقة من الذين ذكروا في المتن الأول من الورقة يحملون أسماء مصرية، وقد جاء كذلك ذكر لقب «تابع»، وهو نوع من الحرس العسكري للفرعون أو لشخصية عظيمة، ولدينا لقب ضابط جنود التابعين لجلالته، وكان يحمله شخص يدعى «سبكنخت» (١٩، ٧٠؛ ١٩، ٦٦؛ ٤٢، ٥٥) وكذلك نجد (٢٨، ٣١) لقب «حرس» القائد أو «تابعه».
هذا ولدينا حامل علم يدعى «نبوع» ويلقب حامل العلم لقوم «ثك». وتدل شواهد الأحوال على أن «ثك» من اللوبيين (راجع مصر القديمة ج٧) حيث قد ترجمت هذه الكلمة «مغمى» على حسب رأي «إدجرتون».
هذا ويصادفنا في الورقة كذلك لقب حربي آخر وجد في لوحة «شيشنق»، التي عُثر عليها في «إهناسيا المدينة» وغيرها،٢٨ وهو رئيس المحاربين من قوم «ثر»، وقد وجدنا من بين الذين يحملون هذا اللقب ثلاثة يملكون أطيانًا. ومن المحتمل أنهم كانوا يحملون أسماء مصرية طنانة مركبة مع اسم الفرعون بسبب أنهم أجانب، إذ كان أحدهم يسمى «رعمسيس مبررع» (رعمسيس في بيت رع) و«رعمسيس نبننفر» (رعمسيس سيد طيب) … إلخ. ويدل ما جاء في لوحة «شيشنق» بوضوح على أن هؤلاء الجنود الأجانب، الذين يحملون ألقابًا عالية هم الذين كانوا يملكون ضياعًا في مصر الوسطى.ولا يفوتنا أن نذكر هنا ونحن نتكلم عن الأجانب أن اثنين من «المازوي» أي: الشرطة قد عزيت إليهم حقول في ورقة «فلبور» (٨، ٧١؛ ٣٠، ٦٩) وهؤلاء كانوا مصريين بلا شك، وإن كان اسم «مازوي» يدل على قبيلة نوبية.٢٩ومن بين الضباط الحربيين الذين من أصل مصري، ووجد أنهم يزرعون أرضًا «نائب قائد الفرسان» (١٩، ٦١؛ ٢٩، ٤٧) وقد ذكر أنه يدير أرضًا مُنحت لآلهة الفرعون.
ولدينا كذلك لقب نادر لضابط حربي وهو «سكت»، وقد جاء ذكره في ورقة «بولوني» (راجع p. 81 note 6) كما يوجد أربعة ضباط يحمل كل منهم لقب «ضابط المهمات» (راجع 27, 4, ff) وآخرون يحمل كل منهم لقب «حامل الدرع»، أو الضباط حاملو الدرع للفرعون، وكلهم كانوا يملكون حقولًا. ويوجد لقب حربي آخر «حامل السيف»، وكان يملك أرضًا (راجع ٣٦، ٣٠؛ ٤١، ٣٢، ٢٢).ومن المدهش وجود لقب «كشاف» أو «جاسوس» (١٣، ٤١) وهو مثال جديد للعداء لم يعرف من قبل بهذا المعنى الفني إلا في حالة واحدة وردت في موقعة «قادش» (راجع مصر القديمة ج٦)٣٠ وأخيرًا جاء في الورقة ذكر كاتبين حربيين يملكان حقولًا (راجع ٧، ٨٤؛ ٢٣، ٦٥). - أصحاب الحرف: ولم تذكر لنا الورقة أسماء صناع ماهرين بوصفهم ملاك أرض. ولدينا مثال واحد من كل من أصحاب الحرف التالية: بناء، أو صانع فخار؛ (١٨، ٨٩) ونجار (١١، ٨٢) ونحاس (٣، ٩٢) ونساج (٢٧، ٤٦) وصانع أواني مرمر (١٢، ٢٤). وعلى أية حال ذكر أسماء محنطين (٢٢، ٨٩؛ ١١، ٧٧).
-
المزارعون المحترفون وغيرهم: وقد كان بطبيعة الحال عدد عظيم من ملاك الأرض مزارعين محترفين، وقد ذكر في الورقة
ما لا يقل عن تسعة ومائة اسم. وقد ذكرت من قبل أن كلمة «مزارع» هنا يمكن أن تطلق على
فلاح بسيط أو على «مزارع مستأجر أطيانًا». وهؤلاء كانوا يقومون في غالب الأحيان بعمل
يماثل عمل المراقبين الذين يقومون بإدارة زراعة الأطيان البعيدة التابعة
للمعبد.
ولدينا بعض الأفراد يطلق عليهم لقب «مراقبين» في مكان من الورقة، وفي آخر يطلق عليم لقب «مزارعين». ولا بد أن نذكر هنا أن الفرد الذي كان يزرع الحقول سواء أكان لنفسه أم لغيره قد صار مزارعًا، وهذا الوصف كان على ما يظهر يقابل وظيفته الأصلية، أو أعظم وظيفة يشغلها. فمثلًا نجد أن المزارع «حوري» الذي ذُكر في الفقرة ٩٣ سطر ٢٣ كان هو نفس الكاهن الذي أشير إليه في عنوان الفقرة (§ 253)، وكذلك المزارع «مننفر» (١٧، ٣٩) هو نفس الكاهن الذي يحمل هذا الاسم (B 24, 1)، والجندي «خنسو» المزارع قد ذكر بهذا اللقب لا بلقبه الحربي (٣٤، ٨٥). ونجد رعاة كثيرين يحملون لقب «مزارعين»، وفي بعض الأحيان كانوا يعملون في هذه الصناعة في الأراضي التي كانوا يملكونها، ومعظمهم على ما يظهر كان يرعى الماشية أو الماعز، ولدينا راعٍ من قوم «شردانا» (١٨، ٦٧). ولدينا لقبان آخران لهما علاقة بالماشية أطلق على كل منهما مرة واحدة لقب «مسمن الماشية» (٣٤، ٢٧) ورئيس حظيرة البقر (٢٢، ٣٦). ولدينا كذلك لقب «كاوي الماشية» (حامل آلة الكي) (١٨، ٣٧) وعلى الرغم من أن العبيد كانوا يكوون مثل الماشية فإن الإشارة هنا للماشية بلا شك.٣١
أما مربو النحل فنجد منهم ثمانية عشر (راجع ١٧، ٦٩؛ ٣٦، ٣١؛ ٤٢، ٢٨) يملكون حقولًا، ولم يكن من المنتظر أن نجد البحارة يملكون أرضًا، ولكن لدينا ثلاثة من بحارة سفينة يملكون بعض الحقول التي مساحة كل منها بضعة أرورات (راجع ٣، ٤٨؛ ٤٩، ٣٩، ٤٧) وثالث هؤلاء كان من قوم الشردانا.
-
أصحاب المهن: والآن نلقي نظرة على أصحاب المهن المختلفة الذين كانوا يملكون حقولًا، فنذكر
أوَّلًا طبيبًا (٢٢، ٩٢) هو الوحيد من نوعه الذي كان يملك حقولًا، فقد كان صاحب قطعة
أرض تبلغ مساحتها عشرة أرورات، غير أنها لسوء الحظ كانت غير منتجة.
ومن بين ملاك الأرض ثلاثون من الكتَّاب العاديين، وعدد آخر من الكتاب ينسبون إلى إدارات أو مؤسسات، فمثلًا نجد كاتبين من الجيش قد ذُكرا من قبل؛ هذا إلى بعض كتاب معابد يدعى واحد منهم «كاتب بيت الإله» (٢١، ٩٥؛ ٢٦، ٧٦) على حين أن آخرين ينعتون بأنهم كتاب بيت «آمون الكرنك» (٣٩، ٧٥) وكاتب «معبد سبك» إله «أناشا» (٢٧، ٩٦؛ ٤٤، ٨٨) وكاتب معبد «ست» إله «سبرمرو» (٤، ٧٠؛ ٨، ٦٧). وكذلك لدينا كاتبان للوزير «نفررنبت» (٣٦، ٨١؛ ٤١، ٦١) وكاتب السائق الأول للفرعون «عبابدي» (31, 48, cf, 31, 39–42) وكل هؤلاء كانت لهم حقول ملكهم، وكذلك كاتب رسائل إدارة الفرعون، وكاتب خزانة الفرعون، هذا إلى كاتبين لمخزن غلال الفرعون (٥٠، ٧٧؛ ٤٠، ٦٩) ولقب هذين الكاتبين الآخرين يوضح لنا مرة أخرى أهمية الغلال في حياة مصر؛ لأن هذه الغلال كانت تحتاج إلى إدارة خاصة في حين أن كل المواد الأخرى كانت على ما يظهر تورد إلى إدارة الخزانة (بيت المال).
ومن بين الكتَّاب الذين ذكروا آنفًا من كانوا يقومون بإدارة أراضٍ موهوبة للآلهة.
بقي علينا أخيرًا أن نذكر من بين الكتاب الذين يملكون حقولًا لحسابهم كاتب بيت الحياة، وهو كاتب للكتب الدينية والعلمية (١٥، ٧٧) وكاتبان للحصيرة (؟) (٣٤، ٨٢؛ ٣٨، ١٧) والظاهر أنهما تابعان للأمور القضائية، وكانا يشتغلان بوجه خاص في المنازعات المتعلقة بالأمور الزراعية.
