السلطان الثالث عشر
ولد عام ٩٧٤ﻫ، وجلس على سرير السلطنة عام ١٠٠٣، عقيب وفاة والده باثني عشر يومًا؛ لأنه كان مقيمًا في مغنيسا، وحال جلوسه أصلح الأحوال المختلة في داخلية السلطنة، وعزل بعض رجال الدولة، ونصَّب مكانهم من وجد بهم الأهلية والإخلاص، ولم تمض مدة حتى نزع الأفلاق والبغدان إلى المجاهرة بالعدوان، وساقوا عساكرهم إلى حدود البلاد العثمانية، حيث طفقوا يقلقون الأهالي المتوظفين في الجهة الكائنة على أطراف نهر الطونا. وفي سنة ١٠٠٤، أرسل إليهم السلطان عددًا من جنوده لمحاربتهم، فالتقوا بهم في صحاري يركوكي، وهناك اشتد القتال بينهم، فتقهقرت العساكر السلطانية لعدم ثبات الأليكشارية، ورجعوا إلى مدينة روسجق، وبعد حين ساق السلطان تجريدة أخرى أَوْلَى قيادتها إلى سنان باشا، وأرسله إلى ساحات المعركة، فساء التدبير وعاد إلى القسطنطينية خاسئًا، وفي عام ١٠٠٥، أعد السلطان تجريدة أخرى تولَّى قيادتها بنفسه، وسار بها إلى بلاد المجر، فالتقى بعساكر الأعداء في سهول مهاج، فشتَّت شملهم، وحاصر قلعة أكرى ففتحها بعد سبعة أيام، وبعد ذلك لمت العساكر النمساوية شعثَها فصدمت عساكر الدولة، وقتلت منهم عددًا وافرًا، وبينما كانت تنهب الخيام وتسلب الأموال هجم عليها الوزير جفال بن سنان باشا بفرقة كانت تحت قيادته، فاستظهر عليهم وقتل عددًا وافرًا، فأنعم عليه السلطان بمنصب الصدارة بدلًا عن إبراهيم باشا، ثُمَّ عزله وأرسله واليًا على الشام.
وقد رجعت العساكر الشاهانية من ميادين الحرب إلى القسطنطينية فائزة منصورة، فجاء رسل من دولة إيران وبخارى وفاس وونديك، وقدموا التهاني والتبريك للسلطان محمد خان على فوزه وانتصاره. وفي آخر مدته فشا الفساد في بعض الممالك المحروسة، ونهضت عساكر المجر والنمسا للأخذ بالثأر، واستولوا على بعض بلاد الدولة، ثم استعرت نار الحرب بين الدولة والعجم، واضطرم لهيب الفتن في جهات الأناضول. وقبل أن يطفئ السلطان تلك النيران توفي إلى رحمة الله عام ١٠١٢ﻫ، فدفن في جامع أجيا صوفيا بجوار ضريح السلطان سليم خان الثاني. رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه.