النفس الكلية
ينبغي علينا قبل أن نبحث في أنواع النفوس، وفي النفس الجزئية، أن نَشرح رأي أفلوطين
في مسألة وَحدة النفوس. فهل النفوس كلُّها تكون نفسًا واحدةً؟ ذلك هو الموضوع الذي
يبحثه أفلوطينُ بوجه خاص في مستهلِّ المقال الثالث، وفي المقال التاسع من هذه التساعية.
ولهذا الموضوع أهميته؛ إذ إننا لو لم نعرف رأي أفلوطينُ في هذا الصدد، فربما توهَّمنا
من كلامه عن أنواع مختلفة من النفوس، كالنفس الكلية ونفوس الأفراد، أن كلًّا من هذه
النفوس مستقلةٌ عن الأخرى تمامًا، وأن الكثرة المطلقة تَسود عالم النفوس. ولما كان هذا
أبعدَ الآراء عن تفكير أفلوطين، فعلينا أن نَبحث بأي معنًى تكون النفوس عنده واحدة،
وبأي معنًى يجوز لنا أن نتكلم عن أنواع مختلِفة منها، وما هي علاقة هذه الأنواع بعضها
ببعض.
إن أول ما يتبادر إلى ذهننا في هذا الصدد، هو أنه
ما دامت النفس الفردية تتخلل بأسرها كلَّ موضع من مواضع البدن، فلا بد أن تكون النفس
الكلية موجودة بأسرها في كل جزء من أجزاء الكون، أي أن تكون كل نفس فردية صادرة عن منبع
واحد هو النفس الكونية، وبهذا تتحقق وَحدة النفوس. غير أن الاعتراض الذي يُواجهنا في
هذه الحالة هو: إذا كانت النفس مبدأَ الإحساس والتفكير، فإن نفوس الأفراد لو كانت
كلُّها واحدة، لأحسَّت وفكرَت كلها على نحو واحد، بحيث يُحس كلٌّ مِنَّا نفسَ إحساس
الآخر ويعلم كل أفكاره.
ويرد أفلوطين على هذا الاعتراض بقوله إن وحدة
النفوس لا تتنافى مع اختلاف الإحساسات والأفكار من فرد إلى فرد؛ إذ إن منشأ هذا
الاختلاف هو تباين الأجسام. فصحيحٌ أن نفس كل فرد مماثلةٌ لنفس الآخر، غير أن المركب
من
النفس والجسم هو في كلٍّ مِنَّا مختلف عنه في الآخر.
١
وهنا قد يُثار اعتراض آخر على فكرة وحدة النفوس؛ هو أن النفوس لو كانت واحدةً بحق،
فلن نستطيع الكلام عن أنواع مختلفة من النفوس، كالنفس العاقلة والنفس الحيوانية والنفس
الغاذية. ولكن أفلوطين يرد على ذلك بأن النفس ليست واحدة وحدة مطلقة؛ «فليس معنى كون
النفس واحدةً أنها لا تُشارك في الكثرة قط، (إذ إن هذه صفة لا يجب أن تُنسَب إلا إلى
الموجودات العليا) وإنما نَعني أن النفس واحدة وكثيرةٌ في آنٍ واحد.»
٢ ففي وُسعنا أن نتكلم عن كثرة من النفوس بوجه من الوجوه، غير أن هذه الكثرة
ترد بدورها إلى الوحدة؛ لأن كل أنواع النفوس هذه مُستمَدة من النفس الكونية.
وبعد هذا الرد يظل هناك سؤال آخر، فعلى أي نحوٍ تنشأ النفوس الكثيرة عن النفس
الواحدة؟ من المحال أن نتحدث هنا عن انقسامٍ في المقدار، كذلك الذي يحدث في الأجسام.
فالجسم حين ينقسم بمقداره إلى أجزاء، يفقد كِيانه ويُبدِّده في هذه الأجزاء التي انقسم
إليها. أمَّا في حالة النفس، فمن المحال أن نتصوَّر تبدُّد جوهر النفس الأزلي وتشتُّته
بين النفوس الفردية التي تنقسم إليها.
