خيري الهنداوي
شاعر في شعره أثر البداوة ورِقَّة الحضارة، ترى الطبيعة بادية على نظمه، يُضمِّن قصائدَه على الأكثر وصفَ نفسه، ونزعته إلى الحُرِّية والانعتاق، وكم في صدور أحرار الديار نفوس مُعذَّبة في أقفاصٍ من التقليد ضيقة قد حان وقت تحطيمها.
•••
وُلد خيري الهنداوي من أبٍ عربيٍّ علوي، وأمٍّ تركيةٍ مستعربةٍ سنة ١٣٠٣هجرية، في قرية باصيدا من أعمال ديالي، وهي تبعد عن بغداد ٣٦ ميلًا.
قرأ قليلًا من كتاب التنزيل على مُعلِّم خاص حتى بلغ الخامسة من عمره، فانتقل أبوه وأخوه وأهله كلهم إلى بغداد، فدرس القرآن وتعلَّم قليلًا من الكتابة العربية في بعض كتاتيبها الخاصة؛ إذ لم يكن ثَمَّةَ في بغداد مدرسة حكومية شهيرة غير المدارس العسكرية، ولم يشأ أبو خيري أن يُدخل ابنه فيها رغبةً منه في تعليمه الشعر، ونفورًا من الجندية. وقد انتقل أهله بعد ثلاثة أعوام إلى العمارة لتوظُّف أبيه بوظيفة فيها، فدخل مع أخيه المدرسة الإعدادية هناك، فكان من مُقدمي التلامذة وأنجحهم، ولم تنقضِ عليه سنة وبعض السنة حتى انتقل أهله كذلك إلى «شطرة العمارة»، أو «قلعة صالح»، فدرس هناك في كُتَّابها ثم عاد مع أهله إلى العمارة، وبعد شهور انتقلوا إلى باصيدا، وكان والد المُترجم لا يفتر عن تلقين ابنه الشعر، وقد مرض في مسقط رأسه مرضًا اضطره إلى ترك الدرس، وارتحلت الأسرة بعد مُدَّة إلى الديوانية لأنَّ كبيرها توظَّف مديرًا لناحية عفك، فشرع المترجم يقرأ النحو على المرحوم مصطفى أفندي الواعظ، ولما انتقل مع أهله إلى عفك حيث وظيفة أبيه استمرَّ يدرس الدروس العربية على السيد حسين المُلَقَّب بالشرع، ولما عادوا إلى الديوانية بعد سنة ونصف أخذ يدرس على العلَّامة الحاج علاء الدين الآلوسي قاضي اللواء حينذاك.
ويقول صاحب التَّرجمة في مُذكراته: «إنني في كل هذه المدة التي درست فيها النحو والدروس العربية لم أكُن أفقه شيئًا منه لاعتلاق نفسي بحب الشعر والأدب؛ لذلك لم تجد هذه القواعدُ لها مَحلًّا في دماغي، وأظن أنَّ السبب الجوهري في الأمر طُرُق التدريس القديمة العقيمة.»
ولما جاء الشنافية واجتمع ببعض رجال الأدب من النَّجفيين المستطرقين إلى البصرة ونواحيها شعر بحاجته إلى القواعد، فدرس على الشيخ جعفر نصَّار واستفاد منه كثيرًا، ومن أستاذه الشيخ علي الطريحي، وتعرف هنا بالشيخ محمد السماوي (اطلب ترجمته ورسمه ونخبة من شعره في غير هذا المكان من الكتاب)، فشجَّعه على النظْم فشرع فيه، غير أنه لم يكن راضيًا عما ينظمه حتى استقام نظمه، فطفق ينظم القصائد في رثاء آل البيت وينشرها في تلك الأطراف؛ فيكون لها وقْع خطير بالنظر إلى جلال موضوعها، وظل مستمرًّا في طريقه الأدبية إلى أن عاد إلى بغداد، وقد اشتدَّ ساعده وملك زمام نفسه، فتعرف بالأستاذين الكبيرين جميل صدقي الزهاوي، ومعروف الرصافي، وعاشرهما مُدَّة طويلة فاتسعت مداركه، وانتبه إلى أمورٍ في الشعر والأدب، وفي السياسة والاجتماع كذلك، مما لم يكن له به سابق عهد، فأكثر من مُلازمة الأستاذين المُشار إليهما، واستفاد منهما فوائد جُلَّى.
ولما تألفت «جمعية الاتحاد والترقي» في البلاد العُثمانية، أوقف الأديب الشاب قلمه في نظم القصائد وكتابة الفصول في تحبيذ خطتها والدَّعوة بمبدئها حتى إذا ما انشقت على نفسها، وأُسس حزب الحرية والائتلاف، ظلَّ هو ثابتًا على مبدئه مُدافعًا عن جمعية الاتحاد مُنددًا بخصومها إلى أن تجلى له خطؤه بانكشاف ضمائر الاتحاديين في أعمالهم وإرادتهم بالعَرب شرًّا، فرجع عن فكره، وانضم إلى المُجاهدين العرب في سبيل التحرُّر والخلاص.
وقد سجنت الأتراك المُترجم مرارًا لجهاده القومي، وضَيَّقوا عليه في سجنه أخيرًا لما سقطت الفلاحية بيد الجيش البريطاني في الحرب العظمى، وأحَسَّ من الاتحاديين في آخر ساعةٍ أنهم يريدون هدر دَمِهِ، فَدَبَّر له في الحال حيلة وفَرَّ من السجن، ثم اختفى في دار أحد معارفه في بغداد إلى حين الاحتلال.
ودخل بعد الاحتلال في خدمة الحكومة فعُين عام ١٩١٧ مُساعدًا ماليًّا في الجزيرة والعزيزية، ثم مُساعدًا ماليًّا وسياسيًّا في الحلة، ونُفِي بعد ظهور الثورة الأهلية هناك مع من نُفِي من زعماء الحلة إلى هنجام، وعاد منها بعد تسعة أشهر، فعُيِّن في نيسان سنة ١٩٢١ مديرًا لناحية الجربوعية وظلَّ يشتغل في هذا المنصب، ثم نُدِبَ قائممقامًا لقضاء الشامية سنة ١٩٢٢، وحول منه بعد ذلك.
وإليك مختارات من شعره:
(١) نزعة النفس
•••
•••
•••
(٢) أيها الشرق
•••
ومنها:
ومنها:
ومنها:
•••
ومنها:
ومنها:
ومنها:
(٣) إلى طالب
•••
(٤) فتاة سلانيك
•••
•••
•••
•••
•••
•••
ومنها: