التساعية الرابعة
لا شك أن النزعة الفيثاغورية إلى تقديس أرقام معيَّنة، هي التي دفعَت فورفوريوس إلى تقسيم مؤلَّفات أفلوطين إلى تساعيات، وإلى الالتجاء إلى وسائل مُصطنَعة لإتمام التقسيم على هذا النحو في كثيرٍ من الأحيان؛ فهذه التساعية التي نحن بصددها، هي في واقع الأمر سُداسية، أي تتكون أصلًا من ست مقالات؛ فالمقالات الثالث والرابع والخامس فيها تندمج سويًّا، ولها جميعًا نفسُ الموضوع، وهو البحث في الإشكالات المتعلقة بالنفس، ولكن فورفوريوس يودُّ أن يُكمِل عدد المقالات إلى تسعة، فيَقبل هذه القسمة المصطنعة بين أجزاء هذا المقال الواحد حتى إنه يقتطعه في وسط جملة لم تتم، ما بين المقال الثالث والرابع.
ولقد أورد فورفوريوس في ترجمته لحياة أفلوطين، الترتيب الزمني الأصلي للمقالات التي تَشتمل عليها كلُّ التساعيات. ومن هذا الترتيب يتضح لنا أن كل مقالات هذه التساعية تنتمي إلى الفترتَين الأولى والثانية، أمَّا الفترة الثالثة فلا ينتمي إليها أي مقال منها. والترتيب الزمني لمقالات التساعية الرابعة على هذا النحو:
- (١)
في خلود النفس (المقال السابع، التساعية الرابعة، والثاني في الترتيب الزمني بين مجموع المقالات).
- (٢)
في ماهية النفس (المقال الثاني من التساعية الرابعة، والرابع في الترتيب الزمني بين مجموع المقالات).
- (٣)
في هبوط النفس (المقال الثامن من التساعية الرابعة، والسادس في الترتيب الزمني بين مجموع المقالات).
- (٤)
في وحدة النفوس (المقال التاسع من التساعية الرابعة، والثامن في الترتيب الزمني بين مجموع المقالات).
- (٥)
في طبيعة النفس (المقال الأول من التساعية الرابعة، والحادي والعشرون في الترتيب بين مجموعة المقالات).
- (٦)
في إشكالات النفس (١) (المقال الثالث من التساعية الرابعة، والسابع والعشرون في الترتيب الزمني بين مجموع المقالات).
- (٧)
في إشكالات النفس (٢) (المقال الرابع من التساعية الرابعة، والثامن والعشرون في الترتيب الزمني بين مجموع المقالات).
- (٨)
في إشكالات النفس (٣) (المقال الخامس من التساعية الرابعة، والتاسع والعشرون في الترتيب الزمني بين مجموع المقالات).
- (٩)
في الإحساس والذاكرة (المقال السادس من التساعية الرابعة، والحادي والأربعون في الترتيب الزمني بين مجموع المقالات).
ومن هذا يتضح أن فورفوريوس، في تبويبه المنهجي، لم يتقيد بالترتيب الزمني إلا في المجموعة الثانية، أمَّا المقالات الأولى فقد رتبتها على النحو الذي آثر أن يأخذ به.
ولكن هل كانت الفصول المختلفة، داخل المقال الواحد، تَسير تبعًا لخطة مُنظَّمة؟ وهل حرَص أفلوطين في كتابة مقالاته على أن يُعنَى بالناحية المنهجية فيها؟ الواقع أن ما عُرِف عنه من إهمال لشأن كتاباته وعدم عنايته بمراجعتها، وما شاع خلال إلقائه لدروسه من استطراد دائم بين موضوعات شتى، كل هذا يؤدي بنا إلى ألا نؤمل كثيرًا في الاهتداء إلى خطة موحَّدة تسير عليها التساعية من بدايتها إلى نهايتها، حتى بعد تبويب فورفوريوس المنهجي. وعلى أية حال فسنَعرِض بإيجاز للموضوعات التي تناولَتْها مقالات التساعية وفصول هذه المقالات محاولين أن نَستخلص — بقدر الإمكان — الرابطة الجامعة بينها والتدرج المنطقي بين أجزائها، وأن نوضح مواضع الاستطرادات التي تخرج بالنص عن الوحدة المنظمة، ونحدد المواضع التي كان يجب أن تتجمع سويًّا بدلًا من تفرقتها في النص.