فلا يمكن أن تكون النفس الجزئية جزءًا من الكلية، بالمعنى الرياضي لكلمة «جزء»؛ لأن
الجزء في الأعداد أقل من الكل بالضرورة، والمقدار والكم يلعب فيها الدور الأساسي. وقد
بَيَّنَّا من قبل أن النفس لا تسري عليها مقولةُ الكم، وأنها لا مقدار لها؛ وبالتالي
فليس الجزء فيها أصغرَ من الكل. وهكذا ينقد أفلوطين الرأي الفيثاغوري الذي يجعل علاقة
النفوس بعضها ببعض علاقة عددية. وكما أن الأعداد، أي الكم المنفصل، تختلف في مقدارها،
فكذلك يختلف الكم المنفصل في المقدار، وقد يختلف في النوع؛ فالجزء من المثلث ليس مثلثًا
بالضرورة، والجزء من المستقيم هو مستقيم حقًّا، ولكنه أقل من الأول في المقدار.
٣
كما أن النفس الجزئية لا يمكن أن تتصل بالكلية كما تتصل القوة الواحدة بالنفس
الكاملة، أي لا يمكن أن تكون النفوس الجزئية أشبهَ بقُوًى للنفس الكلية؛ لأن كل نفس
جزئية تمتلك في ذاتها كل القوى.
٤
وأيًّا كان المعنى الذي نحاول أن نُفسِّر به علاقة النفس الكلية بالنفس الجزئية،
فعلينا دائمًا أن نتذكر أن لهذه العلاقة شرطَين أساسيَّين؛ أولهما ألَّا تفقد النفسُ
الكلية ذاتها فيما تنتجه، وثانيهما أن تكون النفس الجزئية صادرة عن النفس الكلية وحدها،
وألا تكون مستقلة في نشأتها عنها.
فعلينا إذن أن نبحث طريقة نفسر بها العلاقة بين النفس الكلية والنفوس الجزئية، دون
أن
نُخِل بهذَين الشرطَين. وتلك في الواقع هي المشكلة الأساسية في مذهب أفلوطين؛ ففي كل
مرحلة من المراحل التي يتدرج فيها الوجود ترى مبدأً ينشأ عنه ما يليه في المرتبة، دون
أن يفقد هو ذاته أو يبددها فيما نشأ عنه. فمشكلة النفس من هذه الناحية لن تكون إلا
صورةً من صور المشكلة الكبرى، وهي نشأة الكثرة عن الواحد الأول، مع بقاء الواحد في
ذاته. والحل الذي يلتمسه أفلوطين دائمًا لهذه المشكلة هو فكرة الصدور أو الفيض. فالنفس
الأولى، كالواحد، تَفيض من ذاتها وتنشأ عنها بقيةُ النفوس، ولكنها لا تفقد جوهرها،
وتهَب مِن ذاتها لما يأتي بعدها، دون أن تتبدد فيه.
وفي هذا الصدد يأتي أفلوطين بتشبيه كان يمكننا أن نُغفِله لو كانت أهميته مستمَدةً
من
كونه تشبيهًا فحسب. ولكن الواقع أن لذلك التشبيه أهميةً كبرى من حيث هو يكشف عن فكرة
كامنة لو كان أفلوطين قد توسع فيها على النحو الكافي، لأمكننا أن نؤكد أنه قد استبق بها
الفلسفةَ المثالية الحديثة في فكرة من أهم أفكارها؛ فهو يُشبِّه صدور النفوس المختلفة
عن نفس واحدة مع بقاء النفس الواحدة في هُوية مع ذاتها، يُشبِّهه بانقسام العلم الكلي
إلى أجزاء تُستمَد منه مع بقاء العلم على كليته وشموله. فكل جزء من العلم ينطوي على
الكل بالقوة. ونستطيع أن نقول عن كل جزء من العلم: «إن كل الأجزاء الأخرى تتلوه وتُوجَد
فيه بالقوة على نحو كامن، وهكذا يكون كل العلم في الجزء. وهذا، بلا شك، هو المعنى الذي
يتحدث به الناس عن الكل والجزء في العلم؛ ففي العلم العقلي يكون كل شيء بالفعل في نفس
الآن … فكل شيء حاضر في كل الأجزاء … وليس لنا أن نعتقد بأن نظرية في العلم تنعزل عن
الأخريات؛ فلو كانت منعزلة لما عادَت من العلم أو الفن في شيء، ولما تعدَّت قيمتها
ثرثرةَ الأطفال. فالنظرية إن كانت عِلمية، كانت تنطوي بالقوة على كل النظريات الأخرى.
