بوارو … يختفي أيضًا!
عندما اختفَت أقدامُ رقم «صفر»، قال «عثمان»: إذا كانت الرسالة الشفرية مرسلةً بين «سويسرا» و«إيطاليا»، وإذا كانت «إلهام» قد اختفَت من «سويسرا»، فإن هذا يعني شيئًا واحدًا، أن العصابة التي اختطفَت «إلهام» موجودة في «إيطاليا» الآن، وأن الرسالة كانت تعني الانتهاء من عملية الاختطاف.
أضاف «أحمد»: تمامًا، وإذا كانت هناك معلومات جديدة، فسوف تكون حول نَقْل «إلهام» من «سويسرا» إلى «إيطاليا».
قال «بو عمير»: أعتقد أن العصابة لن تكون في «إيطاليا» ذاتها؛ فالخريطة أمامنا تعني شيئًا آخر، ربما يكون مقرُّ العصابة في جبال «الألب» ذاتها، وأظن أنها منطقةٌ جيدة لكي تكون مقرًّا لأي عصابة.
أوشك «فهد» أن يقول شيئًا، إلَّا أن صوت رقم «صفر» جعله يتوقَّف؛ فقد جاء صوت الزعيم يقول: إن توقُّعاتِكم سليمة مائة في المائة، وسوف أكون بينكم حالًا …
ولم تمضِ دقائق حتى كان رقم «صفر» قد عاد إلى مكانه، وبدأ يتحدَّث إلى الشياطين: إن عصابة «القبضة الحديدية»، هي التي خطفَت إلهام، وكما تقول الرسالة الشفرية بعد حلِّ رموزها: إن «إلهام» قد تم اختطافها من بيت العالِم الكيميائي «بوارو»، ونُقلت خارج «سويسرا» حتى تم ترحيلُها إلى «إيطاليا».
سكت الزعيم قليلًا، ثم أضاف: وكما قال «بو عمير»: إن مقرَّ العصابة ليس في «إيطاليا» ذاتها، إن مقرَّها في جبال «الألب»، وفي منطقة غير محددة حتى الآن، لكنَّ عملاءَنا يقولون: إن التعرف على هذه المنطقة لن يستغرق وقتًا، وإن الموجة التي يُرسلون عليها رسائلهم الشفرية سوف تُحدِّد مقرَّهم.
توقَّف رقم «صفر» عن الكلام، في حين أن الشياطين كانوا ينتظرون. مرَّت دقيقتان قبل أن يقول: إن المعلومات حتى الآن تكاد تكون كافية، يبقى فقط أن يستطيع العملاء تحديدَ مقرِّ العصابة؛ ولذلك فإن وجود «إلهام» في «سويسرا» الآن يعتبر شيئًا هامًّا جدًّا؛ لأنكم سوف تكونون بجوارها، وعندما يُحدِّد العملاء مكانَ المقر، سوف يكون عليكم إنقاذ «إلهام». إننا نريد أن نكسب الوقت، قبل أن يحدث ما لم يكن متوقَّعًا.
سكت قليلًا ثم قال: إن المجموعة التي ستقوم بالمغامرة هي «أحمد» و«فهد» و«عثمان» و«قيس» و«مصباح».
مرَّت لحظة قبل أن يقول: أتمنَّى للمجموعة التوفيق.
أخذت أقدام رقم «صفر» تبتعد شيئًا فشيئًا حتى اختفت تمامًا، في نفس الوقت كان الشياطين يغادرون القاعة حتى تستعدَّ المجموعة المكلَّفة بالمغامرة.
عند باب القاعة قال «أحمد» لهم: موعدُنا بعد ربع ساعة في مقر السيارات.