المقال الأول
ويبحث في طبيعة النفس بوجه عام، وكيف أنها ماهية تَقرُب من العقل، ولكنها مع ذلك مختلفة عنه؛ لأنها تَغدو منقسمة إذا حلت في أجسام.
المقال الثاني
- الفصل ١: وفيه يُفصِّل أفلوطين فكرة توسط النفس بين الماهية المنقسمة والماهية اللامنقسمة، وهي الفكرة التي أشار إليها في المقال السابق، فيبرهن على أن الانقسام صفة عارضة في النفس، بدليل أن مقدارها واحد في كل جزء من أجزاء الجسم.
- الفصل ٢: وفيه يُبرهِن على استحالة كون الانقسام صفةً أساسية للنفس، وينقد فكرةَ وجود أجزاء للنفس من بينها جزء مدبر، وهي فكرة رواقية. ويؤكد أن نقد انقسام النفس ليس معناه أنها واحدة كل الوحدة.
المقال الثالث
- الفصول من ١–٨: وهي تتحدث عن العلاقة بين النفس الكلية والنفوس الجزئية، وهل تُعَد هذه الأخيرة «أجزاء» من النفس الكلية أم لا، ويتعرض في نفس الوقت لوحدة النفوس في مُختلِف مظاهرها. وهي تنقسم إلى: الفصل ١ و٢، ويبحث في مدى انطباق فكرة «الجزئية» على علاقة النفس الفردية بالكلية.
-
الفصول ٣ و٤ و٥: وتتناول تشبيه علاقة النفس الكلية والجزئية بعلاقة قُوى النفس
المختلفة في الكائن الحي الواحد.
ثم تحاول التوفيق بين وحدة النفس الكلية مع بقية النفوس، وبين انتشار هذه النفوس في أجسام كثيرة، وتحلها على أساس تشبيه النور الذي يفيض من مصدره إلى خارجه دون أن يفقد هذا المصدر شيئًا.
-
الفصول ٦ و٧ و٨: وتبحث في الفرق بين النفس الكلية والجزئية، من حيث هو فرقٌ في
المرتبة، وتنقد فكرة الانقسام مرة أخرى.
وإلى هذا الحد يتحدث أفلوطين عن طبيعة النفسَين؛ الكلية والجزئية، والعلاقة بينهما. وهو ينتقل في الأجزاء التالية إلى موضوعات نستطيع أن نَعُدها متدرجةً في الترتيب. فيبحث أوَّلًا في علاقة النفس الكلية بجسمها، ثم عن الضرورة الكونية التي تقضي على النفس بالهبوط، وما دام قد تحدث عن الهبوط فهو ينتقل إلى الكلام عن المراحل الوسطى للنفس في السماء، ثم إلى النفس الفردية بعد هبوطها، وتفصيل هذه المسائل على النحو التالي:
- الفصول ٩–١١: وتتحدث عن علاقة النفس الكلية بجسمها، من حيث هي مبعث الوحدة والجمال فيه، والمبدأ الغالب عليه، وكيف أنها هي حلقة الاتصال بين عالمنا هذا وبين العالم المعقول.
- الفصول ١٢–١٦: تتحدث عن الضرورة الكونية التي تفضي بهبوط النفوس إلى الأجسام. ويُلاحَظ أنه قد استطرد طويلًا في تفصيل الكلام عن فكرة الضرورة الكونية، غير أن من السهل ربْطَ هذا الاستطراد بالموضوع العام الذي هو بصدد تناوله، وهو بداية الحديث عن هبوط النفس إلى هذا العالم.
-
الفصول ١٧ و١٨: وتتناول بالحديث المراحل الوسطى للنفس في السماء، وهي مرحلة
لا تزال تَظهر فيها آثار العالم المعقول؛ فلا حاجة للنفس فيها إلى
استدلال أو لغة، وما دامت تُدرَك إدراكًا مباشرًا.