- المراقبون وكبار الملاك: أشرنا فيما سبق مرات عدة إلى المراقبين الذين كانوا يديرون أرضًا لملاك أو لمؤسسات بعيدة جدًّا عنها، وبذلك لا يمكنهم إدارتها بأنفسهم. وقد ورد في ورقة «فلبور» ثمانية من هؤلاء المراقبين بصفتهم ملاك حقول (راجع ٢٠، ٧٥؛ ١٣، ٢٨؛ ٤١، ٢٣) وقد ذكر واحد منهم (٥٣) فيما بعد بوصفه من أهل الواحة الشمالية. ولم يبقَ أمامنا من بين الأفراد غير الدينيين الذين يملكون أرضًا غير بعض الشخصيات الراقية، ولكن قطع الأراضي التي كانوا يملكونها ليست عظيمة المساحة وذكرنا بعضهم فيما سبق، بأنهم استعملوا نائبين عنهم لإدارة أملاكهم، وعلى رأس هؤلاء الشخصيات ابن الملك «أمنحر خبشف» (١٤، ٣٧) والمحتمل أنه أصبح فيما بعد «رعمسيس السادس»، وقد كان يملك على أكثر تقدير حوالي عشرين «أرورا». ثم الوزير «نفررنبت» (٢٧، ٩٢؛ ١٣، ٩٠؛ ١٣-١٤، ٧٦) ولم يكن بأحسن حظًّا من الأمير، غير أن أقل ما يقال عنه أنه كان يمتاز بأن أرضه قد دونت في صورة أرض ذات تقسيم من طراز أملاك الآلهة. على أنه في ذلك لم يكن أسعد حالًا من كاتب مراسلات الفرعون (راجع p. 59) وقد كان المشرف على الخزانة «خعمتير» (١٧، ٨٦؛ ٨–٧٢، ٨٢) أغنى بهذا النوع من الأراضي التي وصفت في الفقرات ذات التقسيم، وهذا المشرف كان معروفًا لنا من ورقة «ملت» التي تحدثنا عنها فيما سبق؛ وقد كانت القطع الست عشرة التي يملكها لا تزيد مساحتها عن أربعة وتسعين ومائة «أرورا»، ولكن يحتمل أنه كان يملك أرضًا في أماكن أخرى من البلاد. أما مدير البيت «وسر ماعت رع نخت»، وهو أحد أبناء الكاهن الأكبر للإله «آمون» نفسه فقد كان يملك المساحة السالفة. وكذلك كان لثلاثة من المشرفين على الماشية التابعين لمعابد مختلفة بعض الحقول ((a) 6,7 x + 15; 8, 20; (b) 59, 11, 14, 71; 14, (c) 71, 44; (c) 71, 44).
- لقب نائب ومعناه: ذكرنا فيما سبق لقب «النائب» أو «الممثل»، والواقع أنه ليس لدينا ما يمكننا من تحديد معناه عندما يذكر وحده وذلك لكثرة الموظفين الذين يمكن أن يكون لهم نائبون عنهم، فقد يكون نائبًا بالجيش أو لإدارة مدينة أو معبد. ولدينا نائب ذكر أنه كان قائدًا للفرسان، وكذلك يوجد على أقل تقدير خمسة نوَّاب آخرين يملكون أرضًا (راجع ٢٣، ١٩؛ ٢٨، ١٧. ٢٤).
- الخدم ذوو الأملاك: ومن جهة أخرى نجد في الطرف الأسفل من الهيئة الاجتماعية «الخادم»؛ غير أنه كذلك لم تحدد وظيفته ولم ينعت بنعت خاص يميزه، ولدينا خمسة من هذا الصنف من الناس يملكون أرضًا (راجع ٣٤، ٨١؛ ١٠، ٢٣) في حين نجد أشخاصًا يدعون خدمًا، ويقومون برعاية بعض حقول لمؤسسة (22, 17. 19 cf. 15; 85, 42).
- الملاك من العبيد: غير أن الطائفة التي لم يكن منتظرًا أن يكون لأفرادها أملاك خاصة هم العبيد، ومع ذلك فلدينا منهم ما لا يقل عن أحد عشر ذكروا في ورقة «فلبور» (١٨، ٧٨؛ ٣٥، ٢٦؛ ٥٢، ٨). وليس لدينا شك في أن هؤلاء كانوا عبيدًا حقيقيين، وأنه لمن المهم جدًّا أن نجدهم يملكون أرضًا، وليس لدينا ما يماثل ذلك في المتون المصرية إلا ما وجد على لوحة صعبة القراءة كتبت بالهيراطيقية غير المعتادة عُثر عليها في «وادي حلفا» وهي الآن «بمتحف القاهرة»، فقد نقش فيها على ما يظهر بيع أرض ملك عبيد اشتراها إسكاف «وهذه اللوحة تحمل الترقيم + بمتحف القاهرة».
- ملاك الأراضي من الكهنة: وقد تركنا جانبًا الكهنة الذين يملكون أرضًا لنختم بهم ملاك الأراضي الذين من هذه الطائفة، فلدينا ما يقرب من اثني عشر ومائة كاهن عادي (وعب) قد ذكروا بهذه المناسبة، غير أنه لم تعين لنا المعابد التي كانوا يقومون فيها بالخدمة إلا في حالات قليلة، وبعد ذلك ذكرت لنا الورقة أربعة كهنة يحملون لقب «والد الإله» وحسب. أما الكهنة (خدمة الإله) فمعلوماتنا عنهم أحسن من معلوماتنا عن سابقيهم؛ وذلك لأنهم غالبًا ما يذكرون في عناوين الفقرات بوصفهم «المكلفين بالعناية بمعبد الإله الذي يخدمونه»، وقد ذكر لنا منهم ثلاثون كاهنًا (خادم الإله) في المتن الأول، وكلهم كانوا يملكون أرضًا خاصة، ومن بين هؤلاء الكاهن الأكبر للإله «آمون» في «طيبة»، وكذلك الكاهن أعظم الرائين في «هليوبوليس»، وهو رئيس الكهنة في هذه المدينة (راجع W. Pap. II, Table III).
ومن الأسماء المركبة الجديدة ما ركب مع الإله «مزوت»، مثل «مزوسعنخ» وكلمة «مزوت» تعني حظيرة البقر، ويحتمل أنه اسم إلهة كانت تشرف على حلب البقر في عصر الرعامسة كما كانت الإلهة «يات» في الدولة القديمة.
ولن نحيد عن جادة الصواب إذا اقترحنا أن ثلاثة الرجال الذين يسمون «بعاننسو» (عظيم ننسو) (راجع ٩، ٢٧؛ ٢١، ١٨؛ ٨، ٧) كانوا من أهالي «أهنليسية المدينة»، وهذه التسمية توجد عندنا حتى الآن، فيقال فلان الإهناسي، والدمياطي، والإسكندراني، والرشيدي … إلخ.
والواقع أن أسماء الأعلام تعد مسرحًا سعيدًا كما يقول الأستاذ «رنكه» في كتابه أسماء الأعلام للأفكار الغريبة والتلميحات الخلابة، والمجال واسع في هذه الورقة لمن أراد درس هذه الأسماء، وقبل أن نترك هذا الموضوع لا بد من ذكر علم مذكر لم يعرف من قبل وهو «بننكا» (٣٢، ٣٧؛ ٢٢، ٣٦؛ ٣٣، ٢٩) ومن المحتمل أن معناه «لا فائدة».
وكذلك نجد أن طائفة الكتاب كانوا عديدين، غير أن النعوت التي تصفهم تبرهن على أنه لم يكن من بينهم كاتب قروي، فنجد من بينهم «رعموسى» كاتب مائدة قربان الفرعون (١٠، ٤٠) وآخر يحمل نفس الاسم ويلقب كاتب حجرات الفرعون في «شي» (مدينة كوم غراب) وكاتب الخزانة «بنتار» (٢٥، ٣٠؛ ٤٣، ٢٨).
ومن بين الذين يحملون الوظائف الإدارية المدنية المتوفى «نفروعب»، الذي كان يشغل وظيفة عمدة «حرداي» (٤٦، ٥٦) والمشرف على الخزانة «خعمتير» (٢٤، ٧٦).
ومن هؤلاء كذلك الكهنة وبخاصة الكاهن الأكبر للإله «آمون»، الذي كان يشرف على قطعتين من الأرض المحبوسة مساحتهما خمسة وستون أرورا على التوالي (٣٠، ٣٣؛ ٤٤، ٢٧).
وأخيرًا نجد أن قطعة أرض من هذا النوع كانت تحت إشراف امرأة (٢٥، ٣٧) ولا نعلم إذا كانت أرملة أم ابنة لضابط أو كاهن. وكذلك سنجد فيما بعد امرأة تزرع أراضي ملكية كانت تحت إشراف مشرف على الماشية، ولا نعلم إذا كان ذلك قد حدث لأنه كان غائبًا أو لأنه كان قريبًا لها ثم توفي.
ومن درس الفقرات التي ذكرت فيها هذه الهبات نخرج بنتيجة هامة على أية حال، وهي أن كلمة فرعون في هذه الهبات قد لا تعني على حسب المعتاد الفرعون الحاكم وهو «رعمسيس الخامس»، إذ قد وجدنا أنها تشير إلى «رعمسيس الثالث».
أما ما يخص التقديرات والمساحات للأرض، التي من هذا النوع فإنها مثل التقديرات التي كانت تطبق على الأفراد العاديين وسنتحدث عن ذلك فيما بعد. هذا وقد كانت مساحة القطع التي من هذا الصنف ليست بالكبيرة ولا بالصغيرة، فقد كانت أصغر قطعة مساحتها حوالي خمسة أرورات (٢٧، ٩٠؛ ٢، ٦١). ولدينا قطعة واحدة كانت مساحتها مائة أرورا (٣٢، ٢٦) والقطع التي كانت مساحتها عشرين أرورا كثيرة.
