كاظم الدجيلي
أديبٌ كثير الولوع بالتنقيب والبحث عن تاريخ بلاده وأحوال أهلها وجغرافية بلادهم قديمًا وحديثًا، وناظمٌ يُحِبُّ الصَّراحة في شعره، وكاتب يلمُّ بأطراف موضوعه إلمامًا لا يترك لغيره مجالًا للزيادة عليه، ومتكلمٌ لَسِنٌ فصيح المنطق لا يملُّ الكلام في ميدانٍ يعجبه التكلم فيه، كما أنه لا يملُّ السكوت إذا وقع عليه في موضعه.
لو كان للعلم والأدب قيمة في هذه الديار لكان للشيخ كاظم الدجيلي مجالٌ واسع لإظهار مواهبه وجَلَده على البحث، ولو كان لحرية الفِكر حرمة في هذا القُطر لرنَّت حقائق الدجيلي في شعره رنَّة تحدثت بها المجالس، لكن ما العمل وقد خُلق الإنسان أسير بيئته.
•••
أصل الدجيلي من عشيرة الخزرج الذين هم إخوة للأوس من فخذٍ يُعرف أبناؤه منذ القديم بالبابليين نسبةً إلى بابل الإقليم الشهير في العراق، وقد ترأس والده فخذه مُدَّة، كما أنَّ جدته الصحيحة (واسمها نائلة المحسن) كانت تقضي في الخصومات التي تقع بين قومها، وتتصدرهم إذا دخلت مجلسهم.
•••
وُلد كاظم الدجيلي في قرية دجيل المعروفة اليوم بسميكة في العقد الأوَّل من شهر جمادى الأولى سنة ١٣٠١ﻫ/آذار سنة ١٨٨٤م — واسم والده الحسين بن عبدان بن درويش بن نهار، ووالدته علية بنت ويس العبيد. وقد هاجر والد المُترجم بعد ستة أشهر من ولادته إلى بغداد فاستوطن جانب الكرخ منها، ولم يزل بها إلى الآن.
ولما بلغ الخامسة من عمره تعلَّم القرآن الكريم على معلمة في جوار بيتهم، اسمها ضفيرة بنت الحاج علي الحمامجي، فختمه في ستة أشهر ونزع إلى تعلُّم الكتابة، ثم انتقل إلى مكتب الملا إسماعيل في جامع الغنَّام في الكرخ، وظلَّ يدرس عليه نحو سنتين، ولم يشأ أهله إدخاله في مدرسةٍ من مدارس الحكومة لانصراف أذهان القوم عنها في ذلك الحين.
وأخذ بعد حين يشتغل مع أبيه في المُتاجرة بالحبوب والقطاني ويدرس بنفسه، وقد نشأ فيه ميل إلى قرض الشعر وتتبع الآداب وأخبار العرب. وإذ وجد نفسه عاجزًا عن استيفاء ما يُريد من العلم على هذه الصورة ترك المتاجرة برغم إرادة والده، وانقطع إلى الدرس والمُطالعة، والتردُّد على فريقٍ من أفاضل العلماء والأدباء الذين استفاد منهم فوائد جليلة في العلم والأدب واللغة والتاريخ، نذكر منهم الأستاذ شكري الآلوسي، والسيد حسن الصدر الكاظمي، والأب أنستاس ماري الكرملي، والأستاذ جميل صدقي الزهاوي.
تزوَّج المترجم سنة ١٩٠٤م ووُلد له ثلاث بنات وابن.
واشتغل قبل الحرب الكبرى بتحرير بعض الجرائد البغدادية، ثم انقطع إلى إدارة مجلة «لغة العرب» والكتابة فيها حتى حجبتها تلك الحرب الضروس.
وقد نشر سنة ١٩١٤ مقالة بعنوان «حول الضماد» في مجلة «المستقبل» المصرية لصاحبها سلامة موسى، فحكم عليه التُّرك بالسجن سبع سنوات بسببها، وحال دون تنفيذ الحكم إعلان الحرب الكبرى.