ثم يبدأ تناول أفلوطين لموضوع النفس الفردية، بعد أن مهد له بالكلام عن المراحل التدريجية السابقة. وهو يبدأ بموضوعات عامة عن النفس الفردية، ثم ينتقل إلى موضوعات خاصة، كالملَكات والقُوى المختلفة للنفس. وتفصيل بحثه على النحو الآتي:
- الفصل ١٩: ويتناول ماهية النفس الفردية من حيث هي تجمع بين الانقسام وعدم الانقسام.
- الفصول ٢٠–٢٢: وتتناول علاقة النفس بالجسم، وينفي أن تكون هذه العلاقة مكانية على أية صورة من الصور.
- الفصل ٢٣: ويبحث في المواضع التي يمكن أن تُنسَب إلى قُوى النفس في الجسم.
-
الفصل ٢٤: ويبحث في النفس بعد مفارقتها للجسم. ولا يمكن أن يربط الفصلَ
بالموضوعات التي تناولتها الفصول السابقة سوى أنه يكمل قصة المراحل
المختلفة التي تمر بها النفس قبل ورودها إلى الجسم وبعد مغادرتها
له.
وينتقل أفلوطين، بعد هذه المسائل العامة المتعلقة بالنفس الفردية، إلى بحث قُوى النفس، وأول هذه القوى: الذاكرة، ثم اللذة، والألم والرغبة.
- الفصل ٢٥: ويبحث في ماهية الذاكرة بوجه عام، فيثبت ارتباطها بالزمان، واستحالة تمثلها في الموجودات اللازمانية.
- الفصل ٢٦ و٢٧: ويجعل الذاكرة من شأن النفس وحدها، لا المركَّب من الجسم والنفس؛ ولذا كانت متعلقة بكل حياة زمانية تحياها النفس في الأرض أو في السماء.
- الفصول ٢٨–٣١: وفيها يُفرِّق أفلوطين بين الذاكرة وبين قوى النفس الأخرى، وهي الرغبة والإحساس والخيال؛ ليُثبت أن التذكر قوة مستقلة قائمة بذاتها، وأن من المحال أن يُعزَى إلى كلٍّ من هذه القوى الأخرى تذكر موضوعاتها الخاصة، بل لا بد من قوة خاصة لهذا الغرض.
- الفصل ٣٢: وتكملته مع المقال التالي.
المقال الرابع
- الفصول ١–٤ مع الفصل ٣٢ من المقال السابق: وكلها تُثبِت أن التذكُّر لا وجود له في العالم المعقول الذي لا يعرف التغير أو الزمان أو الحركة، وإنما هي تتمثل في عالمنا هذا فقط.
- الفصول ٥ و٦: وتثبت أن النفس لا تبدأ تتذكر إلا حين تترك العالم المعقول.
- الفصول ٧ و٨: وتثبت أن نفوس الكواكب لا تتذكر؛ لأنها تشاهد الخير دوامًا.
- الفصول ٩–١٢: وتثبت أن الحكمة الكونية، والمبدأ المنظِّم للعالم، ليست في حاجة إلى تذكُّر أو استدلال.
- الفصول ١٣ و١٤: وتبحث في الحكمة الكونية والطبيعة، والفرق بينهما، مع ملاحظة أن الطبيعة هي الوجه الأدنى للنفس الكونية.
- الفصول ١٥ و١٦: وتبحث في نفس العالم، فتثبت أنها لا تتذكر لأنها لا تعرف ما هو سابق وما هو لاحق.
-
الفصل ١٧: إثبات أن التذكر من شأن نفوسنا الفردية وحدها لتغير أحوالها،
وتحكم مبادئَ عديدة فيها.
ويُلاحَظ أن هذا الجزء من ١–١٧ هو في الواقع عرض لتاريخ النفس والمراحل المختلفة التي تمر بها، يتحدث فيه أفلوطين عن العالم المعقول وعالم السماء، والحكمة الكونية، ونفس العالم والطبيعة، وهي كلها موضوعات يُفصِّل أفلوطين الكلام فيها، من خلال خيط واحد يجمع بينها كلها، وهو فكرة الذاكرة.
فإذا كانت الذاكرة تختص بها النفس وحدها، فهناك قُوًى أخرى يشترك فيها البدن مع النفس، وهي تلك التي ينتقل أفلوطين الآن إلى بحثها:
- الفصول ١٨ و١٩: الألم وتعليله (يحتاج إلى النفس والبدن معًا).