والفقرات ذات التقسيم يلاحظ فيها أن تقدير الضرائب قد تناول القطع التي مساحتها «أرورا» واحد فما فوق. وهنا يلاحظ أن القطع التي مساحتها خمسة أو ثلاثة أكثر شيوعًا من القطع الباقية، وأكبر قطعة مساحتها ثلاثون أو أربعون «أرورا». غير أنه توجد بين المساحات التي من هذا النوع قطع صغيرة جدًّا لدرجة أنها كانت تحسب بالذراع الأرضي، الذي يساوي جزءًا من مائة من الأرورا «والأرورا» كما نعلم تساوي ثلثي فدان تقريبًا. وأصغر قطع ذكرت في ورقة «فلبور» ما يأتي: اثنتان تبلغ مساحة إحداهما ست أذرع، والأخرى مساحتها عشر أذرع أرضية، وأصغر هاتين القطعتين تساوي حقلًا مساحته ١٤ ياردة في مثلها. وأغلبية الملكيات ذات التقسيم التي حسبت مساحتها بالذراع الأرضي هي التي مساحتها ١٢ و٢٤ و٥٠ و١٠٠ ذراع أرضي على التوالي.
هذا ويوجد عدد قليل من القطع مساحة كل واحدة منها ٢٠٠ ذراع أرضي أي: اثنان من «الأرورات».
وقد ذكرنا آنفًا أن الفقرات ذات التقسيم كانت ضرائبها الفعلية تقدر عينًا أي: بالغلة وذلك في قطع الأرض التي حسبت «بالأرورا». ونجد في هذه الحالة ثلاثة أرقام وأربعة أحيانًا — في التسجيل — ويلاحظ أن الرقمين الأخيرين من هذه الأرقام قد كتبا بالمداد الأحمر.
وقد دل الفحص فوق ذلك على أن كل الملكيات التي حسبت بالأذرع الأرضية أي: الملكيات الصغيرة جدًّا كانت معفاة من الضرائب. ولا أدل على ذلك من أنه لم يوجد معها أرقام حمراء ولا نسبة تقدير تدفع عينًا.
ومما يدهش في هذا الصدد أن بعض هذه الملكيات المحسوبة بالذراع قد دونت مساحتها برقمين: الأول منهما هو الأصغر، ونجده أحيانًا أصغر بكثير من الرقم الثاني، فمثلًا نجد أن الملكيات التي مساحتها خمسون ذراعًا أرضيًّا قد دونت بالطريقة التالية ٤٩٫١، ٤٨٫٢، ٤٥٫٥ أو ٤٠٫١٠.
والواقع أن طريقة تقدير الضرائب على هذه المساحات تشبه التقديرات التي كانت مساحتها محسوبة بالأرورا، وعلى ذلك فإن المساحة التي دونت هكذا ٤٥٫٥ ذراعًا أرضيًّا تفسر كالآتي: هذا الرجل يملك قطعة أرض مساحتها خمسون ذراعًا أرضيًّا، فإذا كانت هذه الأرض عرضة لدفع ضرائب فإنه لن يدفع إلا على خمسة أذرع أرضية، على حين أن الخمسة والأربعين ذراعًا أرضيًّا الباقية تكون معفاة من الضرائب.
وأخيرًا نلاحظ في الفقرات التي تحتوي على أرض ذات تقسيم وجود صورة تقدير أخرى لا نجد فيها إلا رقمًا واحدًا كتب بالمداد الأسود، ويأتي بعد هذا الرقم مباشرة عبارة مختصرة تدل على حالة الأرض. ولدينا أربعة أنواع من هذه الأرض وهي: (١) أرض جافة أو شراقي. (٢) أرض لا يصل إليها ماء؛ أي لم تُروَ. (٣) أرض بور. (٤) أرض لم تُروَ. وهذه تعني أرضًا قد تكون مدونة في قوائم المثمنين، أو نقلت إلى مالك آخر، أو ادَّعى فرد ملكيتها كذبًا أو خطأ. وهذه الأنواع من الملكيات كانت غير قابلة لفرض ضرائب عليها. وتدل شواهد الأحوال على أن معظم الملكيات التي يظهر فيها هذا النوع من التقدير كانت ملكيات صغيرة حسبت بالذراع الأرضي في معظم الأحيان، ومن ثم نرى أن مقدري الضرائب كانوا يراعون كل الأحوال، التي تحيط بالأرض التي كلفوا تقدير الضرائب عليها بطريقة عادلة يجب أن تكون هاديًا لمقدري الضرائب في عصرنا، ومن جهة أخرى نرى أن الحكومة كانت تراعي حالة الملاك ومقدار ملكياتهم، فتضع الضرائب عليهم بحيث يمكنهم أن يعيشوا عيشة لا يعتورها أي قلق على قوتهم الضروري.
أما أصحاب الأملاك الكبيرة، وبخاصة المؤسسات الدينية العظيمة والصغيرة معًا، فكانت تؤخذ منهم ضرائب تتفاوت قيمتها بتفاوت قيمة الأرض من حيث الخصوبة والإنتاج.
وتبتدئ كل فقرة على وجه التقريب بمقدمة قصيرة وهي: أرض «خاتو» ملك الفرعون تحت إدارة (هنا يذكر اللقب والاسم) وقد يضاف على ذلك أحيانًا بالمداد الأسود عدد الحقائب من الغلة التي تنتجها قطعة الأرض.
والسطر الثاني من كل فقرة أهم ما فيه ذكر الحقول ومعظمه مدون بالمداد الأسود. والأسطر التي تلي العنوان بما في ذلك السطر الثاني موحدة في التركيب كما يأتي: إقليم كذا (يذكر اسم المكان) شمالي أو جنوبي … إلخ (مكان كذا) على حقول (معبد كذا أو ما يماثل ذلك) أرض زراعية (قايت ومعناها الأرض العالية، وتتألف من عدد كذا من الأرورات).
وقد أثقلت بمنتهى العبء. ولكن، تأمل! فإن الناس اليوم على هذه الحال. وتحدث الأشخاص مختلفين هناك عن الأمر المجحف؛ عن الزرع الذي أثقل به عاتقي، مع مراعاة مساحة بيت الإله «ست»، ومقدار أراضي «خاتو» ملك الفرعون التي تحت إدارتي. تأمل! فإنها صغيرة، وزيادة على ذلك لا تتوانَ، بل يدك مع حامل العلم «بتاح مماين».
وقد دل الفحص على أن الأرض البكر تساوي ضعفيها من الأرض الزراعية العادية في المحصول. أما الأرض المستعملة فقد دلت الموازنة على أنها تقدر من جهة المحصول بما يعادل ثلاثة أرباع الأرض البكر، وتقدر بمرة ونصف مرة بالنسبة للأرض الزراعية العادية (الأرض العالية).
ويلاحظ أن مساحات أراضي «خاتو» تماثل القطع التي ذكرت في الفقرات غير ذات التقسيم من المتن الأول، التي تحتوي عددًا قليلًا من أرض «خاتو» أيضًا. ويشاهد في هذه الأرض تمييز بارز كما في أرض «خاتو» في المتن الثاني؛ وهو أن قطعها تكون مساحتها مضاعفة دائمًا خمس مرات، والمساحات الأقل من ذلك نادرة، في حين أن القطع التي مساحتها عشرة «أرورات» أو عشرون أكثر عددًا من غيرها. والفروق التي نجدها بين هاتين المجموعتين من المساحات التي تجري الموازنة بينها هنا هي أنه في المتن الأول من الورقة نجد أن أكبر قطعة لا تزيد على ثمانين «أرورا»، في حين أن المتن الثاني يشمل عشرين قطعة من ذات الحجم الكبير من بينها واحدة مساحتها ثلاثمائة «أرورا»، وأخرى مساحتها ثلاثمائة وأربعون «أرورا»، هذا ونجد أن أقل مساحة في المتن الثاني «ب» لا تقل عن اثنين من «الأرورات» في حين أنه في المتن الأول توجد بعض قطع مساحة كل منها «أرورا» واحد.
وخلاصة ما سبق عن هذا المتن «ب» الخاص بأرض «خاتو» الفرعونية ما يأتي: إن كثيرًا مما جاء في هذا المتن لا يزال غامضًا، غير أنه من المؤكد على الأقل أن أرض «خاتو» كانت العناية بأمرها موكلة إلى موظفين كل منهم مستقل عن الآخر، وبخاصة كهنة المعابد المحلية، فقد كان لهم النصيب الأوفر في إدارتها. وكذلك يلاحظ أن أرض «خاتو» كان يقع معظمها في أرض تملكها المعابد أو المؤسسات ذات الأملاك، ولكن نظرًا لاختلاف المساحات (كما يبرهن على ذلك الأعداد المضافة بالمداد الأحمر) ولأن أرض «خاتو» كانت فيما سبق تنسب لأشخاص من الأهالي يملكونها، ثم ماتوا عنها فاستولت عليها الحكومة، فإنه يوجد احتمال أن هذا النوع من الأرض الملكية كانت أرضًا (على الرغم من ذكرها بأنها ملك للمعابد) قد أعيدت للتاج، أو أنها لم تصبح بعد ملكًا خالصًا لملاكها الفعليين.