فالعالم الذي يعلم، يُضمِّن هذه النظريةَ كلَّ النظريات الأخرى، بوصفها نتائج لها،
وهكذا يُثبِت في تحليله أن النظرية تتضمَّن كل النظريات السابقة التي يتم التحليل بها،
والنظريات اللاحقة التي تنشأ عنها.
وإذن فلو بدا لنا شيءٌ كهذا أمرًا مستغربًا، فإنما يكون ذلك راجعًا إلى ضعفِنا وظلام
نفوسنا؛ أمَّا في العالم المعقول، فكل شيء شفاف.»
٥
بهذه الفِقرة يختم أفلوطين التساعية، وقد اقتبسناها هنا كاملة لأهميتها القصوى؛ ففيها
بذور النظرية المثالية الحديثة في العلم، وأعني بها نظرية
الترابط
Coherence؛ فكل جزء من العلم في رأي المثاليِّين مرتبط ببقية الأجزاء،
وليس هناك أيُّ معنًى لنظرية عِلمية تُؤخَذ على حدة، منفصلةً عن بقية الأجزاء. بل إن
معيار صواب كل نظرية هو تكوينها مع المجموع كلًّا متماسكًا. وفي هذا يقول «موريس
Morris» في عبارة تُذكِّرنا بكلمات أفلوطين التي
اقتبَسْناها في الفقرة السابقة: «إن أية نظرية لا تكون مترابطةً دون أن تكون صحيحة،
وأية نظرية تكتشف عدم صحتها يتبين في نهاية الأمر أنها غيرُ مترابطة … فنحن في التفكير
نُشيِّد كلًّا، وكل جزء تتقرر طبيعتها تبعًا لهذا الكل.»
٦ ولستُ أعني من ذلك أن أفلوطين قد سبق المثاليِّين في نظرتهم إلى طبيعة
العلم، وفي المعيار الذي وضَعوه للحقيقة، وهو معيار ترابط أجزاء العلم بعضها ببعض،
وإمكان دخول كلِّ جزء منه في النسق الكامل؛ لست أعني ذلك، وإنما كنتُ أهدف من اقتباس
هذه النصوص المتشابهة إلى أن أُنبِّه إلى أن أفلوطين قد اهتدى إلى بذور فكرة لو كان قد
نماها وتوسع فيها لأمكنَنا القول إنه وضع لصحة العلم معيارًا يُشبِه إلى حد كبير معيارَ
المثالية الحديثة.
والذي نَخلُص إليه بعد هذا الاستطراد هو أن عالم المعقولات لا يسري عليه ما في العالم
المحسوس من مقولات الجزء والكل؛ فالكل فيه كامن في الجزء، وكذلك النفس الشاملة تَكمُن
في كل نفس جزئية. وكما أن العلم في نهاية الأمر واحد، فكذلك النفوس كلها واحدة، وإن كان
فيها وجهٌ من أوجه الكثرة ناتجٌ عن ملابستها للأجسام، فإذا تحدثنا عن أفراد وأنواع
مختلفة من النفوس فليكن في ذهننا دائمًا أن هذه الأفراد والأنواع تَفيض كلها عن مصدر
واحد.