- الفصول ٢٠ و٢١: الرغبة، وأصلها أيضًا في البدن، ولكنها في حاجة إلى النفس كذلك.
-
الفصول ٢٢ و٢٣: وتتحدث في القوة الغاذية، وفي النفس الأرضية من حيث هي مصدر
القوة الغاذية والمنمية للنبات. وهنا يشرح أفلوطين خصائص نفس الأرض
في استطراد أثارَه بحثُ القوة الغاذية.
ثم يشرح أفلوطين فكرة وجود الإحساس في النفس الأرضية، فيؤدي به هذا إلى البحث في طبيعة الإحساس وشروطه، وأثر البدن فيه، وينتقل في الفصول التالية إلى استطراد آخر يرتبط بالموضوع السابق على نحو ما، وهو بحث إمكان وجود الإحساس في الكون وفي السماء، وبعد أن يُثبِت عدم حاجة الكون إلى الإحساس؛ لأنه كلٌّ لا ينقصه شيء، يؤكد من جهة أخرى تعاطف أجزائه، وتؤدي به فكرة التعاطف إلى القول بوجود نوع من الإحساس للنفس الأرضية، ينشأ عن تعاطفها مع الكل، وهكذا يعود مرة أخرى إلى الكلام عن النفس الأرضية، بعد هذا الاستطراد الثاني، الذي يُوزَّع على الفصول على النحو التالي:
- الفصول ٢٤ و٢٥: وتتحدث عن حاجتنا نحن إلى الإحساس، وعدم حاجة الكون إليه؛ لأنه هو الكل.
- الفصل ٢٦: ويبحث في معنى الإحساس عند الكواكب، إن وجد، فيرده إلى التعاطف.
-
الفصل ٢٧: ويتحدث عن مظاهر فاعلية النفس الأرضية.
وبعد أن انتهى هذا الاستطراد الثاني، الذي تناول طبيعة الإحساس في الكون والكواكب، وعاد معه أفلوطين إلى موضوع الاستطراد الأول وهو الكلام في النفس الأرضية الذي أثاره بحثُ القوة الغاذية والمنمية، يعود أفلوطين بعد هذا الاستطراد الأول إلى موضوعه الأصلي، وهو القُوى التي يُساهم فيها البدن مع النفس بنصيب، فينقل إلى بحث القوة الغضبية. أي إن الفصول من ٢٢ إلى ٢٨ كانت استطرادًا في داخله استطراد آخر.
-
الفصل ٢٨: ويبحث في القوة الغضبية وأثر الجسم فيها.
وبعد ذلك ينتقل أفلوطين إلى بحث الكونيات، وفاعلية النجوم، ويُمهِّد لذلك بالفصل ٢٩ الذي يتناول موضوع الحياة في البدن، ولم تظل فترة وجيزة بعد مغادرة النفس له.
- الفصول ٣٠ و٣١ و٣٢: يتحدث فيها عن ذاكرة النجوم وفاعليتها، وينفي عن النجوم فعل الشر، ويعزو ما نظنه شرًّا إلى حقيقة هامة، وهي أن الكون كائنٌ حي واحد، قد تتعارض بعض أجزائه مع البعض الآخر.
- الفصول ٣٣–٣٧: وتشرح النظام الكوني، وتعزو الفاعلية إلى الأشكال التي تُكوِّنها الكواكب، لا إلى الكواكب ذاتها، ثم تُفصل الحديث في فاعلية الكون وقواه.
- الفصول ٣٨ و٣٩: وفيها يفسر الشر بأنه ناتج عن الطبائع الخاصة التي تؤثر على النجوم ذاتها.
- الفصول ٤٠–٤٤: وتتحدث عن السحر الكوني، واستجابة النجوم العليا للدعاء الآتي من الأرض، ويُفسَّر كل ذلك بالتعاطف بين أجزاء الكون. ثمَّ يتناول البحث في التعاطف بالتفصيل، وكيف أنه يُغْني عن الذاكرة والإرادة بالنسبة إلى الكون، وأخيرًا يُبيِّن كيف أن السحر لا يؤثر في العقل.
- الفصل ٤٥: تلخيص للنظام العام السائد في الكون.