وللدجيلي معرفة بقراءة المخطوطات القديمة، ويد في تعيين تاريخ كتابتها بمجرد النظر إلى أشكال أقلامها وأنواع أوراقها، وهو يعرف طرفًا من الإنكليزية وقليلًا من التُّركية والفارسية، وله مكاتبات مع ثلةٍ من كبار المُستشرقين، ولديه خزانة نفيسة جمعت طائفة من المَخطوطات النَّادرة، والمطبوعات القديمة.
ودخل سنة ١٩٢٠ مدرسة الحقوق في بغداد فأظهر كل نشاط واجتهاد في دراسته، وهو يوم كتابة هذه السطور في صفها النهائي.
•••
رحل كاظم الدجيلي رحلاتٍ عدةً إلى إيران وكردستان وأطراف العراق وعربستان، وجاب القرى ومنازل الأعراب، ودرس أخلاقهم وعاداتهم وحالاتهم الاجتماعية، وكتب عنهم ما لم يتهيأ لغيره من الرحالين والرُّواة، وطُلب سنة ١٩١١م بواسطة وكيل القنصل الألماني في بغداد المسيو ريشاردس ليكون معلم اللغة العراقية الحالية في مدرسة المستشرقين في برلين، وطلب إليه أن يرحل مع صديقه العَلَّامة الدكتور إرنست هرتسفلد الألماني، وأن يكتب في رحلته هذه كتابًا في أحوال الأعراب وعاداتهم وأخلاقهم وأوضاعهم، ووصف جغرافية العراق، فألَّف في تلك الرِّحلة كتابًا مُمتعًا، لكن الكتاب ضاع منه عند عودته إلى بغداد لمرضٍ أصابه في الطريق، ولم يقف على خبره إلى اليوم. ثم أعاد الكرَّة إلى هذه الرِّحلة بأمرٍ من الجمعية الجغرافية كذلك فرحل في أيلول سنة ١٩١٣، وقد استصحب في هذه المرة الشيخ علي القرة داغي العالم الفاضل لما له من النفوذ والحرمة في أطراف كردستان، لكنهما لما وصلا الدكة التي تبعد ثلاث ساعات عن خانقين غربًا، رجع الشيخ علي إلى بغداد مضطرًّا، فأُجبر المُترجم على الرجوع كذلك، وجاءت الحرب العظمى بعده قاضية على أعمالٍ وآمالٍ كثيرة.
ورحل في ١٩ آذار سنة ١٩١٣م إلى الفرات وكربلاء وشفاثا وقصر الأخيضر والنجف وعريسات والشامية والديوانية وكتب فيها كتابًا.
•••
ومن أخلاق المترجم أنه يُحِبُّ الصراحة في الفِكْر والقول والعمل، وإن أغضب سامعيه وجرح عواطفهم، وطالما جلبت عليه هذه الخلة سخط بعض الناس. وهو يقتصد في كل شيء إلا الأمور التي تعود إلى الصحة والشرف، ولا يتعاطى الدخان والمشروبات الكحولية، وفيه أثر حدَّة، وصوته عند التكلم عالٍ على الدوام، ومن صفاته أنه لا يُحب الانتساب إلى الأحزاب والجمعيات السياسية.
وأحسن أوقات النظم والإنشاء عند الدجيلي آخر الليل، وأول النهار مع الانفراد في المكان، ويُحِبُّ دائمًا أن يكون عدد أبيات القصيدة وترًا.
آمالي في الرقي الاجتماعي كبيرة، أهوى الخير للبشر جميعًا، ولم أتعصب لرأي مُخالف للحق بل أجاهر باحتقاره، ولو كان صاحبه ذا حرمةٍ عند الناس. أعترف بخطئي إذا تحققتُ وقوعه ولو أمام أعدائي، ظني في المجتمع أسوئي، وأعتقد أنَّ الناس كلهم نفعيون ومحبون للشهرة وطباعهم مجبولة على الشر أكثر مما هي على الخير، وإنما الذي يروض جماحها ويهذبها التأثير الذي يطرأ عليها من حُسن التربية والتعليم والإقليم ليس إلا.
أرى أن لا نسب حقيقيًا في العالم لأنَّ كل فرد من الأفراد يتولَّد من ذكرٍ وأنثى، وتلقيح النسل يكون منهما، وإذا ارتقينا إلى أبيه وجدِّه وأمه وجدَّته نجدهم يتألفون منم أكثر من عشر قبائل، وإذا صعدنا إلى أبوين وجدين لهم يكون المرء من أكثر من مائة قبيلة، وهلم جرًّا.