مساحة القطعة بالأرورات | ٢ | ٣ | ٤ | ٥ | ٦ | ٧ | ٨ | ٩ | ١٠ | ١١ | ١٢ | ١٣ | ١٤ | ١٥ | |
عدد القطع | ٧ | ٣ | ١ | ١٧ | ٢ | ٥ | ٢ | ٣ | ٩٨ | ١ | ٣ | ١ | ٢ | ١ | ٢١ |
مساحة القطعة بالأرورات | ١٦ | ١٧ | ١٨ | ١٩ | ٢٠ | ٢١ | ٢٢ | ٢٤ | ٢٥ | ٣٠ | ٣١ | ٣٤ | ٣٥ | ||
عدد القطع | ١ | ٢ | ١ | ١ | ١٣١ | ٢ | ١ | ٣ | ٨ | ٣٢ | ١ | ١ | ٣ | ||
مساحة القطعة بالأرورات | ٣٦ | ٣٩ | ٤٠ | ٥٠ | ٥٢ | ٦٠ | ٦١ | ٦٥ | ٦٦ | ٧٠ | ٧٢ | ٧٥ | ٨٠ | ||
عدد القطع | ٢ | ١ | ٥٨ | ٣٣ | ١ | ١٨ | ١ | ١ | ٢ | ١ | ١ | ٢ | ٩ | ||
مساحة القطعة بالأرورات | ٨٢ | ٩٠ | ٩٥ | ١٠٠ | ١٢٠ | ١٥٠ | ١٨٠ | ٢١٠ | ٣٠٠ | ٣٤٠ | |||||
عدد القطع | ١ | ٢ | ١ | ١٢ | ١ | ١ | ٣ | ١ | ١ | ١ | ١ |
ومما يلفت النظر أنه لا يوجد كاهن محلي مُعَيَّن للإشراف على قطع من أراضي «خاتو»، التي كانت تقع في حقول أي معبد صغير آخر مجاور. وفضلًا عن أراضي «خاتو» التي كانت تقع في حقول المعبد الذي تحت مراقبته، فإنه كان مكلفًا بأراضٍ أخرى تابعة لمعابد أكبر من معبده تقع على بعد منها، وليست ملكًا للملك (أي أرض خاتو).
والواقع أن كل النقاد قد اتفقوا على أن المتن الأول (أ) يجب أن يشير إلى ضرائب أو إيجارات من نوع ما، وعلى الرغم من عدم الاكتراث بالفكرة القائلة بأن المزارعين كانوا أفرادًا آخرين غير ملاك الحقول إذ إنهم كانوا يتسلمون أجورًا على عملهم في الزراعة، ومن ثم لا يدفعون شيئًا من الضرائب المقدرة على الأرض، فإنه لا مفر من البرهنة على مثل هذا الرأي بصورة مادية، ويظهر أنه من المستحسن أن نشرع في إبداء الحكم بأن التقديرات كانت خاصة بالإيجار أو الضرائب، وفي هذه الحالة ليس أمامنا إلا فرضان هما: إما أن التقديرات كانت تشير إلى الضرائب التي تدفع إلى التاج، أو أنها إيجارات مستحقة لدخل المعبد. وسأفحص أولًا هذين الاحتمالين بصفة عامة.
على أن دليل الإعفاء الذي ذكر فيما كتبه المؤلفان القديمان اللذان اقتبسنا رأيهما فيما سبق، وكذلك ما جاء في كتاب «العهد القديم» يحتمل أن يلقي أمامنا ضوءًا على صورة إدارة نموذجية كان الفرعون قد عملها خدمة بمجرد القول لا الفعل، على الرغم من أنه لدينا براهين كافية تدل على أن الكهنة في الواقع لم يكونوا يتمتعون بذلك الإعفاء دائمًا. وفي الحق إن واحدًا من المراسيم السالفة الذكر لا يحتوي على أي ضمان يوحي بأن الملك لم يفرض طلبات من أنواع مختلفة على المعابد، وهذه المراسيم كانت تحض الموظفين الذين كانوا في خدمة التاج على ألا يدَّعوا لأنفسهم الحق في انتهاك ما للمعبد من امتيازات. وقد ذكرت لنا ورقة «هاريس» (٥٧ / ٨-٩) عن قصدٍ أخذ عامل واحد من كل عشرة للتجنيد العسكري، على الرغم من أن «رعمسيس الثالث» يفتخر بأنه أبطل هذا الإجراء.
ويتبقى الآن على أية حال احتمال آخر يساعد على فكرة عدم الإعفاء، ويلفت نظرنا، بل يدعو إلى الأخذ به، وذلك أن الفرعون كان يصور على جدار كل معبد وهو يقوم بتقديم القرابين للآلهة. ولدينا براهين كثيرة على أنه يعتبر نفسه المالك لكل ملكية مصرية أيا كانت، فليس من الممكن على حسب هذا الفرض — على الرغم من أن المعابد كانت مستولية على ممتلكات شاسعة من الأرضي وكانت بلا شك تديرها لمصلحتها — أن يكون الفرعون قد حفظ لنفسه الحق في تقدير المبالغ، التي كان ينبغي على المعابد أن تفرضها بمثابة إيجار من مستخدميها، وفي هذه الحالة يمكن أن تشير تقديرات ورقة «فلبور» إلى دخل المؤسسات صاحبة الأراضي، التي ذكرت في العناوين المدونة في الورقة.
والواقع أنه عندما تكون هبات «رعمسيس الثالث» هي مدار البحث كان في مقدوره بطبيعة الحال أن يدعي قانونًا: المراقبة على رأس المال والفائدة التي تنجم منه للمعابد. غير أن رأي «شادل» على حسب ما جاء في ورقة «هاريس» يمكن أن ينقلب إلى ضد الرأي الذي ذكرناه فيما سبق.
ولا شك أن «رعمسيس الثالث» قد أخذ لنفسه هنا — إذا كان «شادل» محقًّا فيما يقول — الحق في الهبات التي كان لها اتصال بإنعاماته الخاصة، مما يجعل من المحتمل أنه لم يَدَّعِ لنفسه حق التصرف في أي دخل آخر للمعابد، أو بعبارة أخرى أن ما جاء في ورقة «هاريس» حجة مضادة للرأي القائل: بأن تقديرات ورقة «فلبور» تشير إلى الضريبة التي رخص الفرعون للمؤسسات صاحبة الأراضي أن تتسلمها من موظفيها.
وعلى أية حال فإن المصادر الخارجة عما جاء في ورقة «فلبور» توحي بتدبيرات تجعلنا نتأرجح في حكمنا. فإذا كانت التقديرات تشير إلى ضرائب تدفع للحكومة، فماذا نقول في فقر التاج المدقع الذي نسمع صداه في «ورقة الإضراب الشهيرة» من عهد «رعمسيس الثالث»، وكذلك في يوميات الجبانة المحفوظة في متحف «تورين»؟ وإذا كنا نجد فعلًا في عهد «رعمسيس الثالث» العمال الذين كانوا يعملون في بناء القبر الملكي يُجابون عندما يطلبون قمحًا لجراياتهم الشهرية بأن لا غلة في مخازن غلال الحكومة، فإنه من الصعب إذن أن نصدق أن مالية الفرعون كانت أحسن حالًا في عهد الملوك النكرات الذين أعقبوا ابنه وحفيده. أوَليس من حقنا إذن أن نستخلص أن خلفاء «رعمسيس الثالث» لم يكونوا يتسلمون إلا القليل جدًّا من الإيرادات التي كانت تفرض على رعاياهم؟
هذا إلى أن اسمي «مري برستت» أو «مري باستت» و«رعمسيس نخت»، كانا من الأسماء التي يسمى بها أشخاص آخرون أصحاب مكانة عظيمة في ورقة «فلبور».
غير أن الاعتراف بأن المعابد كانت تدفع ضرائب من محصولها الزراعي شيء، وأننا نؤكد أن التقديرات التي وجدناها في المتن الأول من ورقة «فلبور» تذكر المبالغ الصحيحة لهذه الضرائب شيء آخر.
وأول دليل نجده في قطع ورقة «جرفت» التي ذكرناها مرارًا من قبل، ففي فقرتين منها ذكرنا إحداهما فيما سبق (صفحة ١٧٩ من ورقة «فلبور» ج٢ ص١٧٩ في أسفل) نجد أن الضريبة التي تدفع لمخزن غلال «آمون» كانت بمعدل حقيبة واحدة عن كل «أرورا» أي: جزء من خمسة من التقدير العادي للأرض الزراعية، كما ورد ذلك في الفقرات غير ذات التقسيم من المتن الأول، وسواء أكانت هذه الضريبة معقولة أم لا فإن الرأي في ذلك يجب تركه لرجال الاقتصاد للحكم عليه.
وإذا طبقنا النتيجة التي وصلنا إليها على المتن الأول من ورقة «فلبور» استنبطنا أن في هذا المتن كذلك كانت الإشارة لشراء أو لإيجار، وربما كان الإيجار هو الأرجح؛ وذلك لأن المالك الصغير المقصود هنا كان بداهة قد ظل بصورة ما تابعًا للمؤسسة المالكة للأرض المذكورة في عنوان الفقرة. فنرى هنا إذن ثانية أن التقديرات لا تشير إلى دفعات الضريبة الفعلية التي كانت ستفرض، ولكن تشير إلى مواد في دخل بعض معبد أو ما يشبه ذلك، وهذا الاستنباط يعد حجة قوية في صالح النظرية القائلة: إن تقديرات ورقة «فلبور» هي بيانات الضرائب، التي تحصل من فائدة الأرض على حسب تقدير المثمنين الذين فحصوا هذه الأرض.
