السلطان الخامس عشر
وُلِدَ عام ١٠١٣ﻫ، وجلس عام ١٠٢٦ بالغًا من العمر ١٣ سنة، وحال تبوُّئه زمام السلطنة نظر إلى الأحوال الداخلية فأصلح أمرها، وعقد الصلح مع الدول الأجنبية كي يتمكن في تلك الفترة من حشد الجنود، وجمع الأموال، وتشييد الحصون. وفي سنة ١٠٢٨، أرسل إلى محاربة الشاه عباس جيشًا كثيفًا تحت قيادة خليل باشا، وبعد أن بلغ مدينة أذربيجان قاتل جنود العجم في جملة مواقع، وانتصر عليهم في موقعة أزربيل الشهيرة، ولما تبين شاه العجم عجزه عن المدافعة، طلب إبرام الصلح حسب الشروط التي توافق الدولة. وحدث بعد ذلك أن مال البولونيون والأفلاق والبغدان إلى الثورة، فانطلق السلطان عثمان بنفسه في سنة ١٠٣٠ لكبح جماحهم، فحاربهم بالقرب من قلعة حوتين، وعقب قتال عنيف ضاع فيه من الفريقين نحو مائة ألف عسكري، عقدت شروط الصلح، وعاد إلى الآستانة. وفي أثناء سفره شاع بأنه تزوج ببعض بنات الذوات والوزراء من أعاظم رجال الدولة، وأنه يصغي إلى كلام ندمائه، فهاج وجاق الأليكشارية من جرَّاء ذلك، وبالأخص عندما تبالغ لهم أن السلطان مُزْمِعٌ أن يذهب إلى الحج الشريف، ويجمع عسكرًا من الشام ومصر من رجال العرب تكون مطيعة لأوامره طوع البنان، ويهلك بهم نسل الأليكشارية ويمحى أثرهم، ومن ثَمَّ اتحدوا وتجمعوا مع العلماء في فسحة آت ميدان، وأرسلوا الدفتردار إلى السراي يطلب من لدن السلطان رأس الصدر الأعظم وعمر خوجه وقزلراغاسي وبعض الندماء، فزجرهم السلطان، ورفض قطعيًّا إجابة طلبهم، فهجم بعضهم على السراي التي كان السلطان مصطفى محبوسًا بها، وأخرجوه من سجنه ونصبوه على كرسي السلطنة، وذلك بعد أن خلعوا السلطان عثمان، وطافوا به في شوارع المدينة طواف الازدراء والإهانة، ثم وضعوه في قلعة يدي، وقتلوه بأمر داود باشا الصدر الأعظم، وكان ذلك عام ١٠٣١.
عاش ١٨ سنة قضى منها على تخت السلطنة خمس سنوات، ودفن في تربة أبيه السلطان أحمد، عليهما رحمة الله ورضوانه.