لا قبيح ولا حسن في العالم بالمعنى الأعم، فالذي تراه قبيحًا قد يراه سواك حسنًا؛ لأنَّ جميع الأشياء منوط اعتبارها بأهمية الزمان والمكان.
الدين الصحيح للإنسان هو أن لا يعامِل غيره بما لا يرتضيه لنفسه.
إذا جنَّ الإنسان جنونًا مُطبقًا واستحالت إعادة عقله إليه طُبِّب، أو إذا ابتُلي بداءٍ مُبرحٍ ولم يشفه منه إلا الموت، ويُخشى سريان العدوى منه إلى غيره، فالإسراع في القضاء عليه من أوجب الواجبات؛ لأنَّ الموت يُريحه ويُريح أهله المتعَبين من أجله، ويُوفِّر للجميع طعامه وشرابه ولباسه ومقامه.
إن الإنسان مضطر في جميع أعماله وغير مُختار، وإنَّ شقاءه وسعادته في الأكثر يولدهما الاحتياج؛ لأنَّ الحاجة هي التي تبعث صاحبها على الأعمال القبيحة، كما أنَّها تبعثه على إنتاج كبار الأعمال وعظيمها، فهي التي تفتق الحيلة وتبعث على الرَّذيلة، وأم الاختراع.
لا عيب ولا عار في الدنيا إلا على الكسالى والخونة والغادرين، وكل ما يتعاطاه الإنسان ويكسب من ورائه شيئًا للمعاش بدون أن يضر بسواه هو شريف.
لا ينبغي أن يُحرَّم على المرء شيء ما لم يضر بعقله وصحته وأدبه.
جميع الأديان التي يرجع أصلها إلى إلهٍ واحدٍ فأعمال أصحابها مُقَدَّسة مبرورة، وإن جميعها في التوحيد على حدٍّ سواءٍ بدون فرقٍ أو تمييز، وإن ناقض آخرها الأول، وتعددت فيها وسائل العادة، واختلفت طرق التزلف للتوصُّل إلى ذلك المعبود العظيم.
إنَّ الحق تابع للقوة وخاضع لها، وإن للقويِّ الحقَّ بالقضاء على الضعيف وفقًا لناموس الطبيعة العام؛ لأنَّ حياة الضعيف تُولِّد الضرر في المجتمع بدون أن تنفعه بشيء، وبواسطتها يتأخر سير المدنية، وعمران الحضارة في العالم.
الوطن الحقيقي للإنسان هو ما يرغد في عيشه ويرتاح قلبه باستيطانه، ويكثر انتفاعه منه ويملك حرية القول والعمل فيه على حد قول الشاعر:
- (١)
رحلة الفرات: وصف رحلته إلى الفرات وكربلاء وشفاثا … إلخ، وما شاهد الكاتب في تلك البلاد والقبائل وأحوال أهليها الاجتماعية وعوائدهم.
- (٢)
تاريخ النجف: في تاريخ بلدة النجف ووصف المشهد العلوي فيها، كما أنَّ له بحثًا مسهبًا في المياه التي سيقت إلى بلدة النَّجف منذ القديم إلى يومنا، وتراجم من أجرَوْها.
- (٣)
تاريخ الكوفة: ضمَّنه تاريخ الكوفة ومسجدها الشهير ومسجد السهلة، وما جاء فيهما من الكتابات القديمة والحديثة في الصخور والجدران أو قد زالت منذ عهد قريب.
- (٤)
تاريخ كربلاء: أتى فيه على تاريخ كربلاء ووصف مشهدَي الإمام الحسين وأخيه العباس فيها، وقد نُشر مثال منه في «لغة العرب».
- (٥)
المشاهد المقدَّسة في العراق.
- (٦)
سامرَّاء قديمًا وحديثًا: نُشر نموذج منه في «لغة العرب».
- (٧)
تاريخ الكاظمية: قديمًا وحديثًا ووصف مشهدي الإمامين موسى الكاظم، ومحمد الجواد، وتراجم العلماء والأدباء الذين نبغوا فيها، نُشر فصل منه في «مرآة العراق».
