السلطان الرابع عشر
ولد عام ٩٩٨، وجلس عام ١٠١٢ بالغًا من العمر أربعة عشر سنة، فطهر السلطنة من أدران المفسدين، وعين جفال زاده قائدًا على الجيوش في بلاد الشرق، ولم تأت سنة ١٠١٣ حتى نهضت عساكر إيران وتوغلت في بلاد الدولة إلى أن تملكت مدينة قبرص، واستولت على مدينتي روان وشروان، وساقت إلى الأمام حتى أشرفت على قلعتي وان وماكو فارتدت خاسئة خاسرة. وبأثناء ذلك وقع اختلاف ونزاع بين علماء مصر ووزرائها، فسعى السلطان في إصلاح ذلك.
وفي سنة ١٠١٤، التجأت دولة المجر إلى كنف الدولة العلية لتنجدها على دولة النمسا، فعيَّن السلطان رجلًا مجريًّا أعطاه لقب ملك المجر، وأرسل إليه تاجًا وسيفًا، ثم أصحبه بالعساكر العثمانية إلى حقول المعركة، فحارب دولة النمسا واسترجع منها ما كانت استولت عليه من بلاده، ثم ركب السلطان من القسطنطينية وسار إلى مدينة بروسه، وبينما كان يناهض عساكر الشاه عباس ويرجعها القهقرى عن البلاد التي كانت اغتصبتها في وجهة الأناضول، بلغه هياج وجاق الأليكشارية في إسلامبول، فعاد للحال تداركًا لشرورهم، وألَّف مجلسًا حربيًّا، فحكم بإعدام المهيجين. وسنة ١٠١٥، أبرم مراد باشا، الصدر الأعظم للدولة العلية، معاهدة مع ملك النمسا قضت بالمهادنة مدة ٢٠ سنة.
وفي عام ١٠١٦، ثارت بعض الجهات في بلاد الأناضول، فتوجه لإذلالها، وهجم على أهالي مدينة أنقرة ثم قونية؛ لمحاربة كلاندرا أوغلى وقرى سعيد وكينالي وموصللي جاويش، وجانبولاد حاكم الأكراد، وفخر الدين معن حاكم جبل لبنان، وبعد أن ناهضهم طويلًا وشن عليهم الغارة؛ تمكَّن من الفتك ببعضهم، وطرد الآخرين من بلاد قونية وأنقرة، ثم عاد إلى القسطنطينية، وفي أثناء ذلك جاء رسل من أوروبا والهند والكرج، فلاطفهم مراد باشا، وأنالهم ما يطلبون من قبل دولهم.
وفي عام ١٠٢٠، تمرَّدت الأعجام، فحاربهم مراد باشا من قبل الدولة، وهزم الشاه عباس إلى جبال صوراب بعد أن استولى على تبريز، وإذ ذاك طلب الشاه الصلح، وعرض ٢٠٠ حمل حرير، وفي أثناء ذلك توفي مراد باشا فجأة، فعين مكانه في منصب الصدارة نصوح باشا، ولم يمكث هذا طويلًا حتى قُتِلَ، وعين بدلًا عنه محمد باشا، وبالنظر لهذه الحوادث أخلف الأعجام عهدهم، وامتنعوا عن إرسال الحرير الذي تم عليه الصلح، فأصدر السلطان أمره إلى الصدر الأعظم بأن يقتص منهم، فسار بعدد وافر من الجند إلى حلب الشهباء، وانطلق منها إلى نكشيفان واستولى عليها بعد أربعين يومًا.
وفي عام ١٠٢٦، أصيب السلطان أحمد الأول بحمى خبيثة، وقبل أن يشرف إلى الموت أوصى بتفويض الملك لأخيه مصطفى، فلما توفي جلس مصطفى على تخت السلطنة مدة فلم يستطع أن يُدبِّر شئونها، وخلع بعد ثلاثة أشهر، فنصب مكانه السلطان عثمان بِكْر السلطان أحمد، وحجر على السلطان مصطفى في يدي قلعة. وفي عهد السلطان أحمد كثر استعمال التبغ وزرعه في الممالك العثمانية، فأمر بمنعه. ومن أشهر آثاره بناء الجامع الكبير المعروف بالأحمدية ذات الست منارات، وجملة مدارس وقشال.
عاش ثمانية وعشرين سنة، قضى منها على تخت السلطنة ١٤ سنة، ودفن في قرب جامعه الشريف بتربته المخصوصة.