والواقع أنه يجب أن يضيف الإنسان في فكره عند فحص كل تسجيل من الفقرات ذات الإيجار في المتن الأول كلمة «قُسم» أو «أُحصي». لا «حصل على»، وعلى الرغم من أن الفعل الأول يقرب معناه من الحقيقة بطريقة مختلفة، فإن معناه ليس بعيدًا كل البعد عن الفكرة التي تشتملها كلمة «إيجار»، أفليس معنى الإيجار يوحي بتقسيم الربح من ملكية معينة بين الفريقين المؤجر والمستأجر؟ حقًّا إنها قد تكون قسمة غير متكافئة في الفائدة ولكنها مع ذلك تعد قسمة. ويلاحظ أنه في بعض سياق الكلام في ورقة «فلبور» يمكن الإنسان في الواقع أن يترجم بطريقة حسنة كلمة «بش» المصرية بكلمة يؤجر.
واللغز البارز الذي يتطلب تفسيرًا هو لماذا يلتجئ معبد لمعبد آخر ليساعد على ضمان زراعة حقوله.
والجواب الذي سنقدمه هنا هو من باب الحدس المحض. وعلى أية حال يظهر أن هذا الإجراء قد يكون سببه الصعوبة التي يلاقيها بعض المعابد أو المؤسسات صاحبة الأملاك في استخدام مزارعين صالحين من قبلها، ومن المحتمل أن معبد العرابة كان له حق في خدمات «بننكا»، ومن الجائز أن الإيجار الذي كان يدفع له كان موازيًا لما كان يدفع لأي إدارة عمل ما، ومن المحتمل جدًّا أن الحكومة المركزية قد ضغطت على المؤسسات صاحبة الأملاك بأن تكون كل الحقول التي تملكها دائمًا مزروعة، وأن الغرامة التي تدفع بسبب التقصير في ذلك هو أن كل الأرض المروية ريًّا حسنًا، ثم تركت بدون زرع كانت تضاف للتاج وتصبح ضمن أرض «خاتو» الفرعونية.
(١-٢) المعابد والمؤسسات التي ذكرت في ورقة «فلبور» خاصة «برعمسيس الخامس»
معبد «رعمسيس الخامس» الجنازي (راجع W. P. II, p. 132)
كان معبد «رعمسيس الخامس» يسمى «المعبد الجنازي لملايين السنين لملك الوجهين القبلي والبحري وسر ماعت رع سخبر نرع في بيت آمون».
بما أن هذه الأشياء الصغيرة كان من المحتمل أن توجد بالآلاف، فإن من الجائز أن عددًا عظيمًا منها باسم «رعمسيس الرابع» كان في متناول القوم بعد بضع سنين من وفاته، عندما بدأ خلفه «رعمسيس الخامس» في إقامة معبده. والواقع أنه يصعب على الإنسان أن يصدق أن «رعمسيس الخامس» قد استعمل قطعًا لمعبده الجنازي، الذي أقامه هو فعلًا لنفسه منقوشًا عليها اسم سلفه، اللهم إلا إذا عد «رعمسيس الرابع» مغتصبًا للملك من والده (وهذا ما يرجحه «شادل» كما ذكرنا آنفًا). وقد كان من المنتظر — على الأقل — أن نجد بعض قطع — ولو قليلة — منقوشة باسمه هو. والظاهر أن الأثري «لانزنج» قد وافق على رأي «ونلك» هذا إذ يقول في هذا الصدد: لقد كان «رعمسيس الرابع» إذن هو الذي بدأ العمل في هذا الموقع، وأن خلفيه قد استمرَّا في إتمامه فقط. وإذا كان من الجائز أن «رعمسيس الرابع» قد شرع في إقامة معبد في الأصل لنفسه، وهو الذي تنسبه «ورقة فلبور» إلى «رعمسيس الخامس»، فإن السبب في ذلك يرجع إلى البقايا التي وجدت باسم «رعمسيس الخامس» فعلًا في هذا الموقف. والظاهر أنه لم يبقَ على قيد الحياة واحد من الرعامسة الثلاثة — الرابع والخامس والسادس — ليرى هذا المبنى الضخم في صورته النهائية. ومن المحتمل أن كلًّا منهم كان يعده معبده الجنازي. ولكن يجب أن نذكر هنا أنه يناقض هذا الرأي، وأن ورقة «فلبور» تشير بوجه خاص إلى معبد جنازي للملك «رعمسيس الرابع» بوصفه مؤسسة لا تزال قائمة بذاتها كما ذكرنا من قبل.
مقبرة «رعمسيس الخامس» والسادس
إن «هرمو جيتس الأماسي» قد شاهد هذه المقابر وأعجب بها، ولكن تقديره لقبر «ممنون» هذا كان أكثر من الإعجاب به عندما فحصه. ويمتاز هذا القبر بأن نقوشه محفوظة حفظًا ممتازًا، غير أن فنه أقل جودة من فن عصر الأسرة التاسعة عشرة. وهاك وصف ما على جدرانه من نقوش ومناظر:
«حور» العائش، الثور القوي، العظيم الانتصارات ومن يجعل الأرضين حيتين، ومحبوب الإلهتين، عظيم القوة، وصاد الملايين «حور» الذهبي، الكثير السنين مثل «بتاح تاتنن» رب الأعياد الثلاثينية، حامي مصر، ومالئ الأرض بالآثار العظيمة باسمه، ملك الوجه القبلي والوجه البحري، سيد الأرضين «نب ماعت رع-مري آمون-ابن رع» من جسده ومحبوبه، رب التيجان «أمنحر خبشف رعمسيس الخامس نتر حقا أيون» معطي الحياة مثل «رع» أبديًّا.
وعلى الجدار المقابل يُرى منظر مماثل للسالف. وبعد ذلك يشاهد على اليسار سفينة الشمس بين ساعات الليل الاثنتي عشرة مقلوبة لتدل على أنها في الجهة الأخرى من العالم كما تشاهد ساعات النهار الاثنتا عشرة. وعلى الجدار الأيمن من الممر الثاني تشاهد صورة «أوزير» على عرش صاعدًا نحوه ثمانية أشكال، وفوق هذا المنظر تسيح سفينة الشمس، وقد صور فيها خنزير يمثل كائنًا شريرًا تطارده قردة «حرمخيس» المقدسة، وفي هذا الجزء من المقبرة مثلث صور عدة لأعداء إله الشمس الذين يقابلهم ويهزمهم خلال سياحته الليلية.
ننتقل بعد ذلك إلى الممر الثالث، فيدخل الإنسان أوَّلًا حجرة ترتكز على عمد أربعة، وهنا يشاهد الإنسان على الباب الآخر لها الملك يحرق بخورًا أمام «أوزير»، ويشاهد على العمد صورة آلهة مختلفين، وقد جلى السقف بصورة الإلهة «نوت» (إلهة السماء). ويشاهد — ممتدًّا من هذه الحجرة إلى أسفل — منظر الثعبانين المجنحين الخاصين بالعالم السفلي على اليمين وعلى الشمال. ويمر الإنسان بعد ذلك في الممرين السادس والسابع، ومن ثم يدخل حجرة انتظار نُقش على جدرانها الفصل المائة والخمسة والعشرون من كتاب الموتى وهو الذي يتبرأ فيه المتوفى من كل الآثام التي كان ارتكابها شائعًا في عالم الدنيا.
وبعد ذلك يصل الإنسان إلى حجرة الدفن وفي وسطها تابوت مهشم. والصور الفلكية التي مثلت على سقف هذه الحجرة ذات أهمية عظيمة.
ويدل المتن على أنه كان لها حقول لرعي ماعزها البيضاء، وكان المشرف على هذه الأطيان المراقب «بنحسي».
- (١) حرم «منف»: وكان لنساء هذا الحرم مؤسسات ذات أملاك تحت سلطان موظفين عظام كانوا — بدورهم — يكلفون آخرين بإدارتها، فمثلًا نجد أن ضيعة منها كانت تحت سلطان عمدة «تبحو» أي: «أطفيح» (راجع W. p. II § 38. 19, 10-11) وكذلك نجد لهن ضيعة أخرى (راجع Ibid 110. 43, 1-2) كلف بإدارة شئونها عمدة «حارداي».
- (٢) الحرم المقيم في «مر-ور» (كوم مدينة غراب) (راجع Ibid 39 (14-15)): وكانت ضيعة هؤلاء النسوة تحت سلطان المشرف على ماشية «آمون» (راجع § 111 (43, 5-6)). أما المكلف بإدارتها فكان المراقب «بانحسي»، واسم المشرف على ماشية «آمون» (أي آمون رع) هو «رعمسيس نخت». وكذلك ذكرت ورقة «فلبور» أنه كان تحت سلطانه حقول حرم «منف» (§ 277)، وقد كان نفس هذا المشرف على الماشية مكلفًا بملاحظة كثير من أطيان المعابد الأخرى (راجع Ibid § 191) وقد كان لحرم هذه الجهة مشرف يلقب: المشرف على حجرات الملك لحرم «مر-ور» (راجع W. P. II, p. 193).
آثاره الباقية في أنحاء القطر وخارجه
تل الحصن
جبل السلسلة
ويشاهد في الجزء الأعلى منها قرص الشمس المجنح، وتحته صور الفرعون «رعمسيس الخامس»، يقدم اسمه (وسر ماعت رع سخبر نرع) للآلهة «آمون رع»، والإلهة «موت» والإله «خنسو» ومنهم يتألف ثالوث «طيبة» ثم للإلهين «بتاح» والإله «خنوم» رب الشلال.