- (٨)
تاريخ البصرة.
- (٩)
الآثار العراقية: نُشر فصول منها في «لغة العرب».
- (١٠)
أشعار الأعراب: ضمَّنه بحثًا في أشعار الأعراب الحاليين وأقوالهم وأمثالهم.
- (١١)
أعراب العراق: يبحث فيه عن أنساب أعراب العراق وتعدُّد قبائلهم وبطونهم وشيوخهم وفرسانهم وشعرائهم وعرفائهم وعاداتهم.
- (١٢)
الأغاني العراقية: مع ذكر مشاهير المغنين العراقيين.
- (١٣)
صابئة العراق: الطائفة المعروفة فيه.
- (١٤)
اليزيدية: الطائفة المعروفة في أطراف الموصل.
- (١٥)
الأسر البغدادية: يبحث فيه عن الأسر الحالية ومرجع أهلها، وبدء نشوئها، وكيفية تأليفها.
- (١٦)
الفرق الثلاث: بحث المترجم في هذه الرسالة عن الفرق الثلاث الإمامية، وهي: الأصولية والإخبارية والشيخية أو الكشفية، وتبيان الفروق التي بينها.
- (١٧)
الأمثال العراقية: أودعها الأمثال العراقية العامية وشرحها.
- (١٨)
المصطلحات العراقية: بَحث في اللغة العامية في العراق.
- (١٩)
السفن العراقية: ضمنها وصف السفن العراقية ورجالها ومصطلحاتهم (نُشرت في لغة العرب وترجمها بعضُ المستشرقين إلى الإنكليزية والفرنسية والألمانية).
- (٢٠)
الشعر القصصي الحماسي: أثبت فيها — ردًّا على الآنسة النابغة «مي» — وجود الشعر القصصي الحماسي عند العرب الأولين (نُشرت في المقتطف).
- (٢١)
بغداد: بحث مسهب في بغداد وولاتها وقضاتها قديمًا وحديثًا.
- (٢٢)
قضاة البصرة وولاتها.
- (٢٣)
سمات الأعراب الحاليين.
- (٢٤)
تركية وإنكلترة في العراق.
- (٢٥)
العراق: وصف الحالة الاجتماعية والأدبية والسياسية في العراق، منذ القرن الحادي عشر الهجري إلى يومنا هذا.
- (٢٦)
العلم والأدب في العراق: يتضمن تراجم علماء العراق وأدبائه منذ القرن الحادي عشر الهجري إلى الآن.
- (٢٧)
الوثنية في العراق: يبحث في الخرافات العراقية قديمًا وحديثًا.
- (٢٨)
الاحتفالات المقدسة في العراق.
- (٢٩)
ديوان الدجيلي.
وها نحن أولاء نثبت نخبة من نظمه:
(١) الحياة الاجتماعية
•••
•••
•••
•••
•••
•••
•••
(٢) بوليس بغداد: وهي إحدى منظومات السجن الست
•••
•••
•••
(٣) هل أنت شاعرة؟ فإني شاعر
نظمها ترضيةً للنابغة ماري زيادة المصرية المعروفة ﺑ «مي» وذلك على أثر انزعاجها من ردِّه على ما كتبته في المقتطف من خلو الآداب العربية من الشعر القصصي الحماسي.
•••
•••
(٤) الخمرة: هي إحدى منظومات السجن
(٥) النفس: هي إحدى منظومات السجن
(٦) معدومة المثال
•••
•••
•••
(٧) الزمان العتيد
•••
(٨) مسير ومصير
•••
•••
•••
(٩) لا خوفًا ولا طمعًا
(١٠) روضة وغدير
(١١) صحبي وخلاني
•••
(١٢) شئون وشجون
ومنها:
(١٣) عوامل الحياة
منها:
ومنها:
(١٤) المرأة
(١٥) بنات الماء
وصف فيها طريقه في الفرات ما بين الكوفة والهندية المعروفة ﺑ «طويريج».
•••
ومن رباعياته ومسدساته قوله:
•••
•••
•••
•••
•••
•••
•••
•••
•••
•••
•••
•••
•••
•••
•••
•••
•••
•••
•••
•••
•••
•••
•••
•••
•••
•••
•••
•••
•••