السلطان العشرون
ولد عام ١٠٥٢ للهجرة، وجلس على عرش السلطنة عام ١٠٩٩ﻫ، وذلك أنه بعد خلع السلطان محمد دخل عليه الصدر الأعظم مصطفى باشا في مكان سجنه وناداه: «يا سلطاننا»، فلم يجب خوفًا من سوء العاقبة، وبعد ذلك تقدم نحوه وأطلعه على واقعة الحال، ففرح وشكر الله وجلس على كرسي الملك وهو في السابعة من سنه، وبعد ذلك تجمعت عساكر الأليكشارية والسباهية في فسحة آت ميدان، وطفقوا يقتلون ويولون الأحكام من يريدونه، فأخمد السلطان هياجهم بتفريق الأموال، لكنهم نهضوا بعد مدة قليلة وقتلوا سياوش باشا الصدر الأعظم، ونهبوا منازل الوزراء وما تركوا منكرة إلا فعلوها، فلما ضاق ذرع الأهالي وما عاد في إمكانهم احتمال تلك الأفعال الوحشية، أخرجوا السنجق النبوي وهجموا عليهم، فشتتوا شملهم، وقتلوا معظمهم، وقد اغتنمت دولة النمسا تلك الفرصة التي بها كانت الدولة العلية مرتبكة في داخليتها، وزحفت بجنودها على ولايتي بوسنه وهرسك، فاستولت عليها، وافتتحت قلعة بلغراد وجملة بلاد، وهجمت أيضًا مشيخة ونديك على مدينتي مدره وكرقه وغيرهما من مدائن الدولة.
وفي أواخر عام ١٠٩٩ﻫ، حاربت الدولة حكومة النمسا فكسرتها واستردت ما انتزعته منها من البلاد، وفي سنة ١١٠١ﻫ، عين مصطفى باشا الكوبرلي للصدارة العظمى، فسعى في سن القوانين الملائمة لطبائع الأهلين، ورفع المظالم عن عاتقهم، وأجرى التحسين الكافي في الأحوال المالية والإدارية، ونظم الجنود، وبعدئذٍ سار لمحاربة النمسا، ففتح مدائن ويدين سمندره وبلغراد، وشتت شمل الأعداء.
وفي عام ١١٠٢ﻫ، توفي السلطان في أدرنه، ونُقِلَتْ جثته إلى إسلامبول، وهناك واراها التراب في تربة السلطان سليمان القانوني.
عاش خمسين سنة، قضى منها على تخت السلطنة ثلاث سنوات. أسكنه الله فسيح جناته.