يعيش الإله الطيب، الجبل الذهبي الذي يضيء الأرض كلها مثل الأفقين، ملك الوجه القبلي والوجه البحري «وسر ماعت رع سخبر نرع» بن الشمس «رعمسيس أمنحر خبشف» محبوب «آمون» معطي الحياة مثل «رع» يوميًّا، والناس كلهم في فرح عند إشراقه، والآلهة في حبور بحبه؛ لأنه عمل لهم العدالة للأحياء الذين معه مثل «رع»، والمفيد مثل والده رب الأرضين «وسر ماعت رع سخبر نرع» رب التيجان «رعمسيس أمنحر خبشف» محبوب «آمون»، ومن يجعل الناس سباعًا مطمئنين، ومن مشاريعه تتضاعف … إلخ.
القيس
وصية المواطنة «نونخت» والوثائق المتعلقة بها
جرت العادة عند معظم المؤرخين المحدثين أنه عند التحدث عن أحد الملوك القدامى، وفي التاريخ المصري القديم بخاصة أن يذكروا أعماله العظيمة لا سيما حروبه ومبانيه، مع ذكر القليل عن الأفراد الذين عاصروه. وعن حالة العهد الذي عاش فيه من الناحية الاجتماعية. وإذا اتفق أن الفرعون الذي يكتب عنه كان خامل الذكر، أو لم يكشف من آثاره إلا الشيء اليسير مروا على تاريخ حياته وعصره مرًّا سريعًا، ولم يكتبوا عن عهده إلا النزر اليسير، غير مهتمين بالحياة الاجتماعية في زمنه، على الرغم من وجود الوثائق الكثيرة التي تقدم لنا صورة جلية لبعض نواحي حياة القوم، وبخاصة الطبقة الدنيا التي هي في الواقع المحك الأصلي الذي يكشف عن مقدار ما كانت عليه البلاد وأهلها من رخاء أو ضيق في العيش، وتوضح لنا كذلك أحوال معاشهم ومعاملاتهم. وأكبر مثال لدينا من هذا النوع هو عهد «رعمسيس الخامس»، الذي لم نعرف عنه شخصيًّا إلا القليل، ولكن الوثائق التي وصلت إلينا من عهده تقدم لنا صورة صادقة عن الحياة الاجتماعية في عهده، وأهم هذه الوثائق ورقة «فلبور» التي فصلنا القول فيها بعض الشيء فيما سبق. وقد أسعدنا الحظ بالعثور على سلسلة وثائق أخرى مرتبط بعضها ببعض عن تاريخ أسرة من العمال، وقد وصلت إلينا عن طريق وصية تركتها سيدة من المواطنات المصريات، اللائي عشن في عهد هذا الفرعون، وقد عثر على بعض أوراق أخرى لها ارتباط بهذه الوصية مكملة لها، وقد جمعها الأستاذ «شرني»، وترجمها وعلق عليها تعليقًا علميًّا يدل على سعة اطلاعه ورسوخ قدمه.
ذكرنا في غير هذا المكان أن العمال والكتاب الذين كانوا يشتغلون في حفر المقابر الملكية في عهد الدولة الحديثة، وكذلك أفراد أسرهم كانت تذكر أسماؤهم مرارًا وتكرارًا في النقوش الهيروغليفية وإضمامات البردي، مما سهل علينا معرفة شيء عن حياتهم وعن تفاصيل أحوالهم الشخصية.
والموضوعات التي من هذا النوع قليلة، ويكاد يكون موضوع المواطنة «نونخت» التي سنتناول الحديث عن متاعها فريدًا في بابه من هذه الناحية، فلدينا أربع برديات جاء ذكرها فيها؛ منها ثلاث تبحث على وجه التأكيد في موضوع الإرث الذي تركته، والرابعة تتناول نفس الموضوع إلى حد بعيد. وقد عثر على اثنتين من هذه الوثائق في الحفائر التي عملت في «دير المدينة» عام ١٩٢٨ على يد البعثة الفرنسية.
أما الوثيقتان الأخريان فقد بيعتا في السوق السوداء بعد ذلك بعدة سنين، وهما الآن في حيازة السير «آلن جاردنر».
وهاك نص الوثيقة الأولى:
«السنة الثالثة، الشهر الرابع من فصل الفيضان، اليوم الخامس في عهد جلالة ملك الوجه القبلي والوجه البحري رب الأرضين «وسر ماعت رع سخبر نرع» بن «رع» رب التيجان مثل «آتوم» (رعمسيس أمنحر خبشف مري آمون) معطي الحياة سرمديًّا.
في هذا اليوم قد عمل (العمود ١ سطر ٥) إعلان عن متاعها على لسان المواطنة «نونخت» أمام أعضاء المحكمة الآتية أسماؤهم:
(٤، ١) قائمة بأسماء الأولاد الذين قالت عنهم: إنهم لن يأخذوا نصيبًا في تقسيم ثلثي (أي الثلث في التركة التي بينها وبين زوجها) وأما في الثلثين الخاصين بوالدهم، فإنهم سيأخذون نصيبهم (١) العامل «نفرحتب» (٢) و(٤، ٥) المواطنة «منعت نختي» (٣) المواطنة «حنشي» (٤) المواطنة «خعنوب». وأما أولادي الأربعة هؤلاء فإنهم لن يشتركوا في تقسيم ملكي. وأي متاع للكاتب «قنحر خبشف» زوجي (٤ سطر ١٠) وأملاكه من الأرض ومخزن والدي هذا، وويبة الحنطة التي جمعتها بالاشتراك مع زوجي فليس لهم نصيب فيها (٥ سطر ١). أما أولادي الثمانية هؤلاء فسيكون لهم نصيب في قسمة متاع والدهم في تقسيم واحد.
أما عن غلايتي التي أعطيتها إياه ليشتري بها خبزًا لنفسه، وكذلك آلة «خا» التي ثمنها سبع دبنات (٥ سطر ٥) والآنية «إرر» التي ثمنها سبع دبنات، والمنقر الذي ثمنه ست دبنات، أي ما مجموعه أربعون دبنًا، فإنها ستقوم مقام نصيب له، وعلى ذلك لن يشترك في أخذ أي نحاس آخر، بل ذلك سيكون ملكًا لإخوته (وأخواته).
كتبه «أمننخت» كاتب قبر الملك المحظور دخوله (ثم كتب بيد أخرى ما يأتي):
«السنة الرابعة، الشهر الثالث من فصل الفيضان، اليوم السابع عشر من الشهر. في هذا اليوم تقدم العامل «خعمنون» (٥ سطر ١٠) وأولاده ثانية للمحكمة قائلين: أما الكتابات التي عملتها المواطنة «نونخت» خاصة بعقارها، فإنها ستنفذ تمامًا كما أمرت به، فلن يأخذ العامل «نفرحتب» نصيبًا فيه، وقد أقسم يمينًا بالسيد (أي الملك) قائلًا: إذا نقضت تعهدي بادعائي له ثانية، فإنه عندئذ يكون عرضة لعقاب مائة جلدة وحرمانه أملاكه.»
(الشهود): (٦ سطر ١) أمام رئيس العمال «خعو» ورئيس العمال «نخمموت»، وكاتب الملك «حورشري»، وضابط المركز «رع موسى» وضابط المركز «بنتاور» بن «نخت مين».
أما الوثيقتان الثانية والثالثة فهما قطعتان صغيرتان من البردي، وجدتا في دير المدينة عام ١٩٢٨، وحجمهما واحد ولم تكتبا بخط واحد ومحتوياتهما واحدة إلا في بعض روايات مختلفة في الكتابة، وعلى ذلك سنضع ترجمتهما في عمودين متوازيين للموازنة.
الوثيقة الثانية | الوثيقة الثالثة |
---|---|
قائمة تقسيم أمتعة والدتنا | قائمة تقسيم أمتعة والدتنا |
أعطي «أمننخت» حجرَ طاحون واحدًا | أعطي «أمننخت» حجر طاحون واحدًا |
أعطيت «وسر نختي» حجر طاحون واحدًا | أعطيت «وسر نختي» حجر طاحون واحدًا |
أعطيت «منعتنختي» أثاث «إقر» واحدًا | أعطيت «منعتنختي» أثاث «إقر» واحدًا |
أعطي «قنحر خبشف» أثاث «إقر» واحدًا | أعطي «قنحر خبشف» أثاث «إقر» واحدًا |
أعطي «ماينختف» صندوقًا | أعطي «ماينختف» صندوقًا |
… … … … … … | ثانيًا قسمة أخرى |
أعطيت «منعتنختي» هاونًا | أعطيت «منعتنختي» هاونًا |
أعطي «أمننخت» هاونًا | أعطي «أمننخت» هاونًا |
أعطي «قنحر خبشف» هاونًا | أعطي «قنحر خبشف» هاونًا |
أعطي «نبنخت» هاونًا | … … … … … … |
أعطي «ماينختف» صندوق خشب | أعطي «ماينختف» صندوق خشب (؟) |
… … … … … … | أعطي «وسر نختي» هاونًا |
… … … … … … | ثانيًا قسمة أخرى |
أعطي «أمننخت» قفصًا واحدًا (؟) | أعطي «أمننخت» قفصًا واحدًا (؟) |
أعطيت «منتختي تب» (قفص) | أعطيت «منتختي تب» (قفص) |
أعطي «قنحر خبشف» سيقان ماست | أعطي «قنحر خبشف» سيقان ماست |
أعطي «ماينختف» كرتًا واحدًا | أعطي «ماينختف» كرتًا واحدًا |
أعطيت «وسر نختي» سلة | أعطيت «وسر نختي» سلة |
… … … … … … | مرة ثانية قسمة أخرى |
… … … … … … | ظهر الورقة |
أعطيت «منعتنختي» مكيالًا واحدًا | أعطيت «منعتنختي» مكيالًا واحدًا |
أعطي «قنحر خبشف» زحافة | أعطي «قنحر خبشف» زحافة |
أعطي «ماينختف» زحافة واحدة | أعطي «ماينختف» زحافة واحدة |
… … … … … … | مرة ثانية قسمة أخرى |
أعطي «قنحر خبشف» ماستًا واحدًا | أعطي «قنحر خبشف» ماستًا واحدًا |
من عب (؟) | من عب (؟) |
أعطي «أمننخت» ساقًا واحدةً من حتب | أعطي «أمننخت» ساقًا واحدةً من حتب |
أعطيت «وسر نختي» سلة واحدة وهاونًا | أعطيت «وسر نختي» سلة واحدة وهاونًا |
أعطيت «منعتنختي» خدًا واحدًا | أعطيت «منعتنختي» «خدًا» واحدًا |
أعطي «ماينختف» صندوقًا من الحجر | أعطي «ماينختف» صندوقًا من الحجر |
… … … … … … | مرة ثانية قسمة أخرى |
… … … … … … | أعطي «قنحر خبشف» مسند قدم (؟) |
… … … … … … | أعطيت «منعتنختي» مسند قدم (؟) |
… … … … … … | أعطيت «وسرنختي» مسند قدم (؟) |
في هذا اليوم قرر العامل «خعمنون» ما يأتي: أما عن «طست الغسيل» الذي أعطيته العامل «قنحر خبشف» ابنه (؟) فإنه سيكون ملكًا له، ولن يتنازعه ابن أو ابنة، ولا زوج «فن» وكذلك لن تسمع شهادته في المستقبل.