هذه النفوس الأولى أو النفس الواحدة التي تَصدر عنها النفوس الجزئية هي التي يُطلِق
عليها أفلوطين اسم «نفس الكون» أو «النفس الكلية». وتكون النفس الكلية الحدَّ الثالث
ضمن المبادئ الثلاثة العليا: وهي الواحد والعقل والنفس، وهي مبدأ الحياة والنظام في
العالم بأسره، مثلما هي مصدر كل نفس جزئية.
وإذا كانت هذه النفس تحيي الكون وتنظمه، فهي تتغلغل في كل جزء من أجزائه، أي إنها
تُحيط بكل ما في هذا الكون. فإذا تصوَّرْنا نفسًا لها مثل هذه الإحاطة الشاملة، أمكنَنا
أن نُدرِك الفروق الهائلة بينها وبين النفوس الفردية؛ فالنفس الكلية ليست في حاجة إلى
الحس؛ لأن الإحساس هو إدراك موضوع خارج عن النفس أو عن المركب منها ومن الجسم. غير أن
النفس الكلية لما كانت نفسًا للكون بأسره، فليس هناك موضوع خارج عنها لتدركه.
٧ وكل ما يُمكِننا أن نَنسبه إليها في هذا الصدد هو نوع من الإحساس بذاتها،
وهو إحساس يختلف تمامًا عما نقصده نحن بهذه الكلمة، أي إدراك موجود خارج عَنَّا. وقد
يُقال: إننا لا ندرك ما هو خارج عَنَّا فحسب، بل ندرك أجزاء مِنَّا بأجزاء أخرى؛ كأن
نرى أيديَنا بأعيننا، فليس هناك ما يمنع من أن يُدرِك جزءٌ من النفس الكونية جزءًا آخر.
ولكن أفلوطين يُجيب على هذا الاعتراض بقوله إن النفس لا تُحِس إلا إذا كانت بفطرتها
تَنزع إلى الأشياء المحسوسة، أمَّا النفس الكلية فهي أحد المبادئ الخالصة الأولى، وهي
تتجه دائمًا إلى المعقولات، واستغراقها في المعقولات يمنعها من رؤية غيرها.
٨
فانعدام الإحساس، لعدم الحاجة إليه، فارقٌ أساسي بين النفس الكلية والنفوس الجزئية.
وهناك فارق آخر لا يقل عن ذلك أهمية؛ وهو أن النفس الكونية في أفعالها أزلية، أمَّا
النفس الفردية فيرتبط فعلها بالزمان. صحيح أن «كل النفوس أزلية، والزمان لاحقٌ لها»،
٩ غير أن أفعال النفس الجزئية وأحوالها هي التي تقع في زمان. وصحيح أيضًا أن
النفس الكلية تُنتِج أفعالًا مختلفة، قد يكون فيها ما هو قبل وما هو بعد، غير أن أهل
كل
ما تنتجه موجود «في المبادئ البذرية.»
١٠ وهذه المبادئ توجد كلها فيها معًا؛ فالنفس الكلية صورة خالصة، تحتوي على كل
المبادئ التي يُنظَّم بها هذا العالم، بل هي نظام العالم ذاته، وطبيعتها في هُوية تامة
مع ذاتها، فليس فيها ذلك التضارب الذي يقوم بين ملَكاتنا المختلفة ورغباتنا المتباينة،
وبين كل هذه من جهة، والعقل من جهة أخرى. فلا تتحكم في النفس الكلية إذن سوى قوةٍ
واحدة، ومبدأ واحد، على العكس من نفوسنا التي هي دائمًا تهب للاضطراب والتردد.
