موت الشاعر
في رثاء رشيد أيوب
مَاتَ رَشِيدٌ هَلْ يَمُوتُ الضِّيَاءْ
وَهَلْ تَنَالُ الشِّعْرَ كَفُّ الْفَنَاءْ
مَنْ يَحْسَبُ الطِّيبَ دَفِينًا مَتَى
جَارَتْ عَلَى الْوَرْدِ صُرُوفُ الْقَضَاءْ
إِذَا يَمُوتُ الْوَرْدُ يَمْضِي الشَّذَا
إِلَى جِوَاءٍ خَلْفَ هَذَا الْجِوَاءْ
•••
مَاتَ رَشِيدٌ مِثْلَ مَوْتِ السَّنَا
وَمَصْرَعِ الشَّمْسِ قُبَيْلَ الْمَسَاءْ
مِنْ أُفُقٍ تَمْضِي إِلَى آخَرٍ
ذَاهِبَةً دَائِرَةً فِي الْفَضَاءْ
الْعَيْنُ لَا تَجْرِي بِمِضْمَارِهَا
وَلَا تُجَارِي شَأْوَهَا فِي الْهَوَاءْ
فَلْتَحْسَبِ الْأَبْصَارُ حُسْبَانِهَا
إِنَّ غَدًا يَضْمَنُ عَوْدَ السَّنَاءْ
•••
أَحْبَبْتَ لُبْنَانَ وَأَعْلَيْتَهُ
وَصُغْتَ فِيهِ الشِّعْرَ حُلْوَ الرُّوَاءْ
وَإِنَّ لُبْنَانَ لَفِي مَأْتَمٍ
يُبْكِيكَ فِيهِ كُلُّ ظِلٍّ وَمَاءْ
وَقَدْكَ مَا تَبْكِيكَ أَشْيَاؤُهُ
مَنْ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَعْنَى الْوَفَاءْ
هَجَرْتَ لُبْنَانَكَ لَا كَارِهًا
وَلَا مُجِدًّا خَلْفَ صِفْرِ الطِّلَاءْ
إِنْ أَخَا الشِّعْرِ لَيَرْضَى بِمَا
يَكْفِي أَخَاهُ الطَّيْرُ لِلْإرْتِوَاءْ
لَكِنَّ شَأْنَ النِّسْرَ تَحْلِيقُهُ
وَقَصْدُهُ أَنَّى يُطِيقُ الثُّوَاءْ
عِشْتَ غَرِيبًا وَانْقَضَتْ غُرْبَةٌ
فِي الْأَرْضِ هَلْ مِنْ غُرْبَةٍ فِي السَّمَاءْ
وَكُنْتَ تُعْطِي مِنْ يَسِيرِ الَّذِي
تَلْقَى عَطَاءَ الْحُبِّ تُعْطِي الْإبَاءْ
تُعْطِي الْوَرَى أَحْلَامَهُمْ وَالْمُنْى
تُعْطِيهُمُ الْوَعْدَ بِدُنْيَا الْهَنَاءْ
فَهَلْ تُرَاكَ الْيَوْمَ تُجْزَى بِمَا
أَعْطَيْتَ أَمْ بَاقٍ عَلَيْكَ الْعَطَاءْ
•••
يَا وَاحِدًا مِنْ عُصْبَةٍ أَزْهَرَتْ
فِي الْعَصْرِ حَتَّى قَارَبَ الْكِبْرِيَاءْ
الضَّادُ تَزْهُو حِينَ تَزْهُو بِكُمْ
إِذْ أَنْتُمُ السُّبَّاقُ أَهْلُ اللِّوَاءْ
الْحَامِلُونَ الْحَقَّ فِي مَسْرَحٍ
لِلْجَهْلِ فِيهِ دَوْلَةٌ وَالرِّيَاءْ
جَعَلْتُمُ الْإِحْسَاسَ رُبَّانَكُمْ
وَالْقَلْبُ نِبْرَاسُ الْعُقُولِ الظِّمَاءْ
مَهْمَا ادْلَهَمَّ الْخَطْبُ دُونَ الْهُدَى
يَمْضِي وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ الْخَفَاءْ
يَا قُرْبَ مَا كُنَّا زَمَانَ الصِّبَا
نَنْعَمُ مِنْ آثَارِكُمْ بِالرَّخَاءْ
رُوَّادُ مَا خَطَّتْ يَرَاعَاتِكُمْ
وَعَلَّمَتْ كَيْفَ يَكُونُ السَّخَاءْ
صِنِّينُ هَوِّنْ بَعْضَ هَذَا الْأَسَى
إِنَّا بِمَا يُشْجِي الْأَعَالِي سَوَاءْ
هَوِّنْ فَمَنْ يَبْقَى بَآثَارِهِ
أَطْوَلُ مِنْ أَيِّ الرَّوَاسِي بَقَاءْ
عُمْرُ الْفَتَى مِنْ عُمْرِ ذِكْرِ الْفَتَى
مَا الْمَرْءُ فِي طَلْعَتِهِ وَالرُّوَاءْ
هَوِّنْ فَلَنْ تَعْدِمْ إِنْ بُلْبُلٌ
بَحَّ بَدِيلًا مِنْهُ صَافِي الْغِنَاءْ
كَمْ مِنْ شِتَاءٍ مَرَّ ثُمَّ اكْتَسَى الـ
ـسَّفْحُ رَبِيعًا بَعْدَ ذَاكَ الشِّتَاءْ