التسليم في هذا اليوم (؟) أمام العامل «أني نخت» والعامل «قداختف» والعامل «نبخت» والعامل «خنسو» والعامل «نفرحتب»، والعامل «أمننخت»، والعامل «خعمنون» نفسه، والعامل «قنحر خبشف» قد أعلن: سأعطيه حقيبتين وثلاثة أرباع حقيبة. وبعد أن حلف يمينًا بالسيد قائلًا: بحياة «آمون» وبحياة الفرعون إذا استوليت على هذا الدخل غلة من والدي، فإنهما سيأخذان هذه المكافأة (؟) ملكي، وسأعطي زوجين من النعال العامل «أمتنحت» وسأعطي صندوقًا العامل «ماينختف» لدفع ثمن الكبابات التي كتبوها، وهي الخاصة بتنازل والدهم.
هذا هو نص الوثائق الأربع حرفيًّا، وسنتناولها بالشرح لنصل منها إلى قيمتها التاريخية في هذا العهد المظلم من تاريخ البلاد.
والكاتبان «أمننخت» و«حور شري»، أي الأب والابن ينسبان إلى أسرة كتبة مقبرة الملك، وقد صادفناهما مذكورين في عدة برديات وإستراكا (راجع مصر القديمة ج٧). أما «أمننخت» فكان قد عُين كاتبًا لقبر الملك في السنة السادسة عشرة من عهد «رعمسيس الثالث» غير أن تاريخ موته لم يُعرف. وقد كان «حور شري»، ومعه كاتب آخر هما اللذان اتهما عمدة «طيبة» بالسرقة التي وقعت في الجبانة الملكية في السنة السادسة عشرة من عهد «رعمسيس التاسع». وقد رُقِّيَ الرسام «أمنحتب» إلى وظيفة «رسام أول» في السنة السابعة عشرة من حكم «رعمسيس التاسع».
أما «نبنفر» الآخر الذي جاء ذكره في الورقة فلم يمكن تحقيق اسمه، ويرجع السبب في ذلك إلى كثرة شيوع هذا الاسم في ذلك العهد.
وكان عدد ضباط المراكز — على ما يظهر — اثنين، غير أننا لا نعرف في أي عمل كان ينحصر نشاطهم، والاثنان اللذان ذكرا في الوثيقة الأولى لم يذكرا — في أغلب الظن — في أي متن منشور حتى الآن.
نعود الآن إلى الشخصية الرئيسية في الوثيقة، وهي السيدة «نونخت» ومعنى الاسم «طيبة منتصرة»، وكانت تحمل لقب «المواطنة» وهو لقب كانت تُعطاه في هذا الوقت كل امرأة حرة ليست في خدمة أحد، وعلى ذلك فلم تكن رقيقة. وقد افتتحت الوثيقة الخاصة بها بقولها: «إنها امرأة حرة» والظاهر أنه كان لهذا التصريح أهمية؛ لأنه يعطيها حق التصرف في أملاكها.
ولن يمكن فهم وصيتها التي نزلت فيها عن متاعها دون أن نعرف من أول الأمر أنها قد تزوجت مرتين، وأن الأولاد الذين جاء ذكرهم في الوصية لم يكونوا من زوجها الأول الكاتب «قنحر خبشف»، بل كانوا من زوجها الثاني العامل «خعمنوت»، وهذه الحقيقة ليست موضحة تمامًا في الوصية نفسها، غير أن ذلك لم يكن أمرًا ضروريًّا؛ لان المحكمة التي اعترفت أمامها «نونخت» اعترافًا قانونيًّا بنزولها عن أملاكها كان أعضاؤها يعرفون علاقة الأسرة معرفة تامة.
ولا نعلم إذا كان قد عاش في عهد «رعمسيس الثالث»، وإذا كان فعلًا قد بقي على قيد الحياة في عهده فلا نعلم إلى أي سنة امتدت حياته في حكمه، ولكن إذا كان قد عاش في عهد هذا الفرعون فإن أهميته تجعله يذكر في الوثائق التي في متناولنا من التي يرجع عهدها إلى أواخر حكمه. وعلى ذلك فإن في إمكاننا أن نقول إنه قد توفي في أواخر سني هذا الفرعون تقريبًا.
ومن الغريب أن نجد «نونخت» — على الرغم من أنها امرأة حرة — قد قدمت أولادها إلى المحكمة بأنهم «هؤلاء خدامكم»، وهي بعملها هذا قد استعملت كلمة مصرية (باك) التي تدل على شخص تابع، وأحيانًا على «عبد» وقد كان المنتظر من المرأة الحرة أن يكون أولادها أحرارًا مثلها، ولكن يحتمل أن «نونخت» كانت لا تقصد إلا أن تصف أولادها بأنهم الخدم المطيعون لرجال السلطة الجالسين في المحكمة، كما تستعمل عبارة «الخادم هنا» للدلالة على كاتب الخطاب في التعبير المصري القديم، ولا يزال هذا الاستعمال شائعًا حتى الآن في ختام الخطابات، إذا تكتب عبارة «خادمكم المطيع. فلان» أو عندما يقدم شخص متواضع نفسه لآخر فيقول له: خادمك فلان، وهكذا.
وكان من بين أولادها أربعة ذكور وهم: «ماينختف» و«قنحر خبشف» و«أمننخت» و«نفرحتب»، وأربع بنات هن: «وسر نختي» و«ومنعتنختي» و«حنشني» و«خعنوب».
والحقائق التي وصلنا إليها هنا قد عثرنا عليها بعد فحص البردية فحصًا دقيقًا، ومع ذلك فإنه كان من الممكن أن يحوم حولها الشك إذا لم تكن قد دعمت بوثيقتين أخريين ذواتي طابع مختلف كلية.
والجزء الذي بين قمة اللوحة وجسمها يضيف إلى ما سبق ابنين آخرين هما. ابنه «نبسوتي» المبرأ، وابنه «أمنمحاب» المبرأ. وأمام صورة «قنحر خبشف» ذكر في سطر عمودي ابنتها (؟) «نونخت» المبرأة. واسم والده «قنحر خبشف» — الذي لم يكن له مكان في الأسطر العمودية التي في الجزء الرئيسي من اللوحة — قد أضيف في الجزء الأعلى منها على يمين الإلهة، وقد وصفت «نونخت» بأنها أمه مغنية «آمون» «نونخت».
- (١)
الكاهن المطهر «لآمون رع»، رب المقابلة الحسنة «قنحر خبشف» المبرأ.
- (٢)
وابنه «أمننخت» المبرأ.
- (٣)
ابنه «كامبيبتاح» المبرأ.
- (٤)
وابنه «نبسوتي» المبرأ.
- (٥)
ابنه «بتاح بحعبي» المبرأ.
- (٦)
والده خادم مكان الصدق «خعمنون» المبرأ.
ولا شك في أن «قنحر خبشف» الذي جاء ذكره على لوحة «المتحف البريطاني» رقم ٢٧٨ هو نفس الرجل الذي ذكر على نقوش الصخور، ولا أدل على ذلك من توحيد أسماء الأبناء «أمننخت» و«كامبيبتاح» و«نبسوتي» في كل من اللوحة والنقش، على حين أن «بحعبي» قد ذكر فقط في النقش الذي على الصخر، وأما «أمنمحب» وكذلك ابنته التي تدعى «نونخت»، فقد ذُكرا فقط على اللوحة.
والبيان الذي قدمته لنا «نونخت» في وصيتها يتألف من جزأين، ففي الجزء الأول نجدها، بعد أن أعلنت عزمها على أن تورث فقط من أولادها أولئك الذين أعالوها في شيخوختها، قد عددت بالاسم أولئك الذين أرادت أن يرثوها، وهؤلاء هم: «ماينختف» و«قنحر خبشف» و«أمننخت» و«وسرنختي» و«منعتنختي»؛ وفي الجزء الثاني من الوصية ذكرت لنا أسماء أولادها الذين أبعدتهم عن الإرث، وهؤلاء هم: «نفرحتب» و«منعتنختي» و«حنشني» ثم «خغنب».