١١
فإذا انتقلنا إلى موضوع علاقة النفس الكلية بالعالم، وجدنا أفلوطين يأبى أن يجعل
مبدأً إلهيًّا رفيعًا مثلها يتصل مباشرةً بالعالم؛ فهو يحرص على الدوام على أن يجعل
للمبادئ الأولى رفعتها، ولا يودُّ أن يحط من قدرها بأن يربطها مباشرة بما هو أدنى منها
في المرتبة. وتلك صفة تتردد كثيرًا في تفكيره؛ فحين ينبغي عليه أن يُوجِد صلة بين مبدأ
عالٍ منظِّم وبين ما ينظمه، تراه — حرصًا منه على علو ذلك المبدأ — يقول بحقيقة أخرى
متوسطة، تكون هي حلْقةَ الاتصال بين ذلك المبدأ الرفيع وما يليه، حتى لا يبدد المبدأ
الأعلى ذاته فيما يخلقه أو ما ينظمه. وهكذا يجعل أفلوطينُ للنفس الكلية جانبَين: جانبًا
أعلى لا يتصل بشيء، بل يظل في علوه بين المعقولات، وجانبًا أدنى هو وسيلتها للاتصال
بالعالم وتنظيمه، ويُسمِّيه أفلوطين «بالطبيعة
Physis».
١٢
فالطبيعة إذن بوصفها الجانب الأدنى للنفس الكلية، هي آخِر ما يتصل بالعالم المعقول.
ويُحاول أفلوطين أن يُقرِّب إلى أذهاننا فكرة الطبيعة في علاقتها بالنفس الكلية، بأن
يضرب مثلًا لقرص سميك من الشمع، طُبِعَت على أحد وجهَيه علامة تخترقه إلى الوجه الآخر،
ولكنها لن تكون في الوجه الآخر بمثل ما هي في الأول من وضوح.
١٣ ثم تنعكس هذه النفس على المادة، بحيث تكون هي آخِرَ درجات المبادئ العقلية
وأولى درجات المحسوسات. ومن هنا كانت الطبيعة «موجبةَ الفعل بالنسبة إلى المادة، سلبيةً
بالنسبة إلى النفس. والنفس التي هي سابقة عليها ومجاورة لها، موجبة الفعل دون سلبية،
أمَّا النفس الأعلى فلا تتناول فاعليتها الأجسام والمادة.»
١٤
فإذا تكلمنا عن صلةٍ للنفس الكلية بالعالم، فعلينا أن نذكر أن هذه الصلة تتم بتوسط
«الطبيعة» على الدوام. وعلى أية حال، فالنفس الكلية ينبغي أن تخلق هذا العالم؛ إذ يجب
أن تخلق لها جسمًا تحل فيه.
١٥ والضرورة المتحكمة في الكون عامة، والتي تقضي بأن يخلق كلُّ مبدأٍ شيئًا
أدنى منه؛ ليُقلِّد بذلك الواحد الأول في فيضه، تقضي على النفس الكلية بأن تخلق العالم،
ولا تكف عن الاتصال به بعد خلقه، لحاجته الدائمة إلى رعايتها. فالنفس الكلية إذن تعمل
من أجل العالم، ولكنها ليست خاضعة له، بل هو الذي يخضع لها على الدوام.
والنفس أشبهُ بجسم منير، يظَل يُشِع نورًا يخفت تدريجيًّا حتى يتحول في النهاية إلى
ظلمة. وهذه الظلمة هي آخر الموجودات المادية التي تخلقها النفس.
١٦ وتقوم النفس في النهاية بتشكيل هذه الظلمة وإضفاء صورة عليها. وهي ذات قدرة
مطلقة على هذا التشكيل؛ إذ يعجز جسم العالم عن الوقوف في سبيل تنظيمها. ومن هنا كان
اتصاف الكون في مجموعه بالجمال والنظام، وأهم من الجمال والنظام الحياة؛ فالنفس الكلية
تُضفي الحياة على العالم، وتنقل إليه كل الصور والمبادئ التي تلقَّتْها من العقل
الأعلى. فالنفس الكلية إذن رسول من العالم المعقول إلى المحسوس، أي إن الارتباط الوثيق
بين العالَمَين، والوحدة الشاملة التي تجمع بين المراتب المختلفة للموجودات، تتم عن
طريق النفس الكلية.