اتجه كلٌّ منهم إلى غرفته، أخذ أحمد طريقَه إلى حيث قسم المعلومات، وهناك ضغط على زرٍّ في تابلوه كبير، ثم أخذ مكانه في أحد المقاعد، أمام شاشة كبيرة مرَّت عدة دقائق ثم ظهر على الشاشة منظرٌ كامل لجبال «الألب»، ثم ظهرت المعلومات التي طلبها … أخذ يقرؤها بسرعة … وعندما انتهى غادر المكان مباشرة إلى غرفته، كانت عشر دقائق قد مرَّت، أسرع يضع في حقيبته السرية بعضَ ما يحتاجه، تبعًا للمعلومات التي عرَفها، ثم غادر غرفتَه بسرعة … إلى حيث مكان اللقاء. وعندما وصل كانت المجموعة قد أخذت مكانها في السيارة، وكانوا في انتظار وصوله.
كان «فهد» يجلس إلى عجلة القيادة، وما إن أغلق «أحمد» باب السيارة، حتى انطلق «فهد» متجاوزًا المسافة الواسعة بين مقر السيارات وبوابات المقر السري، عندما اقترب من البوابات انفتحت تلقائيًّا، وعندما تجاوزها … انغلقت في صوت مكتوم.
في نفس الوقت كان بقية الشياطين يشاهدون انطلاق السيارة على شاشة جهاز خاص في غرفة المتابعة.
كانت السيارة تنطلق في سرعة رهيبة، أما داخلها فقد كانت مجموعة الشياطين مستغرقة في هدوء تلفُّه موسيقى منبعثة من راديو السيارة … لم يكن هناك ما يقال؛ فقد كان الجميع قلقين بشأن «إلهام».
نظر «أحمد» في ساعة يده، كانت قد تجاوزت الحادية عشرة بربع ساعة. قال في نفسه: إن وصولنا إلى المطار سوف يكون في وقت مناسب.
فجأة قطع «عثمان» الصمت قائلًا: يُدهشني أن الزعيم لم يختَر «رشيد» بين المجموعة.
قال «أحمد» الذي كان يجلس في المقعد الأمامي بجوار «فهد»: أظن أن الزعيم يقصد ذلك تمامًا!
سأل عثمان: الحقيقة أنني فكرت كثيرًا لكني لم أَصِل إلى نتيجة.
ابتسم «أحمد» وقال: تستطيع أن تسأل الزعيم.
قال «عثمان»: ألم يلفت نظرَك هذا؟
ردَّ «أحمد»: لا أظن أنني فكَّرت فيه لحظة؛ فالزعيم دائمًا يعرف ماذا يفعل تمامًا.
قال «عثمان»: أنا لا أعترض، إنني فقط كنت أحاول أن أفهمَ.
ردَّ «أحمد» مبتسمًا: أظن أنك سوف تفهم عندما تنتهي المغامرة.
شعر «عثمان» أنه أوقع نفسه في حكاية ليست لها نهاية؛ فلجأ إلى الصمت، غير أن «فهد» ابتسم وهو يقول: أعتقد أن الزعيم قد احتفظ ﺑ «رشيد» لمغامرة أخرى أظن أنها لن تتأخر طويلًا.
نظر له «أحمد» مبتسمًا ولم يعلِّق، في الوقت الذي تساءل فيه «قيس»: ماذا تعني؟
ضحك «فهد»، وشاركه «أحمد» ضحكَه، فقال «فهد»: أعتقد أن اختطاف «إلهام» ليس هو نهاية القضية، بالعكس إنه بدايتها.
أسرع «مصباح» يقول: تعني «بوارو»؟
أجاب «فهد»: بالتأكيد، ومَن يدري فقد تبدأ المغامرة القادمة، عندما نُرسل إلى رقم «صفر» نُعلن أننا انتهينا من مغامرتنا.
هزَّ «عثمان» رأسه، وقال: عندك حق، من الممكن أن يكون هذا صحيحًا.
ردَّ «فهد»: ليس فقط من الممكن، إنه من الضروري، إلَّا إذا تركنا «بوارو» للعصابة، وأعطيناها فرصة الاستيلاء على الاكتشاف الجديد.
قال «عثمان»: عندك حق.
ثم صمتَ الجميع، بعد أن توصَّلوا إلى أن هناك مغامرة جديدة في الطريق و… مضت ثلاث ساعات. ثم ظهر المطار من بعيد.
قال «فهد»: لقد وصلنا في الموعد المناسب، إن الطائرة سوف تُقلع بعد ربع ساعة.