المقال الخامس
ويتناول موضوع الإبصار والوسط الضوئي، وهو يكمل سلسلة الأبحاث النفسية التي بدأها بالبحث في الذاكرة.
- الفصول ١–٣: النظريات المختلفة القائلة بضرورة الوسط، وتفنيدها.
- الفصل ٤: أهمية الهواء في الإبصار.
- الفصل ٥: استطراد عن دور الهواء في السمع.
- الفصول ٦–٨: طبيعة الضوء وأثره في الإبصار: تفسير الإبصار على أساس التعاطف.
المقال السادس
ويتناول المذهبَ الرواقيَّ المادي بالنقد، فيما يتعلق بموضوع الإحساس والذاكرة، ويأتي بتفسير للإدراك عن بُعد، وهي الظاهرة التي يعجز عن تفسيرها المذهب المادي.
المقال السابع
وموضوعه الرئيسي هو إثبات خلود النفس، ويمهد له بنقد مفصل للمادية الرواقية، لِيُثبت أن النفس جوهر لا مادي؛ وبالتالي غير قابل للفناء.
- الفصل ١ و٢: يبدأ في بحث طبيعة النفس ونقد المادية.
- الفصول ٣–٨(٣): نقد مفصَّل للمذاهب القائلة بمادية النفس؛ وخاصة المذهب الرواقي.
- الفصل ٨(٤): نقد الفيثاغورية في تصويرها النفس على أنها انسجام للبدن.
- الفصل ٨(٥): نقد المشَّائية في تصورها النفس في أنها «كمال» للبدن.
- الفصول ٩–١٥: طبيعة النفس وبراهين خلودها.
ويُلاحَظ على هذا المقال الترابطُ التام بين أجزائه، والتسلسل المنطقي لكل فصوله.
المقال الثامن
- الفصل ١: ويستعرض الأقوال المختلفة للفلاسفة في مشكلة هبوط النفس.
- الفصول ٢–٤: وتتحدث في هبوط النفس، فيُثبِت ارتباطه بالضرورة الكونية.
- الفصول ٥–٨: وتشرح درجات هبوط النفس، وتبرر هذا الهبوط بطبيعة النفس المتوسطة بين العالم الأعلى والعالم المحسوس.
المقال التاسع
في بداية هذا المقال يعود أفلوطين إلى موضوع آخر بحثه في مستهل المقال الثالث، فصل ١–٨، وهو موضوع علاقة النفس الجزئية بالنفس الكلية، بحيث إنه كان يُستحسَن جدًّا لو أن فورفوريوس أتبعَ كلًّا من المقالَين بالآخر، بدلًا من أن يُفرِّقهما على هذا النحو.
- الفصول ١–٣: ويفند فيها الاعتراضات التي تُوجَّه إلى فكرة وحدة النفوس.
- الفصول ٤ و٥: ويتناول بالبحث مسألة ظهور النفوس الفردية عن النفس الأولى، ويُحِلها من طريق فكرة «صدور» كثرة عن الوحدة مع بقائها في ذاتها.
ويُلاحَظ أن لهذه النهاية دلالتَها؛ إذ إنها تتعرض لأهم مشكلة يتناولها بحث أفلوطين في ماهية النفس، بل بحثه الفلسفي بوجه عام، وهي: كيف نُفسِّر الكثرة بين الموجودات، وكيف نُوفِّق بينها وبين وحدة مصدرها وتعاليه؟ والحل الذي يأتي به هنا، كما في بقية المواضع، هو فكرة الصدور والفيض.
ولعلنا من هذا العرض السريع لتبويب الفصول والمقالات في التساعية الرابعة، قد أدركنا أن هذا التبويب وإن كان متسِقًا مترابطًا في بعض الأحيان، فإنه يحفل بالاستطرادات في مواضع أخرى، ويُفرق بين ما يجب أن يتجمَّع في مواضع أخرى؛ ولذا آثرنا أن نقوم بتبويبٍ للموضوعات التي تناولَتْها التساعية، أي إن تَتبع دراستُنا عنها ترتيبًا منهجيًّا يُعالَج فيه كلُّ موضوع بحثَته التساعية على حِدة، بدلًا من التقيُّد بترتيب النص.