ومن ثم نلاحظ أن «منعتنختي» قد ظهرت في جزأَيْ وصية «نونخت».
والسبب في ذلك (راجع ١، ٣، ٨–١١) ظاهر من الوصية نفسها، وذلك أن «منعتنختي» كانت لا ترث من متاع أمها، بل كانت تحرم من وراثة ويبة الغلة و«هن» من السمن، وهما اللذان أعطاها إياهما أولادها البارون «ماينختف» و«قنحر خبشف» و«أمننخت» وابنتها «وسرنختي». وويبة الغلة هنا هي التي تقول عنها «نونخت» فيما بعد في الوصية أنها كانت تجمعها هي وزوجها، ولا بد أن نتخيل هنا أنها كانت تأخذ من كل ولد من أولادها البارين ربع ويبة؛ وتدل شواهد الأحوال على أن الزوج الثاني هو الذي كان يستفيد معها من هذه الغلة، والويبة تعادل كمية قليلة تبلغ «هنًا» أي: حوالي ثمانية عشر لترًا، أي أقل من أربعة جالونات بمقدار يسير وتعادل ربع حقيبة، كما ذكرنا ذلك من قبل عند التحدث على ورقة «فلبور». وهذه الويبة لم تكن أعطيت على وجه التأكيد مرة واحدة فقط، بل كانت مرتبًا شهريًّا معينًا هي و«هن» السمن؛ وإنه لمن السخافة أن نفرض أن «نونخت» قد ادخرت عندها ويبة من الغلة و«هنًا» من السمن مدة طويلة لتضعها ضمن ميراثها، ولكن كون ويبة من الحب و«هن» من السمن كانا ضمن ميراثها فهذا أمر يظهره حرمان «منعتنختي» من الاستيلاء على أي نصيب منهما، ومن الواضح أن الحب والسمن قد أوصت بهما «نونخت» فقط لأولادها الذين تعودت أن تأخذهما منهم، وقد كان الموقف على ذلك يقتضي أن تقطع الجراية الشهرية بمجرد موتها، وأن ابنتها «منعتختي» على الرغم من أنها قد عوملت معاملة أبنائها الأبرار لم يكن في الإمكان أن تطلب أي تعويض على قطع هذه الجراية، إذ إنها لم تدفع منها شئيًا لأمها؛ على أن السبب في أن «نونخت» قد خصت ابنها «قنحر خبشف» بحظوة خاصة غامض، ومهما يكن من أمر فإن الوصية قد اشترطت أن يتسلم طست غسيل من البرنز فضلًا عن نصيبه بالتساوي مع الآخرين وهو خمس العقار، وهو يعد بالنسبة للحالة المعيشية لهذه الأسرة من الأشياء الكمالية ذات القيمة العظيمة. وقد كان البرنز والنحاس في عهد الأسرة العشرين هما المعدنان الوحيدان اللذان كانا يستعملان في قرية العمال الواقعة في «وادي دير المدينة». أما الذهب والفضة فكانا غير معروفين فيها تقريبًا. وقد كان الدفع يدفع بتقدير أشياء خاصة بالنحاس أو الحب.
والحاشية التي كتبت بخط مختلف عما سبقها، وأضيفت إلى وصية «نونخت» (١، ٥، ٦–٩، ١٥) تصبح غير مفهومة إذا لم تعترف بوجود زواج ثانٍ، وأن الزوج الثاني هو والد أطفالها، وإلا فإنه يصبح من المستحيل علينا فهم السبب الذي من أجله ظهر العامل «خعمنون» مع أولاده أمام محكمة؛ ليعترفوا بأنهم لن يعارضوا في تنفيذ الوصية وحرمان «نفرحتب» من وراثة أمه. ونلحظ أن «خعمنون» كانت له حقوق قليلة خاصة به، وأن وظيفته الرئيسية في الظهور أمام المحكمة هي الموافقة على الترتيب الذي عملته «نونخت» خاصًّا بالوصية، ويمكن تفسير ذلك على أكمل وجه بأن نفرض أن زوجها الأول «قنحر خبشف» كان رجلًا ثريًّا، بينما كان «خعمنون» مجرد عامل، وأن ما يكسبه كان بمقدار ما يكفيه فقط هو وأولاده، وأنه من جهة أخرى لم يضف شيئًا لثروة الأسرة على الأقل فيما يختص بالأثاث والأطيان.
ويلاحظ أن تاريخ الحاشية هو السنة الرابعة دون ذكر الفرعون، ولكن من المحتمل أنه كان في حكم الفرعون «رعمسيس الخامس»، الذي تنسب إلى حكمه الوثيقة الرسمية المؤرخة بالسنة الثالثة. ولا يمكننا دون معرفة تاريخ تولية «رعمسيس الخامس» بالضبط أن نحسب الفترة التي بين هذين القسمين من الكتابة، وأقصى مدة هي ٧١٢، وأقل مدة هي ٣٤٧ يومًا إذا كان تاريخ تولي العرش هو الشهر الثالث من فصل الفيضان، اليوم السابع عشر. وفي كلتا الحالتين كان من المحتمل جدًّا أن «نونخت» لا تزال على قيد الحياة، إذ لا بد أنها كانت قد فكرت في أنه من المهم أن تتأكد من موافقة الأسرة في وقت مبكر بقدر المستطاع.
ومن المحتمل أن تاريخ موت «نونخت» لن يعرف قط، ولكنَّ القائمتين اللتين في الوثيقتين الثانية والثالثة يرجع تاريخهما إلى ما بعد وفاتها، وذلك عندما حضر أولادها إلى بيتها ليقسموا الميراث بين أنفسهم. ونص الوثيقتين واحد تقريبًا، غير أن الوثيقة الثالثة أطول منهما، إذ في آخرها جزء غير موجود في الثانية، وعلى ذلك يمكننا أن نعد الوثيقة الثانية صورة ابتدائية، على حين أن الثالثة كانت الصورة النهائية للوصية.
والوثيقة الثالثة تحتوي على ستة أجزاء كل منها يقابل قسمًا منفصلًا، وعلى ذلك يمكننا أن نتصور الورثة الخمسة يقومون بست زيارات لبيت والدتهم، وفي كل زيارة كانوا يقومون بتقسيم طائفة من الأشياء، وكل طائفة منها قيمتها متساوية مع الأخرى على وجه التقريب. والمتاع الذي تركته «نونخت» لورثتها كان لا قيمة له. وأسماء الأشياء التي يمكن تحقيقها، ومخصصات الأشياء غير المعروفة لنا تبرهن على أنها كانت تحتوي على قطع من الأثاث وأدوات المطبخ، وإذا تركنا جانبًا الأشياء القليلة المصنوعة من المعدن التي جاء ذكرها في الوثيقة، فإن الباقي منها لا يوازي قيمة البردي التي كُتبت عليه الوصية.
والورثة الخمسة الذين كتبوا في القائمتين هم الذين ذكروا في صلب الوصية (راجع ١، ٣، ١–١١) بمثابة عمال ونساء وهم الذين ورثتهم وهم: «أمننخت» و«قنحر خبشف» و«ماينختف» و«وسرنختي» و«منعتخني». وخلافًا لذلك نجد أن المتن الثاني يقدم لنا في حالتين رجلًا يدعى «نبننخت» (٢، ١٠، ١١) وهو الذي حل مكان اسمه في الوثيقة الثالثة اسم المرأة «وسرنختي»، ومن المحتمل أن «نبننخت» كان زوج «وسرنختي»، وأنه قد حضر مرتين ليأخذ أشياء من القسمة، واسمه لم يكتب في الوثيقة الأصلية (رقم ٢) ولكن الوارثة الشرعية «وسرنختي» كانت قد حلت محل اسمه في النسخة النهائية للقائمة.
وقد تركنا فحص الوثيقة الرابعة آخر شيء؛ لأنه كان من المحتمل في بادئ الأمر أن يكون هناك شك في أن هذه الوثيقة لها علاقة ما بميراث «نونخت» على الرغم من أنه من المؤكد تمامًا أن العامل «خعمنون» وابنه «قنحر خبشف» وكذلك شخصان آخران وهما: «أمننخت» و«ماينختف» الذين ذُكروا في الوثيقة الرابعة هم نفس الأشخاص الذين ذكروا في الوثائق الثلاث الأولى. وحلقة الاتصال بالأشخاص الذين ذكروا في الوثائق الثلاث الأولى، والذين ذكروا في الوثيقة الرابعة هي طست الغسيل الذي قد اهتمت به الوثيقة الرابعة بوجه خاص، ولا بد أن يكون هو نفس الطست الذي ذكر في الوثيقة الأولى (١، ٣، ٤) وقد ذكر فيها بأنه قد أعطى «قنحر خبشف» «نونخت»، في حين أن الوثيقة الرابعة يظهر أن الذي أعطاها هو «خعمنون» اللهم إلا إذا كان «خعمنون» في هذه الحالة، كما جاء في الحاشية قد وافق على إعطائه، ولكن إذا تدبرنا الحقائق التالية وهي أولًا أنه قد أعطى نفس الشخص في كلتا الحالتين، وثانيًا أنه قد سُمي في كلتا الحالتين باسم خاص، فإن في ذلك برهانًا كافيًا على أن الطست واحد.