وبعد خمس دقائق، كان الشياطين يقطعون بوابة المطار إلى الصالة الرئيسية، كان هناك مَن يقف في انتظارهم وفي يدِه التذاكر الخاصة بالسفر، تسلَّمها «أحمد» وشكره، ثم اتجهوا جميعًا إلى الداخل مباشرة، وفي دقائق، كانوا يصعدون سُلَّم الطائرة الذي انفصل عنها عندما وضعوا أقدامهم داخلها، وكأنها كانت في انتظارهم … دقائق أخرى ثم تحرَّكت في طريقها إلى الفضاء.
كان الشياطين يعرفون خُطَّتهم تمامًا … إنهم لن ينزلوا في «سويسرا»؛ فأول هبوط للطائرة سوف يكون في مطار «روما».
وهناك سوف يكون اتصالهم بعميل رقم «صفر»؛ ولذلك استسلموا للنوم؛ فهم يعرفون الآن أنهم لن يحصلوا على أية معلومات تُفيدهم في مغامرتهم، ولم يستيقظ أحدهم إلا عندما كانت مذيعة الطائرة تُعلن عن ربط الأحزمة … فهم سوف يهبطون خلال دقائق في مطار «روما».
استعد الشياطين، وما إن لمست عجلات الطائرة أرض المطار، حتى كانوا يتحفزون للنزول، وعندما توقَّفَت تمامًا، كانوا أولَ مَن وقف عند باب الطائرة، وما إن فُتح البابُ، حتى كانوا يغادرونها بسرعة؛ كانوا يتصرفون بسرعة. ولذلك لم تمرَّ دقائق أخرى حتى كانوا يغادرون المطار.
كانت السماء قد بَلَّلت الشوارع بأمطار غزيرة، وكان أول ما فعله «أحمد» وهو يغادر المطار، هو الحصول على جرائد اليوم، وعندما كانوا عند الباب، توقَّفوا قليلًا؛ فقد كانت السماء لا تزال تُمطر، حتى إن «فهد» ابتسم قائلًا: إن السماء تستقبلُنا بدموع الفرح!
ضحك الشياطين، في نفس الوقت الذي كانت عينَا «أحمد»، تمسح مكانَ انتظار السيارات وهي تبحث عن سيارة الشياطين، وعندما وقعَت عيناه عليها، قال: إنها في انتظارنا.
أسرع الشياطين إلى مكان السيارة، وفي دقائق كانوا يدخلونها الواحد بعد الآخر، وكان آخرهم «عثمان»، وعندما أُغلقت أبواب السيارة، جاء صوت عميل رقم «صفر» يرحب بهم، ويقول: لقد جئتم في الوقت المناسب.
سكتَ لحظة ثم أضاف: سوف تنزلون في فندق «بلوساكي»، أو «السماء الزرقاء»، وأظن أنكم لن تبقوا كثيرًا، فكل التفاصيل أمامنا الآن.
نظر الشياطين إلى بعضهم البعض، بينما كان عميل رقم «صفر» يُضيف: إنها مهمة شاقَّة في النهاية، وقد ظهرت صعوبات في تنفيذ المهمة، وإن كنت أعرف أنكم قادرون عليها.
سكتَ لحظة ثم قال: لا ينبغي أن تسيروا بسرعة، فهناك تفاصيل كثيرة يجب أن تقال لكم الآن … قبل الوصول إلى الفندق.
مرة أخرى، نظر الشياطين إلى بعضهم البعض بينما كان عميل رقم «صفر» يقول: لقد نُقل العالِم الكيميائي «بوارو» من مكانه تحت حراسة مشددة إلى مكان مجهول.
امتلأت وجوه الشياطين بالدهشة، وربما بالتساؤل، غير أن صوت العميل جاء يقول: لقد نقلَته الحكومة الإيطالية خوفًا عليه، وهذا قد يجعل مهمة «إلهام» صعبة، وهي بين أيدي العصابة.
ثم أضاف بعد لحظة: إنها مهمة شاقَّة تمامًا.