التساعية الرابعة لأفلوطين في النفس
«الوجود الحقيقي إنما هو وجود العالَم المعقول، وأكمل ما في ذلك العالَم هو العقل، غير أنه يشتمل أيضًا على النفوس؛ إذ إن كل النفوس في عالَمنا هذا إنما تَرِد منه.»
تمثِّل مدرسة «أفلوطين» نهايةَ التفكير الفلسفي القديم، وبدايةَ مرحلةٍ جديدة من مراحل الفلسفة التي اندمج فيها الدِّين بالتفكير العقلي، وهي تضع الناظرين إليها في مفترق طُرق، لكلٍّ منها مبرِّراته الدامغة وأدِلَّته. وتحتاج دراسة نصوص «أفلوطين» إلى معامَلة خاصة، ونظرةٍ أكثر شموليةً لإنتاجه؛ فمن ناحيةٍ يُعَد مذهبه من أكثر المذاهب الفلسفية غموضًا، ومن ناحيةٍ أخرى تمثِّل مشكلة أسلوبه في الكتابة عائقًا كبيرًا لدى الدارسين؛ إذ يهتم «أفلوطين» بالأفكار على حساب الأسلوب، بالإضافة إلى أنه لم يكُن حريصًا على مراجَعة ما يكتبه. وفي هذا الكتاب يتصدَّى الدكتور «فؤاد زكريا» لترجمة التُّساعيَّة الأخيرة من تُساعيَّات «أفلوطين» الأربع، فمهَّد للترجمة بدراستَين؛ إحداهما عامةٌ عن «أفلوطين» نفسه، والأخرى خاصةٌ عن التُّساعيَّة الرابعة خصوصًا.